
باريس/ آفاق البيئة والتنمية: سيتعين على مصنعي البلاستيك التخلص سريعاً من الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغاز)، مع عجز الإجراءات المقررة أساسًا للجم الاستهلاك عن تحقيق الأهداف المناخية المقررة في قمتي باريس وغلاسكو، وفق ما أقرَّ قائمون على قطاع صناعة البلاستيك الأوروبي تحت ضغط تقرير صدر في نيسان الماضي عن خبراء الأمم المتحدة المناخيين. وذكرت دراسة بعنوان "إعادة تشكيل البلاستيك" ونُشرت نتائجها في نيسان الماضي أن على المصنّعين إعادة التنظيم والاستثمار على نطاق واسع في السنوات الخمس المقبلة في "ابتكارات جذرية" مختلفة، من أجل جعل الإنتاج "دائرياً" أكثر، بموازاة الحد بدرجة كبيرة من استهلاكهم للنفط الخام وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون ومعالجة مشكلة النفايات.
وأقرت الدراسة بأن "إعادة التدوير وحدها لن تكون كافية" لبلوغ الهدف الرامي بتقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري إلى الصفر بحلول عام 2050.
وقد نُشرت بالتزامن مع تقرير المناخ الثالث لـ"الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ"، الذي دعا إلى خفض "سريع وجذري وفوري في أغلب الأحيان" لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بهدف حصر الاحترار المناخي بدرجة مئوية ونصف درجة مقارنة بمــستويات ما قبل الثورة الصـــناعية. وقالت فيرجينيا يانسنز، المديرة العامة لهيئة "بلاستيكس يوروب" التي تجمع الصناعيين الأوروبيين الرئيسيين في مجال المواد الكيميائية البلاستيكية والبتروكيميائية وإعادة التدوير: "ندرك خطورة أزمة المناخ والتحدي الذي تشكلّه النفايات البلاستيكية".
وكان مصنّعو البلاستيك في السابق يوصون حصرًا بإعادة التدوير بموازاة الاستمرار في دعم نمو إنتاج البلاستيك البكر المتأتي من النفط الأحفوري من دون تحويل نمط الإنتاج نفسه.
وركزت الدراسة على أربعة استخدامات رئيسة للبلاستيك (التغليف والتجهيز المنزلي وقطاع السيارات والبناء).
وبيَّنت أن الإجراءات التي أُطلقت بهدف مكافحة انتشار المواد البلاستيكية المعدّة للاستخدام مرة واحدة أو في سبيل أنشطة إعادة التدوير "لن تتيح تحقيق الأهداف المناخية" ويتعين تالياً "تسريع الحركة"، وفق ما قال المدير العام لهيئة "بلاستيكس يوروب" جان إيف داكلان لوكالة فرانس برس، معتبرًا أن نتائج الدراسة تدفع إلى "تغيير كبير في قطاع الصناعة".
كما تُظهر الدراسة أن "جزءاً كبيراً من الجهد المطلوب بذله يمكن البدء به اعتباراً من 2030"، وذلك بتقليص حجم الإنتاج وتطوير أنشطة إعادة التدوير الميكانيكية والكيميائية، أو تغيير المواد المستخدمة بهدف اعتــماد منــتجات ذات مصدر حيــوي في التــغليف.
وإضافة إلى هذه المقاربات المرتبطة بالاقتصاد الدائري، تحدثت الدراسة عن "ضرورة اللجوء إلى حلول تكنولوجية أقل نضجاً"، مثل استخدام الهيدروجين الأخضر واعتماد تقنيات لالتقاط ثاني أكسيد الكربون المنبعث لإعادة تصنيع البلاستيك في أجهزة التكسير البخارية، والانتقال إلى البوليمرات الحيوية المصدر المتأتية من الكتلة الحيوية، وكهربة أجهزة التكسير البخارية، بهدف تحقيق الهدف الرامي بتسجيل انبعاثات معدومة لثاني أكسيد الكربون في أوروبا.
وأكد داكلان أن "لا حل سحرياً ووحيداً للحد بشكل كبير من النفايات وانبعاثات غازات الدفيئة وتحقيق الحياد الكربوني"، وأضاف "يجب بذل كل جهد ممكن وإلى أقصى حد".
وبالجمع بين الحلول المذكورة، يمكن أن يأتي 50% من البلاستيك الأوروبي من مصادر أخرى غير النفط الأحفوري عام 2030، مقارنة بـ 14% فقط اليوم، وفق تقديرات الدراسة.
وعام 2050، يُتوقع أن يرتفع هذا المعدل إلى 78%، إذ إن إنتاج البلاستيك البكر في أوروبا لن يستهلك سوى 10.8 مليون طن فقط من النفط سنوياً، مقابل 44 مليون طن حالياً.
يُذكر أن "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" لم تُجب في تقريرها عن سؤال جوهري عما إذا كان من الممكن يومًا الاستغناء تمامًا عن النفط الأحفوري على الكوكب لتصنيع البلاستيك.
واكتفى الملخص الفني للتقرير بالقول: "لا توجد رؤية مشتركة حتى الآن بشأن المواد البلاستيكية الخالية من المصادر الأحفورية، لكن هناك احتمالات عدة" في هذا الإطار.
وعلى الصعيد العالمي، يشير علماء المناخ إلى أن تحقيق مستوى معدوم للانبعاثات في قطاع البلاستيك سيكون "تحدياً"، نظرًا "لاعتماد القطاع بنسبة 99% على المواد الخام الأحفورية، والمعدل المنخفض جداً لإعادة التدوير (حوالي 10%)، والانبعاثات المرتفعة من قطاع البتروكيميائيات".
وفي الوقت نفسه "يُعد البلاستيك مهماً لتقليل الانبعاثات في القطاعات الأخرى"، حسب الهيئة. فعلى سبيل المثال، يساعد البلاستيك على "تخفيف" وزن السيارات ما يقلّص حاجتها إلى الطاقة للتنقل.
المصدر: AFP