التغير المناخي واستبدال المساحات الخضراء بالمباني الإسمنتية في المدن البرازيلية يفاقم الفيضانات المدمرة
البرازيل/خاص: تسببت الأمطار الغزيرة في مقتل العشرات وأجبرت الآلاف على النزوح عن ديارهم هذا العام في أكثر الولايات البرازيلية اكتظاظا، ويلقي خبراء الكوارث باللوم على التغير المناخي والتوسع الحضري .فقد تسببت الفيضانات والانهيارات الأرضية وغيرها من الاضطرابات الناجمة عن الأمطار الغزيرة أخيرا في مقتل 29 شخصا على الأقل في ولايتي ساو باولو وريو دي جانيرو، كما سجل 25 شخصا آخر في عداد المفقودين.
ويأتي ذلك بعد مقتل أكثر من 50 شخصا بسبب الأمطار الغزيرة التي ألحقت أضرارا جسيمة في ولاية ميناس جيرايس في يناير/كانون الثاني الماضي.
وتشابهت مشاهد الدمار في الولايات الجنوبية الشرقية الثلاث التي تضم أكثر من 83 مليون شخص. فقد جرفت الوحول أحياء فقيرة برمتها واجتاحت الفيضانات المنازل والسيارات فيما أجلي السكان بالقوارب والمروحيات بعدما تحولت شوارعهم إلى أنهار متدفقة.
يعيش أكثر من ثلاثة ملايين شخص في مناطق شديدة الخطورة في جنوب شرق البرازيل التي هطلت عليها كمية قياسية من الأمطار هذا العام.
وفي الوقت الذي يبحث فيه عشرات عمال الإنقاذ بين أنقاض المنازل المدمرة من أجل العثور على أقاربه، عبّر أحد المتضررين وهو ياغو دي سوزا نونيس البالغ من العمر 24 عاما عن إحباطه من عدم بذل السلطات المزيد من الجهود لحماية السكان المعرضين للخطر. وقال فيما يقف قرب أنقاض حي باريرا دي جواو غواردا في مدينة غواروجا في ساو باولو "لقد عرفت سلطات المدينة أن هذه منطقة شديدة الخطورة وكان المسؤولون يعرفون كمية الأمطار التي ستهطل هذا الأسبوع، لكنهم لم يفعلوا شيئا لإجلاء الناس"
ظروف مناخية قاسية
فهل يجب إلقاء اللوم على ظاهرة تغير المناخ؟ يقول خبراء أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسات للتأكد من مدى دقة هذا الأمر.
وأوضحت أندريا راموس من المعهد الوطني للأرصاد الجوية لا شك في أن المنطقة تشهد "زيادة في الظواهر الجوية القصوى".
وأشار مارسيلو سيلوتشي، من مركز رصد الكوارث الطبيعية، إلى أن هذا العام تميز بموسم أمطار، خاصةً في جنوب شرق البرازيل بظواهر قاسية، فقد كان جافا للغاية في النصف الأول من الصيف ثم تحول إلى ماطر جدا بدءا منتصف يناير/كانون الثاني.
وأضاف "ترتفع درجة حرارة الكوكب وهذا أمر لا شك فيه. لقد أصبح أكثر رطوبة مما كان عليه قبل 50 أو 100 عام، وهذا يعني أن أنظمة الطقس نفسها أصبح لديها إمكانات أكبر لإحداث الأمطار".
شهدت كبرى مدن البرازيل عقودا من النمو الجامح إذ كان يتوافد إليها المهاجرون الفقراء ويستقرون بشكل عشوائي وغالبا ما يبنون مدن صفيح غير مستقرة على سفوح التلال أو على أطراف المدن. وأوضح سيلوتشي أن "النمو السكاني والمدني يعني أننا نستبدل النبات بالإسمنت وهنا تكمن مشكلة طويلة الأمد في البرازيل: يقع الكثير من الأبنية في المناطق شديدة الخطورة".
يعيش أكثر من نصف سكان عواصم ولايات المنطقة الجنوبية الشرقية، ساو باولو وريو دي جانيرو وبيلو هوريزونتي وفيتوريا، في مناطق معرضة للخطر. ولفت سيلوتشي إلى أن 80% من هؤلاء الأشخاص "يعانون من وضع هش جدا. فهم يعيشون في منازل غير آمنة في ظل كثافة سكانية عالية ونسبة كبيرة من السكان من الأطفال والمسنين".
تسبب رئيس بلدية ريو دي جانيرو مارسيلو كريفيلا، وهو أسقف إنجيلي يميني متطرف، في غضب شعبي عندما ألقى باللوم على السكان في الدمار الحاصل جراء الفيضانات، حيث قال "الناس يحبون العيش قرب الأنهار والمجاري المائية المعرضة للفيضانات لأنهم ينفقون أقل على مد أنابيب الصرف الصحي وصيانتها".
وأوضح هنريك إيفرز خبير التنمية الحضرية في معهد الموارد العالمية إن تكاليف السكن التي تفوق قدرة السكان أجبرت الفقراء على الاستقرار في مناطق غير مناسبة للعيش فيها. وأضاف "توفير السكن هو أفضل الطرق للتعامل مع هذا التحدي. لا يزال أمام البرازيل طريق طويل".