l أهالي المناطق "الأمنية" شمال وشرق قطاع غزة يعانون من العطش وغرق منازلهم بالمياه العادمة
 
 
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
" شبـــاط 2013 - العدد 51
 
Untitled Document  

تدمير إسرائيلي منظم لأخصب الأراضي الزراعية ولمئات آبار المياه وشبكات الري
أهالي المناطق "الأمنية" شمال وشرق قطاع غزة يعانون من العطش وغرق منازلهم بالمياه العادمة
الوضع المائي الكارثي يستنزف حصة الأسد من دخل الأسر في "الحزام الأمني"

مزارعات غزيات في حقل قمح بمنطقة الحزام الأمني بغزة إثر العدوان الإسرائيلي في تشرين ثاني الماضي

خاص بآفاق البيئة والتنمية

فرض الاحتلال الإسرائيلي عام 2008 ما يسمى "الحزام الأمني" على قطاع غزة، والذي يمتد على طول "الحدود" الشمالية والشرقية للقطاع، بمحاذاة ما يسمى "الخط الأخضر".  ووفقا لمرسوم عسكري إسرائيلي صدر في ذلك العام، يمنع الفلسطينيون من الاقتراب من "الحزام" الذي يتراوح عرضه بين 300-1500 متر ويشمل مناطق سكنية ومصادر مياه وأراض زراعية حيوية لأهالي غزة.  ويعود العدوان الإسرائيلي المتواصل على مزارعي تلك المناطق إلى بضع سنوات قبل عام 2008.  حيث دأب الجيش الإسرائيلي على إطلاق النيران الكثيفة على كل مواطن أو مزارع يدخل تلك الأراضي؛ ما أدى إلى إصابة واستشهاد العديد من الأهالي.  وإثر العدوان الإسرائيلي الهمجي في تشرين ثاني الماضي على القطاع، وما أعقبه من اتفاق وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحركة حماس، "خفف" الاحتلال قيوده على مناطق "الحزام"؛ إلا أن بنود هذه "التراجع" الإسرائيلي في تلك المناطق بقيت غير واضحة. 
علاوة على ذلك؛ إثر وقف إطلاق النار، عاد العديد من المزارعين إلى أراضيهم في منطقة "الحزام"، إلا أنهم لم يتمكنوا من العناية بها وزراعتها، لأنها تحتاج إلى معدات لتسوية الأراضي التي جرفها ودمرها الاحتلال، وتتطلب إمكانيات لا يتحملها المزارعون.  لذا، تنوي بعض الجمعيات والمؤسسات العاملة في القطاع الزراعي التحرك لدعم المزارعين ومساعدتهم على إعادة تأهيل وفلاحة أراضيهم المدمرة هناك؛ علما بأن مئات المزارعين حرموا من فلاحة أراضيهم منذ أكثر من عشر سنوات. 
وخلال السنوات الماضية، تضرر 113 ألف فلسطيني من الممارسات الإسرائيلية العدوانية في مناطق "الحزام الأمني"، علما أن الزراعة تعد مصدر الدخل الرئيسي لغالبية الأسر في تلك المناطق التي تشكل نحو 35% من إجمالي الأراضي الزراعية في قطاع غزة.  وقد امتازت تلك الأراضي في الماضي بالتنوع الزراعي، ابتداء من الخضار، ومرورا ببساتين الحمضيات واللوزيات والزيتون، وانتهاء بالنخيل.
وحاليا، أكثر من 50% من أراضي "الحزام الأمني" غير مزروعة بسبب منع الاحتلال للعمل الزراعي فيها، إضافة إلى فقدان مصادر المياه التي جففها أو دمرها الصهاينة.
ويقدر معدل الخسارة في دخل المزارعين في مناطق "الحزام الأمني" بـِ 63.7%، وذلك بالمقارنة مع ما قبل خمس سنوات.  ومنذ عام 2005، دمر جيش الاحتلال في ذات المناطق 306 بئر مياه، بتكلفة تقديرية قيمتها 9 ملايين دولار.  كما، ومنذ عدوان كانوني 2008/2009، دمر الاحتلال ستة خزانات مياه زراعية لا تزال دون إصلاح، إضافة إلى تدمير 2750 دونماً من شبكات الري و7600 متر أنابيب المياه.

