عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي

يُعدَ الحد من انبعاثات غازات الدفيئة وتخفيف التغير المناخي هو أحد الأسباب الرئيسية الدافعة وراء الطلب المتزايد للبحث عن تكنولوجيا للطاقة المتجددة. وفضلًا عن امتلاكها لإمكانيات ضخمة للتخفيف من حدة آثار تغير المناخ، تستطيع الطاقة المتجددة أن تقدم منافع أوسع قد تسهم إذا ما نُفِّذت بشكل ملائم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والحصول على الطاقة، وتوفير إمداد آمن من الطاقة، وتخفيض الآثار السلبية على الصحة والبيئة.
وانطلاقًا من الدور المحوري الذي تلعبه الطاقة الشمسية في مختلف المجالات بصفة عامة، والمجال الاقتصادي بصفة خاصة، ركّزتُ اهتمامي على دراستها وإعطائها الاهتمام والأولوية التي تليق بها كعمود من أعمدة الاقتصاد. وقد تطور هذا الاهتمام بما يكفي لوضع لون خاص بها يميزها عن غيرها من فروع علم الاقتصاد يُطلق عليه «الاقتصاد الأصفر».
وتجدر الإشارة أننا بصدد التعرف على فرع جديد من فروع علم الاقتصاد أو لون جديد ينضم إلى ألوان الاقتصاد ممثلًا في «الاقتصاد الأصفر»، فإن الإشارة إلى هذا الفرع من الاقتصاد والتطرق إلى تعريفه والتعرف على مكوناته ومركباته المختلفة يعتبر أمرًا ذا أهمية بالغة. وللتعرف على جوانب هذا الفرع أو اللون الجديد من الاقتصاد، فإنه يمكن أن نتطرق إليه في عدة محاور يمكن توضيحها كالآتي:
تعريف الاقتصاد الأصفر:
يمكن تعريف «الاقتصاد الأصفر» بأنه (الاقتصاد الذي يهتم بدراسة الطاقة الشمسية وكيفية الاستفادة منها لتحقيق التنمية المستدامة) لكونها تمثل «المصدر الرئيسي لمعظم مصادر الطاقة»، كما أنها مصدر مجاني وغير محدود للطاقة، علاوةً على أنها طاقة مأمونة المصدر، ويمكن وصولها إلى المناطق النائية التي لا يمكن لأي مصدر آخر من مصادر الطاقة الأخرى الوصول إليه.
أهمية الاقتصاد الأصفر:
تتميز الطاقة الشمسية بخصائص عديدة تجعلها الأفضل مقارنة بجميع أنواع الطاقة الأخرى؛ فهي طاقة نظيفة وغير ملوِّثة للبيئة، بخلاف مصادر الطاقة الأخرى التي تُحدث انبعاثات ملوِّثة للبيئة، هذا بالإضافة إلى أنها تعتبر مصدرًا مجانيًّا للحصول على الطاقة التي لا تنضب.
كما أنها تشكل أهم مصدر للطاقة الحرارية التي يتم تحويلها إلى طاقة كهربائية؛ فيمكن اللجوء إلى الطاقة الشمسية في محطات توليد الكهرباء ليتم استخدامها في الحصول على بخار ماء يعمل على تشغيل توربينات توليد الكهرباء، التي يمكن استخدامها في تشغيل المصانع وإنارتها، وإنارة المنازل، وتسخين وتحلية المياه، وتوليد الكهرباء أيضًا من خلال السخانات الشمسية. ويمكن استغلال الطاقة الشمسية في أي مكان في العالم، بالإضافة إلى استخدامها في العديد من المجالات الزراعية والصناعية.
ويتجلى الدور الأساسي للاقتصاد الأصفر المعتمد على الطاقة الشمسية في ضمان إمداد نظام التنمية الحالي بمصدر موثوق ومستدام للطاقة من خلال الاعتماد على قاعدة اقتصادية متنوعة تتيح إطالة أمد الاستثمارات القائمة على موارد كالنفط والغاز وزيادة مساهمات القطاعات المتجددة في الناتج المحلي الإجمالي، والحفاظ على مكانة الدول في أسواق الطاقة العالمية وتعزيز نمو الاقتصاد الوطني.
الأهداف التي يحققها الاقتصاد الأصفر «الطاقة الشمسية» لتحقيق التنمية المستدامة :
إن توجه الدول نحو بناء محطات طاقة شمسية جاء من واقع جدواها الاقتصادية، مدفوعةً بتوقعات بارتفاع الطلب على الكهرباء عالميًّا مع تطور النمط المعيشي الذي بات يعتمد بشكل كبير على الطاقة، إضافةً إلى حاجتها إلى مراكز تدريبية وبحوث تطبيقية؛ مما يعني توليدها للعديد من الوظائف.
يساعد استخدام الطاقة الشمسية على خفض نسبة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومواجهة التغير المناخي، وتساعد على حل مشاكل البيئة؛ فمناطق العالم المختلفة تواجه ارتفاعًا كبيرًا وسريعًا لمستويات التلوث المختلفة، وترافقه تكاليف عالية وتدهور لنوعية الحياة. وعند مقارنة مصادر الطاقة المختلفة، ينبغي أيضًا الأخذ في الاعتبار تكلفة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون؛ حيث يمكن الاستفادة ماليًّا من تبنِّي آلية التنمية النظيفة التابعة للأمم المتحدة.
- تحقيق التوازن بين الأجيال الحالية والقادمة:
يُعد الاقتصاد الأصفر «الطاقة الشمسية» هو الوسيلة المثالية لتوليد طاقة نظيفة على مستوى العالم، يمكن عن طريقها تحقيق المساواة بين الأجيال الحالية والقادمة؛ فاستخدام الطاقة الشمسية اليوم لن يقلل من نصيب الأجيال القادمة، بل إن الاعتماد على الطاقة الشمسية سيجعل مستقبل الأجيال القادمة أكثر أمانًا.