شذرات بيئية وتنموية: "كواكب" وبيوت عزاء وأمطار وطاهية متطوعة وغلاء وأولويات وامتحان عسير
خاص بآفاق البيئة والتنمية
من شهداء غزة الأطفال خلال عدوان إسرائيلي سابق
ليسوا أرقامًا
ما الذي تعنينه لكم إبادة 34971 إنسان حتى اليوم 218 من العدوان؟
هؤلاء قلوب وعيون وحيوات قطفت قبل الأوان.
هم في الدرجة التالية بعد الملائكة، او مثل طيور الجنة تماماً.
تذكروا أن لهم أحبة يبكونهم آناء الليل وأطراف النهار دمعاً ودماً.
اقنعوا أنفسكم أنهم ليسوا مجرد أرقام، بل أرواح تطير مع نوارس البحر، وتنمو مع أزهار الجبال، وتداعب الغيمات.
تخيلوا أنهم يشكلون أكثر من نصف مواطني مدينة جنين، ويتفوقون على أكبر بلداتها عدداً.
إنهم يتجاوزون عدد طلبة جامعة النجاح الوطنية، الذين يحلمون كالفراشات.
هم أكثر من 66 ألف عين كان تحلم بحياة آمنة مطمئنة.
لقد ترك هؤلاء مليون حسرة في كل بيت وجامعة ومدرسة ومتجر ومؤسسة ومسجد وكنيسة.
هم ليسوا شواهد لقبور صماء.
تخيلوا ملابس عيدهم السابق، وكتبهم، وكعكهم، وفسيخهم، ودراجاتهم، وقصصهم، وبيوتهم المدمرة.
تصوروا أن أكثر من ثلاثة أرباع هؤلاء أمهات وأطفال.
تأملوا معنى تحول هؤلاء إلى رقم في نشرة إخبارية، تعقبها إعلانات تجارية، وبرامج طبخ، ويصبحون مجرد مكافأة لمحلل سياسي يذكرهم لفضائيته!
فكروا بهؤلاء، وأنتم تبحثون عن بطيخ إسرائيلي وعنب استعماري لتزيين أطباق يوم عيدكم الذبيح.
تصوروا حجم الكتاب الذي سيحتاجه أسماء هؤلاء الشهود العمالقة لإشغاله.
تخيلوا كم خسرنا من طبيب وصحافي ومزارع وتاجر ومعلم وطالب وفنان وعاشق وحالم.
اسألوا أنفسكم عن الشركاء الذين يحملون دم هؤلاء إلى جانب قتلتهم.
لا تشغلوا أنفسكم بهوياتهم الفصائلية، فذلك التصنيف لا يُقدم ولا يُؤخر.
تخيلوهم في ملابس أطفالكم، ونقودكم، وعيدكم، وحلواكم.
رددوا لهؤلاء 34971 سورة فاتحة، فربما تكونون أنتم في عدادهم ذات لحظة.
المجد لهم، والعار لمستحقيه أينما كانوا.
تدخين في بيوت عزاء مقفلة
فوضى
نلاحظ تغير شكل بيوت العزاء (الأجر)، إذ أصبح معظمها يشهد الأحاديث الجانبية غالبية الوقت، وهي غير متصلة بالموت ورسالته، ولا علاقة لها بالراحلين والراحلات والترحم عليهم، كما تعج هذه المجالس بالتدخين في أماكن مغلقة، وتسبب مضايقة لمرضى أو لغير المدخنين.
يتوجب علينا بدء توجه جديد في بيوت الأجر، بحيث يتم التزام الصمت فيها مراعاة لأحزان العائلات، والعمل بالحديث الشريف: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيراً أو ليصمت"، وعلينا الإقلاع عن التدخين، والتوقف عن تقديم التمور، لغير سبب وأبرزها أن غالبيتها من منتجات محتلينا.
