خاص بآفاق البيئة والتنمية

أعمال زراعية تطوعية لمجموعة حكي القرايا
أطلقت مجموعة "حكي القرايا"، الإطار الذي يضم أكثر من مئة ألف عضو عبر منصات التواصل الاجتماعي، المدرسة الافتراضية للتراث، بهدف التعريف بكنوز فلسطين وإرثها، وتشجيع الأجيال الصاعدة على الاهتمام بها والمحافظة عليها.
ونفذّت المدرسة، أولى دوراتها في قصر (الخوخة) ببلدة برقين، بحضور عشرات المهتمين بإحياء التراث وصونه.
وقدم الناشط والتربوي المتقاعد عمر عبد الرحمن نمر، محاضرة تفاعلية تعريفية سلطت الضوء على التراث، واستعرضت أهميته ودلالاته، وبينت ما يتعرض له من أخطار.
وقال عضو مجلس إدارة "حكي القرايا، عبد الكريم شلاميش إن هدف المدرسة التثقيف في قضايا التراث، والتعريف به، والترويج للمحافظة عليه، بمكوناته المادية كالمباني والمقتنيات، والأشغال اليدوية. وبالمعنوية كالحكايات والأمثال والقصص والأغاني.

تطبيقات ميدانية تراثية لمجموعة حكي القرايا
مدرسة بلا طلاب
وأضاف شلاميش أن المدرسة ليست تقليدية، ولا تتمتع بمقر ثابت، ولا بعدد محدد من الطلبة، بل ستنتقل في جميع محافظات الوطن، وستعقد ورشها ودروسها في فضاءات عامة، وبالشراكة مع مؤسسات مجتمعية، فيما ستحظى بمجلس إدارة في كل المحافظات.
وبين أن صاحب الفكرة كان الأستاذ عمر نمر، فيما دعمها الباحث نبيل علقم، والبروفسور شريف كناعنة.
ويطمح القائمون على المدرسة، تعليم فئات مجتمعية مختلفة مهارات يدوية وتراثية، وتنفيذ ورش تدعم العودة إلى الممارسات التقليدية.

ناشطون زراعيون في مجموعة حكي القرايا
وأفاد صاحب الفكرة، عمر عبد الرحمن نمر، أن المدرسة جاءت بعد تنفيذ "حكي القرايا" لأنشطة وفعاليات تراثية عديدة، وهي "بصمة" تميز المجموعة عن غيرها من أطر وجمعيات. وعدّد أهدافها، وأولها منح المشاركين مادة علمية منهجية متعلقة بالتراث وأهميته، وآليات جمعه والحفاظ عليه.
وقال:" هاجسنا تعزيز الوعي بالتراث، وتنظيم برنامج اجتماعي توعوي يقدم آليات المحافظة عليه، ويجمعه بطريقة شائقة يمكن الاستفادة منها."
 |
 |
تطبيقات زراعية تراثية لمجموعة حكي القرايا |
صناعة القشيات التراثية بتشجيع من مجموعة حكي القرايا |
أهداف ومنهاج
واستنادًا إلى القائمين على المدرسة، فإن أهدافها تحليل القطع التراثية المادية، والقولية إلى عناصرها، وإبراز جمالياتها، والتدريب على الكتابة التراثية، والصناعات التقليدية كالقش، والتطريز، والخيزران، وتخريج كوادر في التراث الشعبي.
ومما نشرته "حكي القرايا" عن المدرسة أنها ليست مدرسة نمطية، فلا مكان ثابت لها وتعقد لقاءاتها في المدارس، والنوادي، والجمعيات، والمجالس البلدية والقروية، وغيرها. كما أنها ليست تعليمية تقليدية، بل تعتمد على النقاش والحوار، وتبادل الآراء، والدراسة، وأوراق العمل، والتدريب.
واستعرض عبد الرحمن مناهج المدرسة، التي تهتم بالإطار النظري للتراث، وبالأغاني الشعبية، والأمثال، والألغاز، النكت الشعبية، ونداءات الباعة، والتعبيرات الشعبية، وتحليل الثقافة المادية، والملابس الشعبية، والطعام الشعبي، والأدوات الزراعية، والفخارية، والخزف، والطين، والخشب، والزجاج. مثلما تركز على العادات والتقاليد كالزواج، والميلاد، والوفاة، والأعياد، والمواسم الزراعية، والمعتقدات الشعبية، مثل الأولياء، والمقامات، الأحلام، الطب الشعبي.
وتابع: ستجمع مدرستنا الأغاني، والحكايات، والأمثال، وسنمنح شهادات مشاركة في حلقاتنا التراثية من "حكي القرايا".

