خاص بآفاق البيئة والتنمية
تسمى شجرة النخيل بشجرة العرب وتزاحمها على هذا اللقب الزيتونة، لكن الزيتونة شجرة الفلسطينيين بلا منازع، ومعلم من معالم هويتهم، ورمز الصمود والبقاء وشريكتهم في المعاناة والمقاومة، والمتعرضة للمواجهة ولعقوبة الإعدام والقتل بالحرق، والقص والإزالة تماما كالإنسان الفلسطيني.
قبل عشر سنوات تم اكتشاف شجرة زيتون عملاقة "أم شجر الزيتون" يبلغ قطر أرضيتها حوالي خمسة وعشرين م2 من قبل علماء يابانيين وقد أحيطت بسياج لحمايتها من أي اعتداء يغير من واقعها التاريخي الأثري المهم.
شجرة الزيتون هذه هويتها وجنسيتها فلسطينية مقدسية حبانا إياها الله لتساهم في إثبات وجودنا على هذه الأرض الأبية باعتبارها أقدم شجرة في العالم وفي فلسطين ويزيد عمرها حسب دراسة العلماء عن أكثر من 5550 عاما في بدايات العهد الكنعاني وتقع الشجرة في تلال القدس الجنوبية الغربية من أملاك قرية الولجة الجديدة المرابطة والمهددة دائما بالاستيطان الإسرائيلي والواقعة بين بيت جالا وقرية بتير(وهي أصلا من قرى بني حسن القبيلة المقاتلة المجاهدة التي جاءت لمحاربة الصليبين فاقطعهم القائد صلاح الدين أرضا غربي القدس، وكلفهم بحمايتها من هذا الجانب وهي الولجة وعين كارم والمالحة والجورة وصطاف وبتير وبيت صفافا وشرفات وخربة اللوز ودير ياسين).
وكان من الشائع في بلادنا أن تسمى أشجار الزيتون القديمة العتيقة المجوفة السيقان لقدمها بزيتون روماني، أما هذه الشجرة العملاقة ويطلق عليها السكان اسم شجرة سيدنا (احمد البدوي) بحيث يذكر الأهالي أنها وقفية، لذا يخشى الناس التعرض لها بسوء. واحمد البدوي هو قطب صوفي شهير قبره في مدينة طنطا الساحلية في مصر، وكان له أتباع كثر من فلسطين وكان الدراويش يأتون إلى الزيتونة، يشذبونها ويقلمونها ويجمعون الأغصان ليوقدوا نارا تحتها، بينما يأتي الذين نذروا النذور ليطهون طعاما تقليديا من الأرز والعدس ويوزعونه على الفقراء، ولكن هذا الطقس لم يعد موجودا في الوقت الراهن.
ومن العُرف أيضا عدم استخدام أي جزء منها سواء الأوراق أو الأغصان أو الثمار استخداما شخصيا عاديا، ولكنهم يلجأون إلى استخدام أوراقها، في وصفة علاجية بمقدار سبع ورقات توضع تحت رأس المريض، ويعتقدون بقدرتها على الشفاء حسب التجربة.
وترتبط الشجرة بميثولوجيا محلية وحكايات لا تنتهي عن الحلال والحرام والصدق والكذب، وفعل الخير.
وتروى أسطورة عن تلك الشجرة، وهي أن أحد أهالي المنطقة قام بقصف جذع منها ليستخدمه كعصا للفأس (هراوة)، ولكن هذا الجذع تحول في الليل إلى نوع من الأفاعي السوداء يعرف محليا باسم العربيد أثار الذعر في المنزل، فما كان منه في صباح اليوم التالي إلا أن اخذ الجذع وقذفه إلى الشجرة قائلا (خذ جذعك يا سيدنا احمد البدوي) .
والمقصود أن تكون هذه الشجرة منفعة عامة خاصة للفقراء والمحتاجين ويجب تقديم النفع والزكاة لمن يجمع ثمارها أو يستفيد منها.
