جامعة محمد بوضياف مسيلة
كثر الكلام حول مفهوم التنمية المستدامة في الأدبيات العالمية للتنمية وتقارير المنظمات الدولية باعتبارها محورا جوهريا في بناء السياسات العامة للدول، حيث بدأ استخدام مصطلح التنمية المستدامة كثيرا في الأدب التنموي المعاصر، وتعتبر الاستدامة نمطاً تنموياً يمتاز بالعقلانية والرشد، ويتعامل مع النشاطات الاقتصادية التي ترقى إلى النمو من جهة، ومع إجراءات المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية من جهة أخرى.
وقد أصبح العالم اليوم على قناعة بأن التنمية المستدامة التي تقضي على قضايا التخلف، هي السبيل الوحيد لضمان الحصول على مقومات الحياة في الحاضر والمستقبل.
والإشكالية التي تطرح نفسها هي: كيفية تحقيق التنمية المستدامة في ظل المحافظة على البيئة؟ سنتناول هذه الدراسة في مبحثين هما: المبحث الأول: مفهوم التنمية المستدامة وأبعادها
المبحث الثاني: أهداف ومبادئ التنمية المستدامة
المبحث الأول:
مفهوم التنمية المستدامة و أبعادها
لقد استحوذ موضوع التنمية المستدامة اهتمام العالم على صعيد الساحة الاقتصادية والاجتماعية والتنمية العالمية، حيث أصبحت الاستدامة التنموية، مدرسة فكرية عالمية تنتشر في معظم دول العالم النامي والصناعي على حد سواء، تتبناها هيئات شعبية ورسمية وتطالب بتطبيقها، حيث عقدت من أجلها القمم والمؤتمرات والندوات، ورغم الانتشار السريع لمفهوم التنمية المستدامة منذ بداية ظهورها، إلا أن هذا المفهوم مازال غامضا، بوصفه مفهوما وفلسفة علمية، ومازال هذا المفهوم يفسرُ بطرق مختلفة من الكثيرين، ولذلك فقد تم التطرق في هذا المطلب إلى تعريف التنمية المستدامة في الفرع الأول، ثم أبعاد التنمية المستدامة في الفرع الثاني.
المطلب الأول : تعريف التنمية المستدامة
يرجع ظهور مصطلح التنمية المستدامة إلى ظهور تقرير لجنة ( بوتلاند ) والذي صاغ أول تعريف للتنمية المستدامة، على أنها التنمية التي تلبي الاحتياجات الحالية الراهنة دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة في تلبية حاجياتهم.[i]حيث شهد مفهوم التنمية المستدامة تطورا كبيرا منذ بداية الستينات من القرن الماضي إلى اليوم.[ii]ففي عقد التنمية الأول الذي تبنته الأمم المتحدة (1960-1970 )، اقترن مفهوم التنمية المستدامة بالنمو الاقتصادي، مثل الدخل القومي والدخل الفردي.[iii]وفي العقد الثاني للتنمية (1970-1980)، اكتسب مفهوم التنمية أبعاداًً اجتماعية وسياسية وثقافية، بجانب البعد الاقتصادي، وخلال عقد التنمية الثالث (1980-1990) اكتسب مفهوم التنمية بعدا حقوقيا وديمقراطيا يتمثل في المشاركة العامة في اتخاذ القرارات التنموية الخاصة بالحكم الراشد، أما عقد التنمية الرابع 1990 فقد شهد نقلة نوعية في مفهوم التنمية، حيث تأكد مفهوم التنمية المستدامة بشكل واضح في إعلان ( ريو) لعام 1992 الذي تضمن مبادئ تدعو إلى ضرورة تحقيق العدالة بين الأجيال في توزيع الموارد الطبيعية.[iv]كما تجدر الإشارة إلى أن التنمية المستدامة تعاني من التزاحم الشديد في التعريف والمعاني، فأصبحت المشكلة ليست غياب التعريف وإنما في تعدد وتنوع التعريفات نذكر أهمها:
ففي تقريره مبادرة من أجل التغيير، عرف (جيمس سبيث ) مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للتنمية المستدامة بأنها: "تنمية لا تكتفي بتوليد النمو وحسب، بل توزيع عائداته بشكل عادي أيضا، وهي تجدد البيئة بدل تدميرها، وتمكن الناس بدل تهميشهم، وتوسع خياراتهم وفرصهم، وتؤهلهم للمشاركة في القرارات التي تؤثر في حياتهم، إنها تنمية لصالح الفقراء والطبيعة والمرأة وتستند على النحو الذي يحافظ على البيئة، وهي تنمية تزيد من تمكين الناس وتحقيق العدالة فيما بينهم".[v]
كما تعرف التنمية المستدامة بأنها: "مسار قائم على المشاركة ورشادة الحكم الديمقراطي للخيارات المجتمعية المشتركة"[vi].
وعرفت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة التنمية المستدامة بأنها:" إدارة وحماية قاعدة الموارد الطبيعية، والتغيير المؤسسي لتحقيق واستمرار وإرضاء الحاجات الإنسانية للأجيال الحالية والمستقبلية، بطريقة ملائمة من الناحية البيئية ومناسبة من الناحية الاقتصادية، ومقبولة من الناحية الاجتماعية".[vii]
كما أنها عملية مستمرة تعبر عن احتياجات المجتمع وتقوم على مبدأ العدالة والمشاركة العامة، ورشادة استخدام الموارد الطبيعية والمحافظة على حقوق الأجيال المستقبلية، واتخاذ تحولات هيكلية في الإطار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، والتمكين لآليات التغيير وضمان استمراره .[viii]
والخلاصة أن التنمية المستدامة على الصعيد الاقتصادي؛ أنه على الدول المتقدمة إجراء خفض في استهلاك الطاقة والموارد، أما بالنسبة للدول المتخلفة فتعني توظيف الموارد من أجل رفع مستوى المعيشة والحد من الفقر، وعلى الصعيد الاجتماعي والإنساني فإنها تعني السعي من أجل استقرار النمو السكاني، ورفع مستوى الخدمات الصحية والتعليمية خاصة في الأرياف، وعلى الصعيد البيئي؛ فهي تعني حماية الموارد الطبيعية والاستخدام العقلاني والأمثل للأراضي الزراعية وخاصة الموارد المائية. وأيضا على الصعيد التكنولوجي هي نقل المجتمع إلى عصر الصناعات النظيفة غير الملوثة للبيئة، والتي تستخدم تكنولوجيا منظفة للبيئة، والتي تنتج الحد الأدنى من الغازات الملوثة والحابسة للحرارة والضارةلطبقة الأوزون.
وأن القاسم المشترك لهذه التعريفات، أنه لكي تكون هناك تنمية مستدامة يجب ألا نتجاهل المحيط البيئي، وألا تؤدي إلى دمار واستنزاف الموارد الطبيعية، وإعطاء تحول تقني للقاعدة الصناعية والتكنولوجية السائدة.[ix] وكذلك التركيز على ضرورة الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية، والحد من التدهور البيئي الناجم عن الطفرة الصناعية والعمرانية والسكانية، التي شهدها العالم مؤخرا، وذلك من أجل ترشيد استهلاك الموارد الطبيعية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
المطلب الثاني: ظهور مصطلح التنمية المستدامة
وذلك لتقريب وجهة النظر بين الدول المصنعة والدول النامية، حول الأهمية التي يجب أن تُعطى للبيئة ضمن السياسات الاقتصادية.
