المتحف الفلسطيني.. أول بناية خضراء في الوطن
المتحف الفلسطيني في طور البناء
خاص بآفاق البيئة والتنمية
على سفح جبل ملاصق لجامعة بيرزيت، يتربع متحف فلسطين على مساحة 3500 متر مربع، من اصل مساحة كلية تتبع للمتحف تصل 40 دونماً. تم الانتهاء في اواخر ايلول –سبتمبر، من إنشاء الهيكل الخارجي للمبنى الذي ينظر القائمون عليه بأنه جزء من مشروع الدولة الفلسطينية العتيدة وركائزها.
يعتبر المتحف أول "مبنى أخضر" في فلسطين، إذ يتم إنشاؤه وفق مواصفات نظام الريادة العالمي في تصميمات الطاقة والبيئة (Leadership in Energy and Environmental Design - LEED )، ويتولى المجلس الفلسطيني للأبنية الخضراء الإشراف على بنائه ليكون النموذج الأول للاستدامة البيئية في الاراضي الفلسطينية.
تقول منسقة المشروع من خلال المجلس الفلسطيني للأبنية الخضراء وجدان الشريف ان "نظام الريادة معترف به عالمياً، وهومقياس تصميم وإنشاء وتشغيل مبانٍ مراعية للبيئة وعالية الأداء. حيث يقيّم نظام التصنيف ويقيس أثر أي منشأة وأدائها، والتي تأخذ بعين الاعتبار عدة نقاط ابرزها: استدامة الموقع، الكفاءة المائية، الطاقة والغلاف الجوي (انبعاثات غازات الدفيئة)،المواد والمصادر،جودة البيئة الداخلية للبناء، الابداع وعملية التصميم والأولويات البيئية حسب المنطقة الجغرافية".
يعتمد هذا النظام على لائحة من المتطلبات الأساسية تسمى (متطلبات مسبقة prerequisites) وهي متطلبات واجبة التحصيل، أي أن عدم القدرة على تنفيذها أو الإخلال بها وعدم توثيقها بصورة صحيحة يؤدي لا محالة إلى فقدان فرصة تحصيل الشهادة المرغوبة.
بالإضافة إلى النقاط الأساسية تابعت الشريف حديثها: "هنالك لائحة من النقاط الأخرى الاختيارية والتي تحمل نقاط (علامات) والتي بناء على تحصيلها يتم التقرير بنجاح أو فشل المشروع ببلوغ أي درجة من درجات الشهادة المطلوبة والتي بدورها تؤشر على مدى مراعاة عملية التصميم والبناء للمعايير التي تجعل المبنى صديقا للبيئة".
ويتم تصنيف المباني التي تنال هذه الشهادة إلى اربع مراتب حسب تطبيقها للمعايير المطلوبة، وهي: المرتبة البلاتينية، الذهبية، والفضية، ومرتبة بناء صديق للبيئة (مرخص). يسعى المتحف الفلسطيني لأن يصبح أول مبنى يحصل على هذه الشهادة في فلسطين.
تشييد المتحف الفلسطيني حسب مواصفات نظام الريادة العالمي في تصميمات الطاقة والبيئة
كيف تكون البناية صديقة للبيئة؟
لا بد من اتباع خطوات عدة حتى نطلق على هذا المبنى او ذاك وصف "صديق البيئة" أو بناية خضراء"، وهذه الخطوات تبدأ مع انطلاق اعمال البناء بتطبيق خطة الوقاية والتحكم بتعرية وتسرب الأتربة والتي تهدف إلى تقليل الأثر البيئي الناجم عن عمليات البناء وأهمها: "تلوث الهواء بواسطة الغبار المتناثر، تلوث مجاري المياه الطبيعية بالأتربة، تلوث مصارف مياه الأمطار بالأتربة، تلوث الممتلكات الخاصة والعامة المحيطة بالأتربة، حماية السطوح الطبيعية والسطوح الخاضعة لعملية البناء من عمليات التعرية المستمرة، حماية التربة الطبيعية من عوامل التلوث المختلفة (خاصة من المواد الكيماوية).
أما الخطة الثانية فهي مخصصة لإدارة النفايات في الموقع والتي تهدف إلى تقليل إنتاج هذه النفايات ومن ثم تقليل الأثر البيئي لما ينتج منها، عن طريق إعادة التدوير أو التخلص منها في المكبات المرخصة وبالطرق السليمة.
