العدالة المناخية.... بين قرني المأزق والإذعان لحلول الوسط

في خضم طبيعة العلاقات التفاعلية والصراعية بين الدول، تأبى التغيرات المناخية إلا أن تعلمنا درساً قاسياً حول إحدى الحقائق الأساسية في حياة الإنسان، وهي أننا جميعاً نشترك في الكوكب نفسه.
ومهما تنوعت البقع التي يعيش فيها الناس، ومهما تنوعت معتقداتهم، فإنهم جميعاً يشكلون جزءاً من عالم يتسم بالاعتماد المتبادل بيئياً. فالتغيرات المناخية تلفت انتباهنا إلى الروابط البيئية التي توحدنا في مستقبل مشترك.... لأن أهم أسباب المشكلات البيئية تكمن في عدم إدراك الإنسان لطابع التكامل بين مكونات النظام البيئي، ومردُّ ذلك إلى الاتجاهات الثقافية التي سادت، والتي تعتقد أن الإنسان بإمكانه عن طريق العلم أن يهيمن على الكون وأن يشكله وفقا لغايات تتمثل في أن الطبيعة مراح مستباح للإنسان دون ضوابط.
إن النظرة السطحية التي تعتبر مكونات البيئة وحدات منعزلة غير مترابطة ترابطا حقيقيا هي التي حالت دون رؤية التفاعلات العميقة المتكاملة والدائمة بين الغلاف المائي والجيولوجي من اليابسة والحيوان والإنسان، وجعلتنا لا ندرك وحدة المحيط الحيوي.
وعلى رغم من تقدم العلم والصناعة منذ الثورة الصناعية الذي حسن بعض أوجه الحياة البشرية، إلا أنها كشفت عن محدودية أنماط التنمية الاقتصادية التقليدية، مما استوجب ضرورة إيجاد بدائل وذلك بتعزيز الفرص التي تتيحها التنمية المستدامة، وتطبيق أبعادها الأساسية المتداخلة، المتمثلة في التنمية الاقتصادية وحماية البيئة والتنمية الاجتماعية.
ومن هنا تبدو الحاجة ماسة، ليس إلى المقاربات السياسية والاقتصادية والمالية فقط، بل إلى المقاربة الأخلاقية أيضاً، وإذا كانت المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) تنص على أن لكل شخص حق الحياة والحرية والأمن الشخصي؛ فإن التقاعس واللامبالاة العالمية حيال خطر التغير المناخي، يمثل انتهاكاً لهذا الحق العالمي )مبدأ المساواة والعدالة بين الأجيال).
ومن منظور العدالة الاجتماعية التي تعتبر مقدمة فلسفية شمولية لجميع القيم والضوابط المجتمعية، صيغت آليات العدالة المناخية وللأسف الشديد لا توجد تعاريف مانعة وجامعة للمفهوم، إلا أنها تندرج ضمن العدالة البيئية (هذه الأخيرة تعني التوزيع العادل لمنافع التعاون الاجتماعي ومخاطره؛ وثانياً، إنقاص هذه المخاطر في علاقتها بأخلاق الجماعة)، أضف إلى هذا، أن موضوع العدالة المناخية تتجاذبه مقاربات عدة بحسب الإيديولوجيات والفاعلين والمنتفعين...مما زاد من صعوبة إتخاد قرار مناخي يرضي الأطراف، ففي كل عام يجتمع القادة السياسيون والمستشارون ووسائل الإعلام في العالم في مؤتمر آخر من مؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ (مؤتمر الدول الأطراف المعروف باسم (COP، على الرغم من ذلك تسمح الحكومات بارتفاع انبعاثات الكربون لترتفع وتتصاعد الأزمة. ونحن نعرف أن القادة السياسيين لن يوصلوا انخفاضات الانبعاثات للمستويات اللازمة لضمان البقاء لأن الشعار الخفي للسياسيين التمسك بالأيديولوجيات بدلاً من العلم، وقد يكون من الأسباب الرئيسية في فشل العديد من المؤتمرات المناخية؛ فالعلماء لا يستشارون إلا من أجل الحفاظ على الواقع البيئي أو إعادة إنتاجه بصيغ مختلفة، أما السياسي فلا يهمه التوصل إلى نتائج تتعلق بإنقاذ البشرية، بل مسعاه الوحيد هو تحقيق مكاسب آنية لفائدة فئات محدودة. وبما أن الأيديولوجية لها السبق على العلم، فمن الصعب الحديث عن تحقق العدالة المناخية.