أولا: مؤتمر ستوكهولم لعام 1972
ساد الاعتقاد عند الدول النامية والصناعية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بأن الموارد موجودة بشكل غير محدود في الطبيعة، وتعاملوا معها على أساس أنها بضائع حرة وليس لها قيمة، الأمر الذي شجّع على استغلال هذه الموارد وإهدارها أكثر فأكثر.[x]و في الفترة ما بين 5-16 جويلية1972، انعقدت قمة الأمم المتحدة حول البيئة البشرية بمدينة ستوكهولم، حيث ناقش هذا المؤتمر للمرة الأولى القضايا البيئية وعلاقتها بواقع الفقر وغياب التنمية في العالم، وتم الإعلان عن أن الفقر وغياب التنمية، هما أشد أعداء للبيئة، ومن ناحية أخرى انتقد هذا المؤتمر الدول والحكومات التي لا زالت تتجاهل البيئة عند التخطيط للتنمية.
وقد صدر عن هذا المؤتمر أول وثيقة دولية تضمنت مبادئ العلاقات بين الدول، والتوصيات التي تدعو كافة الحكومات والمنظمات الدولية لاتخاذ التدابير اللازمة والمناسبة، من أجل حماية البيئة، وإنقاذ البشرية من الكوارث البيئية، وكما أكد هذا المبدأ الأول من إعلان ستوكهولم بالسويد، على حق الإنسان في الحرية والمساواة في ظل ظروف معيشية مناسبة في بيئة تسمح نوعيتها بالحياة في ظل الكرامة وتحقيق الرفاه، إلا أن هذا الإعلان لم يحدد معايير البيئة اللائقة أو مؤشرات العلاقة المتوازنة بين الإنسان والبيئة.[xi]
ثانيا: استعمال مصطلح التنمية المستدامة
يعتبر تقرير لجنة (بروندلان)الذي عنوانه (مستقبلنا المشترك)، الذي قدمته هذه اللجنة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1987، والذي تم اعتماده من قبل الجمعية العامة عام 1989، على أساسه تم عقد مؤتمر البرازيل عام 1992.[xii] حيث أدرج هذا التقرير فصلا كاملا عن التنمية المستدامة، بإعطاء تعريف دقيق لها، حيث أن التنمية المستدامة تسعى إلى تلبية حاجيات وطموحات الحاضر من دون الإخلال بالقدرة على تلبية حاجيات المستقبل.
وعليه فقد قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1989 بعقد مؤتمر التنمية المستدامة بمدينة ريو ديجانيرو البرازيلية عام 1992، وقد خرج هذا المؤتمر بمجموعة من الوثائق القانونية، تمثلت في إعلان قمة الأرض (إعلان ريو)، وجدول أعمال القرن الـ 21، ومبادئ حماية الغابات، وكذلك اتفاقية التغيرات المناخية واتفاقية التنوع البيولوجي.[xiii]
- إعلان ريو:
تضمن 28 مبدأ ركز فيها على التنمية المستدامة، حيث نجد في المبدأ الأول من الإعلان " أن البشر يقعون في صميم الاهتمامات المتعلقة بالتنمية المستدامة "، وينص المبدأ الثالث "على أنه يتوجب إعمال الحق في التنمية حتى يفي بشكل منصف الاحتياجات الإنمائية والبيئية للأجيال الحالية والمقبلة" .
كما نجد في المبدأ الرابع" أنه من أجل تحقيق تنمية مستدامة تكون حماية البيئة جزء لا يتجزأ من عملية التنمية، ولا يمكن النظر إليها بمعزل عنها "، بينما ينص المبدأ التاسع "على أنه ينبغي أن تتعاون الدول في تعزيز بناء القدرة الذاتية على التنمية المستدامة، بتحسين التفاهم العلمي عن طريق تبادل المعارف العلمية والتكنولوجية، وينص المبدأ العشرين " على أن للمرأة دور حيوي في إدارة التنمية البيئية، ولذلك فإن مشاركتها أمر أساسي لتحقيق التنمية المستدامة".[xiv]
- جدول أعمال القرن 21:
هذا الجدول تبنته 182 دولة، ويعبر عن الخطة التفصيلية لتحقيق المستقبل المتواصل لكوكب الأرض خلال القرن الـ 21. وتضم أجندة جدول أعمال القرن 21، سلسلة من الموضوعات نظمت في أربعين فصلا، ومائة وخمسة عشرة مجالا من مجالات العمل، يمثل كل منها بعدا هاما من أبعاد إستراتيجية شاملة للأعمال التي يلزم القيام بها لحماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة بشكل متكامل.[xv]
- اتفاقية التغيرات المناخية:
نصت الفقرة 04 من المادة 03 من هذه الاتفاقية على الحق في التنمية المستدامة، حيث تضمنت :"أنه للدول الحق في التنمية المستدامة، وعليهم إتباع السياسات والإجراءات التي تكفل حماية نظام المناخ من تأثيرات النشاطات الإنسانية، وعليها اتخاذ ما يناسبها من الإجراءات وفقا للظروف الخاصة لكل منها، والتي يجب أن تتكامل مع برنامج التنمية الوطنية فيها، مع الأخذ بعين الاعتبار، بأن التنمية الاقتصادية ركنٌ أساسي في تبني تدابير للحد من التغير المناخي.[xvi]
- اتفاقية التنوع البيولوجي:
تضمنت هذه الاتفاقية العديد من الأحكام التي تتطلب الأعمال التنظيمية، والتي تعزز الصلة بالتنمية المستدامة في مجال حماية التنوع البيولوجي، وذلك في المواد،08،10،11،12،13، من هذه الاتفاقية.[xvii]
المطلب الثالث: أبعاد التنمية المستدامة
إن التنمية المستدامة لا تتحقق إلا بتحقيق الاندماج والترابط الوثيق بين ثلاثة عناصر أساسية، وهي: الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية، وأن إغفال البعد الاجتماعي أو البيئي، يؤثر سلبا على البعد الاقتصادي.
