كانون أول 2008 العدد (9)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا 

December 2008 No (9)

 

لماذا "آفاق البيئة والتنمية" ؟

منبر البيئة والتنمية الراصد البيئي

أريد حلا

أصدقاء البيئة

شخصية بيئية

تراثيات بيئية

اصدارات بيئية - تنموية قراءة في كتاب البيئة والتنمية في صور الاتصال بنا الصفحة الرئيسية

 

 

بعد منع الغاز والكهرباء

الحصار يخُط يوميات الغزيين "ببوابير الكاز" و"أفران الطين"

سمر شاهين / غزة

 

خاص بآفاق البيئة والتنمية

 

دفع الحصار الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وعدم توافر الكثير من المستلزمات الأساسية، والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، ونفاد غاز الطهي، الغزيين إلى إيجاد بدائل أخرى كانت قد انقرضت منذ زمن بعيد لاسيما " بوابير الكاز" وإعادة تصنيع "أفران الطين"، لطهي الطعام والخبز.

"آفاق البيئة والتنمية" تجولت عبر شوارع غزة لتنقل بالقلم والكلمة صورة خطها الحصار عنوانها "بوابير الكاز" و"أفران الطين" والإمعان في تدمير البيئة الفلسطينية التي تعاني أصلا من الاستنزاف ...

أمام الدكاكين المخصصة لتصليح "بوابير الكاز" في قطاع غزة، والتي أغلقت غالبيتها بسبب هجر الأسر استخدام هذا النوع من المواقد، لاعتمادهم على تلك التي تعمل بالغاز المفقود الآن من الأسواق، بدأ السكان يتهافتون لحجز دور يمكنهم من الحصول على موقدهم القديم في وقت سريع يؤمن لهم طهي طعامهم بعد فقدان الغاز لطهي الطعام.

ففي مخيم جباليا شمال القطاع ازدحمت إحدى الورش المخصصة لتصليح "بوابير الكاز" بالزبائن، بعد أن كان مالكها يجلس طوال الفترة الماضية بداخلها من باب "تقضية الوقت".

النساء والرجال الذين قدموا لإعادة إصلاح هذه المواقد التي توقفت بفعل هجرها لسنوات، أكدوا أنها باتت أملهم الوحيد في الحصول على طعام مطبوخ أو خبز للأطفال، بعد أن نفد الغاز المنزلي بشكل كامل.

ضحايا الكهرباء والغاز

وتقول المواطنة ماجدة عبد الله "42" عاما لم أتصور للحظة واحدة أن نفقد كل شئ في لحظة واحدة،  فالكهرباء غابت والغاز اختفى وحتى الحطب الذي كنا نراه أيضاً اختفى، مشيرة الى أنها عملت على استخدام "الحطب" لعدة أيام وقد انتهت الكمية التي جلبتها.

ولفتت النظر إلى أن إشعال النيران قد كلفها الكثير حيث مرض أبناؤها من جراء ذلك، وقد اضطرت إلى نقل اثنين منهم إلى المشفى بفعل الدخان الأسود الناجم عن تلك النار، مشيرة إلى أنها كانت تبقى أمام النار طوال اليوم ما بين تسخين الماء وطهي الطعام، إضافة إلى الخبيز؛ وقد أصبح منزلها وأطفالها وهي أيضاًً ضحية لتك النيران ودخانها القاتل.

بدوره  قال محمد: لقد تغيرت حياتنا فاصبحنا ضحية للتيار الكهربائي.  أصبحنا نطبخ في الليل أو الفجر وفق مجئ الكهرباء وباتت حياتنا رهينة حقيقية لتيار الكهرباء؛ مما اضطرني إلى صناعة قرن من الطين علي السطج لكي نستخدمه بدلا من طرق أبواب الجيران للبحث عن فرن هناأاو هناك.

