خاص بآفاق البيئة والتنمية

تُطلق (كاتب المقال) منذ الساعة التالية لإعلان حالة الطوارئ، وتعليق الدراسة، مبادرة لتدشين مدرسة إلكترونية، حتى يبقى طلبتنا على تواصل مع كتبهم، ولشغل وقت الفرغ الطويل الذي تسببت به الحالة الإستثنائية بفعل فايروس كوفيد 19 المستجد. تنشر على منصات التواصل الاجتماعي إعلانًا حول المبادرة، وتحث المعلمين في بلدك على التطوع فيها، وتدعو الطلبة للتسجيل، وترجو من الأهالي الاهتمام بالمبادرة.
بعد يومين، تُدشن ثلاثة صفوف افتراضية: السادس، والثامن، والتاسع، وتواجه المبادرة الكثير من التحديات، كعدم رغبة غالبية الطلبة في التعلّم عن قرب أو بعد، وغياب التفاعل المرجو من الأهل، وحالة الإرباك التي تسبب بها انتشار فايروس كورونا. ويتطوع منذ الإعلان الأول الأساتذة: أسامة خلف لتعليم العلوم العامة، وسعد عتيق للرياضيات، وأسامة الخطيب للغة العربية، ويزيد عتيق للإنجليزية، ومحمود قصراوي للتربية الدينية، ومفيد جلغوم للدراسات الاجتماعية. فيما ينضم للنشر الإلكتروني الأساتذة محمد رضا عتيق للغة العربية، ورضوان جرار للإنجليزية، من الدنمارك حيث يقيم، وتدعم المربية عبلة حبايب المدرسة، ويتفاعل معها ناشطون في مبادرة المئوية: عبد الكريم شلاميش، وعبد الله جرار، وخالد حمّاد.

جهود جماعية
نتوصل لبرنامج ZOOM التفاعلي بالصوت والصورة، بجهود الأستاذ أسامة خلف، ونعقد لقاء تجريبيًا بمشاركة الأستاذ هشام العابد، وثلاثة طلبة. ويكون أول الغيث حصة علوم للصف الثامن، تتحدث عن التفاعلات الكيمائية، والفلزات وتصنيف الكائنات الحية.
في النهار التالي نعقد 5 حصص، ونكرر دعوة المعلمات والمعلمين والطلبة لتنزيل البرنامج، والتنسيق لحصص يومية، ونجدد الأمل مع الأهل للتفرغ ولو لساعة واحدة لإخراج طلبتنا من دائرة الفراغ والتوتر، وللإبقاء على شعلة التعليم متوهجة وسط هذا الظلام.

جسور وكتب
يقول أسامة خلف، أول المتطوعين في المدرسة، إن التعليم عن بعد يمكن أن يبقي الطلبة على علاقة بكتبهم، فتركها مدة طويلة له عواقبه، وبوسعنا استثمار وقت فراغ الأجيال الشابة الذي تمضيه في العالم الافتراضي، عبر توجيههم للتعلم عن بعد، وتجاوز كل العقبات.
ورأى هشام العابد: أن المبادرة مهمة لتعويض الطلبة عما سيفتقدونه من دراسة خلال شهر الطوارىء، وخاصة في الثانوية. ووصف المدرسة الإلكترونية بوسيلة مثالية بديلة في هذا الظرف الاستثنائي. ومن الممكن إشراك عدد كبير من الأهالي في إعداد منصة تعليمية يجتمع فيها الطلبة بمعلميهم، ويشاركون بالصوت والصورة والنقاش، ويعوضون ما فاتهم.
وتفاعل خريج المدرسة محمد أبو شادوف، المقيم في السعودية مع المبادرة، واقترح شراء رخصة لبرنامج لإجراء الاجتماعات والحصص المدرسية عن بعد.

تجربة إماراتية
فيما نقلت سارة الشلبي، ابنة برقين المقيمة في الإمارات تجربة التعليم عن بعد، إذ تواصل المدارس هناك الطابور الصباحي والإذاعة اليومية، عبر تسجيل فيديوهات ونشرها للطلبة، بجوار النشيد الوطني، ورياضة الصباح عبر مرئيات مسجلة من أساتذة الرياضة.
تجري في الصفوف الثلاثة حوارات وقراءات، ويقدم الطلبة واجبات يومية، ويناقشون معلميهم، ويشاهدون رفاقهم، بالنسبة لغالبيتهم، فإن هذه المدرسة يمكنها أن تعزز لديهم حب التعليم كما يقول رضا.
وتتشكل أضلاع الصف الثامن من 17 طالبًا، يتبادلون الآراء، ويحلون مسائل علمية، ويمررون لبعضهم روابط ومرئيات، ويلتقون في حصص أسبوعية، وكأنهم في المدرسة.
لا يُسجل المعلم الحضور والغياب، ولا العلامات. ولكن النقاشات اليومية التي تدور بين 6 معلمين في ثلاثة صفوف، توحي بأن التعليم عن بعد، "يجعل الطلبة يعيشون حياة مدرسية نوعًا ما" كما يقول الناشط عبد الكريمي شلاميش، الذي ساهم خلال انتفاضة الحجارة في التعليم الشعبي، عقب إغلاق الاحتلال للمدارس والجامعات فترة طويلة.
تعليم شعبي
يقول شلاميش: كنا خلال التعليم الشعبي نوزع كراسات وأقلام ، وتعرضنا للملاحقة، ولجأنا إلى الحيلة لتهريب الكتب من منطقة إلى أخرى، واليوم يجري تعليم شعبي من نوع آخر، ليكمل رسالة واحدة تقريبًا موجهة للطلبة والأهل، تخبرهم بأن تعطيل التعليم لفترات طويلة مسألة ليست سهلة، ولها تبعاتها المستقبلية.
ووصف الطالب يامن خلف المدرسة الإلكترونية بفرصة جميلة، وتمنى زيادة أعداد الطلبة لتشمل كل مدارس بلدنا ووطننا.
في حصة التعبير، يكتب الطلبة وصفًا لما يسمعونه من أخبار الفايروس، ويتمنون أن تعبر فلسطين المحنة. وقال أيهم إن الفايروس مرعب، ولا نراه، وهذا يؤكد ضرورة أن نتعلم الأحياء والعلوم والكيمياء والطب لنجد علاجًا في المستقبل لما يلاحقنا من أمراض.
وتبدو من وحي سجلات الطلبة عدة دروس عن الهنود الحمر، والتفاعلات الكيماوية، وكان وأخواتها، والصيام، والفلزات، والمعادلات، والبيئة، ومع ذلك يتناقل الطلبة الهموم المحيطة بهم، ويتحدثون في الفواصل بين الحصص عن يومياتهم في زمن "كوفيد 19"، وبعدهم عن المدرسة.
وتسعى المدرسة لتجاوز العقبات، وتكرر دعوة الأهل لمزيد من التفاعل، كما أعلنت المدرسة عن رصد حوافز لطلبتها، بجوار تكريم معلميها المتطوعين من أبناء برقين، وفقوعة، وبرطعة الشرقية.

aabdkh@yahoo.com