مطر أيار
شتاءات ربيعية
وفق دائرة الأرصاد الجوية حول مطر أيار، شهدت القدس أعلى معدلات هطول منذ بداية تدوين الهطولات المطرية حتى شتاء 2023، إذ هطلت عام 1878 (32 ملم) متجاوزة معدلها المعتاد (3,1 ملم). وأما في جنين فسجلت أعلى قيمة عام 2014 بواقع (22,5 ملم)، مع أن معدلها السنوي (2,4 ملم). ووثقت في نابلس عام 1986 (65,1 ملم) متجاوزة كثيراً معدلها السنوي (7,3 ملم). وهطلت على الخليل عام 2001 (53,9 ملم) مبتعدة عن معدلها الموسمي (3,1 ملم). أما في أريحا فشهدت عام 2014 هطول (31,5) مع أن معدلها السنوي (1,9 ملم). وفي رام لله، كان حضور عام 2014 لافتًا بـ (29 ملم)، وفوق المعدل الاعتيادي (3,3 ملم). وهطلت فجر 6 أيار 2024 نحو 1-15 ملم في محافظة جنين.
جميلة خلف- الطاهية المتطوعة
الجميلة
أبصرت الحاجة جميلة أحمد الحاج محمد خلف النور في برقين مطلع الثلاثينيات. تطوعت في طهو الطعام لموائد الأفراح والأحزان، وقادت سيدات برقين على هذا النهج عشرات السنوات، قبل أن يتحول طعام المناسبات لطباخين بأجر، وتلاشت عادة اجتماعية كانت تقرب الناس من بعضهم البعض.
توفيت الطاهية المتطوعة في أيار 2014، بعد سيرة حافلة بالعصامية والعمل والتطوع، رحمها الله، وتركت سيرة قيادتها لعادة اجتماعية لافتة اندثرت.
عمل صحافي وندوة لمجلة آفاق
تجربة
تعلّمت 20 عاماً في روضة ومدرسة وجامعتين، واجتزت تدريبات عملية في 18 مدينة شرقية وغربية، وتعاملت مع 24 رئيس تحرير ومسؤول مباشر خلال 28 عاماً، واجتزت أكثر من 1000 اختبار، وقابلت أكثر من 5000 مسؤول وشاهد في رحلة الصحافة.
أبرز الدروس طوال التجربة: كونوا كمؤسِسة روضتنا المرحومة الحاجة نادرة جرار (التي قدًمت كل شيء لبلدتها دون مقابل)، ولا تفرطوا في الكره والود، ولا تصفقوا لأحد، ولا تطلبوا شيئاً خاصاً من مسؤول مهما بلغ قربكم منه، ولا تندموا على غرس شجرة حتى لو استظلها قاطع طريق وابن ضال، وافرطوا في الشفافية حد الملل، واحتفظوا لأنفسكم ببعض الصور القديمة مع أحبتكم دون نشر، خشية من ساعة خصام، وفرقوا بين نقد الفكرة وشيطنة صاحبها، ولا تصدقوا كل ما يُقال لكم وعنكم في العلن فبيت القصيد في الخفاء، وبعد انتهاء محادثاتكم الهاتفية.
غلاء المنتجات الغذائية المصنعة والمعلبة
نار مستعرة
أعددنا في مجلة (آفاق) عام 2022 لائحة خاصة من معطيات "الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني"، كشفت أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بـ 104%، فيما صعد الأرز 153%، أما الخبز ومنتجات المخابز فزادت 117%، وتضاعفت اللحوم الطازجة بـ 104%، والدواجن الطازجة 124%، وصعد الحليب ومنتجات الألبان والبيض بنسبة 79%، أما الحليب الخام فتغير66%، والأجبان بـ 40%، واللبن والمنتجات المماثلة 143%، والبيض 54%.
وقفزت أسعار الزيوت والدهون 97%، والزيوت النباتية 99%، والزبدة 43%، والفواكه الطازجة 115%، والخضروات الطازجة 157%، وبدائل السكر 23%، والمسكن 121%، وإمدادات المياه 92%، والكهرباء 71%.