أولا: البعد الاقتصادي
تهدف إلى إيقافتبديد الموارد الاقتصادية الباطنية والسطحية، والحد من التفاوت في المداخيل والثروة، فضلا عن الاستخدام العقلاني والرشيد للإمكانيات الاقتصادية. إلى جانب ذلك تهتم التنمية المستدامة بالمساواة بين الشعوب والدول في مستوى التنمية الاقتصادية، حيث تشير المؤشرات العالمية إلى أن شعوب الدول المتقدمة تنعم بالثروة والرفاه الاجتماعي، وازدياد مستوى نموها الاقتصادي، مما أدى إلى تطور أنماط الإنتاج والاستهلاك فيها، وفي مقابل ذلك تشهد الدول النامية تدهور كبير في مواردها الطبيعية وتراجع أداء اقتصادياتها، مما ينعكس سلبا على الجانب الاجتماعي لشعوبها من خلال ارتفاع معدلات البطالة وتدني مستوى معيشة أفرادها. وذلك نتيجة لاعتمادها على الاقتصاد الريعي، وزيادة الإنفاق العسكري بدلا من محاربة الفقر والأزمات الاقتصادية التي يعيشها، وهذا ما يفرض رشادة استخدام هذه الموارد بشكل يؤدي إلى حماية البيئة وتحسن الظروف الاقتصادية والاجتماعية للأجيال الحاضرة والقادمة.[xviii]
ويرجع ذلك إلى أن الإنتاج المتوافق مع النظام البيئي يختلف عن الإنتاج الحالي، وعليه فإنه ينبغي تغيير أسلوب الإنتاج، وذلك من خلال إدخال إصلاحات أساسية وبشكل أولي على نظام الإنتاج، كالقيام بإجراء تخفيض في مستوى مدخلات الإنتاج (المصادر الطبيعية)، ويعتبر تغيير المدخلات أحد الإصلاحات الأساسية المطلوبة لإدراج حماية النظام الطبيعي ضمن الاقتصاد الكلي ( التنمية ) مثل التحول من استخدام الوقود الأحفوري (النفط) إلى استخدام الطاقات المتجددة، والتحول من استخدام مواد خام إلى مواد مستعملة [xix]، فضلا عن ذلك العمل على تقليص المخرجات (المخلفات ) من نفايات وملوثات، وتصميم منتجات ذات كفاءة بيئية تراعي إشباع الحاجات الإنسانية، في الوقت الذي تقلل فيه من التأثيرات البيئية السلبية، وكذلك عقلنه استغلال الموارد الطبيعية بمستوى يتناسب على الأقل مع طاقة احتمال الأرض التقديرية.[xx]
ثانيا: البعد الاجتماعي
يقوم هذا البعد على أساس مبدأ العدالة والعواقب التوزيعية للسياسات، ويهدف إلى إشباع الحاجات الإنسانية وتحقيق العدالة الاجتماعية والدخل الكافي وتحسين المستوى المعيشي للأفراد. كما يتعلق هذا البعد بالصحة والتربية والسكن والعمل، وضمان سلامة أنظمتها الإنتاجية التقليدية وبيئتها الاجتماعية.[xxi]
وبالأساس يهدف إلى تحسين العلاقة بين الطبيعة والبشر، والى النهوض برفاهية الناس وتحسين سبل الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية الأساسية، والوفاء بالحد الأدنى من معايير الأمن، واحترام حقوق الإنسان .[xxii]
ويعرف المدير التنفيذي( لبرنامج )الأمم المتحدة الإنمائي التنمية البشرية المستدامة بأنها تنمية لا تكتفي بتوليد النمو فحسب، بل توزع عائداته بشكل عادي أيضا، وهي تجدد البيئة بدل تدميرها، وتمكن الناس بدل تهميشهم، وتوسع خياراتهم وفرصهم، وتؤهلهم للمشاركة في القرارات التي تؤثر في حياتهم.[xxiii] وتعالج الإنصاف داخل الجيل الواحد والإنصاف فيما بين الأجيال، مما يمكّن الأجيال الحاضرة والمقبلة من توظيف قدراتها الممكنة أفضل توظيف، مع مراعاة عدم تجاهل التوزيع الفعلي للفرص الحالية.[xxiv]وكذلك يهتم البعد الاجتماعي بتثبيت النمو السكاني لفترة طويلة (بمعدلات تشبه المعدلات الحالية)، لأن النمو المستمر للسكان أصبح أمرا مكلفا، فهو يحدث ضغوطا شديدة على استخدام الموارد الطبيعية، وتكون النتيجة تزايد إنتاج النفايات السائلة والغازية والصلبة، وهو يعني استنزاف الموارد وتدهور البيئة الطبيعية.[xxv]
فضلا عن ذلك يجب العمل على تحقيق تقدم كبير في سبيل تثبيت نمو السكان، لأن حدود قدرة الأرض على إعالة الحياة البشرية غير معروفة، وضغط السكان هو عامل متنام من عوامل تدمير المساحات الخضراء وتدهور التربة والإفراط في استغلال الحياة البرية والموارد الطبيعية الأخرى،[xxvi]وكذلك يمكن القول بأن التنمية المستدامة والرشادة هي تنمية الناس من أجل الناس بواسطة الناس.
وتنمية الناس معناها الاستثمار في قدرات البشر وتوسيع نطاق الخيرات المتاحة لهم سواء في التعليم أو الصحة أو المهارات، حتى يمكنهم العمل على نحو منتج وخلاق، والتنمية من أجل الناس معناها كفالة توزيع ثمار النمو الاقتصادي الذي يحققونه توزيعا واسع النطاق، آما التنمية بواسطة الناس أي إعطاء لكل فرد فرصة المشاركة فيها، وأكثر أشكال المشاركة في السوق كفاءة هو الحصول على عمالة منتجة ومأجورة.[xxvii] وكل ذلك من أجل تحقيق الاستدامة الاجتماعية التي هي: ( القدرة على توفير الموارد والحقوق التي تسمح للبشر بضمان الرفاهية في العيش، كالحصول على الحاجيات الأساسية، من أكل وصحة وتربية وتعليم وسكن، وكذلك الحصول على الخدمات والسلع سواء كانت عينية أو معنوية، والمساهمة في الحياة السياسية وحماية حقوقهم )، ولتحقيق هذه الاستدامة، يستوجب وجود تآلف داخل نفس المجتمع، والسهر على توفير نسيج اجتماعي منسجم، بعيدا عن التوترات والصراعات السياسية والاقتصادية والايكولوجية، والتي تشجع على تفاقم اللامساواة )[xxviii].
ثالثا :البعد البيئي
يقوم هذا البعد على أساس مبدأ المرونة أو قدرة النظام البيئي على المحافظة على سلامته الإيكولوجية وقدرته على التكيف، فإذا ما خسرت تلك النظم مرونتها تصبح أكثر عرضة للتهديدات الأخرى .[xxix]لهذا يتعين مراعاة الحدود البيئية بحيث يكون لكل نظام بيئي حدود معينة لا يمكن تجازوها من الاستهلاك والاستنزاف، أما في حالة تجاوز تلك الحدود؛ فإنه يؤدي إلى تدهور النظام البيئي، وعلى هذا الأساس يجب وضع الحدود أمام الاستهلاك والنمو السكاني والتلوث وأنماط الإنتاج البيئية، واستنزاف المياه وقطع الغابات وانجراف التربة.[xxx]
وكذلك تحقيق الاستدامة البيئية التي هي أسلوب تنمية يقود حتما إلى حماية الموارد الطبيعية الضرورية،لضمان حماية البشر، كالماء والهواء والأرض والتنوع البيولوجي، بحيث لا يقود إلى تدهورها بشكل محسوس عن طريق التلوث وتراكم ثاني أكسيد الكربون، والقضاء على طبقة الأوزون، والقضاء على المساكن الطبيعية التي تسمح بضمان التنوع البيولوجي، ويكون ذلك عن طريق محاربة التلوث والتقليل من استهلاك الطاقة وحماية الموارد غير المتجددة[xxxi].
