رام الله / خاص: على الرغم من تبني اكثر من 195 دولة اتفاقية باريس حول المناخ، إلا أن شبكة المنظمات البيئية الفلسطينية- أصدقاء الأرض فلسطين ترى أن إتفاقية باريس قد فشلت في تحقيق العدالة المناخية. حيث انها اتفاقية غير مجدية وغير ملزمة للدول الصناعية المتطورة للحد من الانبعاثات أو حتى تقديم الدعم المالي بشكل عادل للدول النامية الأكثر تضررا نتيجة تغير المناخ. فالاتفاقية لم تتبنَ أي أهداف محددة ودقيقة تؤكد وتلزم الدول على العمل وبشكل فاعل للحد من تغير المناخ. فتغير المناخ الذي يشهده العالم بحاجة ماسة إلى تغيير في أنظمة الدول الصناعية المتطورة بشكل ملموس وسريع ولا يحتمل التأجيل وهذا ما افتقدت له الاتفاقية بشكل كبير. لقد افتقرت "اتفاقية باريس" إلى أهم النقاط والمقومات التي كان يجب ان تتضمنها هذه الاتفاقية ومن اهمها:
أولا: كان الطموح من الاتفاق هو تغيير عاجل، جذري وفوري لخفض الانبعاثات وذلك تماشيا مع الدلائل العلمية وما تتطلبه العدالة المناخية، بالإضافة إلى تقديم إجراءات عاجلة على المدى القصير.
يهدف اتفاق باريس الى المحافظة على مستوى الارتفاع في درجة الحرارة لأقل من 2 درجة (أي الحد الآمن للناس ولكوكب الأرض). إلا أن الاتفاقية تحدثت فقط عن مواصلة الجهود ولم تتطرق الى آلية العمل والتنفيذ التي تلزم الدول لتخفيض نسبة الانبعاثات والحفاظ على ظاهرة الاحتباس الحراري تحت 1.5 درجة. وبالتالي فان النية في الوصول لهذه الأهداف( 2- أو 1.5 درجة ) بدون وجود جوهر للتنفيذ يعدُ غير فعال وغير كاف.
تؤمن الشبكة أن الالتزام بالحفاظ على ارتفاع درجة حرارة أقل من 1.5 درجة لا يتطلب التعاون فقط من قبل البلدان الصناعية بل يجب القيام بعمل فعال وعادل يحقق العدالة المناخية وإلا فإن العبء سوف يقع بشكل غير عادل على الفقراء في الدول النامية.
ثانيا: توفير الدعم الكافي للدول النامية للتغيير –حيث يجب التأكد من أن الموارد اللازمة، من موارد مالية وتقنيات تكنولوجية تقدم بشكل كاف يحقق التغيير، وخاصة في البلدان النامية والفقيرة.
يعد الالتزام الوحيد الذي سوف تقوم به البلدان المتطورة فيما يتعلق بالتمويل ضمن الاتفاقية هو تقديم تقارير لأي تمويل يقومون به، بالإضافة إلى وضع آلية لحشد 100 بليون دولار سنويا اعتبارا من عام 2020 الى عام 2025 كحد أدنى، وبالتالي فإن الاتفاقية تطرقت الى الية فقط وليس إلى الالتزام المحدد والواضح للدول المتطورة.
تؤكد الشبكة وبشكل كبير على انه ينبغي تحقيق ذلك من قبل الدول المتطورة من خلال توفير التمويل للبلدان النامية لتتمكن من التكيف والتقليل من آثار تغير المناخ بشكل مناسب.
ثالثا: تحقيق العدالة للشعوب المتضررة وتعزيز الدعم للتكيف في نظام مناخي جديد، وضمان أن تكون هناك آلية مستقلة لتقديم تعويضات عن أي خسائر وأضرار تتجاوز قدرة الشعوب على التكيف، وتأكيد الالتزام الراسخ لتأمين سبل العيش للعمال وتوفير فرص العمل.