أول من عصر الزيتون في منطقتنا هم أيضا الكنعانيون وقد كان ذلك في فلسطين في الألف الثالثة قبل الميلاد وانتقل بعد ذلك إلى منطقة كريت والى شمال سورية (1500 ق.م) كما ورد في كتاب الجغرافيا الفلكلورية لسليم عرفات المبيض
- ص 13- . وتسمى معصرة الزيتون القديمة (البد).
الزيتون في الدلعونة الفلسطينية:
الوجدان الجماعي أبدع كلمات هذه الأغاني وصاغ إيقاعاتها مجبولة بعرق الفلاح وعبق الأرض والتراب والتاريخ المضمخ بدماء الشهداء يزكيها بروائح التضحية والفداء، وتزخر بالدعوات والنداءات لزراعة الزيتون الرمز وتعمير أرضه وتتضمن معاني رمزية ووطنية وصور فنية ومعنوية حية لأشكال وهموم الحياة الفلسطينية وصراعات وجوده مع أغاني الدلعونة المنبعثة من روح الشعب والتي تستحق الخلود في وعينا وذاكرتنا ولتحفيز الأجيال المنقطعة عن تراثها لتبدع على إثرها وتكمل المسير:-
الزيتوني اشتاقت للي زرعوها وزيتات الموني منها اخذوها
عودوا بجاه الله، عودوا شوفوها الأوراق اصفرت، ذبلت الغصونا
شعبي للوطن قدّم هدية روحه العزيزة لأجل القضية
ولا يمكن يرضى بالصهيونية ع تراب بلادي ارض الزيتونا
على دلعونا، على دلعونا يا بيْ مأجملها كروم الزيتونا
بدي الفدائي ، برجع لهونا ويطهر ارضي من الصهيونا
انزلت عالارض تشوف دياري القيت الارض تغني اشعاري
يا محلى العيشي جوّ الديار نفلح ونقطف حبّ الزيتونا
يا طير طاير يللي في العالي ودي سلامي للي في بالي
علّى جناحك مع الشمالي وجبلي بمنقارك غصن الزيتونا
في ارض بلادي والبسمي السمحا ينزل عليها بتقولي مرّحا
لأزرع السمسم واحصد القمحا وعمر ارضي ارض الزيتونا
حب الطرب لأطلع بفنوني وبحب الوطن اوعوا تلوموني
لأزرع في الارض شجرة زيتونِ وهذا شعارك يا فلسطينا
بطلنا نغني )عاليادي،اليادي) بنغني للثوار اتعيد البلادي
ونزرع ارضنا السهل والوادي تين جوافا وعنب وزيتونا
يا ريت لبلادي تدوم السعادي وربي يحميها من الاعادي
ورجال بتسحج ويغني الحادي على عر س التين وعرس الزيتونا
الارض السمرا بدها سواعد احرثها تكون لك أكبر مساعد
عمرك ما تفلح لو تفضل قاعد قم يلا احرث ما بين الزيتونا
بلادي يا بلادي، بلادي يا بلادي من أجلك بضحي بدمي وأولادي
ما بنسى التلة مع سفح الوادي وما بنسى اللوزة ولا الزيتونا
اذا استشهدت اوعوا تبكوني حطوني بنعشي وغنوا وزفوني
واحفروا لحدي بفي الزيتوني واعملو زيتها للجرح دهونا
وتقودنا أغاني الدلعونا للتقدير الشعبي لظل وفيء الزيتونة والقعدة تحتها كملتقى العشاق
وأهل السمر وتتجلى فيها معاني الغزل من خلال هذه الأبيات :-
غربي المار س ،شرقي المارس دخلك لفيني أكلني القارص
بكرا يا بنيّا بتيجي المدارس ونتلاقى سوا بفاي الزيتونا
على دلعونا ليش دلعتيني اعرفتيني شايب ليش أخذتيني
سقا الله ايام العنب والتيني وانا واياكي بفي الزيتونا
شفت الحلوة تحت الزيتوني من اول نظرة علقت عيوني
بالله يا اهلي اوعوا تلوموني بحب السمرة أنا المجنونا