ففي البعد البيئي يركز البيئيون في مقاربتهم للتنمية المستدامة، على مفهوم الحدود البيئية، والتي تعني أن لكل نظام بيئي طبيعي حدودا معينة، لا يمكن تجاوزها من الاستهلاك والاستنزاف، وإن أي تجاوز لهذه القدرة الطبيعية يعني تدهور النظام البيئي بلا رجعة.
المبحث الثاني:
أهداف ومبادئ التنمية المستدامة
منذ قمة الأرض عام 1992، أصبحت الاستدامة مدرسة فكرية تنتشر في أنحاء العالم، فمن بين تعريفاتها، نجد: (الاستدامة هي كيفية تحقيق النحو الذي يأخذ بعين الاعتبار الجانب الإنساني بكل أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، ولن يتم ذلك دون القضاء على كل أشكال الاختلالات والفوارق، سواء كانت داخل نفس المجتمع، أي بين مختلف الفئات التي تشكله، وكذلك بين دول الشمال والجنوب أو بين مختلف الأجيال)[xxxii]،
سنعرض في هذا المطلب، أهداف التنمية المستدامة في الفرع الأول، ثم مبادئ التنمية المستدامة في الفرع الثاني.
المطلب الأول : أهداف التنمية المستدامة
تسعى التنمية المستدامة من خلال آلياتها ومحتواها، إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، التي تصبوا إليها، والقواعد التي تتحقق من جرائها، والتي يمكن تلخيص أهمها فيما يلي:
- : تحسين ظروف معيشة الفقراء، حيث أن التنمية لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كانت الإستراتيجيات التي تتم صياغتها وتنفيذها مستدامة من الناحية البيئية والاجتماعية، وهذا ما يتطلب تعزيز السياسات والإجراءات والحوافز التي تشجع على السلوك الراشد بيئيا والمتوافقة مع القيم الاجتماعية والمؤسساتية والمشاركة الكاملة للمستفيدين من عملية التنمية وخاصة الفقراء منهم.[xxxiii]
- الإشباع العادل للحاجات الأساسية للإنسان انطلاقا من حقه في البقاء، وهذا ما يتطلب تضامنا بين الأجيال الحاضرة والمستقبلية وتعزيز التنمية البيئية.
- : الاستقلالية في اتخاذ القرارات وتبني نموذج تنموي داخلي يلبي احتياجات الشعوب وتعريفها بحرية، واختيار نمط الحياة المناسب لها، والمتوافق مع السياق التاريخي والمؤسسي والإيكولوجي والثقافي لأفرادها، فالتنمية المطلوبة هي التنمية التي تنبع جذورها من خصوصيات المجتمع، والقائمة على العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية .[xxxiv]
- : تعزيز الحكمة الإيكولوجية من خلال البحث عن تنمية متوافقة مع البيئة، ولذلك فإننا في حاجة إلى بوصلة أخلاقية تقودنا إلى القرن الواحد والعشرين، أساسها المبادئ المستديمة لتلبية الاحتياجات الإنسانية .[xxxv]وذلك من أجل التمكين والمشاركة والحراك والتماسك الاجتماعي، والمحافظة على الهوية الثقافية والتطوير المؤسساتي، أي العمليات التي توحد فيها الجهود الشعبية مع السلطات الحكومية، تحسبا للأحوال الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمعات، وتحقيق التكافؤ لهذه المجتمعات في إطار حماية الأمة، وتمكينا لها من الإسهام الكامل في التقدم القومي[xxxvi].
وحسب تقرير الأمم المتحدة حول تقدم الشعوب عام 1998، يشير إلى أنه (سيأتي اليوم الذي يقاس فيه تقدم الشعوب ليس بالقوة العسكرية والاقتصادية، ولا فخامة العواصم وعمائرها الشامخة، ولكن بسلامة وصحة وتعليم رعاياها، وبالفرص المتاحة لهم للعمل والكسب العادل، وبقابليتهم للمشاركة في القرارات التي تؤثر على حياتهم، وباحترام حقوقهم وحرياتهم السياسية، وباستعدادهم لرعاية العاجزين والضعفاء والأطفال القاصرين[xxxvii]. وذلك لأننا نعيش في كوكب محدود الموارد، وعلينا أن نعرف كيف نعيش تحت السقف الإيكولوجي، الذي يضمن ديمومة الموارد و يحددها.
- : ضمان التخطيط التشاركي بشكل يسمح بإعادة توزيع السلطات والأدوار بين الدولة والسوق والمجتمع المدني،[xxxviii] والتركيز على كيفية إدارة المخاطر والحفاظ على الأصول البيئية والاجتماعية.[xxxix]
- : حماية البيئة الطبيعية من خلال التركيز على العلاقات بين نشاطات البشر والبيئة، والتعامل مع النظم الطبيعية باعتبارها أساسا لحياة الإنسان، ومن ثمة فهي تهدف إلى تحسين رأس المال الطبيعي وترقية الموارد الطبيعية وحماية الأنظمة الإيكولوجية للبشر واستغلالها بشكل عقلاني.
- : تعزيز الوعي البيئي من خلال تنمية الشعور بالمسؤولية البيئية والمشاركة في إعداد وتنفيذ وتقييم برامج ومشاريع التنمية المستدامة، حيث تتطلب تغييرا في سلوكيات المواطنين والشركات والحكومات والمؤسسات الدولية في مواجهة المخاطر التي تواجه الإنسان، كغياب العدالة الاجتماعية والمخاطر البيئية والصحية والتغير المناخي .[xl]
من الأهداف السابقة يتبين لنا بأن الاستدامة ليست فقط مسألة بيئية، بل أنها تتعامل مع التغيرات والمشاكل في مجالاتهاالبيئيةوالاقتصادية والاجتماعية.
- : ربط التكنولوجيا الحديثة بما يخدم أهداف المجتمع، وذلك عن طريق توعية السكان بأهمية التكنولوجيات المختلفة لعملية التنمية، وكيفية استعمال التكنولوجيات الحديثة في تحسين نوعية حياة المجتمع وتحقيق أهدافه المنشودة، دون أن ينجم عن ذلك مخاطر أو على الأقل تكون هذه المخاطر تحت السيطرة بإيجاد حلول مناسبة لها.[xli]
- : تحقيق الاستغلال الرشيد للموارد الطبيعية، وذلك باستعمال الموارد الطبيعية وتوظيفها بصورة عقلانية دون استنزافها أو تدميرها، لأن السبب الرئيسي للاستنفاد المستمر للموارد الطبيعية هو أنماط الاستهلاك والإنتاج غير المستدامة خاصة في الدول المتقدمة صناعيا، مما أدى إلى عدم استطاعة كوكب الأرض على تحمل أنماط الاستهلاك السائدة في الدول الصناعية على نطاق عالمي.
