مقاطعة البضائع الإسرائيلية مهمة للشعب الفلسطيني لعدة أسباب، فهي قبل كل شيء تعد موقفا وطنيا مقاوما ومتحديا للاحتلال الاسرائيلي وغطرسته وإجراءاته على الأرض، والتي من وجهة نظرنا بحاجة الى اجراءات مماثلة لها؛ علما ان السوق الفلسطيني أكبر سوق استهلاكي بعد الولايات المتحدة الأميركية وأكثرها ربحا لإسرائيل". وتقدر الواردات إلى الضفة والقطاع بنحو 5 مليار دولار وهو رقم غير طبيعي إذا ما اعتبرنا أنه لا يوجد جمارك ولا تكلفة نقل، ما يعبّر عن أرقام ربحية هائلة، وبالتالي فان عملية المقاطعة تُسدد ضربة قوية للاحتلال. وعلى مستوى المقاطعة الزراعية، تحديدا على مستوى الخضار والفواكه، فإنها تعطينا قوة من ناحيتين، على المستوى الحالي، فإن المقاطعة تحمي المنتوج المحلي بشكل قوي من حيث تقليل نسب المنافسة في الأسواق الفلسطينية. وعلى المستوى الاستراتيجي، فإنها تزيد من قيمة الاستثمار في الأرض، ما يعني حماية الأرض الفلسطينية من المصادرة، خاصة أننا نشهد حركة استيطان كبيرة يمكن لها أن تتضاعف بعد إعلان صفقة القرن، كما أنها تدعم الاقتصاد الفلسطيني وتحوله من اقتصاد تابع الى اقتصاد منتج ومستقل، وهو ما يجعل الإنفكاك عن الاحتلال أمراً ممكناً.
|
خاص بآفاق البيئة والتنمية
|
زراعات فلسطينية في الأغوار |
الإنفكاك الفلسطيني عن إسرائيل، مصطلح سيادي يحمل في قلبه ثورة على الأمر الواقع الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين؛ متمثلاً بالربط الاقتصادي وجعل الضفة والقطاع سوقا للبضائع الإسرائيلية، والأخطر من ذلك؛ أن تصبح الأراضي الفلسطينية مزارعَ اسرائيلية.
الحكومة الفلسطينية الحالية تنبهت لخطورة التبعية للاقتصاد الاسرائيلي، فاتجهت نحو الانفكاك بخطة قائمة على أطر عدة، كما أوضح مدير دائرة التخطيط والسياسات في وزارة الزراعة سامر التيتي، حيث تبنت الحكومة الفلسطينية خطة العناقيد التنموية بدءاً من قلقيلية كعنقود زراعي، للعمل على تهيئة الأجواء المناسبة للانفكاك عن الإحتلال بإيجاد بدائل للمزروعات الإسرائيلية. وعلى جانب آخر اتخذت قرارات تتعلق بوقف استيراد العجول من إسرائيل والتي انتهت بأزمة، تم حلها بالتوصل لاتفاق بالسماح للفلسطينيين بالاستيراد من الخارج، مع السماح بالاستيراد من إسرائيل حسب حاجة السوق.
وقد وفّر مجال الاستيراد من الخارج على التاجر ما نسبته 10-30% من تكاليف مالية كان يتكبدها التاجر الفلسطيني حين كان يشتري العجول عبر وسيط اسرائيلي. إضافة الى السماح بإقامة محاجر صحية فلسطينية، وهي سابقة حققها الفلسطينيون، لكن يبقى السؤال: الانفكاك بمعناه الواسع، هل يمكن أن يتم في ظل غياب السيادة وفي ظل المقومات الحالية.
فائض سنوي متكرر في محصول البندورة الفلسطينية بسبب سوء التخطيط
تأييد للحكومة في خطواتها نحو الانفكاك
وحول إمكانية حدوث انفكاك في الجانب الزراعي تحديدا، أبدى فادي داوود عضو سكرتاريا الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل ((BDS تأييده لمقاطعة إسرائيل، والتي رأى فيها خطوة مهمة وشجاعة وتقدماً مهماً على طريق مقاطعة الاحتلال الصهيوني والعنصري، معرباً عن أمله بأن تتخذ الحكومة قرارا بالمقاطعة الشاملة ليكون لجميع البضائع الإسرائيلية بديلٌ وطني وعربي في نفس الوقت.
