بشكل عام، يتم التخلص النهائي من النفايات الطبية بالضفة الغربية في مكبات النفايات العادية. وبالرغم من أن نسبة النفايات الخطرة هي الأقل من إجمالي نفايات الرعاية الصحية، الإ أنها تشكل خطرا كبيرا على الفرد والمجتمع أثناء انتاجها أو حملها أو نقلها أو التخلص منها. هناك مناطق أولية مخصصة للتخلص من النفايات الطبية في الخليل وبيت لحم ورام الله، بينما في نابلس يتم التخلص منها في مكب زهرة الفنجان المخصص لكل النفايات وليس فقط للنفايات الطبية. يوجد خلل حقيقي في إدارة النفايات الطبية الصلبة، لذا يجب حث متخذي القرار على اتخاذ إجراءات حقيقية لتطوير عمليات التخلص السليم منها.
|
خاص بآفاق البيئة والتنمية
 |
فوضى النفايات العشوائية في مكب زهرة الفنجان بمنطقة جنين |
النفايات الطبية في مشافي الضفة الغربية وقطاع غزة وإدارتها تعد من أبرز التحديات التي تواجه النظام الصحي الفلسطيني، وتسبب هذه النفايات بأنواعها أخطاراً تهدد البيئة والصحة، ولذلك من المهم رصد أهم المخاطر للمساعدة في بحث الإجراءات اللازمة للحدِّ من مخاطرها.
الباحثة الفلسطينية د. كفاية أبو الهدى أشارت في مقابلة مع مجلة "آفاق البيئة والتنمية" إلى دراسة أعدتها ضمن مؤتمر أخير في تركيا حول النفايات الطبية وإدارتها في مشافي مدينة نابلس، وذلك للتركيز على أهمية الإدارة السليمة للنفايات الطبية والتي تعمل على حماية جميع العاملين في المستشفيات والمرضى والزائرين، وذلك من خلال إتباع نظام للتخلص المناسب من النفايات، وإتباع معالجة صديقة بالبيئة كالأوتوكليف.
وكالة حماية البيئة الأمريكية تعرّف النفايات الطبية بأنها المخلفات التي تنتج عن مؤسسات العلاج الطبية، من المستشفيات والمختبرات الطبية، ومراكز أو وحدات إجراء التجارب على الحيوانات، والعيادات الصحية.
وحسب الباحثة أبو الهدى فإن النفايات الصادرة عن المستشفيات ليست كلها خطرة، فهناك نفايات طبية تحمل خصائص النفايات المنزلية مثل النفايات الناتجة عن المطبخ والأقسام الإدارية مثل الورق والكرتون، وهي تشكل الغالبية العظمى من النفايات ونسبتها نحو 85%، أما النفايات الطبية الخطرة فتشكل في مجملها 15%، وتتألف من النفايات المعدية ونسبتها 10%، و 5% من غير المعدية، منها النفايات الباثولوجية، النفايات الدوائية، العبوات المضغوطة، النفايات الحادة، النفايات الكيماوية، نفايات المواد المشعة.
كما تصدر النفايات الطبية من مستشفيات مدينة نابلس من غرف قسم الجراحة، وقسم العمليات، العيادات الخارجية، أجنحة مبيت المرضى، قسم الاسعاف والطوارىء، خدمات الأغذية، قسم العناية المركزة، وحدات أخرى.
وتظهر في الخارطة التالية توزيع أحياء مدينة نابلس ومستشفياتها السبعة.

ويتم التخلص النهائي من النفايات الطبية في مكبات النفايات العادية. وبالرغم من أن نسبة النفايات الخطرة هي الأقل من إجمالي نفايات الرعاية الصحية، الإ أنها تشكل خطرا كبيرا على الفرد والمجتمع أثناء انتاجها أو حملها أو نقلها أو التخلص منها.
وهذا ما أكده "زاهر البحش" مدير الخدمات الطبية المساندة في المستشفى الوطني للمجلة، والذي يشير الى أن الحلقة الأخيرة للتخلص من النفايات الطبية مفقودة، فالتخلص منها يكون في مكب زهرة الفنجان الذي يتم وضع كل النفايات فيه مع بعضها البعض دون فصل.
ويضيف البحش "تابعنا الموضوع على مدار سنتين، ووصلنا لمرحلة فصل النفايات الطبية وتجميعها ولكن الفشل كان في التخلص منها بشكل نهائي".

