خاص بآفاق البيئة والتنمية

ترتبط سلامة المياه بالصحة الوافرة، ومن المعروف أن المياه غير المأمونة قد تؤدي إلى زيادة مخاطر الإصابة بالأمراض.
فمياه الشرب يجب أن تتقيد بمواصفات خاصة، حتى تكون آمنة، ويكمن القلق بشأن عدم جودة مياه الشرب الميكروبية (أي محتواها من الكائنات الحية الدقيقة مثل البكتيريا) هو أنها قد تصبح من مسببات تفشي الأمراض.
ومع أن محطات معالجة المياه تُطبق إستراتيجيات المعالجة المختلفة للمياه، إلا أن مشكلة عدم جودة المياه الجرثومية قائمة حتى في البلدان المتقدمة أحيانًا.
على سبيل المثال، تأثر حوالي 57500 شخص خلال تفشي طفيل كريبتوسبوريديوم Cryptosporidium في بريطانيا في عام 2014 بعد تلوث المياه بهذا الطفيل وهذا مثال من عشرات الأمثلة.
نظام توزيع المياه بنظام الأنابيب، وفيه تُنقل المياه النهائية من محطة المعالجة إلى نقطة الاستخدام، هو من أهم ما يمكن أن يساهم في تقليل جوده المياه، وذلك لقدرته على تكوين الكائنات الدقيقة، أو ما يسمى بــ "البيوفيلم" أو الأغشية الحيوية، وهي عبارة عن قرية صغيره جدًا من الميكروبات تنشأ ذاتيًا على أسطح تلك الأنابيب، ولها قدرة هائلة على إفراز ماده لزجة وصعبة الإزالة عند تنظيفها.
هذا الوحل الميكروبيولوجي المعقد (المكون من طبقات من الخلايا الميكروبية مُجمعة ومدمجة داخل "مصفوفة ذاتية الإنتاج من مواد بوليمرية"، يُعد عاملًا مساهمًا في إضعاف جودة المياه كما هو موضح في الصورة التالية:

البيوفيلم داخل أنابيب المياه
فيما يُغير البيوفيلم الكثير من خصائص المياه (الرقم الهيدروجيني والمذاق والرائحة والتعكر)، وأيضًا التغيرات الكيميائية (الأيونات، ومواد أخرى).
والأغشية الحيوية نفسها هي مأوى مناسب جدًا لمسببات الأمراض المحتملة، إذ تعمل على زيادة مشكلة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، كما ذكر د. عبد الرؤوف المناعمة، أستاذ علم الأحياء الدقيقة في الجامعة الإسلامية.
وقال المناعمة إنها مشكلة يذهب الملايين سنويًا، ضحايا لها في جميع أنحاء العالم.
وتنقسم عملية تكوين الأغشية الحيوية داخل خط أنابيب إلى أربع مراحل أساسية:
- مرحلة التصاق الكائنات الحية الدقيقة على جدران الأنابيب، وهي مرحلة قابلة للفك بسهولة.
- التوسع: في هذه المرحلة يحصل الانقسام الخلوي وإفراز المادة اللزجة، إلى جانب تشكيل روابط قوية بشكل كبير بين الخلايا البكتيرية، ما يثبّت الخلايا بكثافة على سطح الأنبوب بمرور الوقت، ليحدث المزيد من الاستعمار والنمو، مما يؤدي إلى هيكل أكثر سمكًا وكثافة، وتستمر هذه المرحلة من التطور إلى حين الوصول إلى نقطة التوازن.
- النضج: مرحلة تصبح فيها بنية الأغشية الحيوية الرقيقة مستقرة الظروف، ويمكن أن تستغرق فترة تتراوح بين 14 و385 يومًا، وهي مدة طويلة تبدأ فيها المغذيات تنقض على هذه القرية البكتيرية الصغيرة، فتقرر عمل آخر مرحلة وهي التشتت لتبدأ بتكوين قرية صغيرة مره أخرى، ربما في نفس المكان أو في مكان آخر.
المياه المستخدمة للأغراض الترفيهية
تعتمد السياحة على الاستخدام الترفيهي للمياه والشواطئ في جميع أنحاء العالم.
وتتكون مياه البحر الترفيهية عمومًا من خليط من الميكروبات المسببة للأمراض وغير المسببة للأمراض المُشتقة من مياه الصرف الصحي السائلة؛ والعمليات الصناعية؛ والأنشطة الزراعية والحياة البرية، إضافة إلى أي كائنات حية دقيقة.
وقد يُشكّل هذا المزيج خطراً على المُستجمين، إذ تؤدي جرعة مُعدية من مسببات الأمراض إلى نمو الميكروبات في الجسم، بحسب منظمه الصحة العالمية، في حين يُعالج نحو 40٪ فقط من مياه الصرف الصحي في قطاع غزة بشكل صحيح.
وتبلغ نسبة السكان الذين تخدمهم أنظمة الصرف الصحي 78.9٪، مما يترك ما يقرب من نصف مليون شخص غير متصلين بالشبكة، ويعتمدون على وسائل بديلة للتخلص من الفضلات.
ووفقًا لدراسة سابقة عن التلوث، تُصرّف حوالي 110,000 متر مكعب يوميًا من مياه الصرف الصحي غير المعالجة أو المعالجة جزئيًا في البحر الأبيض المتوسط، والتي تأتي في الغالب من محطات معالجة مياه الصرف الصحي ووادي غزة.
وتحتوي مياه الصرف الصحي غير المعالجة على العديد من مسببات الأمراض مثل البكتيريا والفيروسات والطفيليات الضارة.
هذه الكائنات، تجد بيئة مناسبة عندما تصل إلى المسطحات المائية لتتكاثر حينها وتنتشر وتزداد قدرتها على تكوين البيوفيلم، وبالتالي زيادة انتشار البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.
وتجدر الإشارة أنه عُثر على مياه مُلوثة "مكروبيولوجيًا" على طول ساحل قطاع غزة، وثمة دليل على العدوى المرتبطة بالصرف الصحي في قطاع غزة، وفق دراسات أجريت في عام 2013.
وتبين أن 48.1٪ من عينات مياه البحر كانت ملوثة طفيليًا بستة أنواع من الطفيليات المَعوية البشرية: Entamoeba histolytica وAscarislumbricoides وGiardialamblia وStrongyloides stercoralis و Hymenolepis nana و Cryptosporidium parvum.