وقال داوود: "مقاطعة البضائع الإسرائيلية مهمة للشعب الفلسطيني لعدة أسباب، فهي قبل كل شيء تعد موقفا وطنيا مقاوما ومتحديا للاحتلال الاسرائيلي وغطرسته وإجراءاته على الأرض، والتي من وجهة نظرنا بحاجة الى اجراءات مماثلة لها".
وقال داوود: "بعد صفقة ترامب ومحاولة نتنياهو تطبيقها على الأرض، سنشهد تصعيداً اسرائيليا غير مسبوق تجاه الفلسطينيين، والمقاطعة هي إحدى أهم الأساليب المهمة والناجحة في مقاومة الاحتلال، خصوصا إذا ما اعتبرنا أن السوق الفلسطيني أكبر سوق استهلاكي بعد الولايات المتحدة الأمريكية وأكثرها ربحا لإسرائيل".
وتقدر الصادرات إلى الضفة والقطاع، وفق داوود، حوالي 5 مليار دولار وهو رقم غير طبيعي إذا ما اعتبرنا أنه لا يوجد جمارك ولا تكلفة نقل، ما يعبّر عن أرقام ربحية هائلة، وبالتالي فان عملية المقاطعة تُسدد ضربة قوية للاحتلال.
وأضاف داوود أن مقاطعة الاحتلال تكمن أهميتها في أنها تعطي دفعة قوية للمقاطعة على المستوى العالمي، ودعماً لها لما حققته من انجازات، واستمرار استقبال البضائع الإسرائيلية في السوق الفلسطيني يشكلّ ضربة للمقاطعة استنادا إلى مقولة "لن نكون ملكيين أكثر من الملك".
وعلى مستوى المقاطعة الزراعية، تحديدا على مستوى الخضار والفواكه، يكمل داوود: "إن ذلك يعطينا قوة من ناحيتين، على المستوى الحالي، فإن المقاطعة تحمي المنتوج المحلي بشكل قوي من حيث تقليل نسب المنافسة في الأسواق الفلسطينية. وعلى المستوى الاستراتيجي، فإنها تزيد من قيمة الاستثمار في الأرض، ما يعني حماية الأرض الفلسطينية من المصادرة، خاصة أننا نشهد حركة استيطان كبيرة يمكن لها أن تتضاعف بعد إعلان صفقة القرن، كما أنها تدعم الاقتصاد الفلسطيني وتحوله من اقتصاد تابع الى اقتصاد مستقل، وهو ما يجعل الإنفكاك عن الاحتلال أمراً ممكناً.
وقال فؤاد أبو سيف في هذا السياق؛ أن اتحاد لجان العمل الزراعي مع الانفكاك عن الاحتلال، ومع أي خطط وطنية اقتصادية زراعية تفضي إليه، وخاصة بالقطاع الزراعي، وقال: "تاريخيا كنا بلدا زراعيا انتاجيا، لكن تدريجيا بدأنا بشكل ممنهج بالتراجع، والاحتلال عمل على ذلك بربط اقتصادنا باقتصاده بشكل كبير جدا، وبالتالي ضاقت قاعدة الانتاج لدينا، واصبحت سلة الواردات معتمدة على الاحتلال وإسرائيل".
محاصيل فلسطينية
معيقات الانفكاك الزراعي
المزارع الفلسطيني عامر أبو الخيزران أعطى صورة تتأرجح ما بين المشهد التفاؤلي والمشهد التشاؤمي، من جهته يؤيد بقوة الانفكاك ويرى في خطوات الحكومة الجديدة جرأة لم يعتد عليها الإسرائيليون، ويستشهد بخطوات قام بها د. محمد اشتية وأزعجت الاسرائيليين بغض النظر عن النهايات غير السعيدة تماما، لكنه يرى أن هناك تقدم يقدّره هو وأقرانه من المزارعين بطرق أبواب لم يسبق للحكومة طرقها من قبل.
ومن خلال تجربته وخبرته في المجال الزراعي قال أبو الخيزران " الإسرائيليون هم من يعتمد علينا في مجال المزروعات، وما نعتمده عليهم فقط في بعض أصناف الفواكه، والسبب في ذلك ليس قصورا أو عجزا في زراعة هذه الأصناف، إنما بسبب أنهم هم من يعتمد على الفلسطينيين في المزروعات المُكلفة لديهم، والتي تستنزف مواردهم، كالخيار الذي يستنزف مياههم الجوفية، فيطلبون من الفلسطينيين زراعته، ويتم شراءه منهم بأسعار رخيصة، وهم بالمقابل يزرعون الأصناف المربحة وغير المكلفة وبنفس الوقت تحتاج أيدي عاملة أقل".
