خاص بآفاق البيئة والتنمية
انسداد الأسواق المحلية والخارجية أمام أزهار غزة الجميلة
دفيئات زراعية تضم تشكيلة من الزهور وكأنها لوحة فنية رسمت بإتقان، كما تسحرك عطورها الأخاذة أينما سرت وسط حقولها. تجد في تلك البيوت البلاستيكية الزهور من كافة الألوان والأنواع والأشكال، ولكن ما تجهله هذه الزهور، هو مصيرها المحزن بسبب أزمة كورونا والحصار على غزة، ما أدى لوقف التصدير للدول الأوروبية .
فبدلا من أن تجول هذه الزهور عدة دول أوروبية وتتزين بها الموائد وأروقة المؤسسات والشركات، أصبح مصيرها في غزة طعاما للمواشي والخراف، بعدما تقطعت بالمزارعين كافة السبل لتصديرها .
كما ان الأزمة الإقتصادية التي ضربت قطاع غزة نتيجة الإغلاقات بسبب كورونا، جعلت من بيع هذه الزهور في الأسواق المحلية مهمة شبه مستحيلة .
خسارة ملايين الدولارات المستثمرة في زراعة الزهور في غزة
لا أفراح ولا زهور
مصطفى سعود أحد المزارعين الذين تضرروا من هذه الأزمة يقول: انتظرنا إنتهاء فصل الشتاء وقدوم فصل الربيع والصيف لبدء موسم الزراعة والقطف، حيث تكثر المناسبات التي يتم شراء الزهور فيها بالأسواق المحلية، ولكن للأسف بسبب الجائحة توقف كل شيء بما فيه الافراح .
يضيف سعود: إغلاق صالات الأفراح والمدارس والمؤسسات والشركات والمطاعم، أثّر سلبا على عملية البيع، حيث كان موسم الأفراح يستهلك كمية لا بأس بها من الأزهار المستخدمة في الزينة، إلى جانب شراء الطلاب للورود كهدايا .
زهور غزة المعدة للتصدير مآلها التلف بسبب الحصار الإسرائيلي وجائحة كورونا
خسائر فادحة
المزارعون الذين تكبدوا خسائر تصل لـ 200 ألف شيكل لكل مزارع، حيث تبلغ تكلفة زراعة دونم واحد من زهرتي القرنفل واللاوند ما قيمته 10 آلاف دولار، في حين تكلفة زراعة زهرة الجوري 15 ألف دولار للدونم الواحد سنويا .
قطاع غزة الذي كان يصدّر قبل عدة أعوام (45-55) مليون زهرة للدول الأوروبية سنويا، انخفضت هذه الكمية لأكثر من النصف بسبب الحصار، ومن ثم توقفت بشكل كامل بسبب أزمة كورونا وما تبعها من إغلاق للبلاد .
هذا كله دفع المزراعين إلى العزوف عن هذه الزراعة واللجوء لزراعة محاصيل أخرى يمكن بيعها في الأسواق المحلية.
يذكر أن أكثر من 700 دونم في غزة كانت مزروعة بأنواع مختلفة من الزهور وتقلصت هذه المساحة لتصبح أقل من 170 دونماً، في حين أنه من المحتمل الإنتهاء من هذه الزراعة في غزة بشكل كامل تزامنا مع تزايد سوء الأوضاع في غزة .
مزارع الورود الأخيرة تصارع للبقاء
في موسم القطف كان المزارعون يبدأون العمل من الخامسة صباحا وحتى منتصف الليل . يستذكر أحد المزارعين قائلا: كنا نتناول وجباتنا الثلاث داخل الدفيئات وننام فيها، وكانت ساعات النوم قليلة جدا بسبب ضغط العمل، ومع ذلك ورغم الجهد المبذول كنا نستمتع في زراعة وجني الأزهار ومشاهدتها بألوان وأنواع متعددة، وكان يبعث فينا راحة نفسية وطمأنينة كبيرة .
كميات هائلة من أزهار غزة تحولت إلى علف للمواشي
الجدير ذكره أنه ومنذ عام 2012 بدأ بعض المزارعين يهجرون هذه الزراعة وبدأت مزارع الزهور بالذبول والإحتضار والتقلص.
وجاءت كورونا لتقضي على هذه الزراعة، فهجر من تبقى من المزراعين زراعة الورود وبقيت قلّة قليلة تصارع الظروف المنهكة للإبقاء على ما يمكن ابقاؤه.
ويبقى السؤال الأهم مطروحا: هل ستصبح غزة من مدينة مصدّرة للورود الى مستوردة؟ وما مصير هذه الزراعة؟ وهل الأفضل الانتقال إلى زراعات استراتيجية تعزز السيادة على الغذاء وتحقق الأمن الغذائي بدلاً من الزراعات التصديرية التي تستنزف الموارد المحلية؟
مئات الدونمات من الزهور في غزة تحولت إلى علف للمواشي
المراجع:
- دائرة الإعلام – الإدارة العامة للتخطيط والسياسات 2020