الصين رائدة في السوق العالمية للطاقة النظيفة

باريس / خاص: ارتفعت استثمارات الصين الخارجية في مشاريع الطاقة المتجددة العام الفائت بمعدل 60% إلى رقم قياسي قدره 32 مليار دولار، لتصبح رائدة في السوق العالمية للطاقة النظيفة، وفق تقرير نشره "معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي".
ووقعت الصين في عام 2016 (11) عقدا مع مؤسسات وشركات أجنبية، يزيد كل منها على مليار دولار. ويتوقع أن تسرع الوتيرة هذه السنة وفق المعهد الذي نشر تقريره في كانون ثاني الماضي.
ومؤخرا أعلنت الصين أنها ستستثمر 361 مليار دولار على الأقل في مشاريع الطاقة المتجددة بحلول 2020، بهدف الحد من استهلاكها الكثيف للفحم الذي يجعل منها قوة ملوثة. وفي تصريح نقلته وكالة أنباء الصين الجديدة، قال لي يانغزي، نائب رئيس إدارة الطاقة الوطنية، أن "الطاقة المتجددة ستكون ركيزة الانتقال البنيوي في مجال الطاقة بالنسبة للصين".
وتراوحت الاستثمارات الخارجية السنة الماضية بين مصانع بطاريات الليثيوم في استراليا وتشيلي، وشبكات توزيع الكهرباء في البرازيل وبناء محطة للطاقة الشمسية في فيتنام. وتملك الصين خمسة من اكبر ستة محطات للطاقة الشمسية في العالم وفق التقرير. وعلى المستوى الداخلي، بات ثاني اقتصاد في العالم يتفوق على الولايات المتحدة في مشاريع الطاقة المتجددة. واستثمرت الصين أكثر من 100 مليار دولار في مشاريع الطاقة المتجددة في الداخل، سواء لاستغلال طاقة الريح أو الشمس أو الطاقة المائية في 2015، في ما يعتبر ضعف الاستثمارات الأمريكية في المجالات ذاتها، وفق وكالة بلومبرغ المالية للطاقة الجديدة.
وقال تيم بكلي، مدير "معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي"الولايات المتحدة باتت تتراجع كثيرا عن الصين في السباق لضمان حصة اكبر في سوق الطاقة النظيفة المزدهر".
وأضاف في بيان "مع حديث الإدارة الأمريكية الجديدة عن إنعاش الفحم الحجري والغاز، فإن التغييرات المتوقعة في السياسة الداخلية لا تبشر بالخير". توعد الرئيس المنتخب دونالد ترامب بإحياء صناعة الفحم الحجري الأمريكية، وعين بين فريقه العديد من الشخصيات المؤيدة لاستخدام الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغاز). وتمتد هيمنة الصين في قطاع الطاقة النظيفة كذلك على استحداث الوظائف. وتقدر وكالة الطاقة الدولية أن المشاريع التي تمولها الصين، توظف 3.5 مليون من أصل 8.1 مليون شخص يعملون في مشاريع الطاقة المتجددة على مستوى العالم مقارنة مع اقل من 800 ألف وظيفة في الولايات المتحدة.
وتوقعت إدارة الطاقة الوطنية الصينية أن يخلق قطاع الطاقة المتجددة الصيني 13 مليون وظيفة على الأقل بحلول 2020. وقال أولف موسلينر، الأستاذ في كلية المال والإدارة في فرانكفورت، انه يوافق القول بأن الصين باتت تعد "رائدة عالميا في مجال الطاقة النظيفة" متقدمة بكثير على منافسيها الأغنياء مثل الولايات المتحدة وألمانيا. وأضاف في مقابلة أن "المحطات الشمسية لم تعد تمثل اختراقا علميا، وسيكون من الصعب حقا منافسة الصين في مجال الكلفة. والأمر نفسه ينطبق على طاقة الرياح". ولكن المقاولين الأمريكيين والأوروبيين لا يزالون "يتمتعون بمزايا عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا الفائقة" وفق موسلينر، الذي أشار كمثال إلى التكنولوجيا المتطورة لاستخدام رقاقات الخلايا الشمسية وإلى الخدمات الهندسية.
وفي 2016 عززت الصين نفوذها عالميا من خلال إنشاء "البنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية". وهي تقوم بضخ المليارات في بنك التنمية الجديد الذي أنشأته دول مجموعة "بريكس"، التي تضم كذلك البرازيل والهند وروسيا وجنوب أفريقيا. وكانت جميع قروض البنك الأساسية لمشاريع الطاقة المتجددة.
ولدى إضافة بنوك الاستثمار الصينية الخارجية، يتضح أن "الصين تبني قدرة مالية للقيام بعمليات دمج واستحواذ على شركات عالمية" وفق التقرير. وفي 2015، تفوقت الصين على الولايات المتحدة عندما أصبحت أكبر سوق للسيارات الكهربائية. وهناك اليوم شركتان صينيتان هما "بي.واي.دي.اوتو" و"سي.آي تي.إل" لصناعة بطاريات تسيير المركبات، تنافسان شركة "تِسلا" الأمريكية لتزعّم القطاع.