محمية طمون... بيئيون يكتشفون جبالها والبلدية "مخنوقة"
تقع محمية طمون في الجزء المحاذي من سهل البقيعة في بلدة طوباس على امتداد مساحة 1416 دونماً من مساحة طمون الكلية، وتنتشر أشجار الزيتون، بجانب نبات الزعتر البري على السفوح الشرقية للجبال، معلنة تحدياً بين الطبيعة الأصيلة في فلسطين والمستوطنين، وينتشر نبات النتش البري الذي يستخدمه السكان لعلاج السرطان من النوع الثاني، وتتواجد نبتة القطرة المستخدمة قديما في علاج التهاب العين، كما ويتزين السفح بلون السوسنة البنفسجي، ونبتة الصبي البري المتواجدة هناك.
|
خاص بآفاق البيئة والتنمية
 |
تنوع الطيور في منطقة طمون |
على بُعد بعض الدونمات من أراضي طوباس، تشبه تلك الجبال الساحرة التي ترتفع 80 متراً عن سهل البقيعة شهر نيسان في تقلباته المناخية، فالناحية الشرقية من الجبل مناخ صحراوي وغوري، وعلى الناحية الغربية مناخ سهل البقيعة المعتدل الرطب، كما ويتجمع في جبال طمون تنوع حيوي نباتي وحيواني لافت، حيث أنها صنفت ضمن الأراضي عالية القيمة الزراعية، مما جعل السلطة الفلسطينية تصنفها "محمية طبيعية"، ولكن كونها محمية لم تسلم من استغلال السكان المحليين ولا أطماع المستوطنين المتربصين حولها، فهل هي "محمية حقا" أم وجودها يشبه نيسان في كذبته أيضا؟

تنوع حيواني ساحر في محمية طمون
السوسنة والعويسق
تقع محمية طمون في الجزء المحاذي من سهل البقيعة في بلدة طوباس على امتداد مساحة 1416 دونماً من مساحة طمون الكلية، وتنتشر أشجار الزيتون، بجانب نبات الزعتر البري على السفوح الشرقية للجبال، معلنة تحدياً بين الطبيعة الأصيلة في فلسطين والمستوطنين، وينتشر نبات النتش البري الذي يستخدمه السكان لعلاج السرطان من النوع الثاني، وتتواجد نبتة القطرة المستخدمة قديما في علاج التهاب العين، كما ويتزين السفح بلون السوسنة البنفسجي، ونبتة الصبي البري المتواجدة هناك.
أما في السفح المطل على شفا الغور، تصنف المنطقة بشبه الجافة، حيث يسقط عليها سنويا 250ملم من المياه فقط، ما جعلها منطقة ذات ميزة رعوية.
يتجول الخبير البيئي والدليل السياحي رزق غياضة ضمن جولة بيئية نظمها فريق محميات فلسطين، ويتفقد قيمة المنطقة الحيوية والتغيرات الطارئة عليها، ويعقب قائلا "تعاني سفوح جبال طمون من انجراف التربة طبيعيا، واستغلال رعوي جائر بشريا، أدى إلى ضآلة الغطاء النباتي فيها، مما سهل انجراف تربتها، وقضى على فرصة تعويض ما تم تدميره نتيجة الرعي والاستغلال الجائر السكاني لها".
ويضيف غياضه" أن استمرار الاستغلال الجائر للمحمية سيؤدي إلى تحويلها لمجرد مواقع صخرية، وتراجعها من أراضي ذات قيمة زراعية عالية، إلى أراضي ذات قيمة متوسطة أو قليلة، مما يفقدها جوهر مسماها كمحمية".
كما وتحوم حول المنطقة عدة أنواع من الطيور التقطتها عدسة خبير الطيور سلطان السعدي، حيث يتواجد في المنطقة طائر العويسق المهاجر بين سفوح المحمية، وطائر حوام طويل الساق، وطائر القبرة المتوجة وأنواع طيور أخرى نادرة الوجود.

جبال طمون الساحرة الغنية بتنوعها الحيوي
قبر عبوش
يحاذي المحمية في الجانب الآخر مستوطنتي "روعي" و"بقعوت"، حيث بدأ الاستيطان في جبال طمون منذ السبعينات، مع زيادة في وتيرته بعد اتفاقية أوسلو التي قسمت منطقة المحمية إلى 43% منها مصنفة منطقة "ج" و50% منطقة "ب" والباقي منطقة "أ".
من الملاحظ أن انكشاف المنطقة على غور الأردن، وإطلالتها على جبل الشيخ، جعلتها ملاذا للمستوطنين، فتبدو زياراتهم المتكررة للمنطقة ظاهريا للتنزه، فيقومون بإشعال النيران ونشيد الأغاني، ولكن كثرة تفقد المنطقة تنذر ببناء مستوطنة جديدة على حد قول بعض السكان المحليين.
كما ويدعي الاحتلال أحقية امتلاك المنطقة بحجة وجود مقام تابع لهم يسمى "قبر عبوش"، بحسب قول المزارع مرشد بني عودة من قرية طمون الذي يمتلك 24 دونماً من الأراضي التي تحاول سلطات الاحتلال مصادرتها ويضيف: "لقد قمت بالتعاون مع مجموعة من المزارعين وبلدية ومحافظة طمون برفع قضية داخل المحكمة الإسرائيلية منذ عام 2011 لإثبات حق ملكيتنا لهذه الأراضي، وما زلنا نقوم بزارعة الأراضي، على الرغم مما نتعرض له من مضايقات من قبل المستوطنين في اقتلاعها، ومحاولات المحكمة الإسرائيلية مماطلة البت في القضية".

قرية طمون
البلدية "محمية جرداء"
يتفق المختصون البيئيون على تصنيفها محمية طبيعية ويطالبون ببعض الخطوات اللوجستية، في توفير طريق بيئي ولافتات نصح وإرشاد للمحافظة عليها.
لكن في الاتجاه الآخر تختلف إجراءات البلدية وتصنيفها عن المختصين البيئيين، فهي لا ترى أن المنطقة هي محمية طبيعية، وتصفها بالمحمية الجرداء.
يقول مجلس قروي طموّن الدكتور عبد الكريم القاسم" إن السلطة الفلسطينية حددت مساحة المخطط الهيكلي للمنطقة بمساحة تقدر 5400 دونم لصالح السكان وهي مساحة صغيرة نسبيا لا تتناسب مع الزيادة السكانية في طمون، وخاصة أنها تعد ثاني أكبر تجمع سكاني حيث تأخذ ما نسبته60% من مساحة التكتل العمراني في محافظة طوباس، وأنني أرى من باب الأولى توسعة المخطط الهيكلي بما يشمل المنطقة المصنفة "محمية طبيعية" لأنها محمية جرداء "وتخنقنا" لاحتوائها على بعض نبات النتش البري فقط".
ويتابع" أرسلنا عدة مطالبات لوزارة الحكم المحلي بتوسعة المخطط الهيكلي، والسماح للسكان بالبناء على سفوحها، أو على الأقل بالمناطق المحاذية للقرية، في ظل ممارسات الاحتلال لهدم الخرب وبعض التكتلات السكانية في المنطقة".
وفي نفس السياق توصي الباحثة غادة وهدان في بحث أعدته بعنوان" اتجاهات التوسع العمراني وأثره على الأراضي الزراعية في محافظة طوباس" بضم منطقة المحمية إلى المخطط الهيكلي لطمون، وتخلص في بحثها أن غاية السلطة الإسرائيلية من الموافقة على إعلان الكثير من المحميات كمحميات طبيعية، هو السيطرة عليها وبناء مستعمرات فيها مثل محميات " تياسير ووادي الأردن وطوباس".

ناشطون بيئيون ومحبو الطبيعة في منطقة طمون
فسحة بيئية
وما بين تعدد الأزمات التي تهدد وجودية محمية طمون، إلا أنها ما زالت متنفسا من ضجيج المدينة، يزورها المئات من السكان، والمتجولين السياحيين ضمن مسارات بيئية وزراعية يقدمها مختصون بيئيون في النباتات والطيور، متحدثين عن نوعية وأسماء النباتات الطبيعية المتواجدة في المحمية، بالإضافة إلى مشاهدة بعض الطيور المقيمة في المحمية.
حيث نظم فريق محميات فلسطين جولة شملت 150 متجولاً يوم الجمعة 7/4 إلى داخل محمية طمون برفقة وزيرة البيئة عدالة الأتيرة التي عبرت عن قيمة ومعنى مشاركتها بقولها "الآلاف من الشهداء ارتقوا من أجل الأرض، وأن المتجولين اليوم بمسارهم وممشاهم يحملون ارث الشهداء في الحق الفلسطيني بالأرض، مشيدةً بمشاركة العائلات أطفالا ونساء في المسارات البيئية لتكون بمثابة التربية البيئية الحقيقية على هذه الأرض".