خاص بآفاق البيئة والتنمية
تستعرض رئيسة جمعية طوباس الخيرية، مها دراغمة، حكاية معرض الإبداعات النسوية، الذي أطلقته الجمعية، بالتعاون مع السفارة التشيكية، ومن كلامها، يُدرك السامع، مدى الإصرار الذي شقت طريقه أماني، ومسعدة، ولينا، وهناء، وميسون، ورويدة، وختام، ورجاء، وأم مصطفى، وغيرهن، لتطوير أفكار جديدة، كإضافة التطريز للملابس الجاهزة للأطفال، وصناعة مستلزمات حديثي الولادة من الغزل اليدوي، وصنع أثاث خشبي رفيع الجودة، وسط مطرزات مطعمة به، وإنتاج عسل بإشراف وجهد نسوي خالص.
من اللافت في حديث دراغمة، إصرار أم كامل -السيدة التي تتقن كل الأشغال اليدوية، وطوّرت فكرة الأثاث الخشبي- على العمل، وتأجيلها لموعد عمليتها الجراحية، كي لا يتأخر المعرض عن موعده.
طعام تراثي من إنتاج جمعية طوباس الخيرية
استدامة
تقول: قدم التشيك لنا دعماً لفترة قصيرة، من خلال التدريب المهني، وأردنا أن نحقق للمشروع استمرارية، وأن نعرض للجمهور إبداعات جديدة، ومعظمها من تراثنا، ولكن بأسلوب جديد، فقدمنا العديد من الأفكار الجديدة، والتي لفتت أنظار الزائرين، وبخاصة الأثاث الخشبي المضاف إليه أعمال تطريز يدوية.
وترى المحامية غادة شديد، التي تواكب أعمال المتدربات وتشرف عليهن، أن التطريز يعكس خصوصية الفلسطيني وعلاقته بأرضه، فهو ليس مجرد أعمال يدوية أو مطرزات وألوان وقماش، لكنه ثقافة وتقاليد.
تضيف: ومع هذا، أدخلنا التطريز إلى أعمال أخرى، فقدمناه مع الأثاث، ووضعناه على الملابس الجاهزة، وطرزنا أزياء الأطفال حديثي الولادة به. ورغم تكرار الأشغال اليدوية، إلا أننا حرصنا على تشجيع الناس على العودة للتراث، واقتناء مشغولات يدوية.
مشغولات يدوية وتراثية جميلة من إنتاج جمعية طوباس الخيرية
كساد
غير أن مشغولات النساء، وبالرغم من الشكل الجديد واللافت، لم تستطع أن تلقى رواجاً في التسويق، إذ يعتقد أحمد عبد الكريم، الطالب الجامعي والزائر للمعرض، أن الأسعار لا تتناسب ودخل المواطن في بلادنا.
لكن دراغمة وشديد تؤكدان أن من يشتري قطعة تراثية، عليه أن يدرك أولاً أن النساء اللواتي صنعنها لسن آلات تُدار بالمحروقات، فقد أعطين وقتاً طويلاً، وسهرن الليالي حتى أنهينها، وبفعل عملهن الدقيق، سيكنّ عرضة للتعب والمشاكل الصحية.
وتفتش النساء المنتسبات لجمعية طوباس الخيرية، التي تأسست قبل النكسة، عن سوق خارجي، يستوعب إبداعاتهن، ويمنحهن فرصة للانطلاق، وتحقيق عائد اقتصادي معقول يوازي الجهد الذي بذلنه.
تقول الناشطة في الجمعية رويدة أبو سعيد: صرنا نتعامل مع النحل، ولدينا 60 خلية في سهول الفارعة وطوباس، نعتني بها، ونعالج أمراضها، ونجمع عسلها، ونسوقه، ولا نستمع إلى حديث الناس، الذي يضعون العصي في دواليبنا. المهم أننا نثق بقدرتنا على العطاء، عدا أن كثيراً منا، تشارك زوجها في تكاليف الحياة وسط الغلاء الفاحش.
التحقت رويدة ورفيقاتها في دورات تدريبية سبقت تنفيذ المشروع، وكانت أولى تعاليم المدرب، إن من يخاف النحل سيتعرض للدغ كثيراً، لكن النساء وبعد أن أجدن فنون التعامل مع النحل، ومعالجة مشاكله وأمراضه، لم يجدن حرجاً من ارتداء لباس خاص يغطي الجسم كله والوجه، لطالما ظل مرتبطاً بالرجال.
وتؤكد دراغمة أن انحباس الأمطار، وتراجع الأزهار أثر سلباً على إنتاج العسل، فمن المفترض أن تنتج الخلايا الموجودة الآن، قرابة 400 كيلو غرام، لكننا لم نجمع سوى 140 كيلو فقط، وإن استمر الحال على هذا النحو، سيتراجع الإنتاج أكثر فأكثر.
تقول الناشطة أمل سمير: من يبحث عن النجاح، عليه أن يتوقع المصاعب، وأعتقد أن النساء سينجزن الكثير، وسيعرّفن من خلال أفكارهن العصرية الجيل الجديد بالتراث، وبضرورة دخول أسواق تفرض الصورة النمطية حصاراً عليها لصالح الرجال، وتحاط غالباً بانتقادات وتعليقات ساخرة، تقلل من دور المرأة وقدرتها.
طبق شعبي من إنتاج جمعية طوباس الخيرية
أطباق شعبية
تقول علا عادل، وهي طالبة في الثانوية العامة: هذه من المرات القليلة التي أتذوق فيها حلوى" المفروكة"، وطبق "السليقة"، وأظن أن جيلنا الحالي يبتعد كل يوم مسافة طويلة عن تراثه وأصوله، وإذا ما استمر الحال على هذا الشكل، فإننا سنجهل كل شيء من أدواتنا التراثية، وأطباقنا الشعبية.
aabdkh@yahoo.com
مطرزات يدوية من إنتاج جمعية طوباس الخيرية تعبر عن استمرارية الالتصاق بالثقافة والتراث الفلسطيني