نفايات طبية تختلط مع النفايات العادية في مختلف أنحاء الضفة الغربية
أنواع النفايات الطبية
وتتكون النفايات الطبية الصادرة عن المستشفيات من المخلفات البلاستيكية، من أكياس المحاليل الوريدية، سوائل الجسم، الكانيولا، السرنجات، الإبر، القطن، الشاش، النفايات المعدية الصادرة عن المختبر من سوائل المختبرات، أنابيب المختبر، صحون الزراعة الجرثومية، الأدوات الحادة مثل الشفرات، السكاكين، الزجاج، سوائل جسم المريض، النفايات الباثولوجية، الأدوية الغير مستخدمة أو المنتهية صلاحيتها، أعضاء الجسم المبتورة، وتختلف كمية هذه النفايات من مستشفى لآخر.
وترتبط كمية المخلفات الطبية الناتجة عن المستشفيات في مدينة نابلس بطبيعة الأمراض، وعدد المراجعين داخل المستشفيات والمراكز الصحية، بالإضافة إلى الظروف السياسية والأمنية، ويزداد عدد المرضى والمراجعين في الانتفاضات والاضطرابات السياسية في المنطقة، وبالتالي تزداد كمية النفايات الطبية الناتجة عنهم، كما تعتمد على مدى الخدمة الطبية في المستشفى، ودرجة العناية الصحية وحجم المستشفى، وعلى اقتصاد الدولة، ودخلها المالي.
ويتم حساب معدل النفايات الطبية في المشافي من خلال معادلة عناصرها للكميات الناتجة عن وزن أو حجم النفايات، كغم للمريض/اليوم/ للسرير.
ويبين الجدول التالي (1) كمية النفايات الطبية في مستشفيات مدينة نابلس، وذلك حسب سعة حاوية النفايات الطبية الخطرة المفصولة عن النفايات العادية سعة 4 م 3 و10 م 3، والذي أعدته الدكتورة أبو الهدى.
جدول (1): كمية النفايات الطبية في مستشفيات مدينة نابلس حسب سعة حاوية النفايات الطبية الخطرة
|
عام 2016
|
عام 2017
|
التاريخ/
المستشفى
|
المستشفيات التي
سعة الحاوية الطبية فيها
4 كوب/طن
|
مستشفى النجاح التعليمي سعة
الحاوية الطبية
10 كوب / طن
|
الإجمالي
بالطن
|
6 مستشفيات
سعة الحاوية
4 كوب/ طن
|
مستشفى النجاح التعليمي سعة
الحاوية الطبية
10 كوب / طن
|
الإجمالي
الطن/ العام
|
شهر 1
|
44.135
|
30.800
|
74.94
|
45.000
|
31.500
|
76.5
|
شهر 2
|
38.700
|
31.000
|
69.7
|
39.170
|
29.210
|
68.38
|
شهر 3
|
31.297
|
31.190
|
62.49
|
33.120
|
32.550
|
65.67
|
شهر 4
|
37.500
|
32.200
|
69.7
|
37.155
|
33.120
|
70.28
|
شهر 5
|
35.450
|
33.400
|
68.85
|
36.000
|
34.800
|
70.8
|
شهر 6
|
30.370
|
38.400
|
68.77
|
32.100
|
40.105
|
72.21
|
شهر 7
|
33.090
|
38.950
|
72.04
|
34.180
|
41.200
|
75.38
|
شهر 8
|
29.707
|
39.500
|
69.21
|
30.410
|
42.650
|
73.06
|
شهر 9
|
31.852
|
41.500
|
73.35
|
32.280
|
42.910
|
75.19
|
شهر 10
|
33.911
|
42.710
|
76.62
|
34.320
|
43.220
|
77.54
|
شهر 11
|
32.792
|
38.150
|
70.94
|
33.150
|
41.120
|
74.27
|
شهر 12
|
35.172
|
38.000
|
73.17
|
36.333
|
41.000
|
77.33
|
المجموع
|
413.979
|
435.8
|
849.8
|
386.885
|
412.385
|
876.6
|
الجدول التالي (2) يبين كمية ونسبة النفايات الناتجة حسب الأقسام، علما أن فرز النفايات يتم حسب لون الأكياس.
الجدول (2): كمية ونسبة النفايات الناتجة عن أقسام المستشفى التخصصي العربي في مدينة نابلس ليوم واحد.
