خاص بآفاق البيئة والتنمية / غزة
كشف رئيس سلطة جودة البيئة في حكومة غزة د. يوسف إبراهيم، عن وجود تلوث إشعاعي خطير جداً في المناطق التي استهدفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال حربها على قطاع غزة في العام 2008-2009، وحرب الأيام الثمانية في العام 2012.
كما كشف د. إبراهيم النقاب عن افتتاح اكبر مختبر للفحص البيئي في قطاع غزة قريباً، بحيث سيفتح المجال للتقدم في عمليات المعرفة والفحوصات المختلفة.
وبين د. إبراهيم أن العمل جارٍ بالضابطة البيئية حيث تم ضبط عدد من الحالات تتراوح ما بين 10-15 حالة وذلك من خلال المتابعة الميدانية والبحث المتواصل، إضافة الى وضع حد لاستنزاف الرمال وسرقة الطين وغيرها.
واشار الى ان الضابطة البيئية القضائية وجدت لحماية الإنسان والبيئة الفلسطينية، وهي وسيلة لردع المخالفين والمعتدين على البيئة بالدرجة الأولى وليست وسيلة عقاب.
ودعا د. إبراهيم أصحاب المنشآت الخاصة بضرورة الالتزام بكافة المعايير والشروط البيئية منعاً لتلويث البيئة.
وقال: "هذه خطوة نوعية للحفاظ على البيئة التي يشترك فيها الجميع، ولا يجوز لأحد الاعتداء على مكونات البيئة (...) قمنا بالتعاون مع الوزارات المختلفة وخاصة المؤسسة الشرطية لإطلاق الضابطة البيئية وتطبيقها على ارض الواقع".
وبين ان قانون البيئة الفلسطيني منح صفة الضبط القضائي لمفتشي سلطة جودة البيئة ليقوموا بضبط المخالفات والجرائم البيئية وإحالتها للنيابة العامة، كي تقوم باستكمال التحقيقات وتحويلها للقضاء، لإيقاع العقوبات بحق مرتكبي هذه المخالفات حسب ما ورد في قانون البيئة الفلسطيني.
وتهدف الضابطة البيئية، وفق د. ابراهيم، إلى التأكد من تطبيق قانون البيئة، وذلك بوقف الاستغلال غير المنظم للموارد البيئية والحد من تلوثها من خلال قيامها بأعمال المراقبة والتفتيش البيئي للمنشآت وكذلك المتابعة الميدانية للمناطق الحساسة بيئيا".
وبين أن القانون يسمح بإلغاء الترخيص الممنوح أو سحبه من قبل الجهة المختصة لمدة محددة لكل منشأة أو مشروع خالف الشروط البيئية اللازمة لمنح الرخصة، مع كفالة حق صاحب المنشأة أو المشروع الطعن في قرار إلغاء الرخصة أو سحبها أمام المحكمة المختصة".
وتابع:" تقوم الجهة المختصة بإزالة أسباب المخالفة البيئة على نفقة مالك المشروع أو المنشأة المخالفة، في حال العودة لممارسة النشاط دون إزالة أسباب المخالفة".
وكانت سلطة جودة البيئة في حكومة غزة قد أعلنت عن اطلاق الضابطة البيئية القضائية في أكتوبر تشرين اول من العام الماضي، والقانون يسمح للضابطة بدخول المنشآت بغرض تفتيشها وأخذ العينات وإجراء القياسات والتأكد من تطبيق مقاييس وشروط حماية البيئة ومنع التلوث.
تلوث يفوق الحد المسموح!!
وقال د. ابراهيم في حديث خص به "افاق البيئة والتنمية" أن هذا التلوث الإشعاعي يفوق الحد المسموح به آلاف المرات (...) وأن اكتشاف هذا التلوث جاء بعد إجراء فريق مختص من السلطة فحوصات لعينات من التربة في المناطق المستهدفة.
وأوضح رئيس سلطة جودة البيئة أن العديد من المواد الإشعاعية يتم تسريبها عن طريق المواد التي يتم استيرادها ودخولها للقطاع من "إســرائيل" وهي مواد تســبب العديد من الأمراض الســرطانية القاتلة في المســتقبل القريب.
ولفت د. ابراهيم الى ان منطقة الفاخورة شمال القطاع وجبل الريس شرق غزة ومناطق اخرى قد تعرضت الى الفسفور ومواد اشعاعية خطيرة فاقت كل الحدود، متغلغلةً في التربة وكذلك في الهواء الجوي وانعكست سلباً على صحة وحياة الانسان الفلسطيني، وكذلك الأجنة بحسب تأكيدات وزارة الصحة.
وأشار إلى أن الانسان الفلسطيني في قطاع غزة شاهد بعينه تلك الصواريخ التي حملت المواد المشعة وكذلك الفسفور مستذكرا حادثة مدرسة الفاخورة .