من الأهداف السابقة يتبن لنا أن التنمية المستدامة، لا يمكن حصرها في الحدود الطبيعية للبعد البيئي، بل هو مفهومواسعيستوجب أبعاداً سياسية واجتماعية، إلى جانب البعد الاقتصادي، فهي تنمية تفاعلية حركية، تأخذ على عاتقها تحقيق الموائمة والموازنة بين الأركان الثلاثة: البشر والموارد البيئية والتنمية الاقتصادية، والتنمية المستدامة هي تنمية ذات قدرة على الاستمرار والاستقرار من حيث استخدامها للموارد الطبيعية، والتي تتخذ من التوازن البيئي محورا أساسيا لها، يهدف إلى رفع المستوى المعيشي من جميع جوانبه، مع تنظيم الموارد البيئية والعمل على تنميتها.
المطلب الثاني: مبادئ التنمية المستدامة
تقوم التنمية المستدامة على مجموعة مبادئ، تشكل الركائز التي تستند إليها في تحقيق استراتيجياتها الهادفة إلى تحقيق تنمية ورفاه الأجيال الحالية، دون المساس بقدرة وحقوق الأجيال القادمة في تلبية حاجياتهم نذكر أهمها:
أولا: مبدأ الكفاءة في استخدام الموارد:
وذلك برفع مستويات المعيشة، يعني التزام صانعي السياسات باستخدام مجموعة من آليات التوزيع والمراقبة المالية، كالأسعار والضرائب لتنظيم استخدام الموارد، أي استخداما كفؤا للموارد الطبيعية المتاحة.[xlii]
ثانيا: مبدأ المرونة
معناه قدرة النظام على التكيف والمحافظة على بنيته ونماذج سلوكه في مواجهة الاضطرابات الخارجية، لأنه إذا ما خسرت هذه النظم مرونتها تصبح أكثر عرضة للتهديدات الأخرى.
ثالثا: مبدأ العدالة :
في هذا المبدأ تشير العدالة إلى انخفاض وتدهور قاعدة الموارد البيئية التي ينجم عنها عدم إرضاء احتياجات الشرائح الأكثر فقرا. لذا؛ فإن التنمية المستدامة تتطلب مساعدة هذه الفئات، لأنه ليس لديهم خيار بديل عن تدمير بيئتهم.[xliii]
رابعا: مبدأ الاحتياط:
هذا المبدأ منصوص عليه ضمن المبدأ الخامس عشر من إعلان (ريو) حول البيئة والتنمية، وهو بذلك يعطي معنى أوليا للمبدأ على أنه لا يحتاج إلى اليقين العلمي، كسبب لتأجيل اتخاذ تدابير احتياطية لحماية البيئة .[xliv]في المادتين 3و4 من القانون المتعلق بالأخطار الكبرى وتسيير الكوارث في إطار التنمية المستدامة.[xlv]وهذا المبدأ يوجب الدول اتخاذ التدابير اللازمة لاستدراك تدهور البيئة، حتى في حالة غياب اليقين العلمي القاطع حول الآثار الناجمة عن الأنشطة المزمع القيام بها. فالضرر الذي يسعى -مبدأ الاحتياط إلى منع وقوعه- هو ضرر يُستعصى على المعرفة العلمية المتاحة أن تؤكد وقوعه أو تحدد آثاره ونتائجه على البيئة إذا ما وقع، أي أن يكون هناك عدم وجود يقين علمي فيما يتعلق بماهية الضرر.[xlvi] والفكرة العامة لهذا المبدأ، هو أنه:( يجب اتخاذ تدابير عندما يكون هناك سبب كاف للاعتقاد بأن أي نشاط أو منتج قد يسبب أضرار جسيمة، والتي لا رجعة فيها على الصحة أو البيئة، قد تكون هذه التدابير لخفض أو وقف النشاط أو لمنع المنتج، من دون الحاجة إلى البحث عن دليل قاطع ورسمي إلى وجود علاقة سببية بين النشاط أو المنتج، والعواقب الوخيمة[xlvii].
خامسا: مبدأ الملوث الدافع
تم النص على هذا المبدأ لأول مرة سنة 1972 كتوصية من منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وذلك بموجب الاتفاق الذي حدث بين أعضاء هذه المنظمة حول وضع سياسة تنموية قائمة على أساس هذا المبدأ، ويقصد به حسب توصية هذه المنظمة، جعل التكاليف الخاصة بالوقاية ومكافحة التلوث تحملها السلطة العامة على عاتق الملوث.[xlviii] ونصت عليه القوانين الداخلية منها القوانين الجزائرية، حيث أقره المشرع الجزائري، وتم تطبيقه وتكريسه من خلال العديد من القوانين المالية. يتسم هذا المبدأ بالمرونة ويمكن إنفاذه تشريعيا بوسائل جزائية أو مدنية أو إدارية أو حتى مالية.[xlix] وذلك من خلال فرض العقوبات الجزائية والمالية على الملوث، ووضع قواعد فعّالة للمسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية تلائم خصوصيات الضرر البيئي والمسائل الفنية والقانونية المرتبطة به. وإداريا من خلال نظام الترخيص المسبق للأنشطة المختلفة وفرض إجراء دراسات تقييم الأثر البيئي لتلك الأنشطة مع ما تقتضيه تلك الدراسات من تكاليف مالية وخبرات تقنية. وما يُعاب على هذه المبدأ هو أنه مقبول في المسائل القابلة للترميم والإصلاح وإعادة الأمور إلى الحالة التي كانت عليه، ومرفوض تماما، حيث لا يمكن ذلك إذا كان الدمار المنتظر أكثر من منفعته لشخص أو مجموعة أشخاص. ومن جهة أخرى فقد وُجد هذا المبدأ طريقه إلى التطبيقات القضائية، ففي حكمه الصادر بتاريخ 23 سبتمبر، أمر القاضي الهولندي تمسكه بمبدأ الملوث الدافع في قضية بين فرنسا وهولندا، حيث تتلخص وقائع هذه القضية في أن شركة فرنسية
- MDPA) تدير بعض المناجم في مقاطعة ألساس ( ALSACE) بفرنسا، وتقوم بإفراغ نفاياتها من الأملاح السامة في نهر الراين، مما أدى إلى تلوث النهر عبر الحدود بين فرنسا وهولندا، وتأثر مستخدمي النهر في هولندا، ومن أهم ما جاء في الحكم: ( أنه على الرغم من أن الشركة الفرنسية لها الحق من حيث المبدأ في استخدام نهر الراين، إلا إنها وفي ضوء حجم النفايات المفرغة، ملزمة بتقديم العناية الواجبة لمنع التلوث أو تقليل مخاطره على البيئة، وأقرت بدفع تعويض عن الأضرار الناتجة وفقا لمبدأ (الملوث الدافع)[l].
