لاهاي/ آفاق البيئة والتنمية: قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في أكتوبر الماضي إن العالم بحاجة إلى "ثورة في مجال الطاقة المتجددة" يساندها دعم مالي من الدول الأكثر ثراءً، للتعامل مع أزمة تغير المناخ.
ودعا في حديثه في مومباي، في زيارة للهند استمرت ثلاثة أيام، إلى تشكيل "تحالف دعم" لتسريع نشر استخدام الطاقة النظيفة.
وحثَّ الدول على خفض تكلفة رأس المال لتوسيع استخدام الطاقة النظيفة في الدول النامية، وتنويع سلاسل الإمداد، والقدرات التصنيعية.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن دعم طموحات الهند كي تصبح رائدة عالمية في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر النظيف.
وعبَّر عن دعمه لمطلب الحكومة الهندية بأن تموّل الدول الغنية جهود الحد من الانبعاثات. وقال: "سأواصل حث الدول المتقدمة التي تتحمل مسؤولية تاريخية على توفير التمويل للبلدان النامية… من البدهي ألا تستمر الدول التي لم يكن لها دور في خلق هذه الأزمة في دفع الثمن الأعلى".
وعانت الهند بعضًا من أسوأ تأثيرات تغير المناخ، حيث تسببت موجات ارتفاع درجة الحرارة في جفاف حقول الحبوب وأدت الأمطار غير المتوقعة إلى حدوث فيضانات في أجزاءٍ من البلاد، ما أسفر عن إلحاق أضرار بالممتلكات وتعطيل الحياة.
الدعوة إلى ثورة في مجال الطاقة المتجددة
يرى غوتيريش أن تقنيات الطاقة المتجددة المهمة مثل تخزين البطاريات يجب أن تُعامل على أنها سلع عامة عالمية.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة يتحدث في المعهد الهندي للتكنولوجيا، حيث خاطب بعضًا من أفضل العقول في البلاد في مجال الهندسة والتكنولوجيا، حاثًا الطلاب على العمل لإيجاد حلول لأزمة تغير المناخ والتخلي عن العمل "لصالح من يدمرون مناخنا".
جاءت تصريحات غوتيريش في أعقاب نشر تقرير صدر في أكتوبر الماضي، أفاد أن التعهدات الأخيرة من جانب الدول بمعالجة الاحتباس الحراري بموجب اتفاقية باريس للمناخ عام 2015 "غير كافية على الإطلاق" لتجنب ارتفاع درجات الحرارة العالمية التي يقول العلماء إنها ستؤدي إلى تفاقم موجات الجفاف والعواصف والفيضانات.
ويتطلب الميثاق المُستمد من اتفاقية باريس الذي أُطلق عام 2015 في إحدى قمم الأمم المتحدة للمناخ من 194 دولة، تقديم تفاصيل خططها لمكافحة تغير المناخ فيما يعرف بالمساهمات المحددة وطنيًا.
وجاء في التقرير الحديث الذي أعده "معهد الموارد العالمية البحثية" وغير الربحي تحت عنوان "حالة المساهمات المحددة وطنياً: 2022" أن هذه المبادرات تعهدت حتى سبتمبر/أيلول بتقليل الانبعاثات العالمية للغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة سبعة في المئة فقط من مستويات عام 2019 بحلول عام 2030.
وأضاف واضعو التقرير أنه يجب على البلدان رفع أهدافها بحوالي ستة أمثال ذلك، أو 43 في المئة على الأقل، لتتماشى مع ما تقول "اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" التابعة للأمم المتحدة أنه مستوى يكفي للوصول إلى هدف "اتفاقية باريس" للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية بمقدار 1.5 درجة مئوية فقط عما كانت عليه قبل الثورة الصناعية.
وتقترح المبادرة الحالية خفض الانبعاثات بمقدار 5.5 غيغا طن، مقارنةً بالأهداف الأولية التي حددت في عام 2015، وهو ما يعادل تقريبًا القضاء على الانبعاثات السنوية للولايات المتحدة، ولكن الدول تعهدّت بنسبة عشرة في المئة فقط من هذا التخفيض منذ عام 2021.
وأضاف التقرير "إذا استمر التحسن بنفس وتيرة الفترة من عام 2016 حتى الآن، لن يفشل العالم في تحقيق أهداف
"اتفاقية باريس" فحسب، بل سيبتعد عنها بفارق كبير".
وسترّكز محادثات قمة المناخ هذا العام في مصر، على الحد من انبعاثات غاز الميثان، وهو من الغازات المسببة للاحتباس الحراري وأقوى بكثير من ثاني أكسيد الكربون في أول 20 عامًا له في الغلاف الجوي.
من جهة ثانية، خلصت دراسة أجراها معهد الاقتصاد والسلام في 228 دولة ومنطقة إلى أن 750 مليوناً حول العالم متضررون حالياً من سوء التغذية وتبعات تغير المناخ وزيادة التضخم والحرب الروسية في أوكرانيا التي ستفاقم انعدام الأمن الغذائي في المستقبل.
وأظهرت الدراسة أن أكثر من 1.4 مليار شخص في 83 دولة يواجهون "الإجهاد المائي"، حيث لا يجد أكثر من 20 في المئة من السكان مصدراً لمياه الشرب النظيفة.
وأشارت الدراسة إلى أن تلوث الهواء يكلّف العالم سنوياً 8.1 تريليون دولار ويتسبب في ما بين 6 و 9 ملايين وفاة، كما وصل متوسط تكلفة الكوارث الطبيعية عالميًا إلى 200 مليار دولار سنوياً، بما يشكل زيادة بأربعة أمثال عن ثمانينيات القرن الماضي.
على صعيد آخر حذّرت منظمة "كيدز رايتس" (حقوق الأطفال) غير الحكومية في أكتوبر الماضي من أن انعكاسات التغيّر المناخي تهدّد مليار طفل حول العالم، معربة عن أسفها لأن مستويات معيشة القاصرين في سائر أنحاء العالم لم تتحسّن في العقد الماضي.
وقالت المنظمة الحقوقية ومقرّها في لاهاي في دراسة سنوية أن جائحة (كوفيد-19) كان لها أيضاً تأثير كبير على الأطفال، إذ إنّهم حُرموا أحياناً من الطعام أو الدواء بسبب الاضطرابات في القطاع الصحي، ما أدى إلى وفاة حوالي 286 ألف طفل دون سن الخامسة.
المصدر: DPA