وحلق الغاز بـ 306%، والوقود السائل 344%، والوقود الصلب 169%، والأدوية والمنتجات الصحية 71%، والأدوية 61%، والمنتجات الطبية 144%، والمنتجات المساعدة 95%. فيما زادت خدمات الرعاية في الخارج 170%، وخدمات طب الأسنان 165%، وخدمات رعاية المرضى الخارجيين 199%، وزادت المواصلات 132%، و"الديزل" بـ 165%، والبنزين 190%. أما خدمات نقل الركاب زادت 214%، وخدمات التعليم 83%، والطفولة المبكرة والتعليم الابتدائي 181%، والتعليم الثانوي 284%، والتعليم ما بعد الثانوي غير العالي 33%، والتعليم العالي 56%، فيما انخفضت فقط المعلومات والاتصالات 56%.
إعلان تخفضيات للموظفين الحكوميين
مفارقات
إعلان تكافلي ممول مع موظفي القطاع العام، يساعدهم على إنقاص وزنهم على الحساب، والدفع بعد ميسرة الرواتب! يشبه هذا الترويج إعلان مؤسسة إقراض عن تمويلها السخي لرحلات السفر لغير المقتدرين، بفوائد. ما أحوجنا إلى فهم أولوياتنا وترتيبيها بشكل منطقي.
طلبة مدارس
مدارس
أتابع الشأن التربوي منذ سنوات، وخلال الأعوام الفارقة عدنا إلى المدرسة بمبادرة الابتهاج بمرور مئة عام على تأسيسها، وشكلنا لجنة عليا للتحضير لشيء لائق بالمناسبة.
جمعت التجربة قرابة 120 ألف دولار من خريجيها البررة وأبناء برقين الأوفياء وماجدتاها الكريمات، وأعادتها للمدرسة ببرنامج عمل وترميم وتطوير، ووثقت سير المديرين والمعلمين وأوراق امتحانات وعدة كتب ومراسلات ووثائق، وانتهت باحتفالية غير مسبوقة في شكلها.
دون تحامل على وزارة التربية والتعليم، أشاهد التغيرات التي تعصف بالمدرسة والمعلم والمنهاج والطالب. يمكن لأي باحث رصد عشرات البرامج والأنشطة والاجتهادات والمراكز الأهلية والمؤتمرات في الجسم التربوي ومنظومته، والتي تؤكد كلها أننا لسنا بحال وردي، ونهرب من الجوهر نحو الشكل والقشور، وأحدث تخبط امتحان التوجيهي وإنجازاته الوهمية، وعلاماته الخيالية.
بالمستطاع، تسجيل أسماء برامج ومسميات لا تُقدم ولا تؤخر، وكلها على حساب أساس التعليم وعصبه الرئيس.
أما التعطيل والإضرابات والتعليم عن بعد، وإهانة المعلم بلقمة عيشه، وسن قوانين باهتة دمرت ما تبقى من هيبة ومكانة ودور للمدرسة.
يا رعاكم الله، هل شاهدتم لغة الأبناء وكتاباتهم؟ وهل استمعتم لقراءتهم؟ وهل تعرفون علاقتهم بكتبهم؟ وهل لاحظتم تعلقهم بهواتفهم النقالة؟ وكم هي نسبة ما يحصلون عليه من مهارات عالية في المعرفة؟ وماذا عن الفاقد التعليمي؟
في الماضي، كان تلاميذ الصف السادس يحصلون على مستويات متقدمة في اللغات والرياضيات والعلوم وغيرها، لكنهم اليوم يعانون الأمرين، وصارت الدروس الخصوصية موضة.
بالمختصر، دخلت كراهية المدرسة إلى الأبناء، وتم تحطيم صورة المدرسة والمعلم بإتقان وبراعة، وسندفع كلنا ثمن ما يجري اليوم من ضياع وتيه و"تيمز"!