خاص بآفاق البيئة والتنمية
(1)
"تخطيط"!
تسير في شوارع جنين، ترى ترجمة لقرارات سوداء على الأرض: أنياب الجرافات تلتهم المزيد من بقايا المساحات الخضراء في أطراف المدينة، لصالح إقامة كتل إسمنتية. بعض الأشجار وسط المدينة، يجري قطعها، أو تقليمها بشكل جائر، أو إزالة التراب عنها تمهيداً لتجفيفها.
المفارقة، بعد أيام قليلة من تعبيد مقطعين من شارعين في قلب جنين، ترى النفايات التي التصقت به، فيما لا تصمد ممرات المشاة بلونها الأبيض إلا قليلاً، حتى يبهت لونها. والمفارقة القاتلة أن أصحاب الاختصاص اختاروا ألواناً عشوائية لطلي حجارة الرصيف، فمنحوا الأبيض والأسود ( مسموح التوقف) لدوارين، فيما أخذوا يضيقون الطرقات بتركيب مواقف للمركبات مسبقة الدفع!
(2)
أصدقاء وأعداء
تفتح حواراً مع زملاء حول التدخين، بعضهم يقول: إنه حرية شخصية ولا يؤثر على الآخرين، حتى في الأماكن المغلقة، فيما يرى آخرون أنه إدمان واعتداء على حقوق الغير، خاصة حينما يقرر صاحبه اللجوء إليه في الأماكن المغلقة، دون مراعاة لغير المدخنين. المفارقة ليست في تعدد الآراء، بل على العكس، فإن ذلك ظاهرة صحية، لكنها في رأي زميل قال: إن أصدقاء البيئة لا يجدون ما يفعلونه، سوى الحديث عن التدخين والمدخنين. تسأله: إذا كنا أصدقاءً للبيئة، فهل أنت عدوها!
(3)
انقلاب
تقرأ تقارير مناخية، تقول: راصدون يتوقعون بدء فصل شتاء جديد يتولد من آذار وحتى منتصف أيار، ولا صيف قبل شهر تموز ! وتقرأ الطبيعة فترى تقلبها الواضح، بعد أيام قليلة من المطر الذي قلب جزئياً أحوال الشتاء الجاف، وساعد الكثير من المحاصيل والأزهار البرية على الانتقال من حال الموت السريري إلى الانتعاش.
تطالع تقريراً لسلطة المياه الفلسطينية جاء فيه أن المنخفض الجوي الأخير الذي استمر لعدة أيام رفع نسبة الأمطار الهاطلة على الضفة الغربية من 50% إلى 70% من المعدل العام طويل الأمد.
واعتبرت سلطة المياه أن كميات الأمطار الهاطلة على الضفة منذ بداية الموسم المطري الحالي ولغاية منتصف شهر آذار جيدة نسبيًا، وبلغ معدل الهطول المطري حوالي 317 ملم حتى منتصف شهر آذار، علمًا أن المعدل العام طويل الأمد للأمطار في الضفة الغربية 454 ملم/ السنة. أما في قطاع غزة، فقد بلغت كمية الهطول المطري 449 ملم وذلك حتى منتصف شهر آذار وهو يمثل ما نسبته 126% من المعدل العام والبالغ 356 ملم/السنة.
وفيما يتصل بمعدلات التغذية، قدرت سلطة المياه معدلات التغذية الواصلة للأحواض المائية الجوفية في الضفة الغربية لهذا الموسم بحوالي 370 مليون متر مكعب من المياه وهو يشكل ما نسبته حوالي 54% من المعدل العام للتغذية البالغ 688 مليون متر مكعب سنويًا.
فيما قدرت "السلطة" معدلات التغذية الواصلة للحوض المائي الجوفي في قطاع غزة لهذا الموسم بحوالي 59 مليون متر مكعب من المياه وهو يشكل ما نسبته 107% من المعدل العام للتغذية البالغ حوالي 55 مليون متر مكعب سنوي.
ولفتت إلى الحاجة للمزيد من الأمطار لتعويض النقص الحاد الذي عانت منه الخزانات الجوفية في العديد من مناطق الضفة، كذلك الخزان الجوفي في قطاع غزة خلال السنوات الماضية، في ظل الطلب المتزايد على المياه والسيطرة المستمرة للاحتلال الإسرائيلي على المصادر المائية الفلسطينية.
(4)
زراعة وأغوار
ناقش برنامج "قضية ومسؤول" الذي تنظمه جامعة القدس المفتوحة ووزارة الإعلام، هموم القطاع الزراعي في الأغوار الشمالية، واستعرضت جهود وزارة الزراعة في دعم الفلاحين، والسياسات التي أقرتها الوزارة، فيما عرض مزارعون ورؤساء جمعيات تعاونية وهيئات محلية ونسوية العوائق التي تعترضهم، وبخاصة في ظل نهب الاحتلال لمصادر المياه، ومصادرته لمساحات واسعة من الأراضي، وتداعيات انحباس الأمطار.