سادسا: مبدأ المشاركة
هذا المبدأ يقر بمشاركة جميع الجهات ذات العلامة في اتخاذ قرارات جماعية من خلال الحوار خصوصا في مجال التخطيط ووضع السياسات وتنفيذها، فالتنمية المستدامة تبدأ في المستوى المحلي، ويعني أنها تنمية من أسفل التي تمكن الهيئات الرسمية والشعبية بوجه عام من المشاركة في خطوات إعداد وتنفيذ ومتابعة خطط التنمية.[li]
سابعا: مبدأ الإدماج
ظهر هذا المبدأ ضمن الفصل الثالث من جدول أعمال القرن الـ21 في المتطلبات الرئيسية اللازمة لدمج الأبعاد البيئية عند وضع القرار، بما في ذلك المسائل المتعلقة بدمج البيئة والتنمية على مستويات السياسة والتخطيط والإدارة، والإطار القانوني والتنظيمي ذي الصلة والاستخدام الكفؤ للأدوات الاقتصادية وحوافز السوق، وكذلك التوصية بإنشاء نظام محاسبي جديد يتضمن تلك الاعتبارات. حيث أصبح من الواضح بأن وضع الاعتبارات البيئية في حسابات المخططات الإنمائية بما في ذلك تقييم الآثار البيئية للمشروع قبل البدء في تنفيذه، يعطي أبعاداً جديدة لقيمة الموارد واستخدامها على أساس تحليل التكلفة والفائدة، وكيف يمكن المحافظة عليها، فضلا عما سيعود عن ذلك من فوائد اقتصادية، بالإضافة طبعا لتحقيق هدف المحافظة .[lii]
والخلاصة أنه عندما يتعلق الأمر بحماية البيئة، فإن الوقاية تكون أرخص كثيرا وأكثر فعالية من العلاج، حيث تسعى معظم الدول إلى تقييم تخفيف الضرر المحتمل من الاستثمارات الجديدة في البنية التحتية، عن طريق الاستشراف والرشاد في التفكير واختيار الحلول،وباتت تضع في الحسبان التكاليف والمنافع البيئية عند تصميم استراتيجياتها المتعلقة بالطاقة، كما أنها تجعل من البيئة عنصراً فعالا في إطار السياسات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والتجارية والبيئية.[liii]
المطلب الثالث: مؤشرات التنمية المستدامة
تهدف هذه المؤشرات في تقييم مدى تقدم الدول والمؤسسات في مجال تحقيق التنمية المستدامة بصورة فعلية، مما يستدعي أخذ قرارات صارمة دولية ووطنية حول السياسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ومحور هذه المؤشرات يرتكز حول القضايا التي تضمنتها توصيات أجندة القرن الحادي والعشرين، وهي تشكل إطار العمل البيئي في العالم. والتي حددتها الأمم المتحدة بالقضايا التالية:
المساواة الاجتماعية، الصحة العامة، التعليم، الفئات الاجتماعية، أنماط الإنتاج والاستهلاك، السكن، الأمن، الغلاف الجوي، الأراضي، البحار والمحيطات والمناطق الساحلية، المياه العذبة، التنوع البيولوجي، النقل والطاقة، النفايات الصلبة والخطرة، الزراعة، التكنولوجيا، التصحر والجفاف، الغابات، السياحة البيئية، التجارة، القوانين والتشريعات والأطر المؤسسية[liv].
وفي ما يلي نذكر أهم القضايا المرتبطة بمؤشرات التنمية المستدامة، حيث نتكلم أولا عن القضايا والمؤشرات الاجتماعية، ثم عن القضايا والمؤشرات البيئية ثانيا.
أولا:القضايا والمؤشرات الاجتماعية
وهي قضايا مرتبطة بمؤشرات اجتماعية للتنمية المستدامة نذكرها فيما يلي:
أ-الصحة العامة: ذلك أن الصحة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتنمية المستدامة، زيادة على ذلك يعد الحصول على مياه صالحة للشرب وغذاء صحي، من أهم مبادئ التنمية المستدامة، ومما يؤدي إلى فشل تحقيق التنمية المستدامة نجد تدهور الأوضاع الصحية جراء تلوث البيئة المحيطة بالسكان، وكذلك الفقر والنمو السكاني، وغلاء المعيشة خاصة في الدول النامية.[lv] ومن بين أهم الأهداف التي وضعها جدول أعمال القرن الحادي والعشرين نذكر:
تقليص الأخطار الصحية الناجمة عن التلوث البيئي والسيطرة على الأمراض السارية والمعدية أو حماية الأطفال وكبار السن.
أما المؤشرات الصحية فهي :
معدلات وفيات الأمهات و الأطفال، والعمر المتوقع عند الولادة، والرعاية الصحية الأولية.
أ-الديموغرافيا:
نعلم أنه كلما زاد معدل النمو السكاني في دولة ما، زادت نسبة استهلاك الموارد الطبيعية، وتقلص النمو الاقتصادي المستدام، أي أن هناك علاقة عكسية بين النمو السكاني والتنمية المستدامة، والمؤشر الرئيسي الذي يستعمل هو معدل النمو السكاني.
ب- السكن:
تشكل الهجرة من الريف إلى المدينة، من أحد أهم أسباب زيادة السكن البشري العشوائي وزيادة نسبة المتشردين، ومن أهداف التنمية المستدامة توفير سكن ملائم للمواطن، ليعيش حياة كريمة في مسكن أمن، ومؤشر التنمية المستدامة في هذه الحالة هو نصيب الفرد من الأمتار المربعة في الأبنية.[lvi]
ج- التعليم:
وهو من أهم المكاسب التي يمكن أن يحصل عليها المواطن لتحقيق النجاح في الحياة. ويعتبر مطلباً أساسياً لتحقيق التنمية المستدامة. وحسب جدول أعمال القرن الحادي والعشرين، يرتكز التعليم على الأهداف التالية:
زيادة التوعية العامة، وزيادة فرص الترتيب، وإعادة توجيه التعليم نحو التوعية المستدامة.
وأهم مؤشرات التعليم هي:
معدل الالتحاق بالمراحل التعليمية المختلفة، ومعدل معرفة القراءة والكتابة.
د- الأمن:
وهو الأمن الاجتماعي وحماية الناس من الجرائم، بفضل وجود نظام للإدارة الأمنية، متطور وعادل من أجل حماية المواطنين من الجريمة، ومن أهمها: جرائم المخدرات والعنف والجرائم ضد الأطفال والمرأة. ومؤشر الأمن: هو قياس الأمن الاجتماعي من خلال مرتكبي الجرائم في المجتمع.[lvii]
- المساواة الاجتماعية: وهي ترتبط أساسا مع درجة العدالة والشمولية في توزيع الموارد واتخاذ القرارات وإتاحة الفرص مثل: الصحة والتعليم ومكافحة الفقر. حيث أدرج جدول أعمال القرن الحادي والعشرين، المساواة الاجتماعية في الفصول الخاصة بالفقر، وأنماط الاستهلاك والإنتاج، والمرأة والأطفال والشباب والمجتمعات المحلية. ومؤشر المساواة الاجتماعية هو: نسبة السكان تحت خط الفقر.[lviii]
ثانيا: القضايا و المؤشرات البيئية
وهي البحار والمحيطات، الغلاف الجوي، الأرض، المياه العذبة، التنوع الحيوي.