والمخيف أكثر أن نفقد حقًا سيطرتنا على تغير المناخ، خاصة إذا اطلعنا على نتائج علم المناخ، الذي يصر على أن الإنسانية إذا رغبت في الحفاظ على كوكب مشابه لذلك الذي تطورت فيه الحضارة وتتأقلم فيه الحياة على الأرض، يجب تخفيض مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بشكل كبير.
ومستويات ثاني أكسيد الكربون الحالية البالغة 400 جزء في المليون يجب أن تنخفض إلى أقل من 350 جزء في المليون، وأيّ زيادة أخرى تهدد بالتسبب في الوصول إلى نقاط اللاعودة المناخية، مثل ذوبان الجليد الدائم أو انهيار غطاء غرينلاند الجليد. فعندما نصل إلى نقطة التحول، ستتسارع انبعاثات الكربون الناتجة عن كثرة إحراق الوقود الأحفوري... بل أكثر من هذا، أكد علماء البيئة والنظم الإيكولوجية أنه خلال هذا القرن سنرى زيادة في الأعاصير، وزيادة الأيام والليالي الحارة والباردة، وكل المظاهر الشاذة في الجو سوف تزداد حدتها ويزداد تكرار حدوثها؛ إذ لا يوجد بلد في العالم يمكن أن ينجو من هذا الوضع، وسوف تدفع الدول تكاليف باهظة لمواجهة أخطار هذه الظواهر.
ترى كيف لنا أن نواجه هذه التحديات وهذه المشاكل التي أجدها في الحقيقة وحّدت الإنسانية وجمعتهم حول طاولة مستديرة للنقاش والجدال وتبادل أصابع الاتهام، حول المسؤول عن هذا الوضع الكارثي.
يجب أن نكون على علم أن التشاؤم لا يؤدي إلى شيء، والحلول التي اعتدنا على تقديمها على ما كنا نفعله دائما على أمل أن تختلف النتائج، لن تساعدنا على مواجهة واقعنا. لذلك أحب أن أستحضر هنا تعبير "ألبرت آينشتاين" حيث قال:{إن المشاكل الكبيرة التي تواجهنا لا يمكن حلها بمستوى التفكير نفسه الذي تسببنا من خلاله في نشأة هذه المشاكل}.
إن حل مشاكلنا الأكثر صعوبة يستلزم منا إحداث تغييرات جذرية في طريقة تفكيرنا، حيث أصبح يجب علينا أن نفكر بطريقة ثورية حتى يسهل علينا تجاوز العقبات التي يعتبرها الآخرون صعبة الاختراق، لكي نتمكن من التمييز بين مستقبل متجدد باستمرار، وبين مستقبل حتمي فيه تقلّ القدرة على حل المشاكل.
ضرورة الخروج عن نمطية التفكير للخروج من المأزق
إن تفكير غالبية البشر محصور في أحد الأسلوبين، فريق على حق ودوافعه نقية، بينما الفريق الآخر خاطئ ودوافعه أصفها أنها مشوبة في أفضل الحالات بالأنانية في التفكير. لذلك نجد نوعية تفكيرنا راسخ بقوة في أحد الاتجاهين وهو الفخ الثنائي الذي من السهل أن نقع فيه بسهولة، فهو من الأشياء التي تشعرنا بالضيق بأننا أمام بديلين كلاهما مرّ وهو ما كان قدماء الإغريق يطلقون عليه مصطلح بين قرني المأزق، فقد كان الأمر بالنسبة لهم أشبه بمواجهة ثور مهاجم فأيا كان القرن الذي تمسكه فسوف يخترقك القرن الثاني لا محالة.