شباب غزيون يواجهون جيش الاحتلال في منطقة الحزام الأمني بعد العدوان الإسرائيلي الهمجي في تشرين ثاني الماضي

شح خطير في المياه
تعاني الأسر الغزية في مناطق "الحزام الأمني" من شح خطير في المياه، وانعدام خدمات المياه بشكل منتظم.  وبالرغم من أن 66.7% من المنازل تتزود بالمياه البلدية عبر الصنابير، إلا أن نحو 81% منها يحصلون على المياه لفترات قصيرة أسبوعيا، تتراوح بين يوم واحد إلى ثلاثة أيام، ولبضع ساعات قليلة فقط.  ولسد العجز المائي الخطير، تعتمد الأسر في "الحزام الأمني" على مصادر مائية بديلة أغلى ثمنا من مياه البلديات، لتلبية احتياجاتها اليومية.  حيث أن أكثر من 26% من الأسر في "المناطق الحدودية" يشتري المياه من الصهاريج المحملة على شاحنات يملكها بائعون أفراد يتحكمون بأسعارها، بينما يحصل أكثر من ثلث الأسر على المياه من آبار ارتوازية محلية جودتها  متدنية جدا.     
هذا الوضع المائي الكارثي يستنزف حصة الأسد من دخل هذه الأسر، تاركا القليل جدا من دخلها الذي لا يكفي لتغطية سائر احتياجاتها من غذاء وملبس وصحة.  بل إن العديد من الأسر تورطت في ديون لا تستطيع سدادها.  وبينت إحصائية أخيرة أن حوالي 37% من الذين يعتمدون على مياه الصهاريج ينفقون أكثر من ربع دخلهم على المياه؛ وذلك على حساب الاحتياجات الأسرية الأساسية الأخرى، كالطعام والملابس والعلاج.

إسهال متكرر والتهابات جلدية
تشكل الآبار الخاصة مصدر المياه الرئيسي للري في مناطق "الحزام الأمني"؛ إلا أنها لا تفي بحاجة المحاصيل، نظرا لتدني قدراتها والشح الكبير في الوقود، ما يحد كثيرا من إمكانية الضخ.  يضاف إلى ذلك، أن مياه هذه الآبار الخاصة تشكل عبئا ماليا كبيرا على المزارعين الذين يعانون من دخل هزيل يفترض به تغطية تكلفة الري من هذه الآبار والتي تبلغ مائتي شيقل (خمسين دولاراً) للدونم الواحد شهريا، وذلك حسب نوع المحصول.  وبسبب ذلك، فإن أكثر من 53% من المزارعين لا يستطيعون ري جميع محاصيلهم، ما يرغمهم على تقليل كمية وعدد مرات الري.
وقد أعاق الاحتلال بشكل كبير صيانة وتحديث البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في مناطق "الحزام الأمني"، علما أن غالبية مساكن "المناطق الأمنية" (أكثر من 86%) غير مرتبطة بشبكات الصرف الصحي، بل تعتمد في تصريف مياهها العادمة على حفر امتصاصية ارتجالية.  والأنكى من ذلك، أن شاحنات البلديات غالبا ما لا تستطيع الوصول إلى تلك المناطق لتفريغ المياه العادمة من الحفر الامتصاصية؛ بسبب خطر هجوم إسرائيلي أو إطلاق قذائف على العمال؛ ما يتسبب في تدفق يومي متواصل لكميات كبيرة من مياه المجاري وإغراقها للمنازل؛ وبالتالي تعريض المواطنين، وبخاصة الأطفال، لمخاطر صحية جدية.  واللافت أن عددا كبيرا من الأولاد في المناطق "الحدودية" يعانون من الإسهال المتكرر والالتهابات الجلدية، التي من المرجح أن يعزى سببها إلى سوء الصرف الصحي.

التعليقات

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 

 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية