
جاكرتا/ آفاق البيئة والتنمية: يتعامل عددٌ قليل من الدول مع خطر تغير المناخ على محمل الجد ومنها إندونيسيا، التي تعد رابع أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان. كما أن لديها أكثر من 94 مليون هكتار من الغابات- أي أكثر من نصف إجمالي مساحة الدولة – تدعم التنوع البيولوجي الاستثنائي.
وتعيش نسبة كبيرة من سكانها البالغ عددهم 274 مليون نسمة في مناطق ذات كثافة عالية وعرضة على وجه الخصوص لتأثيرات تغير المناخ، بداية من السواحل المنخفضة، ووصولاً إلى الغابات الخضراء.
وتعد الثروة التي تمتلكها إندونيسيا من الموارد الطبيعية مصدر قوة كبيرة، إلا أنها لا تسلم من مخاطر عالية، حسب ما ذكره أرشد رشيد، رئيس غرفة التجارة والصناعة الإندونيسية "كادين".
ويوضح رشيد في تقرير نشرته مجلة "ذا ناشونال إنتِرِست" الأميركية أن وضع إندونيسيا واضح حقًا من حيث عرضتها للخطر الشديد، إذ تشير تقريبًا جميع التوقعات الخاصة بالقرن المقبل إلى حدوث ارتفاع حاد في درجات الحرارة فيها، تُراوح بين 0.7 درجة مئوية و3.9 درجة مئوية.
وتتهدد الفيضانات الخفيفة المناطق الساحلية المنخفضة، حيث تشمل المنطقة التي تقع بها العاصمة الحالية جاكرتا.
ويقول رشيد، وهو أيضًا مدير شركة الطاقة الإندونيسية البارزة "إنديكا إنرجي"، إن موسم هطول الأمطار الذي يستمر من ديسمبر/ كانون الأول حتى مارس/ آذار سيتأثر كثيرًا بطرق مختلفة، وسوف يتسبّب موسم هطول الأمطار المتقطع وفترات الجفاف الطويلة في تدمير إنتاج المحاصيل وتفاوت إنتاج حقول الأرز في إقليم جاوة.
وفي المناطق المنخفضة، سوف تحدث فيضانات وانهيارات أرضية، نتيجةً طبيعية للأمطار المتقطعة والغزيرة، مثل الفيضانات التي تسبّبت في نزوح أكثر من 30 ألف شخص في سومطرة في أواخر العام الماضي.
وأظهر التركيز العالمي على إندونيسيا، وتغير المناخ، أن الدولة نفسها هي أيضًا مصدر كبير لانبعاثات الغازات الدفيئة المسبّبة للاحتباس الجراري.
وتأتي انبعاثات إندونيسيا بسبب إزالة مساحات من الغابات الخضراء والتغيرات الأخرى على استخدام الأراضي بمعدل مليوني هكتار سنويًا.
وتعد جاكرتا بحكم موقعها، عرضةً لخطر الفيضانات الموسمية المتكررة، ففي الأعوام الخمس عشر الماضية وقعت فيها فيضانات كارثية.
وأشار رشيد إلى أن الاعتراف الدولي بموقف إندونيسيا الفريد وغير المستقر أدى إلى استجابة قوية من جانب الحكومة، وتحديدًا منذ انتخاب الرئيس جوكو ويدودو، في عام 2014 وتعهده بتحسين البنية التحتية الوطنية، واتخاذه خطوات للاستعداد لمعالجة تغير المناخ، بما في ذلك التعهد بوقف إزالة الغابات والعدول عن هذا الاتجاه بحلول عام 2030.
كما تعهّد باتخاذ إجراءات طويلة الأجل مثل تطوير مشاتل النباتات وإعادة تأهيل الموائل الطبيعية، والاعتراف بأهمية النظم البيئية الطبيعية فيما يتصل بامتصاص الكربون.
جدير بالذكر أن إندونيسيا هي واحدة من الدول الصناعية الكبرى في العالم، وتسعى إدارة ويدودو للحاق بركب تطوير وإنتاج المنتجات ذات الانبعاثات المنخفضة.
كما أن هناك خططًا لبناء أكبر حديقة خضراء صناعية في العالم، باستخدام الطاقة الكهرومائية، في مقاطعة شمال كاليمانتان.
وفي الآونة الأخيرة اعتمدت "خريطة طريق" خاصة بالتحول في مجال الطاقة، محدِدةً هدفًا للوصول إلى 31% من الطاقة المتجددة بحلول عام 2050، وخفض الانبعاثات بنسبة 29% بحلول عام 2030.
ومن الممكن أن ترفع الحكومة من مستوى الهدف إلى 41%، إذا توفر الدعم المالي الدولي.
المصدر: DPA