دورة تدريبية لمجموعة حكي القرايا
حصاد مائي
وتبعًا لعضو الهيئة الإدارية لـ "حكي القرايا" فريد طعم الله، فإن المدرسة عقدت مع مجموعة "شراكة" التطوعية للحفاظ على الزراعة التقليدية، ورشة بإشراف الخبير البيئي سعد داغر، حول الحصاد المائي لصيد مياه الأمطار، في مزرعة مراد السرطاوي بقرية سرطة.
وأضاف أن ٧٠ متطوعًا من "حكي القرايا" حضروا من أرجاء فلسطين التاريخية لتعلم بعض الممارسات، التي تزيد من نسبة مياه الأمطار المخزنة في الأرض بالحد الأقصى، باستخدام تقنيات زراعية بسيطة، ولكنها تحدث فرقًا كبيرًا. كما غرسوا ٥٠ شتلة.
ونشرت المدرسة، عبر صفحتها الافتراضية "أن 70% من مياه الأمطار تذهب هدرًا، فيما نعاني نقصًا في المياه كل عام، ويبدأ انقطاع المياه عن المنازل حتى قبل بداية فصل الصيف. ويحدث كل ذلك، فيما نشهد فيضانات هذه الأيام تجتاح الشوارع والأودية، وفي أماكن مختلفة تتشكل "بحيرات مؤقتة."
ووفق المدرسة، فإن المياه حاضرة اليوم بقوة، لكن بعد أشهر قليلة ستغيب عنا، ونبدأ رحلة المعاناة المتكررة.

سلال قشية فلسطينية تراثية
قشيات وطوابين
وأفاد منسق "حكي القرايا" في محافظة سلفيت، مطاوع بوزية أن المدرسة نفذت خلال تشرين الأول الماضي ورشة في إنتاج القشيات في بلدة بيتا بمشاركة أكثر من مئة متطوع في "حكي القرايا"، مثلما عقدت حوارًا تفاعليًا في ترمسعيا للتعريف بالتراث ومكوناته، ونظمت تجمعًا لتعليم صناعة الصابون البارد، وتعليم أصول تكثير العنب والتين في بلعين.
وأفاد بوزية أن المتطوعتين المتخصصتين في صناعة القشيات ياسمين ذياب وانتصار حواجرة دربن المشاركين على طرق صناعات أدوات تراثية من القش، وكيفية تلوينه، وتركيبه، إضافة إلى تعليم طريقة صناعة مكانس القش اليدوية.
وتبعًا لمنسق "حكي القرايا"، فإن المدرسة ستنتقل خلال الفترة القادمة إلى محافظات أخرى لتعليم المهتمين صناعة الصابون التقليدي، وتشكيل الطوابين، ومهارات تراثية أخرى.
وعادة ما تشرح ندية محمد طريقة صنع القشيات، إذ يجري اختيار القش الجيد من القمح، ثم يترك في الماء، ويجري إحضار صبغة خاصة من الأردن، وتبدأ مرحلة "التقشيش"، ويتم بناء العقد وسط الوسط، وتربط كل خمس قشّات معًا. وتستبدل غياب خامات القمح، بأنواع أخرى كالزيتون، وقش النخيل، لكنها ليست بجودة القمح.
وقالت إن استخدام القش تراجع، فقديمًا كان يستخدم لوضع كسوة العروس عليه، وبعضهم استخدمه للخبز، أو لتعليقه كتحفة على جدران المنزل.
وقصّت السبعينية فاطمة سمارة تفاصيل صناعة الطابون العربي، وقالت إنها تعلمت الصنعة من والدتها، وتبدأ بإحضار الحور (نوع من أنواع الصخور المتحللة) من منطقة رشمان، شمال كفل حارس، وتشكل تجويفه بيديها وتتركه حتى يجف، ويصبح بقدرة عالية على امتصاص الحرارة، وتبيعه بنحو 150 شيقلاً.
ووفق بوزية، فقد اختفت الطوابين تمامًا من بلدها كفل حارس، وحديثًا أقامت عائلة تسكن في منطقة جبلية بمفردها، طابونًا جديدًا، تستخدمه للخبز وللطبخ، ويعطي نكهة خاصة للطعام.
aabdkh@yahoo.com