طاحت تتخطم بالثوب الأزرق واللي يعاديها في البحر يغرق
حلّت العصبة وبين المفرق الله يجمعنا بفي الزيتونا
بظِل الزيتوني وفي ظل التيني بطلب يا حلوي منك تلاقيني
حبك يا سمرا هللي ساليني وقضيت العمر منك محروما
غيبي يا شمس، يا شمس غيبي بلكي بتلاقى انا وحبيبي
على الله الا سمر يطلع نصيبي وادفعلوا مهرو كرمالزيتونا
بفي الزيتونة ياما قيلنا وشوف الحبايب طير زعلنا
الساعة ستة انا بستنى حضرة جنابكْ يَ امِّ العيونا
ياما هودنا العصر ع العينِ وياما لاقاني غزلان اثنيني
ياما قلتلهن ثالثكن وينِ وقلن بستنا بفاي الزيتونا
جنب النافورة وسط الخمايل شفت شحرورة ع الغصن مايل
الحقت يا اخواني وفي ايدي شايل قنّاصة مصنوعة بخشب الزيتونا
على دلعونا وليش دلعتيني اعرفتيني فدائي ليش اخذتيني
لكتب اكتابك ع ورق تيني واجعل اكليلك ورق الزيتونا
الدلعونة توثق الطعام والنكهة المحببة لزيت الزيتون عبر قصائد فيها من الذكرى والحنين والشغف والحب خاصة لفلسطين الشتات والمهجر :-
يا طير طاير ميل عالوادي وجيبلي من كرم العنب زوادي
شوية زعتر مع تين سوادي والزيت الفغيش وحب الزيتونا
حياتنا كانت احلى من السكر لما نتجمع والساحا تعمر
وصبحية نفطر زيت وزعتر والخبز محمر من الطابونا
زيتوني الاخضر زيتوني الاسمر من غيرو السفرة ولا مرة تعمر
والقلب يفرح ساعة مايكبر من منتوجاته احلى صابونا
نزل (الدلعونا) يرقص باردانو واخضر الرنجس من تحت قدامو
يارتني خادم واخدم في داره واجيب العشى زيت وزيتونا
من تعب جسمي وعرق جبيني بحصل ع رزقي والله مهنيني
خبز مع زيت وبصل مكفيني بس الصهيوني يرحل من هونا
وهناك دعوة وتشجيع على زراعة "الهبوبا" لأن زيته غزير ولا يمكث في الأرض سنين وسعره رخيص واستعماله كثير، ولكنها دعوة إسرائيلية لتحويل الزيتون الذي تقاومه كما تقاوم الشعب الفلسطيني إلى سلعة وحسب، وليس رمزاً وطنياً خالداً واقتصاداً أساسياً للبلد وأصحابها.
ومن تراثنا الأدبي اخترتُ هذه القطعة الأدبية بعنوان " الشجرة الخالدة" للأديب والمفكر الفلسطيني "حسن مصطفى" من مجلة "القافلة" مجلة فلسطينية عربية أسبوعية ثقافية مصورة، صدرت عام 1947.
شخصية الموسم
الشجرة الخالدة
رفعت زنبقة الخريف رأسها، وأطلت به من شقوق الصخور وقالت للزيتونة وهي ترتعد راجفة: أي ذنب جنيت حتى انهال البشر عليك بتلك العصي الغليظة الطويلة، يجدون فروعك التي طالما اتخذوها رمزاً للسلام، بلا شفقة ولا رحمة. ودموعك الخضر تتساقط كالزمرد على الأرض، يلتقطها الأطفال والنسوة بجشع وفرح عظيمين. يا لله ما أجمل صبرك!
فقهقت الزيتونة واستغرقت في الضحك ثم قالت: أنا بنت الشقاء، وربيبة القسوة، ورفيقة الجفاء، وزميلة الدهر. لا أذكر لمولدي عهداً، فقد تسربت جذوري في الصخور كما تسربت في أعماق الزمن.
وعادت القرون في حياتي كالدقائق والثواني في حياتك. عاصرتُ الرسل والطغاة، وخلدتني الكتب السماوية والرواة.