ا-المحيطات و البحار:
تشكل البحار والمحيطات نسبة 70%من مساحة الكرة الأرضية، لذا وجب إدارة هذه المناطق بطريقة مستدامة بيئيا من أجل الحد من التدهور الناجم عن الأنشطة البرية، والاستغلال غير المستدام للأسماك وغيرها من الموارد الحية. وكذلك من التلوث البحري الناتج عن النقل البحري، ومشاريع النفط والغاز في المياه الساحلية. وكما جاء في جدول أعمال القرن الحادي والعشرين بناءً على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار إلى إتباع نهج متكامل، للحفاظ على التنوع الحيوي وإنتاجية النظم الإيكولوجية، مع تحسين نوعية الحياة في المناطق الساحلية. ومؤشر المحيطات والبحار هو النسبة المئوية لمجموع السكان في المناطق الساحلية.[lix]
يندرج في هذا الإطار كل من التغير المناخي وثقب الأوزون ونوعية الهواء. وتتصل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بصحة الإنسان واستقرار توازن النظام البيئي، حيث تضمن جدول أعمال القرن الحادي والعشرين نهج متكامل لحماية الغلاف الجوي تتمثل في ما يلي:
- معالجة التلوث الهوائي العابر للحدود.
- منع استنفاد الأوزون.
- تحسين الأساس العلمي من أجل معالجة حالات عدم اليقين؟
كما اهتم جدول أعمال القرن الحادي والعشرين بالغلاف الجوي، من خلال إقرار الكثير من المعاهدات والاتفاقيات الدولية والإقليمية لحماية المناخ والهواء، من خلال تقليل انبعاث الغازاتالملوثة و السامة.[lx] ومؤشر الغلاف الجوي هو: التغير المناخي وتحكمه اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ 1992 وبروتوكول كيوتو 1997.
ج-الأرض:
إن طريقة استعمال الأراضي هي الصورة الأساسية لمعرفة مدى تطبيق مبادئ التنمية المستدامة، وهذا بعد اتخاذ قرارات سياسية واقتصادية بدرجات متفاوتة من المسؤولية الإدارية والسياسية. وحسب جدول أعمال القرن الحادي والعشرين، فإنه يجب إتباع نهج كلي من أجل تحقيق التنمية المستدامة لموارد الأرض، بالاعتماد على نظم إيكولوجية من أجل حماية البيئة والموارد الطبيعية، وهذا ما يوافق اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر لعام 1977، واتفاقية الأمم المتحدة المرتبطة بالتنوع الحيوي لعام 1992.[lxi]
د-المياه العذبة:
يعيش نحو 30% من سكان العالم في دول بلغ فيها الشح المائي درجة متوسطة أو عالية، نتيجة للزيادة السكانية والنمو الاقتصادي وارتفاع مستويات المعيشة، ويدعو جدول أعمال القرن الحادي والعشرين إلى إدارة متكاملة لموارد المياه وضرورة حمايتها والمحافظة على نوعيتها، وذلك من خلال تحسين التقييم وزيادة فهم الآثار الناتجة عن تغير المناخ، وركزت على إعطاء الأولوية لمياه الشرب والغذاء والتنمية المستدامة في المناطق الحضرية والريفية. ومؤشر المياه العذبة هو: نوعية وكمية المياه المتاحة في كل منطقة.
ه-التنوع الحيوي:
إن حدوث تغيرات رئيسية أو تدهور أو فقدان التنوع الحيوي، يمكن أن ينتج عنه آثار اقتصادية واجتماعية وثقافية، ذلك لأن التنوع الحيوي يعتبر عنصرا أساسيا في التنمية المستدامة، خاصة في صناعة الأدوية المتداولة والمصنوعة من نباتات برية ذات خصائص طبية وعلاجية مميزة.[lxii]كما نشير إلى أن الأمن الغذائي والاستقرار المناخي وأمن المياه العذبة وصحة الإنسان مرتبطة مباشرة بالتنوع الحيوي واستعمالاته . والمؤشر هنا هو: نسبة الكائنات الحية المهددة بالانقراض وبنية المساحات المحمية.
الخاتمة:
بالرغم من اختلاف التعاريف حول التنمية المستدامة، بين التعاريف الاقتصادية والاجتماعية والقانونية والسياسية والبيئية، إلا أنها تصب في معنى واحد، هو تلبية احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة المستقبل والأجيال القادمة، ولتحقيق التنمية المستدامة علينا تبني مصطلح " التنمية البيئية المستدامة" التي تعني الحفاظ على الموارد الطبيعية، والذي يعتمد أساسا على مكافحة التدهور البيئي الذي يتطلب ما يلي:
- استبدال عناصر الإنتاج والحد من ندرتها، لأن التكنولوجيا الحديثة تساعد على المحافظة على الماء والطاقة المستخدمة في الزراعة والصناعة.
- تشجيع الاقتصاد الأخضر والتنمية الخضراء وإدخالها في ثقافة المنتج والمستهلك
- مشاركة المؤسسات البيئية في اتخاذ القرارات الاقتصادية لزيادة النمو الاقتصادي.
المصادر والمراجع:
[i]- اللجنة العلمية للبيئة و التنمية(أكتوبر 1989)، مستقبلنا المشترك، ترجمة محمد كامل عارف، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، عدد 142.
[ii]-Frank Dominique ; )2005( « jalons pour une histoir de la nation de dévloppement durable »,monde en dévloppement ,vol33,n129 ;,pp25.
[iii]-محمد عبد الشفيع عيسى(2008 )، مفهوم ومضمون التنمية المحلية ودورها العام في التنمية الإجمالية، مجلة بحوث اقتصادية عربية، العدادن 43_44، صيف وخريف،ص 156.
[iv]- Frank Dominique,op-cit,p11.
[v]- دونانو رومانو (2003 )، الاقتصاد البيئي والتنمية المستدامة، المركز الوطني للسياسات الزراعية، وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، دمشق، ص52.
[vi]- Antoine Da gumbo, )2003( « développement durable ;éthitique du changement, conceptinitégrateur,principe d’action », in développement durable et aménagement du territoire, press polytechniques et universitaire Romonde swise, p26.
[vii]- عبد الرحمان محمد عبد الرحمان(2007 )، التنمية البشرية ومعوقات تحقيق التنمية المستدامة في الوطن العربي، التنمية البشرية وأثرها على التنمية المستدامة، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، القاهرة، ص7.
[viii] - Beat Burgemmeir ; op-cit ;p43-44.
[ix]-اللجنة العالمية للبيئة و التنمية، مستقبلنا المشترك، مرجع سابق،ص24.
[x]- عثمان محمد غنيم وماجدة أبوزيط (2007)، التنمية المستدامة، الطبعة الأولى، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان، ص5.
[xi]-مصطفى كمال طلبة، برنامج الأمم المتحدة للبيئة( 1995)، إنقاذ كوكبنا، الطبعة الأولى، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،، ص274.
[xii]-Nicole Démontiez et Herve Macquart)2009(, les grande questions de l’environnement, Editions l’étudiant ,paris ,p82.
[xiii]- jacques-André Hertig)2006(, Etudes d’impact sur l’environnement, presse polytechnique et universitaire romandes italy ,p27.
