خاص بآفاق البيئة والتنمية
"خلال السنوات الست السابقة شعرت بمتعة كبيرة وأنا أربي الغزلان" بهذه الكلمات بدأ ماجد حديثه، حيث يقضي معظم أيامه بالاعتناء بها وتوفير الطعام لها.
المربي ماجد شُرّاب (45 عامًا)، من سكان مدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، عاش فصول حكاية لأول مرة تحدثُ في قطاع غزة، فقد ربى حيوان غزال نادر الوجود في هذه المنطقة وكوّن أسرة منه.
هذا الواقع لم يكن الوصول له بالأمر السهل فالمربي شُراب وهو يمتلك متجرا لبيع وتربية الطيور حصل على "أنثى غزال" بعد معاناة كبيرة حيث أشتراها من خارج القطاع، وهربت عن طريق الأنفاق الواصلة ما بين قطاع غزة ومصر، فالاحتلال الإسرائيلي يمنع استيراد الغزلان وإدخالها للقطاع.
ويضيف:" أنثى الغزال تنتمي لفصيلة "الغزال الأوروبي" وثمنها 2800 دولار أمريكي، هذا المبلغ الكبير جعلني أقف أمامها حائراً فلم أتمكن من شراء ظبي (ذكر الغزال ) بهدف إجراء عملية تكاثر فقد كان سعره مرتفعاً جدًا".
وليحقق شُرّاب حلمه بالحصول على قطيع من الغزلان استعان بذكر غزال من حديقة حيوان صغيرة موجودة في القطاع لإجراء عملية التلقيح، وبعد ستة أعوام، وصل عدد أفراد عائلة الغزلان التي يملكها إلى ستة، وهم "أربع إناث، وذكرين"، ويأمل بأن يكون هذا العدد، نواة لمزرعة أحلامه الكبيرة.
وأستطرد في الحديث: "أنجبت الأنثى بعد أشهر من تلك العملية فهي تحمل صغيرًا واحدًا في كل مرة، ومدة حملها ستة أشهر، وعادة ما يتم الحمل في الخريف، وهو موسم تزاوج الغزلان، وقمت بعدها بشراء ذكرٍ لها، وجعلته ينضم للعائلة، ذلك في بداية تكوينها."
وعن تربية الغزال وحياته قال: "حياة الغزلان لا تختلف كثيرًا عن الماعز والأغنام، فهي تحتاج لنفس الطعام والطقس للعيش، فأكلها العُشب، والحبوب، والأعلاف، والقش"، منوها إلى أنه ورغم هذا التشابه، إلا أنها مختلفة في بُنيتها الجسدية، فهي رشيقة وسريعة الركض، ولا يسهل الإمساك بها."
الغزلان في مزرعة ماجد شراب في خانيونس
احتياجات الغزلان
ويحتاج "شُرّاب" إلى قرابة ألف شيقل إسرائيلي (250 دولار أمريكي) شهريا كمصروف لإطعام الغزلان الستة، ويتطلع المربي الغزي إلى الحفاظ على تلك السُلالة النادرة من ذلك الحيوان في غزة عن طريق المؤسسات المعنية بالحيوانات لتقديم الدعم له وتطوير مشروعه ليصبح مزرعة كبيرة.
وبحسب "شراب"، فلا يتواجد في قطاع غزة، سوى "15 رأساً" من حيوان الغزال يتواجد أغلبها في حدائق الحيوان، فيما لا يقل سعر الرأس الواحد منها عن ألفي دولار أمريكي.
وزارة الزراعة لا علم لها بالمزرعة
ومن جانبها أكدت وزارة الزراعة أنها لا تعلم بأمر هذه المزرعة وبالتالي لم تقم بزيارتها خلال السنوات الماضية، ويوضح مدير الانتاج الحيواني في وزارة الزراعة طاهر أبو حمد بأن شُراب يعتبر من الهواة والوزارة لا تقوم بزيارة هذه الفئة، فهي كبيرة جدًا في غزة. منوها إلى أن أي مربي حيوانات يتوجه للوزارة تتم مساعدته عن طريق توفير الأطباء البيطريين أو تلقي النصائح حول طريقة التربية، وتشبيك المربي مع مؤسسات داعمة سواء فنياً أو مادياً.
ووعد أبو حمد أن يتم زيارة المزرعة في أقرب وقت، بعد أن قامت معدّة التقرير بالتواصل معهم وتزويدهم بمكان وعنوان المزارع شُراب وتعريفهم باحتياجاته، حيث تقدم الوزارة فقط ووفق إمكانياتها النصح ومعاينة الحيوانات من قبل اطباء بيطريين ذات خبرة كبيرة.
فترة الحياة
وعن فترة حياة الغزلان يبّن أبو حمد أن الغزلان تندرج تحت فصيلة الظباء في عشيرة بقر الوحش، وتعيش ما بين 10-15 سنة، وتفضل العيش داخل المحميات أكثر من الطبيعة التي تعرضها لكثير من المخاطر.