مراحل تكوين البيوفيلم
طرق انتقال الأمراض عن طريق المياه
- الاتصال المباشر
- ابتلاع الماء
- الاتصال غير المباشر [على سبيل المثال، من جهاز طبي أُعيد معالجته بشكل غير صحيح]
- استنشاق الهباء الجوي المشتت من مصادر المياه.
- شفط المياه الملوثة.
ومن أكثر أمراض المياه الترفيهية شيوعًا هو الإسهال، يمكن للأشخاص المصابين بالإسهال أن ينقلوا العدوى للآخرين عند الدخول في المياه الترفيهية.
وعادة ما يكون لدى هؤلاء 0.14 جرام من البراز (على غرار بضع حبات من الرمل) على أجسامهم في أي وقت. وما أن يدخل شخص مريض بالإسهال في الماء، تتسرب هذه الكمية الصغيرة من البراز الموجودة على جسمه إلى الماء من حوله وتلوثه بالجراثيم، وفي حال ابتلع شخص آخر المياه الملوثة، يمكن أن يصاب بالعدوى.
وأخيرًا، يتواصل النمو السكاني في قطاع غزة بسرعة، ما يؤدي إلى زيادة كميات مياه الصرف الصحي غير المعالجة التي تُصرف في المياه الساحلية.
وفي استطلاع سريع لآراء بعض الأشخاص المتواجدين على شاطئ بحر قطاع غزة، وجدنا أن قلة من يعرفون عن طبيعة الملوثات الموجودة في البحر، ويدركون مدى خطرها على الصحة.
ومن هنا نوصي الجهات المختصة، بتنظيم حملات توعوية، خاصة للأطفال في المدارس، من أجل تعليمهم السلوكيات الصحيحة منذ الصغر.
المراجع:
- Böl M., Möhle, R.B., Haesner, M., Neu, T.R., Horn, H. and Krull, R. (2009). 3D finite element model of biofilm detachment using real biofilm structures from CLSM data. Biotechnology and Bioengineering 103(1), pp. 177-186.
- Shi, Y. (2018). Biofilm impacts on water quality in drinking water distribution systems (Doctoral dissertation, Cardiff University).
- Elmanama, A. A., & Al-Reefi, M. R. (2017). Antimicrobial, anti-biofilm, anti-quorum sensing, antifungal and synergistic effects of some medicinal plants extracts. IUG Journal of Natural Studies.
- Abualtayef, M., Abd Rabou, A. F. N., Abu Foul, A. M., Ghabayen, S., & Elsinwar, H. M. (2014). Microbial water quality of coastal recreational water in the Gaza Strip, Palestine. Nusantara Bioscience, 6(1).
- https://www.cdc.gov/healthywater/swimming/swimmers/rwi.html