خاص بآفاق البيئة والتنمية
واللافت أن تقرير سابق لمنظمة الصحة العالمية حول الوفيات والإصابات بالأمراض بسبب عوامل بيئية ناقشته هذه المجلة في عدد أيار الماضي استنتج بأن تلوث الهواء يشكل سببا لنحو ثلثي الوفيات في العالم الناجمة عن عوامل بيئية (أكثر من 65%)، وتحديدا 8.2 مليون فرد سنويا. بمعنى أن عدد الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء بحسب التقرير الحالي الجديد لذات المنظمة أقل بـِ 1.7 مليون نسمة!
|
أعلنت منظمة الصحة العالمية في تقريرها الصادر في أواخر أيلول الماضي أن تلوث الهواء يعد الخطر البيئي الأشد فتكا؛ إذ أنه يتسبب سنويا في وفاة 6.5 مليون شخص، إضافة إلى مئات ملايين الحالات المرضية لذات السبب. ويشير التقرير إلى أن نصف حالات الوفيات هذه سببها تلوث الهواء خارج البيئة السكنية. وبحسب الإحصاءات الصحية لعام 2012 الواردة في ذات التقرير، فإن كل حالة وفاة تاسعة في العالم سببها تلوث الهواء.
واللافت أن تقرير سابق لمنظمة الصحة العالمية حول الوفيات والإصابات بالأمراض بسبب عوامل بيئية ناقشته هذه المجلة في عدد أيار الماضي استنتج بأن تلوث الهواء يشكل سببا لنحو ثلثي الوفيات في العالم الناجمة عن عوامل بيئية (أكثر من 65%)، وتحديدا 8.2 مليون فرد سنويا. بمعنى أن عدد الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء بحسب التقرير الحالي الجديد لذات المنظمة أقل بـِ 1.7 مليون نسمة!
التقرير الجديد زعم بأن البشرية بغالبيتها الساحقة في العالم (نحو 92%)، تعيش في ظروف تشكل فيها جودة الهواء خطرا صحيا؛ وذلك استنادا إلى تركيز التلوث الذي، بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، تكمن فيه مخاطر بعواقب صحية.
ملاحظتنا النقدية هنا أن الرقم الأخير يعتبر تعسفيا إلى حد ما، لأن كل تلوث هواء، حتى في مستوياته المتدنية جدا، يعتبر خطِرا. وبما أن بعض عوامل تلوث الهواء نابعة من مصادر طبيعية مثل الغبار، لذا فإن الحديث هنا يدور عن تهديد صحي لا يمكن إزالته تماما في أي وقت من الأوقات.
على أي حال، يؤكد التقرير بأن الغالبية الساحقة للوفيات التي سببها تلوث الهواء، وتحديدا نحو 90%، تحدث في الدول التي مستوى دخل الفرد فيها متوسط أو متدني، بل إن جزءا كبيرا من هذه الوفيات موجود في دول جنوب شرق أسيا.
التلوث البيئي في الهواء الطلق خارج المنازل نابع، من جملة أمور أخرى، من عمليات حرق الوقود في وسائل المواصلات والنقل وفي الصناعة، وأيضا من حرق النفايات. كما أن جزءا كبيرا من الجسيمات الدقيقة جدا في بعض الدول الواقعة في مناطق صحراوية أو شبه صحراوية، بما في ذلك فلسطين، يأتي من العواصف الغبارية والرملية |
ويبين التقرير أن 190 ألف شخص يموتون سنويا في أوروبا بسبب تلوث الهواء، أما في دول شرق البحر المتوسط فيموت سنويا 194 ألف لذات السبب.
تقرير منظمة الصحة العالمية استند إلى المعطيات المتصلة بجسيمات التلوث الدقيقة جدا التي تدخل إلى الجهاز التنفسي؛ إذ جمع معدو التقرير معطيات من نحو 3000 مدينة حول العالم، وتحديدا تلك المدن التي تتواجد فيها محطات لقياس الملوثات من النوع الأخير؛ علما أن مناطق كثيرة لا يوجد فيها مثل هذه المحطات. فعلى سبيل المثال، لا توجد بيانات جيدة حول جودة الهواء في أجزاء كبيرة من أميركا اللاتينية. بينما البيانات المتعلقة بانبعاث الجسيمات الدقيقة جدا ذات القطر الأصغر من بين نوعي الجسيمات اللذين تم فحصهما موجودة فقط في 339 مدينة، علما أن هذه الجسيمات تعتبر أكثر خطورة من الناحية الصحية.
مصادر الجسيمات الدقيقة جدا المنبعثة في المنازل تكمن في استخدام وسائل التدفئة والتسخين مثل وقود الديزل أو الفحم من الأشجار. كما أن تلوث الهواء يشمل التدخين السلبي، أي تعرض غير المدخنين للدخان المنبعث من المدخنين فعليا.
