مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
حزيران 2011 العدد-36
 

سرقة المحتلين لأشجار الزيتون وسيلة أخرى لتزوير التاريخ
متعاونون فلسطينيون يبيعون أشجار الزيتون المعمرة ليهود أغنياء

المستعمرون يعيثون فسادا في أشجار الزيتون

رائد جمال موقدي
خاص بآفاق البيئة والتنمية

  لم تسلم شجرة الزيتون من استهداف الاحتلال لها من قطع وتدمير وسرقة لثمارها وانتهاءً بتنفيذ مخطط نسب تلك الشجرة إلى تاريخ الشعب اليهودي، واعتبارها بما يسمونه رمزا لوجودهم في الأراضي المحتلة، لذلك برع الاحتلال وتفنن في أساليب سرقة الأشجار الرومية سواءً من خلال اقتلاعها المباشر أو عبر التعاون مع بعض التجار الفلسطينيين الذين سولت لهم أنفسهم بيع مقدرات شعبهم، مقابل أثمان رخيصة لصالح بعض التجار الإسرائيليين، لتعاد زراعتها داخل الأرض المحتلة عام 1948 أو في المستعمرات الإسرائيلية بالضفة الغربية.
ومنذ الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 وضع الاحتلال في صلب أجندته السيطرة الكاملة على مقدرات وثروات المنطقة، بالإضافة إلى تزييف الوقائع والتاريخ فيها، فبعد أن كسب الاحتلال الإسرائيلي معركة السيطرة على الأرض، يحاول الآن تنفيذ سياسة تزييف التاريخ عبر تزوير الحقائق والتراث الفلسطيني، ونسبهِ لتاريخهم وأصولهم.

رمز للسلام والانتماء
فشجرة الزيتون الرومي عرفت منذ القدم بأنها رمزٌ للعطاء والخير بالنسبة للشعب الفلسطيني،  علاوة على  كونها شجرة معطاءة، فهي رمزٌ للسلام والانتماء إلى هذه الأرض المباركة، لدرجة أنها أصبحت شعاراً لكثير من الجهات الرسمية الفلسطينية.
ويوجد على هذه الأشجار طلبٌ لزراعتها أمام فيلات المستوطنين، حيث شوهد على الانترنت منزلٌ فاخرٌ في إحدى المستوطنات، وأمامه أشجار زيتون فلسطينية رومية، وكأن عمر المنزل من عمر هذه الشجرة التي ترمز إلى السلام والأمان في عرف العالم.
وفي ذات السياق، هناك فتاوٍ من حاخامات يهود، تبيح سرقة الفلسطينيين، فالحاخام مردخاي الياهو أحد أبرز كبار الحاخامات، شرّع للمستوطنين سرقة الزيتون الفلسطيني قائلا: "إنه يمكن سرقة أشجار الزيتون والاستيلاء عليها وجني المحصول وقطف الزيتون من مزارع الفلسطينيين، لأنهم يزرعون في أرضنا".

الريف الفلسطيني مستهدف
      "قريوت" قرية فلسطينية تقع في الريف الشرقي من مدينة نابلس، اشتهرت بأشجار الزيتون المعمرة وخضرة أراضيها،  وعلى الرغم من هذا، لم تسلم من شبح الاستيطان الذي صادر أكثر من نصف أراضيها، محولا إياها إلى قرية منكوبة بفعل ممارسات الاحتلال.
يشار إلى أن  القرية  تعاني من استهداف لزيتونها، حيث سجل خلال الأعوام القليلة الماضية اعتداءات على أشجار الزيتون وصلت لحد اقتلاع الأشجار الرومية وإعادة زراعتها من جديد داخل المستوطنات، أو نقلها إلى  داخل الخط الأخضر.