واستشهد المزارع أبو الخيزران بإمكانيات الإسرائيليين في الجانب الزراعي، من حيث توفير الثلاجات وآليات التخزين المتقدمة، حيث انهم يقطفون الثمار قبل أن تنضج، كالموز مثلا ويضعونه في الثلاجة ومن ثم يتم ضربه بالغاز ليكتمل نضجه، ويتم اختيار وقت طرحه في السوق حين يكون هناك طلب عليه وتكون كمياته قليلة.
بينما في الجانب الفلسطيني تكاليف الزراعة عالية وفق أبو الخيزران، من حيث تكاليف المياه والأسمدة والأدوية وضرائبها، والسولار للآلات والمعدات، ويشير: "حين نتطلع للانفكاك يجب أن يكون لدينا آلية لتوفير أدوات وآلات زراعية وأشتال، وما شابهها بسعر مقبول، إذ أننا نحضر الأشتال من الشركات الإسرائيلية، ويحضرها مهندسون زراعيون يقومون ببيعها للمزارع بأسعار عالية".
ويرى أبو الخيزران أن مصنع زادنا للتصنيع الغذائي في طوباس ناجح جدا، ونموذج جميل لتكراره في مجالات عدة.
بينما قال أنه في مجال الأعشاب الطبية مثلا فإنها ليست بالتجارة الرابحة، وبالتالي يتجنبها الإسرائيليون كون تكاليف نقلها عالية، حيث يتم تصدير معظمها للخارج، وتطلب اسرائيل من المزارعين الفلسطينيين زراعتها.
وقال أن مصنع زادنا نجح بشكل جيد، وسبب النجاح وقوف المزارعين معه لتجنب مشاكل إغلاق المعبر والإضطرابات عليه، فالبضاعة على المعبر تكلف أموالا وتتعرض للذبول أحيانا وهي تنتظر التسليم، وبالتالي كان لا بد من وجود مصنع زادنا لحل المشكلة، ويقوم المصنع بشراء الخيار من المزارع بسعر 2 شيقل للكغم، ويصدّر الاف الأطنان للاسرائيليين.
وعن البطاطا مثلا قال أبو الخيزران أن بطاطا طوباس يتم شراؤها من المزارع الفلسطيني ليس لعجز إسرائيل عن زراعتها، لكنهم يقومون بذلك كونها أوفر لهم، وأقل استهلاكا لمواردهم.
وأضاف: "سوقنا الفلسطيني ينتج البطاطا في شهري نيسان وتشرين ثاني، وأصبحت البطاطا متوفرة على مدار العام بسبب التقدم الذي أحرزه المزارع الفلسطيني من حيث إدخال الآلات الزراعية الحديثة التي خففت الأيدي العاملة، لكن مصاريف الزراعة عالية، من مياه وسولار وغيره."
وأبدى ذات المزارع استيائه من تفاوت القدرات لدى مناطق السلطة الفلسطينية وإسرائيل لصالح الأخيرة، فهم لا يعتمدون على طرح المنتج للسوق وتعريضه للربح أو الخسارة، حيث لديهم آلية ممنهجة ومحوسبة، الاسرائيلي عنده مثلا 5 آلاف "قطف" من الموز، يتم عدّها على الشجر، ثم يتم قطفها قبل النضج على ان يكون هناك خارطة بكميات الموز في السوق والحاجة لها بالكيلو ليتم طرح المنتج في التوقيت الصحيح حتى لا يتم ضرب السعر.
كما تطرق لمشكلة السماد، قائلا: "حتى روث الدجاج نشتريه من إسرائيل رغم وجود كميات دجاج كبيرة لدينا؛ فثمن سيارة روث الدجاج 2800 شيقل. لكن الدجاج الإسرائيلي يملؤ أسواقنا، وما ننتجه يتم على دورات، وخلال جاهزية دجاج الدورة للبيع تقوم إسرائيل بإدخال دجاجها للسوق لضرب المنتج الفلسطيني، وهكذا خسر الكثيرُ من المزارعين مزارعهم وتكبدوا خسائر هائلة أخرجت الكثير منهم من السوق".