وفي وسط المأزق تجد من يفكر بعقلية البديلين الذين يشعرون بعدم الأمان ويلقي البعض أيديهم فيستسلم في حين يقبض البعض على أحد قرني المأزق، ويهاجمون الجميع ظناً منهم أنهم على هوس الصواب، وفي الوقت نفسه ينزفون من الجرح، أما الآخرون فيختارون قرنا ليموتوا عليه لأنهم يشعرون أنه لا بد من ذلك، وبالتالي يغيب عن العقول إمكانية الخروج من المأزق ويفشلون عن إدراك أنهم يواجهون مأزقا غير حقيقي؛ لهذا فإن البشر لا يستطيعون تجاوز هذه النوعية من التفكير في العادة، ولا يستطيعون الوصول إلى حلول إبداعية ما لم يعترفوا بإمكانية التعاون، فهم لا يرون إلا المنافسة، وغالبا ما يفكرون بعقلية نحن في مقابل هم، كما لا يرون إلا المآزق غير الحقيقية، ويعانون نوعا من عمى الألوان....هذا النوع من العقلية هي سائدة وفي كل المجالات، مثلا نرها لدى الشخص المتزمت الذي يرفض العلم، ولدى العالم الذي لا يرى أية قيمة في الدين...فهم لا يرون غالبية الآخرين على أنهم بشر مثلهم بل لا يرون فيهم إلا إيديولوجياتهم، فهم لا يقدرون وجهات النظر المختلفة، ولا يقفون عند الاستماع فقط بل يهاجمون لأنهم يشعرون بعدم الأمان، حيث يعتبرون أن نطاق سيطرتهم وتصورهم لذواتهم وهويتهم معرضة للخطر، وفي النهاية فإن إستراتيجيتهم للتعامل مع الاختلافات هي البحث والتدمير...فالإبداع في مثل هذه البيئة لا يمكن أن يزدهر.
وهذا ما نعانيه حاليا ولم نستطع تجاوزه للخروج من أزمة التغيرات المناخية، فالنظريات المؤطرة للعدالة المناخية من منظور العدالة الاجتماعية يمكن حصرها في منظورين متناقضين: المنظور الليبرالي والمنظور التنموي، يتأسس المنظور الأول على مبادئ، منها: المسؤولية المشتركة، والاعتماد البيئي المتبادل، ومبادلة الديون بالاستثمار في الطبيعة. أما المنظور الثاني فيؤمن بالمسؤولية المشتركة لكن المتباينة للدول، وبالمسؤولية التاريخية للغرب من جهة؛ وأهمية استفادة الدول النامية من التكنولوجيا النظيفة، وحقها في التنمية الذاتية من جهة ثانية، مما يجعل القرار المناخي تتجاذبه عقلية التفكير بالبديلين ما يصعّب الوصول إلى التوافقات الدولية الممكنة، أضف إلى ذلك تعدد الفاعلين على المسرح الدولي ما يجعل قضية العدالة المناخية تراوح بين القبول والرفض أحياناً، واللامبالاة لتضارب المصالح وتناقضاتها الجذرية أحياناً أخرى...فإلى جانب الدول، برزت التنظيمات الدولية مختلفة كأطراف، تبدو، نقيضاً للمجتمع السياسي، لها أجندتها السياسية والأيديولوجية، لذلك تتقاسم القوة مع الدولة وفي هذا الإطار، لا بدّ من الإشارة إلى أن بعض الأدبيات حاولت تجاوز مفهوم "الفاعل" لفائدة مفهوم الاعتماد المتبادل لمختلف المكونات العابرة للقومية.
ذلك راجع لمفهوم العدالة المناخية بذاته الذي بدأ يتبلور بصفة تدريجية داخل المنظمات غير الحكومية، وخاصة في العالم الغربي، وقد حملت بعض المنظمات الاسم ذاته، كالعدالة المناخية الآن(Climate Justice Now) ومبادرة العدالة المناخية (Climate Justice Action)، والشبكة الدولية للعمل المناخي( CAN International)، ومؤسسة العدالة البيئية (Foundation Environnemental Justice)..... والقاسم المشترك بين كل ذلك، هو أن كل أعضاء المجتمع الدولي لهم حق إشباع حاجاتهم الفردية وأداء التزاماتهم المادية لإنقاذ كوكب الأرض من الدمار.
ولذا يُطرح تساؤل مشروع: هل ننتظر حصول التوافقات الدولية لردم الهوة بين المقاربات المتناقضة بغية إنقاذ العالم من تأثيرات الاحتباس الحراري، وبالتالي تفعيل مقاربات العدالة المناخية والتي يمكن تحديدها في تحمُّل التكاليف والأعباء البيئية بين مختلف الأجناس والأمم والأفراد والفئات والأقاليم المختلفة تبعاً لأماكن وجود البنيات التحتية الملوثة للبيئة، وأساليب مجابهة هذا التلوث.