سرقة الماضي والذكريات 
المزارع احمد شحاده مقبل (74) عاماً من قرية قريوت، اعتاد على مدار أربعين عاما الاعتناء  بأشجاره التي زرعها في منطقة الحقل جنوب القرية، فهي بمثابة ابنة له ينقل الماء لها ويقلمها بين  الفينة والأخرى، لكن حقد الاحتلال كان سببا في سلب سعادته وذهاب جهده أدراج الرياح.
ففي احد أيام صيف عام 2008 وأثناء توجهه إلى أرضه الكائنة في منطقة الحقل للعمل في أرضه كالمعتاد، صدم عندما رأى اختفاء أكثر من 200 شجرة زيتون بعمر 42 عاما من أرضه، حيث تدل كل المؤشرات بأنها نقلت باتجاه مستوطنة "عادي عاد" القريبة.
نتيجة ذلك، تقدم شحادة بشكوى سريعة من خلال ما يسمى بالارتباط الفلسطيني، حيث تم تحويل الشكوى إلى شرطة بنيامين الإسرائيلية للتحقيق في الموضوع.
وبالفعل اعترفت شرطة الاحتلال بفعلة المستوطنين، إلا أنها رفضت الإفصاح عن الوجهة التي نقل المستوطنون إليها الأشجار، ما دلّ على  تواطؤٍ ملحوظ من قبل الشرطة مع المستوطنين، وبدلاً من ذلك  عرضت الشرطة على المزارع  فكرة التعويض المادي مقابل أشجاره، الأمر الذي رفضه بشده، ما دفع شرطة الاحتلال إلى صرف النظر عن الموضوع، وعدم إعادة الأشجار المسروقة. 
يشار إلى أن حال المزارع احمد مقبل، يعكس حال العشرات بل المئات من المزارعين في مختلف الأرياف الفلسطينية، الذين كانوا هم وأشجارهم ضحية للمستوطنين الذين نشطوا في سرقة تلك الأشجار بتغطية من شرطة وجيش الاحتلال الإسرائيلي.
بلدة عقربا ومنطقة وادي قانا ...تعانيان السرقة لزيتونهما
ففي  بلدة عقربا على سبيل المثال لا الحصر، سجلت حوادث كثير ة من أعمال سرقة غراس الزيتون، والتي كان آخرها استهداف ارض المزارع غالب دريه (43 عاما)
ففي صباح يوم الأربعاء 18 آذار ،2011 أقدمت مجموعة متطرفة من مستوطنة 'ايتمار' على مهاجمة منطقة العرمة في بلدة عقربا، حيث قاموا باقتلاع 394 شجرة زيتون ولوزيات بعمر سنتين ومن ثم سرقة غراس الزيتون بعد اقتلاعها والتي تعود للمواطن دريه، علماً، أن تلك الأشجار تم زراعتها من قبل المزارعين  قبل نحو أربعة شهور في المنطقة، من خلال مشروع الاستصلاح المنفذ في المنطقة، والذي استهدف 100 دونم فيها.
كذلك هو الحال في منطقة وادي قانا، التي أعلنت قوات الاحتلال عن  تحويل 10 آلاف دونم فيه إلى منطقة محمية طبيعة، لمنع المزارعين الفلسطينيين من مجرد استغلالها أو حتى تغيير معالمها، في حين ينشط المستوطنون في أعمال سرقة أشجار الزيتون هناك واقتلاعها من جذورها وإعادة زراعتها من جديد داخل المستوطنات الإسرائيلية، بهدف إضفاء منظر جمالي على البيوت داخل تلك المستوطنات،  بحيث يتباهى به المستوطنون.

متابعة الجهات الفلسطينية
من جهته أكد توفيق عيد احد ضباط "الارتباط المدني الفلسطيني" أن هناك العديد من حالات سرقة أشجار الزيتون تتم من قبل المستوطنين بشكل منظم، حيث أن تلك الأشجار تقع في الغالب إمّا في محيط المستوطنات أو خلف الجدار العنصري حيث يستغل المستوطنون عدم قدرة الفلسطينيين في الوصول إلى أرضيهم لتنفيذ فعلتهم النكراء
وأضاف:  "لقد تقدمنا بالعديد من الشكاوى من خلال وزارة الدولة لشؤون الجدار والاستيطان إلى الجانب الإسرائيلي، ولكن للأسف  تحاول  شرطة الاحتلال تعقيد الأمور لدرجة وضع عقبات كثيرة،  بالإضافة  إلى المماطلة في متابعة تلك المواضيع بشكل جدي وملموس" .

وزارة الزراعة ودورها الرقابي
من جهته أكد المهندس محمد فطاير مدير زراعة نابلس، أن وزارة الزراعة فرضت  قوانين رادعة  تحمي الطبيعة من كل من تسول له نفسه  قطع شجرة زيتون واحدة، إلا بعد الحصول على تصريح خطي من قبل وزارة الزراعة.
وأكد أن الهدف من وراء ذلك، هو حماية شجرة الزيتون وقطع الطريق على من أسماهم المرتزقة الذين يريدون العبث بمقدرات الشعب الزراعية وبيعها للاحتلال بأثمان رخيصة.

آثار تخريب أشجار الزيتون من قبل المستعمرين

 

التعليقات

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 

مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية