لندن/ آفاق البيئة والتنمية: تنبَّأ تقرير لجنة الأمم المتحدة المعنية بالمناخ، الذي صدر في أغسطس/ آب الماضي، بخمسة سيناريوهات.
والسيناريوهات المحتمل حدوثها في المستقبل، نتاج حسابات معقدة، وتعتمد على مدى السرعة التي سيحدَّ بها البشر من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. غير أن المقصود بهذه الحسابات أيضًا رصد التغيرات الاجتماعية والاقتصادية في مجالات مثل السكان والكثافة العمرانية والتعليم واستخدام الأراضي والثروة.
فمن المفترض أن تؤدي زيادة السكان على سبيل المثال إلى ارتفاع الطلب على الوقود الأحفوري والمياه.
ومن الممكن أن يؤثر التعليم على وتيرة التطورات التكنولوجية، كذلك تزيد الانبعاثات عندما يتحول استخدام الأراضي من الغابات إلى النشاط الزراعي.
وقد صُنفّت كلٌ من السيناريوهات لتحديد مستوى الانبعاثات، وما يطلق عليه المسار الاجتماعي الاقتصادي المشترك "إس.إس.بي" المستخدم في هذه الحسابات.
وفيما يلي شرح لفكرة كل سيناريو من السيناريوهات الخمسة:
فك الشّفرة لسيناريوهات المستقبل الخمسة:
"إس.إس.بي1-1.9":
وهو أكثر سيناريوهات اللجنة المعنية بالمناخ تفاؤلاً، إذ يصف عالماً تنخفض فيه انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون عالمياً إلى الصفر في حدود عام 2050.
وفيه تتحول المجتمعات إلى ممارسات أكثر استدامة، مع تحول التركيز من النمو الاقتصادي إلى المصلحة العامة. وتزيد فيه الاستثمارات في التعليم والصحة، وتتراجع التفاوتات.
ومع أن الظواهر الجوية المتطرفة ستظل أكثر شيوعاً، لكن العالم سيتفادى أسوأ تداعيات التغير المناخي.
وهذا السيناريو الأول هو الوحيد الذي يفي بهدف "اتفاق باريس" في إبقاء الزيادة في درجة الحرارة على مستوى العالم عند نحو 1.5 درجة مئوية أعلى من مستوياتها قبل الثورة الصناعية، على أن تصل الزيادة إلى 1.5 درجة مئوية ثم تتراجع وتستقر حول 1.4 درجة مئوية في نهاية القرن الحالي.
"إس.إس.بي1-2.6":
في ثاني أفضل السيناريوهات تنخفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بشدة، لكن بسرعة أقل لتصل إلى الصفر بعد عام 2050.
وهذا السيناريو قائم على التحولات الاجتماعية والاقتصادية صوب الاستدامة الواردة في السيناريو الأول، غير أن درجات الحرارة تستقر حول زيادة قدرها 1.8 درجة مئوية في نهاية القرن.
"إس.إس.بي2-4.5":
هذا هو سيناريو "منتصف الطريق" وفيه تتأرجح انبعاثات ثاني أكسيد الكربون حول مستوياتها الحالية قبل أن تبدأ في التراجع في منتصف القرن، لكنها لا تصل إلى الصفر الصافي بحلول عام 2100.
وفيه أيضًا تتبع العوامل الاجتماعية والاقتصادية اتجاهاتها التاريخية دون تحولات تستحق الذكر.
ويتسم ما يتحقق من تقدم في اتجاه الاستدامة بالبطء، وفي الوقت نفسه تكبر التفاوتات في التنمية والدخل. وفي هذا السيناريو ترتفع درجات الحرارة 2.7 درجة مئوية في نهـاية القرن.
"إس.إس.بي3-7.0":
في هذا المسار ترتفع الانبعاثات ودرجات الحرارة باطِّراد، وتزيد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لمثليّ المستويات الحالية تقريباً بحلول عام 2100.
ويتزايد التنافس فيما بين الدول مع التركيز على الأمن الوطني وضمان الإمدادات الغذائية لشعوبها.
وفي نهاية القرن ترتفع درجات الحرارة 3.6 درجة مئوية في المتوسط.
"إس.إس.بي5-8.5":
يرسم هذا السيناريو ما يجب العمل على تحاشيه بأي ثمن.
ففيه ترتفع مستويات انبعاث ثاني أكسيد الكربون إلى مثليها تقريبًا بحلول عام 2050، وينمو الاقتصاد العالمي بوتيرة سريعة، ويغذي هذا النمو استغلال أنواع الوقود الأحفوري وأساليب عيش تقوم على استخدام كثيف للطاقة.
وبحلول العام 2100 ترتفع درجات الحرارة العالمية 4.4 درجة مئوية في المتوسط.
الخلاصة: لا يحدد تقرير المناخ لنا أرجح السيناريوهات، فهذا ستحدده عوامل من بينها سياسات الحكومات، إلا أنه يوضح الكيفية التي ستؤثر بها الاختيارات الآن على المستقبل.
ففي كل سيناريو من السيناريوهات سيستمر ارتفاع درجات الحرارة بضع عقود على الأقل.
وسيستمر الارتفاع في مستوى مياه البحار لمئات أو آلاف السنين، وستختفي الثلوج البحرية فعلياً في الدائرة القطبية الشمالية في واحد على الأقل من فصول الصيف في الثلاثين عامًا المقبلة.
كما سيتوقف مدى سرعة ارتفاع مستوى البحار، ومقدار خطورة الظواهر الجوية على المسار الذي يختار العالم السير فيه.