يختم أبو الخيزران " ضرورة حماية المنتج الوطني من البضاعة الاسرائيلية والمستوردة، والتي لها بديل مع الرقابة الحقيقية على الأسعار".
مرج ابن عامر
خطوات إنجاح المقاطعة القائدة للانفكاك
ويرى داوود من حركة المقاطعة، أن الحكومة يمكنها أن تحقق نجاحا في هذا المجال اذا كان لديها النية الحقيقية للمقاطعة، وبالتالي سيكون هناك مقدرة منها على أخذ السياسات والتدابير اللازمة.
وأبدى استعداد حركته للتعاون مع الحكومة الفلسطينية في سبيل انجاح المقاطعة، قائلاك "في هذا الإطار تستطيع الحكومة أن تعمل مراقبة على البضائع المحلية لتكون ذات جودة كبيرة، ومن جهة أخرى يمكن لها أن تضبط الأسعار بما يمكن الكل الفلسطيني من الحصول عليها".
وأكد داوود أن عملية المقاطعة للاحتلال مسؤولية رسمية وشعبية، "نحن في حركة "BDS" نلتقي مع الحكومة في عمل ذلك، ومستعدون للتعاون معهم في إطار نجاح هذه الخطوة المهمة على طريق إنهاء الاحتلال".
في السياق ذاته تساءل أبو سيف استغرابه من التوجه نحو الانفكاك بعد عشرات السنين "دون خطط ومنهجية معدة"، حيث يرى أن الإنفكاك يحتاج الى خطة يشترك فيها الجميع، واقترح أن يكون مسمى الانفكاك البديل هو سيادة الفلسطينيين على مواردهم، باعتبارها مدخل لانفكاك حقيقي واستقلالية عن الاحتلال.
وقال أبو سيف أن الإنفكاك يتطلب خططا من 3-5 سنوات لتأكيد توسيع قاعدة الإنتاج وتفعيل نظريات ومنهجية إحلال الواردات. وأضاف: "لنتمكن من الانفكاك في آخر المطاف، يجب أن يكون لدينا بدائلنا، وننتج غذاءنا على الأقل للسوق المحلي. مع التأكيد أيضا على أن الانفكاك دون معابر سيكون صعباً جدا".
وأضاف أبو سيف أن مناطق السلطة الفلسطينية تعتمد على إسرائيل في السلع الإستراتيجية. "ليس المقصود زراعة قمح يغطي انتاجنا، لكن الفكرة ان ما يُزرع محلياً نزرعه، وما لا يزرع لدينا؛ نجد له بديلا عن إسرائيل كالبحث عن مصادر عربية أو أوروبية له، فهناك اتفاقيات موقعة مع الخارج يجب تفعيلها واستغلالها لتغطية حاجة السوق."
وطالب المزارع عامر السلطة الفلسطينية بدعم المزارع الفلسطيني والوقوف الى جانبه لتخفيض تكاليف الزراعة وشراء الأشتال بأسعار مقبولة له، كما دعا لدعم المزارع عبر حماية منتجه من الإغراق بمنتجات الإحتلال، وضبط الأسعار لتكون عادلة بالنسبة للمزارعين.
إجمالي قيمة الواردات والصادرات السلعية الفلسطينية* المرصودة من سلع مختارة مع إسرائيل وباقي العالم لعام 2018
|
القيمة بالألف دولار أمريكي
|
البند
|
الواردات
|
الصادرات
|
السلع
|
اسرائيل
|
باقي العالم
|
اسرائيل
|
باقي العالم
|
السلع الزراعية
|
308,687
|
116,000
|
74,992
|
40,985
|
بذور وأثمار زيتية حبوب وبذور وأثمار متنوعة **
|
59,710
|
19,604
|
1,578
|
2,154
|
أسمدة
|
1,355
|
3,402
|
5,015
|
-
|
|
|
|
|
|
المصدر : الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 2020. إحصاءات التجارة الخارجية المرصودة. رام الله-فلسطين
|
(*): البيانات لا تشمل ذلك الجزء من محافظة القدس والذي ضمه الاحتلال الإسرائيلي إليه عنوة بعيد احتلاله للضفة الغربية عام 1967.
|
(-): لا يوجد قيمة.
|
**: البيانات مدرجة ضمن السلع الزراعية أيضاً
|
ملاحظة: الصادرات تشمل السلع وطنية المنشأ والسلع المعاد تصديرها.
|