تعاون عربي وأوروبي
وأشار د. ابراهيم الى وجود فريق مختص يتابع هذه القضية وهناك تعاون عربي وأوروبي حول هذا الامر والنتائج تؤكد وجود مؤشرات كبيرة لهذا التلوث في مناطق معينة، رافضاً الكشف عن الدول التي يتم التعاون معها تحسباً لأمور قد تعيق مواصلة العمل حتى نهايته.
واوضح انه تم تحليل العديد من العينات المختلفة منها عينات من اجساد الشهداء، وأخرى من التربة والقطع الخرسانية، وكذلك قطعاً من الاسلحة التى استخدمها جيش الاحتلال الاسرائيلي في حربه على القطاع، وقد تبين وجود مواد سامة ومشعة وثقيلة وكذلك وجدت هذه الاشعاعات في التربة.
منخفض أليكسا
وفي معرض رده على سؤال حول تأثير منخفض أليكسا على التربة قال د. ابراهيم: "علميا المناطق التي غمرتها المياه لمدة وصلت الى خمسة أيام متتالية ساهمت في تنقية التربة من التلوث الاشعاعي الذي لحق بها بفعل الممارسات الاحتلالية واستخدامها للأسلحة المحرمة الدولية (...) كما ان التربة التى تزيد فيها نسبة الاملاح وتصل الى درجة عالية، يتم غسلها بالماء وهو ما حصل لتربة القطاع في مناطق متعددة".
وأشار الى أنه فعلياً لم يتم أخذ كميات من هذه التربة ولكن من خلال القراءة العلمية لذلك، فإن المناطق التي غمرتها المياه قد تحللت فيها المواد السامة والمشعة وساهمت في التقليل من خطورتها.
وعن الجفاف وانحباس الامطار قال: "ذلك من شأنه أن ينعكس سلباً على الخزان الجوفي من ناحية وعلى واقع الصناعة والزراعة من ناحية ثانية".
تنقية هواء غزة..!!
وقال: " صاحب هذا المنخفض كميات كبيرة من الرياح ادت الى تحريك الهواء مما ساهم في تنقية الهواء المار على غزة، كما ان أسطح المنازل التى تعرضت للتلوث وبقيت اثارٌ منها، ساهمت المياه في تحللها وتنقيتها.
وعن واقع البيئة في قطاع غزة طمأن د. إبراهيم المواطنين وقال أن الوضع غير كارثي، وليس بالصعوبة القاسية التي يصفها البعض، لأن هناك سيطرة على بعض الجوانب ومنها ترحيل النفايات والمواد الصلبة بصورة يومية ومتواصلة الى الاماكن المخصصة لها ضمن مراعاة الشروط البيئية الخاصة.
وتابع: "توجد بعض الجوانب التي ما زالت تحتاج الى السيطرة، منها المياه العادمة التي يتم التخلص منها في مياه البحر وذلك نتيجة لقدم محطات الصرف الصحي من ناحية، وعدم مقدرة بعضها على استيعاب الكميات التي تصلها يوميا بفعل الكثافة السكانية من ناحية أخرى، مما يضطر البلديات الى الضخ في البحر والمطلوب بحسب د. إبراهيم ضرورة العمل على توسيع سعة هذه المحطات وإيجاد محطات بديلة.
وعن واقع المياه في غزة أفاد: "لدينا عجز يصل الى 50% وهذا له ارتباط بتزايد الاستهلاك سيما وان عدد سكان القطاع وبحسب اخر الاحصاءات بلغ نحو مليون و800 ألف مواطن، اضافة الى الاستهلاك الزراعي والصناعي.
طمأنة !!
وأضاف د. ابراهيم: "نحن نعاني من تدهور في كمية ونوعية المياه" لافتاً إلى أن المطلوب هو البحث عن البدائل لتوفير الكميات المطلوبة ومن هذه البدائل تحلية مياه البحر.
واكد في سياق حديثه ان الوضع البيئي للقطاع اذا ما قورن مع دول اخرى ودول نامية ليس كارثياً وإنما احسن حالاً، ولكنه يحتاج الى تحسين في بعض القطاعات مثل المياه سواء العادمة منها او الشرب وكذلك النفايات الصلبة بما يتناسب وتوفير المعدات والامكانات اللازمة.
وفي نهاية حديثه قال د. ابراهيم ان قطاع غزة افضل حالاً من كثير من المناطق المختلفة، وذلك بفضل وقوعه على البحر، حيث لا نرى سحابة سوداء في السماء وذلك دليل على ان الهواء في القطاع نقي، وقد اجريت عدة دراسات بينت ان نسبة التلوث بسيطة، ولا تشكل خطورة على الانسان".