يقرّ اتفاق باريس أن هناك حاجة لمزيد من التمويل للمجتمعات المحلية لتمكينها من التكيف مع تغير المناخ على مدى السنوات الخمس المقبلة لكنها لم تشمل على أي خطوات ملموسة للمساعدة لتحقيق ذلك.
فالقضية المهمة التي كان يجب ان تتناولها هذه الاتفاقية هي قضية 'الخسارة والأضرار" ولكن لا يوجد نص واضح يتحدث عن ذلك او عن أي التزام من قبل الدول المتطورة للتعويض، وبالتالي ستكون البلدان النامية عاجزة عن دفع مثل تلك التكاليف أو الالتزام بها.
رابعا: التركيز على الإجراءات التحويلية للطاقة - والتأكيد على أن الطاقة المتجددة وكفاءتها ستكون بديلا للحلول التي تفشل في تحقيق النتائج والحماية التي نحتاج إليها، مثل أسواق الكربون في الأرض والتربة، وتدخلات الهندسة الجيولوجية الخطرة، وأكثر من ذلك.
ذكر الاتفاق أن الهدف على المدى الطويل أي بحلول عام 2100 هو الوصول الى معادلة الكربون الموجود في الأرض، وهذا يعني محاولة مساواة كمية الكربون المنبعثة نتيجة الصناعات بكمية الكربون التي يتم امتصاصها من قبل النباتات او اي تقنيات تجدها الهندسة الجيولوجية كحلول بديلة. ومن الحلول المطروحة ايضا استزراع مساحات شاسعة من الاراضي من قبل شركات ضخمة وبدعم من الدول المتقدمة على حساب المزارعين الفقراء أصحاب الأراضي، وهذا بحد ذاته تدمير للأمن الغذائي في الدول النامية لإيجاد مساحات خضراء قادرة على امتصاص الكربون المنبعث بدلا من الحد من استخدام الوقود الاحفوري، وبهذا يمكن أن تستمر الانبعاثات حتى بعد ذلك التاريخ. ليس هناك اي استثناء من هذه الخيارات. والباب مفتوح للأسواق لاستغلال أزمة المناخ، من دون أي قيود على وجه التحديد في الاتفاقية.
خامسا: لم تناقش الاتفاقية "حقوق الإنسان" بشكل دقيق، وإنما ذكرت قضية حقوق الانسان في السياق. وكان المطلب هو أن يتم الإشارة بشكل واضح إلى حقوق الإنسان وتنفيذ الدول التزاماتها ذات الصلة بحقوق الإنسان . وذلك من أجل حل الوضع الصعب لدى جميع الدول التي تنتهك حقوقها البيئية.
وحسب ما تم توضيحه في البنود السابقة فإن اتفاقية باريس لديها ضعف في الأهداف العامة ولم تأت على المستوى المتوقع، حيث افتقرت إلى التزامات المحددة والملموسة لخفض الغازات الدفيئة، كما أنها افتقرت الى العدالة في توزيع المسؤوليات على الدول المتقدمة صاحبة النفوذ والمسببة في النسب الأكبر في انبعاثات الغازات الدفيئة، ولذلك فهي تعتبر صفقة غير مسؤولة لا تحقق العدالة المناخية.
ومناطق السلطة الفلسطينية كغيرها من دول المنطقة تعتبر الاكثر تأثرا بالتغيرات المناخية وذلك بالرغم من أنها غير مسؤولة عن هذه الظاهرة، حيث يؤثر التغير المناخي على جميع مناحي الحياة في فلسطين سواء من ناحية الإنتاجية الزراعية، أو التنوع البيولوجي أو توافر الموارد المائية، فضلا عن المخاطر المرتبطة بالصحة العامة. ولذلك فإن هذه الاتفاقية لم تحقق الهدف المرجو منها كونها لم تعزز الدعم اللازم للتكيف مع تغير المناخ للدول المتضررة بالرغم من انضمام السلطة الفلسطينية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، والذي يعتبر انجازاً سياسياً وبيئياً مهماً، ويفتح المجال أمامها للإستفادة من آليات التمويل الأممية المختلفة التابعة للإتفاقية، والحصول على مشاريع خاصة بالتكيف مع ظاهرة التغير المناخي.