التلوث البيئي في الهواء الطلق خارج المنازل نابع، من جملة أمور أخرى، من عمليات حرق الوقود في وسائل المواصلات والنقل وفي الصناعة، وأيضا من حرق النفايات. كما أن جزءا كبيرا من الجسيمات الدقيقة جدا في بعض الدول الواقعة في مناطق صحراوية أو شبه صحراوية، بما في ذلك فلسطين، يأتي من العواصف الغبارية والرملية.
التعرض لجسيمات التلوث يسبب تلف الجهاز التنفسي والأوعية الدموية ويؤدي إلى أمراض ناجمة عن هذا النوع من الإصابات، بما في ذلك النوبات القلبية والجلطات الدماغية. كما يتسبب هذا النوع من التلوث في الإصابة بأمراض سرطان الرئتين، كما في حال مركبات الديزل على سبيل المثال.
رام الله
الرياح الغربية ناقلة للملوثات الإسرائيلية إلى الضفة
تقرير منظمة الصحة العالمية تشوبه العديد من النواقص الهامة، إذ أنه غَيَّبَ عوامل خطيرة للتلوث؛ فلم يشمل بيانات تتعلق بالتعرض للأوزون في ارتفاعات منخفضة، والذي يعتبر مسببا هاما لنسبة مرتفعة من الوفيات. كما لم يتضمن معطيات حول انبعاث مواد سامة متطايرة من مصادر مختلفة أبرزها المصانع البتروكيميائية ومحطات وخزانات الوقود. هذا المُعْطَى هام جدا لتقييم معدلات الأمراض والوفيات الفلسطينية الناجمة عن تلوث الهواء في المجمعات الصناعية الإسرائيلية |
البيانات الإسرائيلية المتعلقة بالجسيمات الملوثة في المدن الفلسطينية المختلفة تشير إلى أن التركيز الأعلى تم قياسه تحديدا في مدن منطقة تل أبيب، وفي مقدمتها "بتاح تكفا". ومن المعروف أن ملوثات الهواء الإسرائيلية تنتقل، بشكل خاص، من إسرائيل، وبخاصة منطقة تل أبيب إلى الضفة الغربية، وذلك عبر الرياح الغربية.
باعتقادنا تقرير منظمة الصحة العالمية تشوبه العديد من النواقص الهامة، إذ أنه غَيَّبَ عوامل خطيرة للتلوث؛ فلم يشمل بيانات تتعلق بالتعرض للأوزون في ارتفاعات منخفضة، والذي يعتبر مسببا هاما لنسبة مرتفعة من الوفيات. كما لم يتضمن معطيات حول انبعاث مواد سامة متطايرة من مصادر مختلفة أبرزها المصانع البتروكيميائية ومحطات وخزانات الوقود. هذا المُعْطَى هام جدا لتقييم معدلات الأمراض والوفيات الفلسطينية الناجمة عن تلوث الهواء في المجمعات الصناعية الإسرائيلية في الضفة الغربية أو في مناطق صناعية إسرائيلية أخرى مثل حيفا.
ورغم افتقار الفلسطينيين لمحطات قياس ملوثات الهواء المتحركة من "إسرائيل" إلى الضفة الغربية، إلا أن الدراسات الإسرائيلية أثبتت أن الأوزون المتكون من التفاعل الكيميائي الضوئي لأكاسيد النيتروجين آخذ بالازدياد في مناطق القدس وبيت لحم والخليل؛ علما أن تركيز الأوزون قرب سطح الأرض عندما يتجاوز مستوىً معينا، فإنه يؤدي إلى الإضرار بصحة الإنسان والنباتات الزراعية.
زيادة نسبة أكاسيد الكربون والنيتروجين والرصاص والكبريت التي تحملها الرياح الغربية من "إسرائيل" إلى الضفة الغربية، تعد أيضا من العوامل المؤدية إلى ارتفاع نسبة أمراض الجهاز التنفسي والالتهابات الرئوية وصعوبات التنفس، وتهيج العيون، والحد من الرؤية لدى الأطفال إجمالا |
واستنادا إلى علم الباثولوجي يمكننا القول بأن زيادة نسبة أكاسيد الكربون والنيتروجين والرصاص والكبريت التي تحملها الرياح الغربية من "إسرائيل" إلى الضفة الغربية، تعد أيضا من العوامل المؤدية إلى ارتفاع نسبة أمراض الجهاز التنفسي والالتهابات الرئوية وصعوبات التنفس، وتهيج العيون، والحد من الرؤية لدى الأطفال إجمالا.