النكبة الإنسانية المرعبة التي خلفها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أكبر بكثير من إمكانيات وقدرات الغزيين على مواجهتها وحدهم
خاص بآفاق البيئة والتنمية
خبراء كثيرون حذروا من العواقب الصحية-البيئية الكارثية الناتجة عن القصف الإسرائيلي الوحشي للبنى التحتية المائية والكهربائية والصحية في قطاع غزة، ما أدى إلى دمارها الهائل بل انهيارها؛ وبخاصة محطة توليد الكهرباء وخطوط التغذية الكهربائية، ومصادر المياه والآبار والمشافي والمراكز الصحية. حجم النكبة الإنسانية التي خلفها العدوان والمتمثلة في انعدام الكهرباء والمياه وانتشار المياه القذرة، وبالتالي انتشار التلوث وانعدام النظافة العامة والأوبئة والأمراض الجلدية وبخاصة الجرب والحكة والطفح الجلدي، إضافة لأمراض الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي والتهاب السحايا لدى الأطفال تحديدا، والكوليرا والتهاب الكبد الوبائي- إن حجم هذه النكبة أكبر بكثير من إمكانيات وقدرات الأهالي على مواجهتها وحدهم.
|
|
الاحتلال الإسرائيلي لم يترك زاوية في قطاع غزة دون تدميرها |
حذر خبراء كثيرون من العواقب الصحية-البيئية الكارثية الناتجة عن القصف الإسرائيلي الوحشي للبنى التحتية المائية والكهربائية والصحية في قطاع غزة، ما أدى إلى دمارها الهائل بل انهيارها؛ وبخاصة محطة توليد الكهرباء وخطوط التغذية الكهربائية، ومصادر المياه والآبار والمشافي والمراكز الصحية. حجم النكبة الإنسانية التي خلفها العدوان والمتمثلة في انعدام الكهرباء والمياه وانتشار المياه القذرة، وبالتالي انتشار التلوث وانعدام النظافة العامة والأوبئة والأمراض الجلدية وبخاصة الجرب والحكة والطفح الجلدي، إضافة لأمراض الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي والتهاب السحايا لدى الأطفال تحديدا، والكوليرا والتهاب الكبد الوبائي- إن حجم هذه النكبة أكبر بكثير من إمكانيات وقدرات الأهالي على مواجهتها وحدهم.
البنية التحتية المائية والكهربائية في قطاع غزة دمرت كليا
خطوط تغذية الكهرباء في قطاع غزة دمرت بالقصف الجوي أو المدفعي البري، ما يعني أن أكثر من 90% من كهرباء قطاع غزة أصبحت مشلولة. النسبة المتبقية (أقل من 10%) لا تكفي لتلبية احتياجات أكثر من مليوني شخص في القطاع. وفي المحصلة، يعاني الأهالي من انقطاعات في التيار الكهربائي لفترات طويلة يوميا. المنازل المحظوظة هي تلك التي تتمتع لمدة ساعة أو ساعتين يوميا بالكهرباء، وذلك في بعض المناطق المحدودة جدا، بينما حرم ويحرم معظم الناس من الكهرباء لأسابيع طويلة. الثلاجات في معظم المنازل لا تعمل، وقد حولها الكثيرون إلى مجرد خزائن.
العدوان العسكري استهدف طواقم الصيانة التابعة لشركة الكهرباء، ما منعها من العمل على إصلاح الشبكة أثناء القصف؛ علما أن بعض عمال الصيانة استشهدوا أثناء محاولاتهم إجراء إصلاحات طارئة في العديد من المناطق.
كما أن غياب الحماية أثناء العدوان، جعل تحرك العمال بهدف تقييم الأضرار التي حدثت لخطوط المياه العذبة والعادمة وإصلاحها أمرا مستحيلا.
العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة دمر البنى التحتية المائية والصحية والكهربائية وشبكات الطرق
وحتى هذه اللحظة، لا تزال معظم مرافق مياه الشرب والمياه العادمة معطلة؛ إذ أن المياه الصالحة للشرب التي كانت تضخ على قطاع غزة قبل العدوان شلت تماما؛ يضاف إلى ذلك أن كميات كبيرة من مياه آبار كثيرة كان يعتمد عليها أهالي غزة للشرب، قد اختلطت مع المياه العادمة، ما يفاقم الأمراض المنقولة عن طريق المياه.
المياه العادمة المتدفقة في كل مكان، وجبال النفايات المتراكمة في الشوارع تحت أشعة الشمس الحارقة أصبحت مظهرا شائعا. معظم أنظمة ضخ ومعالجة المياه العادمة لا تعمل، ما يمس أكثر من مليون غزي بشكل مباشر.
ظروف حياة الغزيين كانت بائسة أصلا قبل العدوان الأخير، إذ منذ عام 2006 يعيش الأهالي محاصرون مجوعون ليس فقط من الاحتلال الإسرائيلي، بل يساهم النظام المصري أيضا في تشديد الحصار؛ فجاء العدوان الإسرائيلي ليجهز عما تبقى من مقومات الحياة الأساسية في قطاع غزة.
دمار شامل وإبادة بشرية جماعية في قطاع غزة
المشكلة أنه في حال عودة المياه ولو لبضع ساعات قليلة أسبوعيا، فإن خزانات المياه على أسطح معظم المنازل الغزية تظل فارغة، لأن شرط امتلائها مرتبط بتشغيل مولدات ضخ المياه التي لا يمكن أن تعمل دون كهرباء، إذ أن الأخيرة أصبحت عملة نادرة جدا في مختلف أنحاء القطاع. وحيث أن المياه العادية للاستحمام غير متوفرة، فكم بالحري المياه اللازمة لغسل وتنظيف المراحيض، إذ أصبحت العملية الأخيرة معدومة في العديد من المنازل التي لا تزال قائمة ولم تدمر تدميرا جزئيا.
الاحتلال تفنن في تدمير منشآت حياتية حساسة، فضلا عن الحصار الوحشي على المواد الأساسية والماء والوقود. وبهدف ترسيخ عملية تعطيش الغزيين، قصف الاحتلال خزانات المياه. كما دمر خلايا الطاقة الشمسية، بعد أن منع إدخال الوقود لتشغيل المولدات في المنشآت الحيوية، وبخاصة المشافي التي تحولت إلى مقابر جماعية في ظل انقطاع الكهرباء عن آلاف المرضى والجرحى فيها. ولم تسلم المولدات الرئيسية في العديد من المشافي والمخابز، فعمد الاحتلال إلى شن غارات عليها وتدميرها.
مئات الآلاف من أهالي قطاع غزة لا يزالوا نازحين، ناهيك عن الآلاف الآخرين المشردين أصلا منذ حروب 2008-2009، 2012، 2014 و2021. يضاف إلى ذلك البلدات والقرى والأحياء التي دمرت كليا وسويت منازلها بالأرض، فأصبحت أثرا بعد عين؛ ناهيك عن مئات المنازل التي دمرت على رؤوس قاطنيها، فأبيدت عائلات بأكملها عن بكرة أبيها.
الوجه الآخر لحرب الإبادة الجماعية تجسد في التدمير الإسرائيلي المتعمد للإرث الحضاري-الإنساني والمعالم الأثرية في قطاع غزة.
غزة أصبحت دون مياه أو طعام أو دواء
أمام هذا المشهد الدموي البشع الذي صنعه الاحتلال، لا يزال البعض يستغرب من إصرار أهلنا في غزة على الثبات والنضال من أجل وجودهم وحقوقهم، وتفضيلهم الموت وقوفا على الحياة خنوعا.