 

خيارين لا ثالث لهما

ويضيف أحمد عواد " 38" عام في حديثه لآفاق البيئة والتنمية:  "نعترف بأن جملة البدائل التي نستخدمها بمثابة العدو الأول للبيئة؛ ولكن ما باليد حيلة ونحن أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن نجد بدائل لكي نعيش حتى لو بطريقة بدائية، أو الحفاظ على البيئة.

ويشير عواد إلى أنه دوما يحرص على البيئة في كل التصرفات والسلوكيات التي ينتهجها في حيات، وكذلك أفراد أسرته إلا أن الحاجة كانت أكبر منه.

أم حسن ربة أسرة مكونة من 9 افراد، بقيت على مدار يومين تأكل هي أسرتها طعاما غير مطهو، من الخضار والمعلبات للتغلب على مشكلة انقطاع التيار الكهربائي، ونفاد الغاز، وتوضح أن الإرهاق والتعب الذي قد يصيبها جراء استخدامها للموقد الجديد "موقد الحطب" لا يذكر إذا ما قورن باعتماد الأسرة لوقت غير معلوم على الطعام الجاهز،أو غير المطهو لارتفاع ثمنه.

ومنذ شهر منعت "إسرائيل" دخول الوقود والغذاء إلى قطاع غرة، بعد أن فرضت عليه حصار محكما،أدى إلى توقف المخابز عن العمل، وتوقف محطة توليد الكهرباء عن العمل بشكل كلي، مما حرم السكان من نحو 70% من التيار الكهربائي.

وتغلب العديد من المواطنين على المشكلة لتوفير لقمة العيش لأطفالهم بـ "مواقد الحطب"، أو بتشييد "أفران الطين"، التي يعود استخدامها لنحو ما قبل نصف قرن.

 وبسبب اشتداد أزمة الحصار، شرعت أعداد جديدة من السكان، وبخاصة التي تقطن مخيمات وقرى القطاع والاحياء الشعبية، بتشييد "أفران الطين" وسط بعض الأحياء السكنية أو على أسطح المنازل.

ففي حي الدرج في قلب مدينة غزة  شيد عدد من رجال أحد الأحياء أفران الطين"، وفرن الطين هو فرن يصنع من الطين والقش، ليتسنى لنساء الحي استخدامه في الخبز والطهي، وتسخين مياه الاستحمام، وأمام هذا الفرن تجتمع النساء صباحا لتحضير متطلبات المنزل، بعد تحضيرهن كمية من الحطب تكفي لإنجازهن ما يردن تحضيره، كبديل عن الأفران الحديثة التي هجرت  لكونها تعمل بالغاز والكهرباء، وأصبح منظر الأطفال الذين يجمعون بأيديهم الاخشاب من الطرقات مشهدا معتادا مع انتشار هذه الأفران.

مصدر وحيد

سوء أوضاع الغزيين اضطرهم للعودة بالزمان إلى عشرات السنين كي يتمكنوا من تدبير أمورهم اليومية، حين كانت بوابير الكاز المصدر الوحيد لنيران الطهي .

وتعود الحاجة أم أشرف الخطيب من مخيم البريج وسط قطاع غزة، وهي تستخدم بابور الكاز، بذاكرتها إلى أيام مضت، فقالت:  "لم نكن نعرف أفران الغاز في الماضي، وكل عملنا كان يقوم على بابور الكاز وفرن الطين".

وتحاول الحاجة أن تساعد وتعلم زوجات أبنائها آلية عمل البابور حيث تجهل معظم ربات البيوت صغيرات السن آلية عمل بابور الغاز ويرفضن استخدامه، إلا أنهن في آخر المطاف لن يجدن مفرا من اللجوء إليه.

ورأت الحاجة أم أشرف أن الحصار عاد بهم الزمن إلى الماضي، واضطرهم للعودة لاستخدام أدوات كانت قد انقرضت وحلت مكانها أدوات جديدة.