القسم
|
وزن النفايات
كغم/اليوم
|
كمية النفايات شهريا
كغم
|
نسبة حجم النفايات لكل قسم من أجمالي النفايات الطبية
الصادرة عن المستشفى %
|
الطوارىء
|
11
|
330
|
4.182
|
المختبر
|
9
|
270
|
3.422
|
قسم الرجال
|
19
|
570
|
7.224
|
العناية المكثفة ICU
|
32
|
960
|
12.167
|
قسم النساء
|
16
|
480
|
6.083
|
الحاضنة
|
56
|
1680
|
21.292
|
القلب والقسطرة
|
72
|
2160
|
27.376
|
الولادة
|
36
|
1080
|
13.688
|
العمليات
|
12
|
360
|
4.562
|
المجموع
|
263
|
78901
|
100%
|
المصدر:الجدول من حساب الباحثة كفاية أبو الهدى
خلل في الفصل
وتوصلت أبو الهدى في بحثها لوجود خلل حقيقي في إدارة النفايات الطبية الصلبة، لذا يتوجب ضرورة حث متخذي القرار على اتخاذ إجراءات حقيقية لتطوير عمليات التخلص السليم منها.
كما اكتشفت أنه لا يوجد فرز للنفايات الطبية في قسم الطوارى، وذلك بسبب الحالات الطارئة الإسعافية السريعة التي تصل للمستشفى، وتصل نسبة الفرز إلى 60% تقريبا. أما قسم العلميات في مختلف المستشفيات فتصل نسبة الفصل تقريبا من 80 -90%.
بينما يرى البحش ان الفصل للنفايات يتم على الأصول، وقد تصل نسبة الفصل الفني الى 80% في المشافي الخاصة والحكومية، قائلا "نحن مصرون على الفصل، ونقوم بفصل النفايات الطبية في المشافي الخاصة والحكومية قدر الامكان، وبعد الفصل يتم وضعها مع النفايات الطبية والعادية، لدرجة ان بعض الاطفال او الكبار يتوجهون للمكب ويقومون باستخدام بعض الادوات والاوعية الطبية لأغراض اخرى دون معرفة خطورة ذلك، كأن يستخدموها لوضع التين أو ثمار أخرى فيها لبيعها في السوق، وغيرها من الاستخدامات لحفظ الطعام او غيره.".
وينفي الدكتور حسام الجوهري، مدير لجنة التخلص من النفايات الطبية في محافظة نابلس، وجود فصل تام للنفايات الطبية في مشافي نابلس، وذلك ظهر جليا للمراجعين، حيث يتم وضع كافة النفايات في الحاويات دون فصل، ونسبة الفصل قليلة وغير شاملة لكافة المشافي والمراكز الصحية في نابلس. كما أن السلة المستخدمة في معالجة النفايات الطبية الخطرة هي بالاتوكليف. مع الاشارة الى عدم وجود مكب خاص بالنفايات الخطرة تحديدا في الضفة الغربية.
واستخلصت الباحثة وجود العديد من الثغرات في إدارة النفايات الطبية في مرحلة النقل والتخلص والمعالجة، حيث تبين أن المشكلة في إدارة النفايات الطبية تكون موجودة في مرحلة النقل لمكبات النفايات والمعالجة والتخلص النهائي خاصةً، حيث لا توجد وسائل نقل خاصة تقوم بنقل النفايات الطبية إلى مكب النفايات حسب المعايير المطلوبة والتي حددتها منظمة الصحة العالمية WHO، وانما يتم استخدام وسائل نقل نفايات مشتركة بين النفايات الخطرة والنفايات الصلبة.
اضافة الى ذلك فإنه لا يوجد مكبات خاصة للتخلص من النفايات الطبية الخطرة، ويتم التعامل معها على انها نفايات عاديّة كالنفايات الصلبة المنزلية في مكب زهرة الفنجان الصحي في محافظة جنين، ولكن اتفاقيات أوسلو مع اسرائيل تنص على أنه يحق للفلسطينيين معالجة النفايات الخطرة في مكب النفايات الإسرائيلي في النقب "رمات حوفيف"، لكن تكلفة النقل والمعالجة مرتفعة ما يترتب عليه عدم معالجة النفايات الا عن طريق التقييم الحراري والبخار بواسطة الاتوكليف في المستشفيات، وبخاصة في قسم المختبرات.