[xiv]-إعلان ريو حول البيئة والتنمية، www .arabic,eco-powermagazine,com,voire le : 13/04/2016
[xvi]- المرسوم الرئاسي 93-99 المؤرخ في: 10.04.1993 المتضمن المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، الموقع عليها من طرف الجمعية العامة، منظمة الأمم المتحدة، 9 ماي 1992، جر،عدد24.
[xvii]- كلود موسلير وبيتر جيمس ( 2001)، ترجمة علاء أحمد إصلاح، إدارة البيئة من أجل جودة الحياة، مركز الخبرات المهنية للإدارة، القاهرة، ص81.
[xviii]-صالح عمر فلاحي، مرجع سابق، ص17.
[xix]- دوخلاسموشييت، مبادئ التنمية المستدامة (2000)، ط1، الدار لدولية للاستثمارات الثقافية ، القاهرة، ص26.
[xx]- كلود فوسلير وبتر جيمس(2001) ترجمة علا أحمد إصلاح، إدارة البيئة من أجل جودة الحياة، مركز الخبرات المهنية للإدارة، القاهرة،ص81.
[xxi]-صالح عمر فلاحي، التنمية المستدامة بين تراكم رأس المال في الشمال واتساع الفقر في الجنوب، مرجع سابق، ص10--11.
[xxii]- بقة شريف والعيب عبد الرحمن، مرجع سابق، 35؟
[xxiii]- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 1999، تقرير التنمية البشرية، ص14.www.arab,hdr.or.vu/20/1/2016
[xxiv]- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، نفس المرجع، نفس الصفحة,
[xxv]- محمد ابراهيم محمد شرف (2008)، المشكلات البيئية المعاصرة، دار المعرفة الجامعية، مصر، ص199,
[xxvi]- سنوسي وزوليخة وبوزيان الرحمان هاجر( 2008)، البعد البيئي لإستراتيجية التنمية المستدامة، مداخلة مقدمة في الملتقى الدولي حول التنمية المستدامة والكفاءة الاستخدامية للموارد المتاحة ( 2005 )، المنعقد بجامعة سطيف، أفريل غير منشور، ص7.
[xxvii]- زرنوح ياسمينة، إشكالية التنمية المستدامة في الجزائر، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم الاقتصادية، فرع التخطيط، جامعة الجزائر،ص124.
[xxviii]- Marie claude smouts,op-cit,p,6.
[xxix]- دومانو رومانو، مرجع سابق،ص66.
[xxx]- ناصر مراد، التنمية المستدامة وتحدياتها في الجزائر(2009)،، مجلة بحوث اقتصادية عربية، مركز دراسات الوحدة العربية، عدد 46، بيروت، لبنان، ص108.
[xxxi]-Marie claudesmouts)2005(, le dévloppement durable ;éditions Armand colin, France,p,5.
[xxxii]- ChristonBRODHAG, )2004(dévloppement durable-responsabilité sociatale des entreprises, congrés international avec exposition d’imovatures le menagement durable en action,4-6 suspendre -v.genere- sises,p3.
[xxxiv]- دوناتو رومانو، مرجع سابق،ص88.
[xxxv]- نفس المرجع،نفس الصفحة.
[xxxvi]-محي الدين صابر ( 1987)، قضايا التنمية في التنمية في المجتمع العربي، الدار التونسية للنشر، د.ت، تونس،، ص116-118.
[xxxvii]- الهام الطالب( 1999)، المرأة المسلمة والتنمية، الدورة الخامسة، حقوق المرأة وواجباتها في الإسلام، جامعة الصحوة الإسلامية، الدار البيضاء، المغرب، ص374-375.
[xxxviii]- البنك الدولي، تقرير حول التنمية المستدامة في عالم دائم التغير، التحول في المؤسسات والنمو ونوعية الحياة، البنك الدولي، واشنطن العاصمة،2003،ص15.
[xl]-عثمان محمد غنيم وماجدة أبو زنط ( 2007)، التنمية المستدامة فلسفتها وأساليب تخطيطها وأدوات قياسها، الطبعة الأولى، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان، ص33.
[xli]- نفس المرجع، ص28-30.
[xlii]- دوناتورومانو، مرجع سابق،ص62.
[xliii]-Bruno Cohen)1998(, Bâche,communiquer effacement sur le développement durable,op-cit,pp43-44 .
[xliv]- Pierre Marie,Droit international publique,4eme édition,Dalloz,paris,p101.
[xlv]- القانون 04-02 المؤرخ في 25.12.2004، المتعلق بالوقاية من الأخطار الكبرى وتسيير الكوارث في إطار التنمية المستدامة، ج ر،ص84. المادة 03 والمادة 08.
[xlvi]-محمد صافي يوسف( 2007)، مبدأ الاحتياط لوقوع الأضرار البيئية، دراسة في إطار القانون الدولي، دار النهضة العربية، القاهرة،،ص60.
[xlvii]- محمد صافي يوسف، نفس المرجع، نفس الصفحة.
[xlviii]-Martin bidou)1999(,(le principe de précaution en droit international de l’environnement ),RGDIP,octobre-décembre ;,n03,p633.صيغ مبدأ الحيطة للمرة الأولى عام 1992، في المبدأ 15 من إعلان ريو عندما تكون هناك تهديدات بوقوع أضرار جسيمة أو لا رجعة فيها،
والافتقار إلى اليقين العلمي الكامل لا يمكن أن يكون مبررا لتأجيل اعتماد تدابير فعالة لمنع التدهور البيئي
[xlix]- عبد الناصر زياد هياجنة( 2012)، القانون البيئي، النظرية العامة للقانون البيئي مع شرح التشريعات البيئية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، ص71. المادة 3 من القانون 03-10.
[l]- رضوان أحمد الحاق(1978) حق الإنسان في بيئة سليمة في القانون الدولي، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة،، ص354.
[li][li]- عثمان محمد غنيم، مرجع سابق،ص31.
[lii]-محمد غنايم، مرجع سابق، ص26.
[liii]- سالمي رشيد(2006)، أثر تلوث البيئة في التنمية الاقتصادية في الجزائر، أطروحة دكتوراه في العلوم الاقتصادية، فرع التسيير، جامعة الجزائر، ص115.
[liv]- نوزاد عبد الرحمان الهيتي(2008) التنمية المستدامة، الإطار العام والتطبيقات، دولة الإمارات العربية، دار الكتاب القطرية، قطر،،ص23.
[lv]-United Nations ,Agenda 21,chapter6.
[lvi]- http /www .urban observatory.org/indicators.
[lvii]-united nations « report of the world summiat for social devlopment.
[lviii]-United nation, agenda 21 ,chapter 3,2,25and 26.
[lix]-United nation, agenda 21 op-cit, ,chapter 10 .
[lx]-United nation, agenda 21 op-cit, ,chapter 9.
[lxi]-United nation, agenda 21 op-cit, ,chapter 10.
[lxii]- عبد الله الوداعي ( 2005)، القانون الدولي ودوره في حماية البيئة، أوراق أعمال المؤتمر الرابع للإدارة البيئية العامة، ص115،116.ش