خاص بآفاق البيئة والتنمية
صحافيات طوباس الصغيرات في جولة ميدانية
شوّشت جائحة "كورونا" اعتيادية الحياة في فلسطين والعالم، وقطع الفيروس المستجد الطريق على صحافيات طوباس الصغيرات، اللواتي ينخرطن منذ ثماني سنوات في مخيم صيفي إعلامي بيئي، يتدربن فيه على إنتاج نصوص إعلامية بيئية، ويتعرفن على فنون إعلامية، ويفتحن حوارات مع مسؤولين، وينفذّن جولات استكشافية، ويزرن مؤسسات إعلامية.
انطلقت النسخة الثامنة من المخيم، في العاشر من آب الفائت، بالشراكة بين وزارة الإعلام ومركز التعليم البيئي / الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة وجمعية طوباس الخيرية.
توعية
واستحوذ "كوفيد 19" على معظم نقاشات المخيم، الذي عقد عبر تقنية ZOOM، واستمر عشرة أيام، وصممت الصغيرات ملصقات ومنشورات توعوية، وأنتجن ومضات مسموعة عبر إذاعة "بروفا" في طوباس، وتعرفن على فنيات صياغة الرسائل الإعلامية، وناقشن تداعيات الجائحة على البيئة والحياة في فلسطين.
وحلّلت الصحافيات الصغيرات أسباب تراجع الوعي البيئي، وناقشن الجدل الراهن في فلسطين حول الفيروس المستجد، والتي وصلت حد نفيه، والإشارة إلى تضخيمه، أو استثماره لغايات أخرى.
وكان شعار "نتباعد اليوم لنلتقي غدًا" الأيقونة التي وسمت الصغيرات بها أعمالهن، في دعوة إلى زيادة الوقاية من الفيروس، فقالت كرمل أكرم: "إن مجتمعنا "قصير النفس" في كل ممارساته، ولم يتوقع أن تطول الأزمة منذ نهاية شباط وحتى اليوم". ورأت رهف المصري أن وعي الناس ارتفع في بداية الجائحة، لكنه صار يتراجع، والسبب غياب من يوجه الناس ويقنعهم بأهمية الحرص على البيئة والصحة.
وأشارت ريماس المصري إلى أن "تركيز الرسائل الإعلامية التوعوية أهمل التركيز على العاطفة، إذ كان بالإمكان دعوة الجمهور إلى مراجعة سلوكه في التعامل مع البيئة والصحة، وتوجيهه للعمل لكي يحيا في بيئة نظيفة وصحية وآمنة.
وقالت هامة دراغمة إن الجمهور أنقسم إلى نوعين، الأول تعامل مع الجائحة بمسؤولية، والتزم بالإجراءات والشروط الصحية، والثاني استخف بالفيروس، ولم يعد مقتنعًا بوجوده، وعاد إلى ممارساته الاعتيادية قبل كوفيد 19.
تحليل
وأشارت ميار محاسنة أن "حالة الخوف والقلق" التي سادت في بداية الجائحة، لم يجر البناء عليها، ولم تحسّن جهات الاختصاص الاستفادة منها، وسرعان ما عادت الأمور إلى سابق عهدها، وانتشرت حالة لامبالاة.
ووصفت لجين محاسنة بأن التأثير والتأثر بالجائحة مرّا بفترات مد وجزر، لكن الوعي البيئي والصحي الذي ساد في البداية، والالتزام بالإجراءات الوقائية سرعان ما غاب، وقد يكون الاقتصاد أول وأهم سبب.
وقالت سديل أبو حلوة إن طريقة تعامل معظم وسائل الإعلام مع الجائحة كان دون خطة أو توجيه، وكان بالإمكان تحويل الجائحة من تحدٍ إلى فرصة، فغالبًا ما يتم الشكوى من تراجع الوعي البيئي، وقلة المضمون البيئي في وسائل الإعلام، إلا أن "إعلام كورونا" لم يؤثر كثيرًا على الناس، ولم يقنعهم بتغيير سلوكهم الحياتي نحو البيئة والصحة.
واقترحت دنيا عصام، استخدام رسائل إعلامية توعوية تركز أكثر على العاطفة، وتذكر المستقبلين بأن البيئة والصحة ليست "مسألة عابرة، بل قضية دائمة، علينا التحدث حولها في ظل الجائحة وفي الأوقات الاعتيادية.
المخيم الصيفي الإعلامي البيئي
رسائل
وكرس وقتٌ من المخيم لتعليم المشاركات على إنتاج ومضات مرئية وإذاعية، وتصميم ملصقات توعوية، وتعليمهن فنيّات وأشكال الإعلان الجذاب والمؤثر والواضح، حيث صغن نصوصًا وعبارات للتوعية والتعريف بالتحديات البيئية في فلسطين.
وسجلت الصغيرات ومضات في إذاعة بروفا، جرى بثها في إذاعة طوباس الوحيدة، فقالت هامة دراغمة في رسالتها الصوتية:" كورونا عدوٌ غير مرئي يضرب في كل مكان، فقدنا السيطرة نعم فقدنا السيطرة على الفيروس، ولا يوجد أي إجراء يمكن ايقاف انتشاره سوى الوقاية، وتجنب التجمعات كالأفراح، بيوت العزاء، مع ضرورة ارتداء الكمامات خط الدفاع الأول والوحيد في مواجهة الفيروس."