وتتزامن أزمة النقص الحاد في الغاز المنزلي مع غياب الكاز الابيض المستخدم في إشعال البابور، مما دفع معظم المواطنين لاستبداله بالسولار المصري الذي راج مؤخرا في قطاع غزة .

بوابير الكاز

وقد راجت مؤخرا مهنة إصلاح بوابير الكاز التي كانت شبه منقرضة على مدار السنوات الماضية، حيث أصبح المواطنون يصطفون طوابير أمام محلات إصلاح البوابير التي يقوم عليها رجال كبار في السن كانوا قد اتخذوها مهنة لهم منذ عشرات السنين، ثم عادت لتدر عليهم أموالا من جديد.

وأفرز اشتداد الحصار مظاهر جديدة في غزة، بدءا بأفران الطين وتهريب الوقود عبر الأنفاق، وليس انتهاء بإعادة بوابير الكاز إلى الواجهة، الأمر الذي ينذر بكارثة بيئية وصحية في قطاع غزة.

وفي مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة اصطف عشرات المواطنين أمام محل قديم لتصليح مواقد الكيروسين "بوابير الكاز" لاستخدامها في أعمال الطهي بعد نفاد الغاز المنزلي.

ويعاني المواطنون في القطاع من نفاد غاز الطهي وانقطاع التيار الكهربائي عن منازلهم لفترات طويلة يومياً، مما دفعهم للعودة الى استخدام أشياء استغنوا عنها منذ سنين طويلة.

ولنا كلمة

ومن هذا المنبر الإعلامي البيئي "آفاق البيئية والتنمية"، نوجه نداء استغاثة للمجتمع الدولى بانقاذ قطاع غزة من كارثة بيئية وصحية محدقة، ولاسيما أن جملة البدائل التي بات يستخدمها الغزيون تشكل خطرا حقيقيا على البيئة الفلسطينية وعلى حياة الفلسطينيين، ولاسيما أن العديد منهم أصبحوا يعانون من حالة اختناق وصعوبة في التنفس... الأيام وحدها كفيلة بتوضيح المدى الذي ستصل إليه الضربات التدميرية التي تنهال تباعا على البيئة الفلسطينية التي تعاني ومازالت حتى اللحظة بفعل الجرائم الإسرائيلية والسلوكيات الخاطئة التي يتبعها الإنسان الفلسطيني.

 للأعلىé

 

 

التعليقات

 
 

البريد الالكتروني: samaham@yahoo.com

الموضوع: الرئيسي 1-العدد 9

التعليق:

نأمل أن تحرك هذه اللوحة المرعبة أصحاب الضمائر المتقاعدة والمشلولة ...

 

سماح أمير


لبريد الالكتروني: nakawi@gmail.com

الموضوع: الرئيسي 2-العدد 9

التعليق:

المدمرون الحقيقيون للبيئة الفلسطينية هم ليسوا المجوعين الذين يضطرون قسرا لاستخدام بدائل \"غير بيئية\" بل هم المجرمون الذين يحاصروهم ويجوعوهم،

وبالتالي يجب العمل على ابتكار كل الطرق المشروعة و\"غير المشروعة\" لردعهم وعقابهم.

. عكاوي


البريد الالكتروني: azahlawi@gmail.com

الموضوع: رئيسي 2العدد9

التعليق

أعتقد بأن هذا الموقع يعد الموقع العربي الوحيد الذي يشخص ويكشف حقيقة

الأوضاع البيئية والإنسانية المأساوية في غزة...كما أنه يطرح حلولا للمشاكل،

بينما يكتفي الآخرون بالتغني بالصمود الوهمي، ويساهمون بشكل مباشر وغير مباشر

في التدمير البيئي والإنساني ...

ع. زحلاوي

 

 
     
 

 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

 

الاسم:
بريدك الالكتروني:
 
التعليق:

 

 
     
 

 الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة.