يتم إنتاج العلف الأخضر في حقول القمح والبرسيم الممتدة بمحطة التجارب الزراعية بمركز بيت قاد التابع لوزارة الزراعة الفلسطينية. ويستند إنتاج هذا العلف على استخدام متبقيات المحاصيل والمخلفات الزراعية، كالقمح والشعير والذرة، وأغصان الأشجار وسعف النخيل.
|
خاص بآفاق البيئة والتنمية
|
إنتاج البالات الخضراء في حقول مركز بيت قاد التابع لوزارة الزراعة الفلسطينية |
شق جرارٌ زراعي قاده المدير التنفيذي لشركة نقب للمعدات الزراعية، إبراهيم دعابس طريقه في حقول القمح والبرسيم الممتدة بمحطة التجارب الزراعية بمركز بيت قاد، التابع لوزارة الزراعة، وراح يجمع المحصول الأخضر في حزم دائرية، تربطها آلة بخيوط نباتية.
وقال وهو يعتلي الجرار: "ننتج العلف الأخضر، وبهذه الطريقة نختصر الوقت والجهد، ونوفّر على المزارعين الكثير من المال، والأهم نحصل في النهاية على علف غني بالبروتين والطاقة. وفي السابق، كان إنتاج العلف الأخضر أو ما يعرف بالسيلاج يحتاج لعبور مراحل عديدة كالقص، والضغط في أوعية خاصة، ثم التغليف، أما اليوم فالمراحل كلها تتم بخطوة واحدة".
وأضاف دعابس: في الساعة الواحدة يمكن إنتاج 60 بالة خضراء، تذهب سريعًا إلى التغليف للاحتفاظ بجودتها، وتوفير بيئة مناسبة من التخمر اللاهوائي.
قريبًا من إبراهيم يُسارع شابان في جمع المحصول، وينقلانه خلال تجربة أطلقها مركز البحوث الوطني التابع لوزارة الزراعة، إلى مكان مجاور، لتنهمك أيدي عمال وفنيين في تغليف حزم العلف الأخضر.
بالات العلف الخضراء المغلفة للاحتفاظ بجودتها
اكتفاء
وقال مدير عام مركز البحوث د.زياد فضة إن الأعلاف الخضراء ستحقق دعماً لمربي الثروة الحيوانية، وسنتوقف عن الاستيراد لنصف الأعلاف التي تتطلبها المزارع، ما يعني عمليًا الاستغناء عن شراء 700-800 طن من الأعلاف العادية من داخل الخط الأخضر بمبالغ أكبر.
وأفاد مدير دائرة الدراسات الاقتصادية والاجتماعية بالمركز أحمد ربايعة بأن العلف الأخضر يستند على استخدام متبقيات المحاصيل والمخلفات الزراعية، كالقمح والشعير والذرة، وأغصان الأشجار وسعف النخيل، شرط توفير رطوبة مناسبة فيه لا تزيد عن 65%، لإكمال عمل البكتيريا اللاهوائية.
وتابع: "هذا النوع من العلف مجدٍ اقتصاديًا، وإذا لم ينتج بطريقة صحيحة قد يتحول إلى سموم، بفعل سرعة تعفن مكوناته".
تغليف البالات الخضراء في مركز بيت قاد التابع لوزراة الزراعة الفلسطينية
تجارب
ووفق ربايعة، فإن وزارة الزراعة أطلقت منذ عام 2013 ثماني محطات لإنتاج السيلاج، بهدف تقليل كلفة إنتاج الأعلاف، وتقليص استيرادها من داخل الخط الأخضر.
وقال: يمكن تقليص الفارق في إنتاج الطن الواحد إلى نحو ألف شيقل، وتأمين علف غني بالعناصر الأساسية، ومساعدة مربي الثروة الحيوانية، وخاصة أن الأعلاف تأخذ 70% من تكلفة العناية بالثروة الحيوانية.
وأضاف: "نفذنا دراسات حول الحجم المتوقع للأعلاف الخضراء، وتوصلنا إلى أنه بالإمكان إنتاج مليون و700 ألف طن والاحتفاظ بها لسنتين بعد تغليفها".
وبحسب أرقام وزارة الزراعة، فإن السوق المحلي يتطلب مليون وربع المليون طن كل عام من الأعلاف للثروة الحيوانية، وتصل تكلفة الطن قرابة 1500 شيقل، ويعتمد السعر على الموسم المطري، وكثافة القش.
جرار زراعي في حقول القمح والبرسيم بمركز بيت قاد التابع لوزارة الزراعة الفلسطينية يجمع العلف الأخضر
بيئة
والكلام لربايعة، فإن إنتاج السيلاج يساهم في نشر عادات بيئية سليمة في صفوف المزارعين، ويخفف من ممارسات حرق بقايا المحاصيل، ويحد من انتشار الآفات عن طريق المخلفات المُصابة.
وقال رئيس جمعية المُصفّى الزراعية في الجفتلك موسى مواهرة إن العمل على الأعلاف الخضراء في جمعيته بدأ قبل أربع سنوات، وكان في السابق يعتمد على الأيدي العاملة اليدوية، ويمر بمراحل الحصد، والفرم، والضغط، والنقل، لكن الآلات توفر 40% تقريباً من التكلفة.
وأضاف: "تختصر الآلات مرحلتين من العمل، وأصبحنا لا نحتاج إلى البراميل، التي كان الطن الواحد من العلف يحتاج إلى 7 منها".
وقال مستشار تطوير الأسواق يونس يامين: "قدمنا مشاهدة حقلية لمزارعين، ونسقنا مع شركة للمعدات الزراعية لاستيراد معدات من الصين، طورها مهندسون محليون، وأصبحنا نمتلك نوعين منها، الأولى تقوم على نظام الحركة الدائرية وتجمع الأعلاف في "بالات" كبيرة بعد نقلها من الحقل وتقطيعها، أما النظام الثاني فيقص المحصول مباشرة، ثم يُنقل من المزرعة للتغليف والتخزين".
وتابع: "يمكن تخزين الأعلاف الخضراء بعناصر غذائية وفيرة لمدة تصل إلى عام، ويحتاج إنتاج البالة الواحدة في الآلات المتحركة إلى دقيقة فقط".
نقل البالات الخضراء للتغليف
تطويّر
وبحسب يامين، فإن التقنيات المتوفرة لإنتاج السيلاج صينية تقليدية وتركية وصينية مطوّرة، وقد أضاف مهندسون محليون تحسينات إلى النموذج الصيني، وسيتم دعم المزارعين الذي يمتلكون توجهات لإنتاج الأعلاف الخضراء.
وأفاد مدير دائرة جودة الثروة الحيوانية بمركز البحوث د. إياد بدران أن الأعلاف الخضراء غنية بالبروتين والطاقة، ففي القمح والشعير والذرة ما نسبته 8-12% من البروتين، ويمكن تصنيع الأعلاف الخضراء إذا توفرت رطوبة مناسبة، وهي مصدر غذائي هام للثروة الحيوانية، وغير مكلف اقتصاديًا.
ومضى بدران: نبدأ بتقطيع المحصول، ثم يمر بمرحلة تخمر لاهوائي، تنتج مادة حمض اللاكتيك، الذي يمنع التعفن، ويحافظ على البروتين.
ويرى رئيس جمعية الأغوار الوسطى، سعيد اشتية بأن تقنية تصنيع العلف الأخضر الجديدة ستشجع مربي الثروة الحيوانية على اعتماد السيلاج لماشيتهم، مثلما ستقلل الوقت والجهد والتكلفة، وستنشر من استخدامه بين المزارعين.
وقال مدير محطة بيت قاد م.محمد عابد إنها المرة الأولى التي يُجري فيها تجربة إنتاج علف أخضر بطريقة آلية وسريعة، وقد تمت دعوة مزارعين وشركات وجمعيات مختصة بالثروة الحيوانية، والتعاونيات لتبني الفكرة، والاهتمام بهذا النوع من العلف.
aabdkh@yahoo.com