أنا أنمو في الشقاء، وانتعشُ في القسوة، وأدر في الشدائد، كما تنمين أنت في الرطوبة وتنتعشين في الظل وتزهرين على الندى.
هل تعلمين أن لتلك الدموع الزمردية جسماً وروحاً؟
إن دقوها بالحجارة، وحبسوها في الماء، عادت لهم غذاءً، وإن عصروها في معاصرهم الجبارة، خرجت روحي في العصير فروحي غذاء ونور، وجسمي المهشم نار.
سمعت أحد الحكماء يقول:
الخلود ربيب الشقاء وأنا الشجرة الخالدة – حسن مصطفى.
وقد طُبعت هذه القطعة الأدبية على بطاقات معايدة كانت توزع على طلاب معاهد المعلمين والمعلمات وفي المدارس والثانويات والموظفين وتذاع في الإذاعة وتنشر في الجرائد والمجلات في موسم الزيتون وأيام عيد الشجرة في الخمسينيات والستينيات، لما فيها من المعاني العميقة وما ترمز اليه في هذا الحوار الشائق، وها نحن اليوم نشهد على عذابات الشعب الفلسطيني في سبيل جد الزيتون أو رعايته وعدم حرقه أو تجريفه كما تتضاعف يومياً الخسارة والآثار السلبية على الأرض والبيئة والناس بسبب الجدار والاستيطان والاحتلال.
ومن عادة الفلاحين الغناء دون تصفيق أثناء العمل الشاق والطويل كالحصيدة وقطف الزيتون ودرسه وعصره وأثناء حراثة الأرض وبذرها وذلك للترويح عن النفس وانشغالها عن التفكير في الجهد والتعب وتعبيراً عن الفرح بالشجر والثمر واللقاء والعونة، فهذه الأجواء الحميمة الدافئة يعتز بها فيغني متغزلاً بأرضه رمز الجود والبقاء وبزيتونه رمز الصمود والتجذر العميق وتجدد الحياة رمز العطاء الدائم ومن هذه الأهازيج والقصائد:
يا زيتون الحواري صبح جدّادك ساري
يا زيتون اقلب ليمون اقلب مسفن في الطابون
بجدك بالجدادة وبدرسك في البدادة
والمليص زيته طيب أمّا القاطة يغلّب
دَيْتي يا دَيّة الجزم لِزم عاونني اليوم وإلا بأرزم (أتعب)
دَيْتي يا دّيّة اللقاطة يا غارقة في الزيت والرقاقة
حجر ماكينتا دار يا صبايا هاتن جْرار
وعندما يكون الموسم قليلاً ويسمى (شلتونة) يعتب الفلاح على زيتونه وبعد الخدمة الجيدة كقوله:
يا زيتون الحق عليك واطلع زيتك من عينيك
لقد فضل الفلاح الزيتونة وجعلها أحسن عروس ومن كتاب شجرة الزيتون لعلي نصوح الطاهر هذه الأبيات:
زيتونتي أطيب عروس ما بتتثمن بالفلوس
تحميني الفقر والبؤس ومن شر يوم عبوس
ما أحلاها وقت النوار والشجر بدون أزهار
ويردد أطفال فلسطين في رياض الأطفال في جميع أنحاء فلسطين هذه الأغنية بنغمة على دلعونا:
على دلعونا وعلى دلعونا
زيتون بلادي واللوز الأخضر
وأقراص العجة لما بتتحمر
خبز ملتوت وجبنة طرية
وصحون السحلب والهيطلية
يا ربي تشتي ونلبس طاقية
ونغني سوى يا فلسطينيا
على دلعونا على دلعونا زيتون بلادي أجمل ما يكونا
والمريمية وما بننس الزعتر
ما أطيب طعمتها بزيت الزيتونا
وأكلة ادفينا بالشتوية
خلتنا ننسى بردة كانونا
ونلبس كبود ونحمل شمسية
دايم في بلادي خبز الطابونا
زيتون بلادي أجمل ما يكونا
وتغني النساء أثناء الزفة:
قُل لي وين أزفك
عَ الصخرة الشريفة