أم نعمد إلى إيجاد حلول تنازلية مؤقتة غير قائمة على أساس قوي، والتي يجب رفضها وعدم الإذعان لها خاصة للذين يعانون الويلات مع الإحترار العالمي وتغير المناخ، كالجزر الصغيرة والأراضي المنخفضة والتي تعد أكثر المناطق هشاشة أمام البحار والمحيطات التي يرتفع مستواها، وتتقهقر الأراضي أمام هجمة المياه وتختفي ويتحول سكانها إلى لاجئي المناخ؛ فهناك 32 دولة جزيرية صغيرة يبلغ مجموع سكانها 63 مليون نسمة وتواجه أقسى مآسي تغير المناخ والكوارث الطبيعية، وبالتالي تواجه الحكومات وطأة تكاليف إضافية لبناء سدود بحرية وتدبير مساكن بديلة، بل ربما أوطان بديلة لسكان هذه المناطق... لهذا السبب، نواجه الكثير من الطرق المسدودة والمحبطة.
عدم الإذعان لحلول الوسط
في أي جدل كبير يوجد مكان وسط للناس لا ينتمون إلى أحد قطبي الجدل، وهؤلاء عادة ما يتم تجاهلهم من قبل المتطرفين في التفكير بأسلوب النقيضين؛ واعتقادهم مبنيٌ على فكرة "إننا لسنا متوافقين، ولسنا متناغمين، ليس هناك حل"، وأقصى ما يؤمنون به الحلول الوسطية والتنازلات، رغم امتياز هذه الحلول بالسمعة الجيدة؛ لأنها تساهم فعلا في منع تفاقم العديد من المشاكل، عن طريق التضحية أو الاستسلام أو الإذعان أو التنازل لكلا الطرفين من أجل التوصل إلى تسوية....وأغلب هؤلاء هم أولئك الذين يناضلون عاما بعد عام ولا يسهمون إلا بالقليل دون إضافة بصمة خاصة بهم، إنهم لاعبون جيدون ولكنهم ليسوا ممن يغيرون أسلوب اللعب، إنهم يوافقون ولا يستشارون أبدا، بل ينظر إليهم على أنهم قطع يمكن تغييرها....
هذا الأسلوب يسمى الموقف الذي يخسر كل أطرافه في مقابل الموقف الذي يفوز فيه كل أطرافه، ربما خرج الطرفان من الحل الوسط ولدى كل منهما شعور بالقبول، ولكنه لن يخرج منه أبدا بشعور بالسعادة، حيث تصبح العلاقة بينهما ضعيفة وغالبا ما تثور بينهما الخلافات من جديد.
ربما العالم النامي يزخر بطاقات هائلة وفريدة من نوعها، لكن المعضلة الأساسية هي عدم وضع التفكير الاستراتيجي في الحسبان في أثناء اتخاذ القرارات الصعبة، والاكتفاء فقط بالمقاربة المالية كمحدد وحيد لمجابهة التغيرات المناخية، فالمقاربة المالية وضعت الاقتصاد العالمي في موضع خطر، كما لا يجب الرضوخ لمسألة التكيف مع تغير المناخ الحاصل، لأن مليارات ستنفق على محاولة التكيف وبدون نتائج ملموسة..... أود أن أشير في هذا الإطار أن فكرة التكيف مع الوضع هي من الحلول التي نادت بها الأغلبية، ومن بينهم نجد العالم الانجليزي جيمس لفلوك صاحب كتاب "وجه غايا المتلاشي"،حيث يرى انه لا يمكن القضاء على الإحترار العالمي بالإمكانات الحالية، بل كل ما يمكننا فعله هو التقليل من تأثيره والتكيف للعيش في العالم الحار، فإصدارات غازات الدفيئة اقتربت من حدودها القصوى، والتقدم التقني ونمط المعيشة الاستهلاكي يجعلنا نصدر غازات أكثر، ومع أكثر من 7 مليارات من البشر وحيواناتهم الداجنة التي تصدر 23 بالمائة من ثاني أوكسيد الكربون، فإن الحلول الحالية من الهندسة الجيولوجية غير قادرة على خفض الإصدارات.
