هونغ كونغ /خاص: بين انهيار البورصات ووضع الشركات الصعب، يترك انتشار فيروس "كورونا" الجديد أثرا اقتصاديا بالغ الشدة، قد تتأتى عنه تحولات كبرى في العالم سيكون المستفيد الأكبر منها على ما يبدو بعض شركات قطاع التكنولوجيا والإنترنت.
فمع لزوم حوالي مليار شخص منازلهم عبر العالم، يلجأ الجميع إلى الخدمات الإلكترونية والأدوات الجديدة التي تسمح لهم بالتكيف مع الظروف الاستثنائية السائدة حاليا. وقالت سالي مايتليس، أستاذة السلوك التنظيمي في كلية وفيق السعيد لإدارة الأعمال في جامعة أوكسفورد "أعتقد أن بعض أوجه العمل والتنظيم ستتبدل نهائيا عند الخروج من الوضع الحالي".
وأوضحت أن "الناس سيكتشفون أن في إمكانهم العمل والتواصل بطريقة لم تخطر لهم حتى الآن. وهذا سيرغمهم على التأقلم أكثر مع التكنولوجيا".
وسجلت المواقع الكبرى للتسوق الإلكتروني زيادة في الطلبات في وقت انتقل المستهلكون في ظل الحجر الصحي إلى شراء المواد الضرورية عبر الإنترنت.
وفي "يوم الاثنين الأسود" للبورصات العالمية في السادس عشر من آذار، تراجعت أسهم عملاقي التوزيع الأمريكيين و"ولمارت" و"أمازون".
غير أن أسهم "وولمارت" عادت بعدها ونهضت بنسبة 23% خلال أيام قليلة، كما انتعشت أسهم "أمازون" مجددا. وأعلنت شركة أمازون "نلاحظ زيادة في المشتريات عبر الإنترنت، ما أدى إلى نفاد مخزون بعض المواد مثل المواد المنزلية الأساسية والمستلزمات الطبية".
في المقابل، قال رئيس الاتحاد البريطاني للشركات الصغيرة مايك تشيري أن المتاجر المستقلة الصغيرة تعاني من الوضع. وأضاف "هذه المرحلة بالأساس صعبة كثيرا على كل المتاجر الصغيرة في البلد. هناك مخاوف كبرى حول سلاسل التموين في وقت يسجل الإقبال تراجعا متواصلا"، معتبرا أن "آفاق المستقبل أمام هذه المتاجر في الأسابيع المقبلة تزداد تشاؤما".
من جهة ثانية وإزاء فورة الطلب، عمدت شركات عدة للتلفزيون والفيديو عبر الإنترنت مثل "نتفليكس" و"كانال+" و"غوغل" (الشركة الأم لموقع "يوتيوب") إلى خفض جودة البث التدفقي للحد من استخدام الشبكة بهدف تخفيف الضغط على الإنترنت في أوروبا.
وشهدت منصات البث التدفقي عبر العالم زيادة بنسبة 20% في الإقبال عليها حتى 22 آذار الماضي. ومع انحسار جمهور شبكات دور السينما الكبرى إلى حد غير مسبوق، قامت بعض الصالات بإغلاق أبوابها بشكل مؤقت للمساهمة في جهود احتواء الوباء، ما زاد توجه المشاهدين إلى الإنترنت لمتابعة الأفلام التي يودون مشاهدتها.
ومع إغلاق العديد من الصالات الرياضية أبوابها، اتجه ممارسو الرياضة إلى الدروس عبر الإنترنت لمواصلة تمارينهم في البيت. وسجلت أسهم شركة "بيلوتون" الأمريكي للتجهيزات الرياضية ارتفاعا كبيرا، إذ يراهن المستثمرون على الطلب المتزايد على معداتها الفردية المتصلة بالانترنت ودروسها عبر الشبكة.
وفي ظل انتقال عدد متزايد من الأشخاص إلى العمل من منازلهم، ازداد الطلب على التكنولوجيا التي تتيح الاجتماعات عبر الإنترنت.
وقالت المحللة في شركة "كرييتيف ستراتيجيز" كارولينا ميلانيسي "هناك فورة حقيقية حول العمل عن بعد، إلى حد أن شركات مثل زوم+ شهدت ارتفاعا في قيمة أسهمها"، وهي شركة متخصصة في عقد المؤتمرات عبر دائرة الفيديو.
على صعيد آخر تدفع شركات الطيران الثمن غاليا لتدابير الحجر المنزلي وإغلاق الحدود، ووصل العديد منها إلى شفير الإفلاس.
وإزاء هذا الوضع، حذر الاتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا" في آذار الماضي من أن الشركات الجوية بحاجة إلى مساعدة عاجلة بقيمة 200 مليار دولار.
وقال رئيس الاتحاد ألكسندر دي جونياك "الأزمة (…) أخطر وأوسع بكثير من فترة ما بعد الاعتداءات الإرهابية في 11 سبتمبر (عام 2001) ووباء سارس (2002-2003) والأزمة المالية العالمية عام 2008".
غير أنه في المقابل، ازداد الطلب على شركات الطائرات الخاصة التي تسجل ازدهارا في أعمالها. وما يطلبه زبائن هذه الشركات الأثرياء تفادي الجلوس قرب مئات الركاب الآخرين الذين لا يُعرف أي بلدان زاروا من قبل، بحسب ما أوضح دانيال تانغ من شركة "ماي جيتس" المتمركزة في هونغ كونغ. وقال ريتشارد زاهر رئيس مجلس إدارة شركة طائرات خاصة تتخذ مقرا لها في الولايات المتحدة "حققت طلبات الاستعلام فورة"، وارتفعت الحجوزات لدى شركته بنسبة 20 إلى 25%..