يا حلو يا مزيون
وما بين الزيتون
وتقول أيضاً:
عدينا المال في فاي الزيتونة ناسبنا ارجال وأخذنا المزيونة
وهذه ترويدة تشبه العروس بجرار الزيت المقدرة ذخيرة البيت
يا جرار الزيت يا فلانة يا جرار الزيت يا هي
تطلعي من البيت يا خسارة تطلعي من البيت يا هي
وهذه مهاها تتبعها زغرودة تقول:
يا هي والزيتون على أمه
يا هي والزيت بنقط منه
يا هي يا فلان يا وحيد أهله
يا هي يا رب كثر منه
ومن فن الطلعات المربعة (القرادي) هذه الأغنية الشعبية الرجالية:
عاليادي عاليادي بدي أغني لبلادي
قعدة تحت الزيتوني بتسوا المحيط الهادي
زيتونتنا الجوية شو حلوة وشلبي
من الوادي تشرب مّيه بتشرب مّيه من الوادي
اللازمة قعدة تحت الزيتوني بتسوى المحيط الهادي
الزيتونة لا تنسوها بالمجد زينوها
أجدادي زرعوها زرعوها أجدادي
قعدة تحت الزيتوني بتسوى المحيط الهادي
زيتوني ما أحسنها بالصيف أو ما أثمنها
الحصادي تحت منها تحت منها الحصادي
اللازمة قعدة تحت الزيتوني بتسوى المحيط الهادي
النوم في فيتها بسوى الدنيا وزهرتها
والمبادي بتربتها بتربتها المبادي
اللازمة قعدة تحت الزيتوني بتسوى المحيط الهادي
الزيت والزيتون في المثل الشعبي الفلسطيني:
الفلاح الفلسطيني خبير في أصناف وأنواع شجر الزيتون وصفات كل نوع وميزات زيته وصعوبة أو سهولة جني ثماره فيقولون:
- "النبالي زيته سيال ولقاطه في عجال" ولعل هذا الصنف ينسب في تسميته إلى قرية بيت نبالا قضاء الرملة أو إلى بيرنبالا منطقة القدس.
- "السري زيته طيب أما القاطه بشيب" (السري صنف زيتون حبته صغيرة).
- "المليص زيته طيب أما القاطه يغلّب"
- "الذكر زيته عكر عند لقاطه بتفكر، والسري زيته طيب، وعند لقاطه بشيب، والنبالي زيته عالي وعند لقاطه بشرح البالي".
- "السري زيته طيب وعند القاطه بشيب، يا ويلي عليه والذكر زيته عكر وعند القاطه بدكّر".
- "البري زيته مري أو البري زيته حري"، (البري نوع من شجر الزيتون ينمو غالباً طبيعياً وهو كناية عن طعمه الحار والمر".
ومن الوعي البيئي في زراعة أشجار الزيتون والعناية بها هذه الأمثال:
- "قصقص فروع الزيتون العالية وفروع التين الواطية".
- "التين اقطع واطية والزيتون اقطع عالية" (والكلام هنا عن التقليم والتشذيب).
- "قَنبني ولا تكرّبني" (أي أن تقليم الزيتون أهم من حراثة أرضه).
- ويعبر هذا المثل عن قيمة حطب الزيتون وتميزه فيقول المثل "أخضر الزيتون ولا يابس الحطب" بمعنى أن حطب الزيتون سريع الاشتعال حتى ولو كان رطباً.
كثافة الزراعة:
- "أبعد أختي عني وخذ ثمرها مني" (كناية عن وجوب توسيع المساحة بين غرس الزيتون وشجرة الزيتون معروفة بأنها نامية لكن ببطء)
- "وفي عقد ثمار الزيتون يقول المثل:
- "ندى وسموم تا يعقد الزيتون" (السموم هي الرياح الحارة الجافة)
وفي عصير الزيتون يقولون:
- "ما بطلع الزيت إلا من كثر العصر".
- "من الشجر للحجر" لضمان جودة الزيت فالعصر مباشرة يعطي جودة عالية).