الجوهري من جهته، يقول أن التجربة المطلوبة بإيجاد مكب أو فرن خاص للنفايات الطبية في نابلس جاء تأثراً بمستشفى الملك عبد الله في اربد، حيث تم الاستعانة بنموذج قريب للوضع الفلسطيني، ولم يذهب المختصون لتجارب دول كبرى كفرنسا او بريطانيا، انما بلد قريب، وهي نموذج وتجربة يحتذى بها في التعامل مع النفايات الطبية والتخلص منها في تجمع خاص بها.
وأَشار الجوهري لوجود تجارب فلسطينية في الضفة الغربية على مستوى محلي في بعض المحافظات ولم تعمم، فهناك قرار منذ سنة 2013 مصادق عليه من الرئيس محمود عباس ومن الدكتور سلام فياض وتم نشره في جريدة الوقائع الرسمية ولكنه لم يطبق.
وبالنسبة للتجمع الخاص بالنفايات الطبية والمطلوب تنفيذه في محافظة نابلس، فالفكرة يمكن أن تطبق على مستوى عام أو لكل منطقة على حدا حسب الجوهري.
الحلقة النهائية مفقودة
ويشير الجوهري الى أن هناك مناطق مخصصة للتخلص من النفايات الطبية في الخليل وبيت لحم ورام الله، بينما في نابلس يتم التخلص منها في مكب زهرة الفنجان المخصص لكل النفايات وليس فقط للنفايات الطبية.
ويقول أن مدينة نابلس عام 1989 قامت بعمل فرن خاص للتخلص من النفايات الطبية حرقا، وكانت اول مدينة تقوم بذلك، لكن في الانتفاضة الأولى قضي عليه أو دمر، والمدينة اليوم تفتقر لآلية صحية للتخلص من النفايات الطبية.
كما يوضّح الجوهري أن موضوع الفصل عبارة عن جزئين، الأهم هو جزءٌ يخص التعامل مع النفايات الطبية داخل المؤسسات الصحية، كيف يتم اختيارها وفرزها وتبكيتها وتخزينها، ومن ثم إخراجها من المؤسسات، وهي خمس خطوات هامة، ومن ثم التخلص النهائي منها في محرقة خاصة.
ويقول الجوهري ان الفصل لا يتم كما يجب، فسيارة البلديات الخاصة تأخذها وتلقي بها في المكب العام، دون ان تكون مصنفة بشكل كلي وتام.
العام الماضي كان هناك مشروع لمنظمة الصحة العالمية كما اخبرنا البحش، والذي أكد ان الوصول الى اتفاق لعمل محرقة شبيهة برام الله ونابلس وبعض المناطق كان قريباً جدا، لكن تم التوقف عند حد معين، ووصلوا بالنهاية لنتيجة الوعد بتخصيص ميزانية لتنفيذ المشروع الذي نوقش وبُحث باشتراك كافة الجهات ذات الاختصاص.
ويضيف البحش "كان هناك تشجيع كبير لعمل المشروع، عملنا بجهد على عمليات الفصل وقمنا بتوزين النفايات الطبية في المؤسسات والمستوصفات والمختبرات الطبية، ألزمنا الجميع بالفصل وعملنا بنشاط على ذلك، لكن توقفنا عند مرحلة معينة ولم نأكل العنب بالنهاية."
حلول مقترحة
وترى الدكتورة ابو الهدى ان هناك ضرورة لانشاء نظام إدارة منفصل للنفايات الطبية الخطرة عن النفايات الصلبة العادية، في جميع مراحل الجمع والنقل والمعالجة. مع أهمية إنشاء مكب مشترك للنفايات الخطرة بين الدول المجاورة الأردن والسلطة الفلسطينية ومصر بحكم الجوار مع هذه الدول.
ودعت أبو الهدى لإقامة مشاريع نموذجية لإعادة تدوير النفايات الطبية، لذا يتوجب جرد كامل لكمية النفايات الطبية الناتجة عن جميع المستشفيات والمراكز الصحية الثانوية لحصر الكميات الناتجة عنها.
بينما أوصى البحش بضرورة إنشاء محرقة صديقة للبيئة، لأن المراكز والمؤسسات الصحية تكثر والحاجة تتطلب ذلك. مشيرا إلى أنه قد تم التوصل العام الماضي لشبه قانون لإلزام المؤسسات الصحية بالترخيص بفصل النفايات الطبية والتخلص منها بشكل صحيح، لكنه لم يطبّق.