البحث عن توليفة لمستقبل متجدد باستمرار
لقد أصبح موضوع التغيرات المناخية والمشاكل البيئية تشغل اهتمام الجميع بغض النظر عن مواقعهم الوظيفية والاجتماعية. ذلك أننا كأفراد أصبحنا معنيين بمستقبل كوكبنا الأرضي في مناطق تواجدنا بشكل خاص، وفي العالم بشكل عام.
لهذا كان لا بد من إيجاد توليفة بين تحقيق النمو الاقتصادي المنشود دون تدمير البيئة بجميع نظمها، خاصة أن المختبرات العلمية توصلت إلى تأكيد أن النمو الاقتصادي وارتفاع المستوى المعيشي لا يحتّمان بالضرورة ارتفاعا مماثلا في استهلاك الطاقة الملوثة.
ولهذا لم يعد أمام للإنسان سوى العودة إلى الأيام الماضية السعيدة ليعيد اكتشاف كيف تمكنت الأجيال الماضية من العيش قرونا طويلة دون نفط ولا غاز ولا فحم، ومع ذلك استطاعت بناء دول وإمبراطوريات، إذ بنت صروحا هائلة من أهرامات الجيزة إلى كوليسيوم روما، ومن قنوات الري في أرض الرافدين والصين والهند وصولا إلى كاتدرائيات أوروبا وسور الصين الجبار، وغيرها من دون حاجة إلى مجارف آلية أو رافعات كهربائية..... وفي بحثه هذا، لم يجد الإنسان سوى التعلم من نواميس الطبيعة،لأن الطبيعة هي المعلم الأول للإنسان ويمكن تشبيهها بالمسرح السحري الذي يحكمه مبدأ الوفرة، فهو لا يعرف أي حدود طبقية أو تعليمية، لهذا ينبغي أن يزدهر التفكير وينمو فيه، ليصل إلى غابة من الأفكار التي لا تنتهي بانتهاء العمل، بل الوفرة يمكن أن تؤدي لاكتشاف حلول ما كنا نتوقعها.
وربما نسي الإنسان ما تعلمه من الطبيعة وأصبح يعتمد على الاختراعات في صورتها الحالية، إلا أن الباحثين عادوا في الآونة الأخيرة إلى الاهتمام بالطبيعة، إذ وجدوا فيها قدرات قد تفيدهم كثيراً في ابتكار تقنيات حديثة.
الـ"بيوميميتيك biomimetic" أو علم "محاكاة الطبيعة" أصبح في بؤرة اهتمام عدد كبير من العلماء اليوم، حيث يسعون من خلال هذه التقنية إلى فهم التركيبات الطبيعية لاستخدامها في تطبيقات مفيدة وحلول يمكن استثمارها لتحسين المخترعات الحالية. لكن فهم ما طورته وحسنته الطبيعة خلال ملايين السنين ليس بالأمر السهل، كما يؤكد البروفسور توماس شبيك، مدير حديقة النباتات بجامعة فرايبورج، والمتحدث عن شبكة المختصين في تقنية "بيوميمتيك" أو محاكاة الطبيعة، حيث أشادَ إلى أن "البيوميميتك ليس نقلاً كربونياً عن الطبيعة، ولكنه ابتكار جديد مستوحى من أمثلة طبيعية، فهو يمرُّ بعدة مراحل قبل أن يصل إلى المنتج النهائي."
التعاون ومحاولة خلق فكر إبداعي لتجاوز الصراعات وصولا لشيء جديد يثير كل الأطراف ويغير المستقبل، من المقومات الأساسية لتعزيز مفهوم ومحتوى العدالة المناخية عالمياً.......وقضايا بيئة أصبحت لها أبعاد علمية وتقنية تتطلب أولاً، تعزيز دور العلماء والخبراء لتعزيز فرص نجاح التفاوض العالمي؛ وثانياً، الاقتناع بأن إيجاد الحلول لا يقتصر على منطقة بعينها، بل يتطلب الأمر دعم كل المبادرات الهادفة إلى إيجاد مقاربات شمولية واندماجية تأخذ في عين الاعتبار الطابع العالمي للبعد البيئي، وتعدد الفاعلين وأدوارهم التفاوضية وصياغة الرؤية الجماعية الجديدة ضمن أجندة المفاوضات الكونية؛ وثالثاً، مدى قدرة الفاعلين على تحقيق المكاسب الكلية.