- وتسمى معصرة الزيتون القديمة (البد)، وأول من عصر الزيتون في منطقتنا الكنعانيون وقد كان ذلك في فلسطين في الألف الثالثة قبل الميلاد وانتقل بعد ذلك إلى منطقة تريت وإلى شمال سوريا (1500 قبل الميلاد).
إن قوة ملاحظة الفلسطيني ومتابعته لشجرة الزيتون خلال السنة تدل عليها هذه الأمثال:
- "سيل الزيتون من سيل كانون" .
- "إن أزهر بآذار جهزوا له الجرار".
- "إن لسن الزيتون في آذار هيئوا له الزيارة" أي (الجرار).
- "إن حسم الزيتون في الخميس هيئوا له المغاطيس". (الأواني الصغيرة لضعف المحصول والخميس هو شهر نيسان".
- "وفي أيلول بطيح الزيت في الزيتون".
- "وفي أيلول بيدور الزيت في الزيتون والمر في الليمون".
- "وأيلول دبّاغ الزيتون".
- "لما يصلب الصليب ما ترفع عن زيتونك القضيب" (أي يمكن البدء في عملية الجداد واليوم لا تستعمل الجدادة لأنها تؤثر على سلامة القمم النامية، ولكن يمكن أن يجمع الزيتون (النفل) الساقط تحت الشجر ويؤجل القطاف إلى آخر تشرين أول في مناطق الشمال وفي أوساط تشرين ثاني في الجنوب وبعد نزول المطر).
ويقول المثل في علاقة العناية بالشجرة على الانتاج:
- "الزيتونة مثل ما بدك منها بدها منك" بمعنى (وجوب تقديم الرعاية حتى تثمر جيداً)
أما في ظاهرة قصر النهار في تشارين فيقول المثل:
- "أيام الزيت أصبحت أمسيت".
- "أيام الزيت طول الخيط".
وفي قيمة الزيت العلاجية يقول المثل:
- "الزيت مسامير المعصب أو الركب" (المعصب هو المريض بأعصابه وآلام المفاصل).
- دهنه بالزيت وارميه ورا البيت" بمعنى أن الزيت علاج لأمراض الجلد وتشققاته. وفي مدينة نابلس "أم الزيتون" يعبر هذا المثل عن فوائد الزيت الغذائية حيث يقول:
- - "كول زيت وانطح الحيط" كناية عما يمد الزيت الجسم من القوة والطاقة والمغذيات).
- "اطعم ابنك زيت وارميه في البيت" كناية عن الاعتماد على الزيت كغذاء مقوي ومفيد.
- " كل زيت واشرب ميه، وللي بجرالك علي "
وفي استعمالات الزيت يقول المثل:
- "الزيت في العجين ما بيضيع" بمعنى أنه يكسبه ليونة وطراوة ونكهة الزيت البلدي المحببة.
- "الزيتون شيخ السفرة".
- "وخبز وزيتون أطيب ما يكون".
وفي أهمية الزيت الاقتصادية فيقول المثل: "الزيت ملك المعاجز" أي فوائد كثيرة.
- "خلي الزيت في جراره تتيجي أسعاره" أو "ظبي الزيت في جراره تتيجي أسعاره".
- "أجرة البيت وحق الزيت ما فيها جميلة".
- "إذا أمك في البيت ايدك في جرة الزيت" و"اللي أمه في البيت بوكل خبز وزيت" بمعنى من كانت أمه في البيت فلا خوف عليه ويشير المثل أيضاً أن المرأة هي فارسة الأمن الغذائي وسيدته.
أما في توفير الأمن الغذائي فيقول المثل:
- "الزيت عمود البيت" أي أنه المؤونة الأساسية في بيت الغني والفقير على حدٍ سواء وكان همّ الناس توفير المؤونة لسنة كاملة من الأغذية المخزنة كالزيت والزيتون والحبوب قمح، حمص، بقول.. وقطين وزبيب وأغذية عدة محفوظة بالطرق التقليدية والشعبية.
- "قمح وزيت عمود البيت" و" إن كان في البيت خبز وزيت زقفت أنا وغنيت".