واستضافت الحلقة الخامسة من الحوارات التي تجمع المواطنين بالوزراء وجهات الاختصاص وكيل وزارة الزراعة المهندس عبد الله لحلوح، ومحافظ طوباس والأغوار الشمالية العميد ربيح الخندقجي، ومدير زراعة المحافظة المهندس مجدي عوده، ومدير بيطرتها د.عمار الحنبلي.
وأشار لحلوح إلى أن الظروف الراهنة تستدعي الالتقاء بمزارعي الأغوار، والاستماع إلى التحديات التي يواجهونها، موضحاً أن الحكومة والوزارة تعتبر المنطقة من أهم الأماكن الزراعية في فلسطين. وأكد أن الوزارة اتخذت إجراءات لحماية القطاع الزراعي، وفتحت أسواقاً جديدة للمنتجات كما في العربية السعودية، ومنعت دخول منتجات زراعية إسرائيلية للأسواق المحلية بغية دعم المنتج الوطني كالعنب والجوافا والبطاطا والبطيخ.
وقال بأن الزراعة تقاس كنشاط اقتصادي في جميع دول العالم، لكنها تتمتع بخصوصية في فلسطين، إذ تعتبر إضافة إلى كونها نشاط اقتصادي عنواناً للصمود والبقاء والمقاومة، وأشار إلى انه لن تكون تنمية اقتصادية حقيقية دون النهوض بالقطاع الزراعي، الذي يستحق الدعم والمساندة، فيما تضع الوزارة ذلك ضمن خطتها الإستراتيجية.
وأضاف إن القطاع الزراعي يحتاج من أجل النهوض به إلى توفير مصادر المياه، وتحسين إدارتها، وحفر الآبار، وإقامة السدود، في وقت يسيطر الاحتلال على 90% من مصادرنا المائية، بالإضافة إلى شق الطرق وتوفير مستلزمات الإنتاج بأسعار مخفضة، وفتح الباب أمام الأسواق العالمية، ودعم الثروة الحيوانية.
وذكر الوكيل لحلوح أن أضرار العاصفة الثلجية التي ضربت فلسطين في كانون أول الماضي بلغت 23 مليون شيقل كأضرار مباشرة، وخمسين مليون أضرار غير مباشرة، موضحاً أن الحكومة استطاعت تأمين 16 مليون دولار لتعويض المزارعين من مصادر دولية وعربية وإغاثية. وقال بأن الوزارة ستعمل على توزيع الأسمدة على المزارعين. وحول الجفاف وانحباس الأمطار ذكر لحلوح إن المنطقة تعاني حالة عنيفة من تغّير المناخ، وأوضح بأن الحكومة لن تعلن حالة الجفاف هذا الموسم؛ لأن المعايير العالمية المتبعة لا تطلب من الدولة إعلان حالة الجفاف، إذا زادت كمية الأمطار عن 25 % من معدلها السنوي، موضحاً بأن نسبة الهطول العام الحالي ( قبل أمطار العاشر من آذار) فاقت 60% في بعض المناطق.
وأكد أن الحل يكمن في صندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية، بالإضافة إلى أن الحكومة تعمل على إنشاء عدد من السدود لتوفير المياه، وتنفذ بالفعل سدين في محافظة الخليل، وتبحث عن تأمين لسد الفارعة.
وحول استخدام المبيدات الكيماوية قال لحلوح إن عدد الأدوية المرخص باستعمالها في إسرائيل 450 مادة فعالة، بينما المسموح باستعمالها في الأراضي الفلسطينية 240 ماده فقط، وهذا يدلل على مدى حرص الوزارة على صحة المواطن، من خلال سلامة المنتج. كما عربت بطاقة البيان على الأدوية والمبيدات، مشيراً إلى وجود مختبرات لفحص السمية تعمل في الأراضي الفلسطينية، منها ما يتبع للجامعات، ومراكز الأبحاث، إضافة إلى مختبرات المركز الوطني للبحوث الزراعية.
وأشار لحلوح إلى أن قطاع الثروة الحيوانية يعاني انخفاضًا في الإنتاجية في الحليب واللحم بسبب انحباس الأمطار وتلف المراعي، وأشار إلى أن الوزارة تعمل على النهوض بهذا القطاع من خلال البرنامج الوطني لتحسين السلالة، منوهاً إلى أن ارتفاع أسعار الأعلاف مرتبط بالسوق العالمي، ويصعب على الحكومة التدخل في أسواقه.
وقال إن الوزارة ستخفض ضريبة القيمة المضافة على الأعلاف من 16% إلى 8%، ما يعني دعماً غير مباشر لمربي الثروة الحيوانية بنسبة تفوق 30 %. ودعا المزارعين إلى الإسراع في فتح ملفات ضريبية، لتتيح لهم الحصول على العوائد التي يدفعونها، بدلاً من تسربها للتجار.
(5)
ضيق أفق
اختار المنظمون لمعرض طوباس والأغوار الشمالية الثاني (هنا باقون)، إهداء المشاركين في الحفل الختامي مجسماً لشجرة أمريكية جنوبية، كنوع من التكريم، مرفقة ببطاقة معلومات عنها. ليتهم اختاروا نخيل الأغوار أو سنابل قمحة أو عكوبة!
aabdkh@yahoo.com