خاص بآفاق البيئة والتنمية
انطلقت الحافلة الصغيرة من طوباس إلى بيت لحم، وفيها 15 "صحافية صغيرة" من المنتسبات للمخيم الصيفي الذي نظمته وزارة الإعلام وجمعية طوباس الخيرية ومؤسسة الزهرات والأشبال ومركز التعليم البيئي، ومعهن أوراقهن وأقلامهن وعدساتهن المتواضعة، في رحلة جمعت الإعلام بالبيئة.
ورصدت الزهرات، مفارقات الطريق من مدينتهن الشفاغورية طوباس، إلى مدينة المهد، في رحلة اختار لها منسقوها اسم(حافلة خضراء)، ليرصدن الانتهاكات البيئية التي تنتشر على مد النظر، ومناقشة سبل حلها ببراءة.
المشترك بين الصغيرات، أنهن من مواليد العام 2000 فصاعداً، وهذه المرة الأولى لهن كما تقول أماني عطية، 13 عاماً، التي تزور فيها بيت لحم، وترى جدار الفصل العنصري، أو تشاهد القدس المحاصرة من خلف الأسوار.
تدوين
مما دونته أماني عطية على دفترها: شاهدت الكثير من الاعتداءات على بيئتنا، بعضها نصنعها نحن بأيدينا، والأغلب يتسبب بها الاحتلال، فهنا النفايات تنتشر في كل مكان على جوانب الطرقات، وشاهدنا حرق الأشجار وقطعها، ولم ترحم الكسارات المناطق المحيطة بها.
وكتبت فاطمة دراغمة بخط بدت عليه آثار سير الحافلة وتعرجات الطريق: بفضل ما سمعته في الحافلة، وما قرأناه خلال المخيم الصيفي، صرنا نعرف آثار جدار الفصل العنصري على البيئة والإنسان، وكيف أنه خرب كل شيء تقريبا، فهو الشيء الذي لا يوحّد معظم الشوارع والبلدات التي نمر عليها، كما أن النفايات منتشرة دون حسيب أو رقيب، والجفاف يهدّد معظم الأراضي.
قارنت فاطمة بين ما سمعته في "صحافيات صغيرات" حول التنوع الحيوي، والتغير المناخي، وتلوث الهواء، والنفايات الصلبة، وما هو على الأرض بالفعل. تقول: هناك أشياء كثيرة لا يمكن فهم استمرارها، ونحتاج إلى أن نغير واقعنا، لنعيش في مدن جميلة، ونسير على شوارع خالية من النفايات، وهذا ليس حلماً.
وأدار الصحافي المهتم بالبيئة عبد الباسط خلف نقاشاً مع الصغيرات، داخل الحافلة حول مفاهيم البيئة، ومكانتها في اهتمامات الناس، وسبل إطلاق مبادرات صغيرة.
|
|
الصحافيات الزهرات في مركز التعليم البيئي في بيت جالا |
الصحافيات الصغيرات في الحافلة الخضراء |
مسارات
ومن حكايات الصغيرات وأحاديثهن الجانية وحتى تشويشهن، يمكن رسم مسارات للتحديات البيئية التي تواجهها فلسطين من الاحتلال والممارسات الخاطئة على السواء ومن أهمها: النفايات وحرقها، التصحر وشح المياه، جدار الفصل العنصري والاستيطان، والكسارات، ومقالع الحجارة، والرعي الجائر، وغياب الثقافة البيئية وتراجع الوعي.
فيما تحدثت أمل أبو صلاح، عن مشاهداتها، وضرورة البدء بتغيير وعي المواطنين، كي تصبح بلادنا نظيفة. وقالت: سنكسب كثيراً لو غيرنا حال بلادنا نحو الأحسن، ولا يمكن ان نعيش هكذا مدى الحياة.
وراجعت الصغيرات خلال الرحلة، نتائج اختبار في المعلومات البيئية، كن قد أجرينه قبل أيام، وأخذن يقارن بين المفاهيم الجديدة التي اكتسبنها، بجوار الإعلام وفنونه، ومنها: التصحر، وتحجيل الطيور، والصيد الجائر، والاحتباس الحراري، والتنوع الحيوي، والنفايات الصلبة، والمواد الحافظة، وتلوث الهواء، والجفاف، والزحف العمراني وغيرها.
قالت آية: لدينا الكثير من الأشياء التي تخرب بيتنا، فيما تابعت أمل: يمكن أن نغير، بينما أجمعت "الصحفيات الصغيرات" على أن جدار الفصل العنصري والمستوطنات والمجاري المنبعثة منها، تخرب كل شيء جميل في فلسطين.
وأجمعت أمل ورهف وهيا وزين وفاطمة ومها وريَان، وهن يقتربن من حاجز"الكونتينر": حين نتخلص من الاحتلال سنزين بيئتنا، ولكن على الناس أن يتوقفوا عن تدمير بيئتنا بسرعة.
وتفاعلت الزهرات مع وادي النار: صعوباته وجغرافيته، سبب تسميته، والطاقة الشمسية فيه، وقبة الصخرة التي تلمع من بعيد، حينما شاهدنها من بلدة العيبدية، وتألمن لأنها المرة الأولى التي يرينها بالعين، ولكن من بعيد، دون الصلاة داخلها، أو حتى السير في ازقة البلدة القديمة التي قرأن عنها في الكتب المدرسية، أو شاهدنها في التلفزيون.
طيور
وما أن وصلت الرحلة مقر مركز التعليم البيئي، إلا وشرعت الصغيرات في اكتشاف النباتات البرية في فلسطين، واستمعن إلى شرح عنها، وعن المركز ودوره، وتعرفن عن قرب على تحجيل الطيور: غاياته وأهدافه وطرقه، وتجولن في قلب متحف التاريخ الطبيعي، حيث ترقد مئات الأنواع من طيور فلسطين التاريخية، وعددها 380، وتعرفن إلى عصفور الشمس الفلسطيني، والسمامة الشائعة، والبوم، والنسر الذهبي، والصقر، والضبع، والثعلب.
تقول بيان ولانا وسارة: هذه أول مرة نعرف عن طيور بلادنا وما تفعله بالحشرات والقوارض الضارة، وهي جميلة، ودراستها مفيدة لنا، ويجب أن نتوقف عن صيدها الجائر حتى لا تنقرض، كما حصل مع أحد أنواع البوم الفلسطيني.
وفي طريق العودة، أعادت الزهرات كتابة قصصهن وخواطرهن، عن مشاهداتهن ورحلتهن الخضراء، فيما سكن الأمل عباراتهن، بأن يتغير حال فلسطين بالحرية، وبيئتها بالنظافة.
|
|
الصحافيات الصغيرات في متحف التاريخ الطبيعي في بيت جالا |
صحافية صغيرة تشير إلى مشهد بيئي جذب انتباهها |
أهداف
يقول المدير التنفيذي لـ"التعليم البيئي" سيمون عوض: نسعى دائماً لغرس المعرفة في قلوب الصغار وعقولهم؛ لأن رهان المستقبل عليهم، وهم الأمل في أن نغير حال بيئتنا ونتخلص من السلوك السلبي الذي نمارسه.
ويضيف: كانت فكرة "الحافلة الخضراء" جديدة، وسنواصل تسيير رحلات علمية، على أمل أن نغير واقعنا الصعب نحو الأحسن، وهذا ليس بالسهل ويحتاج لسنوات، لكن خطوة البداية مهمة، مهما طالت الرحلة.