- "الزيت في دارك بجيب السعادة لدارك" و "زيتنا في بيتنا" كناية عن الاطمئنان لوجوده. و"زيتنا في دقيقنا" كناية عن الاكتفاء الذاتي محلياً ومن منتجات بلدية طبيعية.
ومن الأمثال التي تعبر عن معاني روحية ووجدانية وتحمل معاني التهكم أحياناً:
- "اللي عادمين الزيت بسووا زلابية" والزلابية أقراص من العجين تُقلى بالزيت وكانوا يعدونها في أيام خميس الأموات وتوزع على أرواحهم ولعل المثل يوجه إلى الغني البخيل الذي لا يقدم الزلابية في (الخمسان) فيذكرونه أن الفقراء الذين لا يملكون الزيت (بسووا زلابية) والجميع يستعمل زيت الزيتون الغني والفقير على حدٍ سواء إلا أن الفرق بينهما يكمن في الكمية اللازمة للاستهلاك هي بوفرة وسهولة أم لا. لذا يقولون "خير سنة رايح فيها"..
- "وصار له بيت وابريق زيت" كناية عن تغير الحال وارتفاع مستوى المعيشة وحصوله على بيت فيه ابريق زيت رمز الخير والنعمة. ويقال في المرأة المدبرة "عملتله بيت وابريق زيت".
- "حدا بيقول عن زيته عكر"!! بمعنى أن لا أحد يرى عيوبه أو يعترف بنقص ما فيه. (والعكر هو ثقل الزيت المترسب أو الثفل أو الزيبار).
- أما المثل "زيتنا في بيتنا" و "زيتنا في دقيقنا" فيضرب عند انجاز عملٍ محلي داخلي يعتبرونه مكسباً وخيراً كزواج الفتاة من ابن عمها أو أعمار أحد أفراد الأسرة لبيت بحجارة ومواد محلي وبجهد محلي فيقيم أنه موفقاً ومناسباً كالزيت في البيت أو في العجين.
إن شجرة الزيتون المباركة التي أقسم المولى عز وجل بها في قوله تعالى في سورة التين "والتين والزيتون وطور سينين"..
تشكل مع شجرة التين أهم غذاء ودواء وهما من أشجار فلسطين العريقة والمعمرة، وكانت أكلة القطين (التين المجفف) المغموس بالزيت مع رغيف الخبز الأسمر من قمح الارض الطيبة وجبة غنية متكاملة لتسد حاجة الأجسام العاملة من كل ما يحتاجه الجسم من طاقة وأملاح معدنية وفيتامينات وبروتينات كما أن هذه الوجبة شتوية لأنها غنية بالسعرات الحرارية من الزيت وحلاوة القطين فتبعث الدفء ولهذا فشجرة الزيتون تشكل المؤونة الأساسية في بيت الغني والفقير على السواء.
ومنتجات هذه الشجرة قابلة للتخرين فترة طويلة دون تلف اذا ما روعيت شروط لازمة مثل عزل الزيت عن الإضاءة والنور وإبعاده عن درجة الحرارة المرتفعة وحفظه في اواني من الصلب الذي لا يصدأ (استانلستيل) وفي عبوات زجاجية داكنة اللون مثل الالفية القديمة المحفوظة في قاعدة حديدية مفروشة بالقش او في سلة تحميها من الصدمات وقديما كانوا يخزنون الزيت في جرار الفخار، ولا يعرفون البلاستيك الذي هو عدو البيئة وغير مناسب ابدا لحفظ الزيت لما له من تأثير على محتوى المادة.
وزيت الزيتون له قيمة روحية ونفسية عند الناس ولا ينافسه أي نوع من الزيوت الأخرى مهما تعددت. وفوائده الغذائية والعلاجية والتجميلية والصناعية كثيرة، ويستسيغ المجتمع الفلسطيني طعمه المحبب ونكهته الطيبة ولونه الأصفر المائل للاخضرار.
حفظ الله وطننا فلسطين أرضا وشعبا وزرعا ومقدسات وكل ما فيه من رموز خالدة