هافانا/خاص: تخوض كوبا نقاشا حول دستور جديد يسمح للأفراد "بتحقيق الثراء في إطار اقتصاد اشتراكي"، من خلال التخلي عن هدف إقامة "المجتمع الشيوعي"، ويمهد الطريق أمام حقوق جديدة يستفيد منها المواطنون.
وفي تموز الماضي بدأت الجمعية الوطنية (البرلمان) مناقشة مشروع قانون أساسي جديد، طرح للتصويت في ذات الشهر، قبل طرحه لاستفتاء وطني.
وتساءل اوميرو أكوستا، سكرتير مجلس الوزراء، لدى شرح التغييرات المقترحة "هل تغير النموذج الاشتراكي الكوبي؟ لم يتغير في المبدأ. المبادئ الاساسية لاشتراكيتنا ما زالت قائمة… لم يتم المس بدور الحزب الشيوعي واقتصاد الدولة والملكية الاشتراكية. لكن، نعم، يتعين القيام بعملية تحول".
وينص دستور 1976 الذي سيتم تعديل مادته الخامسة، على أن يقوم الحزب الشيوعي الكوبي، الحزب الواحد، بـ"تنظيم الجهود المشتركة وتوجيهها نحو الأهداف البارزة لبناء الاشتراكية والسير نحو المجتمع الشيوعي".
وفي الدستور الجديد، ستزول الإشارة إلى "المجتمع الشيوعي".
وأضاف أكوستا، الذي كان جالسا إلى جانب الرئيس الكوبي ميغيل دياز-كانيل، على منصة الرئاسة خلال النقاش "من المؤكد انه يتعين علينا القيام بتعديلات. وهذه هي نتيجة هذا المشروع، لأن المجتمع قد تغير، والاقتصاد قد تغير، ويجب ان ينعكس ذلك في الدستور".
وفي القاعة، كان الرئيس السابق راوول كاسترو يشارك في الجلسة كأحد اعضاء الجمعية الوطنية، وبصفته الأمين العام الأول للحزب الشيوعي الكوبي، يتقاسم مع ميغيل دياز-كانيل، رئاسة لجنة الإصلاح الدستوري.
ويعترف القانون الكوبي بالسوق، والملكية الخاصة والاستثمارات الأجنبية باعتبارها جزءا من النظام الاقتصادي منذ نحو عشر سنوات.
وقال ارتورو لوبيز-ليفي، الأستاذ في الجامعة الأمريكية في تكساس-ريو غراندي فالي، أن "الاعتراف بالملكية الخاصة انفتاح على الاستثمارات الأجنبية، لكنه في الأساس انفتاح أيديولوجي داخلي. وهذا يعني النظر إلى الاقتصاد الكوبي باعتباره اقتصادا مختلطا ينطوي على إمكانات التداخل بين مختلف القطاعات والقطاع الخاص".
وتحدد الإصلاحات الاقتصادية، التي بدأها في 2008 راوول كاسترو، هدفا يقضي بالتوصل إلى نموذج بلد "مستقل، يتمتع بالسيادة، واشتراكي وديموقراطي ومزدهر ودائم". وفي الوقت الراهن، يعمل في القطاع الكوبي الخاص نحو 591 ألف شخص ينتجون 13% من إجمالي الناتج الداخلي الإجمالي.
وقال كوستا "لا يمكننا تجاهل الدور الذي يضطلع به السوق… فالملكية، باعتبارها نتيجة تعديلات النموذج الاقتصادي والاجتماعي الذي نعتمده، موجودة"، مشيرا إلى ان ذلك يمكن ان يمهد الطريق امام الاعتراف الرسمي بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ومن دون التخلي عن "القدرة التنظيمية بقيادة الدولة واشرافها"، كما قال. وأكد أن هذا الاستثمار سيفتح الطريق لجيل الثروة، مضيفا "لا يجب الحد من الثروة المرتبطة بالازدهار، إنما تركيز الثروة".
وقال أيضا ان القوانين الجديدة لن تتيح للمواطنين الحصول إلا على رخصة واحدة لممارسة التجارة.
وفيما يتعلق بهيكلة مؤسسات الدولة، سيحدد الدستور الجديد وظيفة رئيس الجمهورية -خلافا لرئيس مجلس الدولة الحالي والوزراء- ويحدد وظيفة رئيس الوزراء.
وستُحدد أعمار المرشحين إلى الرئاسة بستين عاما، لولاية مدتها خمس سنوات، مع إمكانية الترشح لولاية ثانية. وقد تخلى فيدل وراوول كاسترو عن الحكم وهما في الثمانينيات في حين تولى خلفها الحالي الحكم وهو في سن الثامنة والخمسين.
واعتبر لوبيز-ليفي أنه "في إطار اليسار الأمريكي-اللاتيني، ستكون هناك تداعيات لتحديد الولاية الرئاسية، لأنه عندما يختار قادة متطرفون في نيكاراغوا وفنزويلا أو في بوليفيا إعادة انتخابهم إلى أجل غير مسمى، وفي الصين، عندما يسعى الرئيس شي جينبينغ أيضا إلى البقاء في الحكم إلى الأبد، ستبدو كوبا على نقيض مع هذا الاتجاه".