وصدح صوت سديل أبو حلوة: "طوباس عاصمة الشمس والضياء، سكنها أجدادنا الكنعانيون، وأسموها تاباص، نسبة إلى ملكهم، ومن ثم الرومان وأطلقوا عليها ثيبس، وبعد الفتح الاسلامي طُرّز اسمها وصار طوباس. هي سلة فلسطين الغذائية، تبلغ مساحتها 410 كيلو مترًا وتشكل الأغوار 70% منها، فيها عشر مستعمرات وبؤر استيطانية وأكثر من 2000 مستوطن، وسُلب لبنائها نحو 7500 دونم.
وباحت:" "كوفيد19 أو كورونا، من أكثر العناوين المتداولة في وقتنا الحالي، بدأ الفيروس من الصين ليعم العالم، للوقاية منه يجب علينا اتباع ارشادات منظمة الصحة العالمية وتناول الأغذية الصحية، فالوقاية حياة، وعلينا عدم خلق هلع وتوتر زائد، فنسبة الشفاء من الفايروس 80%."
وقالت زينة المصري: "كوفيد 19 عدو العالم. يمكن التغلب عليه بإجراءات صحية وقائية، وهو فيروس سريع الانتشار يهدد حياة كبار السن والمرضى."
فيما حملت ومضة ميار محاسنة تعبيرًا بعيد عن كورونا، فقالت: "قبل عدة سنوات أُعلن عن افتتاح منتزه في طوباس، لم يمضِ وقت طويل حتى أُغلِق لأسباب كثيرة. لاحقًا تم تخصيص جزء من الأحراش وُضِعَت فيها بعض الألعاب والمقاعد، ورغم أن الموقع جيّد لكنه غير آمن للأطفال، ولا توجد وحدات صحيّة، ولا يفي باحتياج المدينة."
وباحت لجين محاسنة: "تُصِر إسرائيل على ضم أراضي الغور لأنها سلة الغذاء الفلسطيني وبحيرة المياه الجوفية التي تُزَوِّد قسماً كبيراً من شمال الضفة وأريحا ومناطق في القدس، ويسعى الاحتلال إلى تهجير المواطنين وإخراجهم من أراضيهم، ويتعامل معها كمشروع اقتصادي كبير يُدِرَ مليارات الدولارات.
ووثقت ومضة رهف المصري عن سيدة التطوع في طوباس، فكتبت: ولدت رابعة الزعبي "أام الناجي" في حيفا 1933 وانتقلت الي طوباس، وحافظت على تقاليد مدينتها الاولى وعاداتها، وبدأت العمل الخيري والتطوعي في طوباس عام 1966 ، وأسست جمعية خيرية سنة النكسة، وهي رائدة اجتماعية ومتطوعة".
وقالت ريماس المصري في تسجيلها الإذاعي:" كورونا فيروس خطير ومُعدٍ، يصيب الجهاز التنفسي، وظهر أول مرة في كانون الأول 2019 بمدينة ووهان الصينية ومن تم تفشى إلى العالم، يجب علينا أخذ التدابير اللازمة للوقاية منه، وحماية من نحب."
وصممت الصحافيات الصغيرات منشورات وقائية، نشِرت في موقع المخيم الإعلامي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفيها رسائل توعية، ودعوات، وتعريف ببيئة فلسطين.
صحافيات طوباس الصغيرات خلال ورشة تدريبية
توثيق
وقالت الناطقة بلسان المتدربات، سديل ابو حلوة إنها بدأت في المخيم قبل 6 سنوات، وفيه تعلمت الكثير عن بيئة فلسطين، وساهمت مع زميلاتها في إنتاج 3 أفلام وثائقية عن عطش الأغوار، ووواقع الزراعة فيها، والتوجهات البيئية للمواطنين.
وأضافت: إن "صحافيات صغيرات" عرفها وزميلاتها بالطاقة النظيفة، والتدوير، والتغير المناخي، وآثار الكيماويات على الزراعة، ومنحها تدريبات على إعادة استخدام الخامات المختلفة، ونقلن لهن معلومات حول طيور فلسطين وتنوعها الحيوي، وأقاليمها النباتية، واللحوم المصنعة، وطرق إنتاج الأسمدة العضوية، والاحتباس الحراري، والزحف العمراني، وطرق تدمير الاحتلال لبيئتنا.
واللافت أن الصغيرات" أسسن مع مركز التعليم البيئي ووزارة الإعلام، العام الماضي منتدى شقائق النعمان، وفيه غرسن الأشجار في مدينتهن، والتقين بمجلس طوباس البلدي وعرضن عليه مبادرة (طوباس 2040) تضمنت أفكارًا لتخضير المدينة، وزيادة الاهتمام ببيئتها، والتوجه لمشاريع طاقة نظيفة، وغيرها.
مخيم صيفي إعلامي بيئي عبر تقنية زوم
aabdkh@yahoo.com