آثار فيروس كورونا (كوفيد-19) على المحيطات والبيئة المائية
منذ بداية السنة الجارية، قامت معظم الدول بإجراءات عاجلة للحد من انتشار فيروس كورونا، كالتقليل من السفر وإغلاق المصانع وشبكات النقل وشركات الشحن بكل أنواعه، ولكن لا يوجد سبب يجعل من البشرية أن تتخذ إجراءات صارمة كالسابقة ذكرها سوى تهديد وجودي مثل فيروس كورونا المستجد، والذي تخطى عدد المتوفين جراء الإصابة به 780.000 حتى كتابة هذا المقال.
من بين العوامل التي أثرت إيجابيا في البيئة المائية هي تناقص عمليات صيد الأسماك. حيث أن ثلثي كمية الأسماك المصطادة سنويا يتم استهلاكها من طرف المطاعم وبخاصة تلك المتواجدة في الأماكن السياحية، فإجراءات توقيف السياحة من معظم الدول، ولو كان ذلك بشكل مؤقت، ساهم في توقيف عمليات الصيد بكميات كبيرة وبخاصة للأنواع السمكية النادرة، والتي عادة ما يتم طلبها من قبل الزائرين الأجانب مثل سمك "الماهي ماهي" (أو "اللمبوكة") الذي يعيش في البحار الاستوائية والشبه استوائية. وليست السياحة هي السبب الوحيد، كذلك الحجر الصحي والذي جعل الناس يفضلون تناول الطعام في المنزل، وبناء عادات أكثر إنعزالية بهدف حماية أنفسهم وأسرهم، ما جعل معظم المطاعم تكثف وتحسن خدمات التوصيل إلى المنازل أو تقرر الغلق بشكل مؤقت أو حتى بشكل نهائي، تفادياً لأزمات اقتصادية أكبر من الممكن أن تسببها موجات انتشار محتملة للفيروس المستجد.
يعد نقص رحلات النقل الدولي وكذلك المحلي بشكل كبير عامل آخر يجعل لانتشار فيروس كورونا أثر هام في الحفاظ على البيئة بشكل عام والمحيطات بشكل خاص. حيث يتسبب هذا النقل في انبعاث نحو23% من الغازات المسببة للاحتباس الحراري وكذلك أدى تناقص استخدام هذه الخدمات إلى خفض الطلب العام على المحروقات، وذلك إضافة إلى التوقف الكلي أو الجزئي لصناعات وخدمات متعددة تستهلك المحروقات بشكل كبير.
لا يزال تأثير هذه الجائحة يطرح العديد من الأسئلة والفرضيات التي وضعت قيد الدراسة والبحث. إن استفحال انتشار هذا الفيروس وإصابة حوالي 22 مليون شخص به حول العالم (حتى كتابة هذا المقال) يجعل من احتمال اختفائه قريبا أمراً مستبعداً، ما يجعل النظام الدولي يحاول جاهدا إيجاد سبل آمنة للتأقلم مع هذا الفيروس ومحاولة تجنب أزمة اقتصادية خانقة، وهذا ما يبعث التفاؤل في إمكانية تحسن المنظومة البيئية وتقليل التلوث الصناعي بكل أنواعه، ما يحدّ من أزمات مستقبلية ناجمة عن التغير المناخي والاحتباس الحراري على المدى البعيد.