تهدف الخطة إلى تقليل الأثر البيئي الناجم عن عمليات البناء وأهمها: التخلص من نواتج عمليات الحفر، التخلص من مخلفات مواد البناء (مثل: الباطون، الحديد، إلخ)، التخلص من مخلفات أدوات البناء (مثل: بقايا طوبار الخشب، الأدوات المعدنية، إلخ)، التخلص من مخلفات مواد التغليف من كرتون ونايلون.
يعتمد تطبيق الخطة على تسلسل في الإجراءاتيبدأ بمحاولة الحد من إنتاج النفايات وإعادة استعمال أو إعادة تدوير المواد في الموقع إن أمكن، اضافة الى التخلص من مخلفات البناء عن طريق إعادة التدوير خارج الموقع في منشآت متخصصة ودفن المخلفات في مكبات مرخصة.
تصميم لحدائق المتحف الفلسطيني
تجربة فريدة
من ناحيته، أوضح جاك برسكيان، مدير المتحف الفلسطيني أن المتحف الذي يتميز بالتقنيات الهندسية العالمية، والتي يتم اتباعها للمرة الأولى في فلسطين، سيشمل صالات عرض، ومدرجاً خارجياً، ومقصفاً داخلياً وخارجياً، وصفوفاً دراسية، ومخازن ومكاتب للموظفين ومرافق عامة، مؤكداً أن هناك خططاً مستقبلية للتوسع وبناء مرحلة ثانية، لتشمل صالات عرض أكبر، ومسرحاً داخلياً وصفوفاً دراسية إضافية ومكتبة، وأن مساحة المتحف الإجمالية ستبلغ 10 آلاف متر مربع عند الانتهاء من تشييد المرحلة الثانية.
وبالإضافة إلى المعارض المؤقتة التي ستنظم كل ستة أشهر، أشار برسكيان إلى أن "المتحف سيضم مجموعات من التحف والمقتنيات التي توثق التاريخ الفلسطيني خلال الـ 200 عام الماضية، وهي مرحلة شهدت أحداثاً هامة أدت إلى تغيير مسار التاريخ الفلسطيني الحديث". واضاف أن "المتحف لن يكون محصوراً في مبناه هذا، وأن فكرته تكمن في التواصل مع الفلسطينيين أينما كانوا في العالم، من خلال شبكة من الشراكات تربط ما بين التجمعات الفلسطينية في الخارج، سواء في لبنان أو الأردن، وفي ألمانيا أو تشيلي وغيرها من الدول، ساعياً إلى خلق منصة للحوار وتبادل الآراء".
تصميم للمشهد العام للمتحف الفلسطيني
200 فرصة عمل
بعد الانتهاء من بناء الهيكل الخرساني، سيجري العمل على أعمال تلبيس الحجر، والذي من المقرر الانتهاء منه خلال الشهرين المقبلين، كما يجري بالتزامن مع هذا كله بناء السناسل الحجرية وزراعة حدائق المتحف، وإعداد خزانات المياه للاستفادة قدر المستطاع من الأمطار. وفي الوقت نفسه تجري أعمال والتشطيب وفق مخطط تنفيذي دقيق.
ويوفر المشروع حالياً وفق مديره أكثر من 200 فرصة عمل مباشرة في موقع البناء، إضافة إلى مجموعة أخرى من فرص العمل في مقره المؤقت في رام الله، حيث يتم العمل على إعداد وتنفيذ برامج ومشاريع المتحف المختلفة.
يعتبر المتحف الفلسطيني أحد مشاريع مؤسسة التعاون (مؤسسة أهلية غير ربحية تهدف الى توفير المساعدة التنموية والإنسانية للفلسطينيين منذ العام 1983( . تبلغ تكلفة المشروع 23 مليون دولار، وصممه المكتب المعماري الإيرلندي هينيغان بينغ. ويشرف على إدارة بناء المتحف شركة (Projacs)، وتقوم شركة اتحاد المقاولين بأعمال البناء، في حين تقدم الخدمات الاستشارية للمشروع شركة (آربتك جردانه).
تصميم لمدخل المتحف الفلسطيني