ويذكر أن ما يميز الغزلان أن الوليد الصغير يستطيع الجري بعد ساعات من جفاف جسمه، ويرتبط مع أمه خلال الفترة الأولى للرضاعة، ويتعلم الصغير الكثير من خصائص جنسه من الأم ويظل معها في مكان آمن، وخلال أول أسبوعين من بعد الولادة، يكون قليل الحركة، ولا ينهض إلا عند رؤية أمه التي يلتصق بها للرضاعة.
ويستطيع صغير الغزال وفق أبو حميد العيش دون حليب الأم وذلك بعد ثمانية أسابيع (شهرين)، وتبدأ الصغار في تكوين مجموعات المداعبة واللعب عند المغيب، وبعد النشاط واللعب تفترق الصغار لملاحقة أمهاتها، وبعد ذلك تنتهي مرحلة ملاحقة الأمهات بانضمام الصغار إلى القطيع الأنثوي، حيث تشارك الصغار في النشاطات اليومية والتحرك مع القطيع، وعند اكتمال نمو الصغار تظل الإناث مع القطيع بينما تفارقه الذكور للانضمام لمجموعة العزاب".
غزلان ماجد شراب
التكاثر وفترة الحمل
أما عن التكاثر فوضّح أبو حميد أنه حين يصل الغزال إلى عمر سنة من ولادته يستطيع التزاوج والتناسل، وتستمر فترة الحمل من 5-6 شهور، وتلد الأنثى بعدها صغيراً واحداً، وتحدث الولادات في فترة الربيع (بداية فبراير ومارس وإبريل).
ويضيف بأن الغزال ينشط في الفجر وعند الغروب متحاشياً حرارة الشمس أثناء النهار باحثاً عن الغذاء والمياه، ويعيش في مجموعة، وكل مجموعة من 15-20 رأس، عبارة عن الإناث والصغار وذكر واحد يفرض سيادته على قطيع الإناث، ويقوم بطرد الذكور بعيداً عن مقاطعته التي يعيش فيها"، ونوه أن الغزال حذرٌ جداً من الحيوانات آكلة اللحوم، وهو يجري بسرعة عالية بالقفز بأرجله الأربعة محافظاً عليها، ورأسه تكون متصلبة، ويختفي بعيداً عن مصدر الحيوانات المفترسة أو الإنسان وهنا تكمن صعوبة الإمساك بها.
غذاء الغزال
وعن غذاء الغزال قال أبو حميد:" أنه يأكل الأعشاب الخضراء، والنباتات الجافة القصيرة، والأوراق والبراعم، وفي المحميات يتغذى على البرسيم المجفف والعلائق المركزة، ويحب شرب المياه بكميات كبيرة، رغم أنه يقاوم الجفاف لفترات طويلة، ويتحمل العطش".
مزرعة الغزلان في خانيونس
الغزلان مريضة
ومن جهته أكد الدكتور البيطري في وزارة الزراعة موسى أبو حيدر بعد معاينة صور غزلان أبو حميد التي التقطتها معدة التقرير أنها تشكو من عدة أمراض وهي ظاهرة على جلدها، ومن قوامها الضعيف فيبدو أنها مصابة بالجرب والديدان وهي بحاجة ماسة لتلقي التحصينات، ومن أهمها الحمى القلاعية والالتهابات الرئوية.
وأستطرد في الحديث: "لا تختلف تربية الغزلان عن تربية الماعز فكلها من المجترات الصغيرة، فهي تتميز بقدرتها على مقاومة المرض وخاصة إذا كانت في محمية خاصة مثل حدائق الحيوانات فهي تختلط قليلا مع الحيوانات التي من الممكن أن تتسب في إيصال المرض إليها، كما أن الاهتمام بها يكون عالٍ جدًا كون ثمنها مرتفع".
ويشير أبو حيدر في نفس الوقت أن هناك امكانية أن تصاب غزلان المربي شُراب بعدة أمراض كونها متواجدة في مزرعة خاصة بالطيور، وتزيد الخطورة إذا كانت هذه الطيور من النوع المطلوق أي لا يحتفظ به في أقفاص خاصة بها.
وبشكل عام يذكر أبو حيدر الأمراض والإصابات التي قد تصيب الغزال وهي جروح سطحية (نتيجة للعراك بين الذكور السائدة والذكور الأخرى) والإجهاض المعدي، الالتهاب الرئوي المعدي في المواشي، والسل الكاذب، والطاعون البقري، وطاعون الغنم، والحمى القلاعية.
ونوه أبو حيدر إلى أنه يجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة وذلك بالعزل التام للغزال المصاب، ناصحاً بإجراء التطعيم للغزال ضد أغلبية الأمراض البكتيرية والفيروسية، كما يجب إجراء فحص دوري له وخصوصاً لروث الحيوان، لمعرفة مدى الإصابة ببعض الطفيليات وتقديم العلاج المناسب لكل حالة، وهذا ما ستقوم به وزارة الزراعة خلال الأيام القادمة وفق حديث البيطري.