l مزارعو "الحدود" في بيت حانون: لن تخيفنا دبابات الاحتلال وسنواصل زراعة الأرض
 
 
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
تموز - آب 2012 العدد-46
 
Untitled Document  

رفعوا شعار الأرض تعادل الروح
مزارعو "الحدود" في بيت حانون: لن تخيفنا دبابات الاحتلال وسنواصل زراعة الأرض
الجيار: إعادة الحياة للأرض المجرفة هدفنا.. والزراعة العضوية نهجنا

أراضي بيت حانون الخضراء يعمرها أهلها بالإنتاج الزراعي ليعمد الاحتلال على تدميرها

سمر شاهين / غزة
خاص بآفاق البيئة والتنمية

هنا في بيت حانون أقصى شمال قطاع غزة، حيث المناطق الحدودية، التى لا تعرف الهدوء إلا ما ندر بفعل ممارسات الاحتلال الإسرائيلي التى تستهدف كل شيء دون استثناء، تقبع آلاف الدونمات لمزارعين رفضوا ترك أراضيهم، ورفعوا شعار الأرض تعادل الروح، وانه لا مجال لترك الأرض مهما بلغ حجم وقساوة الاستهداف الإسرائيلي.
وبحسب اتفاقية أوسلو التى وقعتها السلطة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي في العام "1993" فإن المساحة الأمنية العازلة تعادل فقط 300 متر على طول حدود قطاع غزة مع أراضى فلسطين الـ"48"، إلا ان الاحتلال زاد من هذا المساحة حتى وصلت في بعض المناطق لـ"2 " كيلو متر ويزيد.
"آفاق البيئة والتنمية"، برفقة المهندس هاني أبو حطب من مركز العمل التنموي / معا، تصحب قراءها في جولة للأراضي الزراعية في المناطق الحدودية لرصد آلية الزراعة الحضرية "العضوية" ومشاركة المزارعين صمودهم وتمسكهم بالأرض.

هناك كان الخوف سيد الموقف لاسيما وان صوت الرصاص لم يتوقف للحظة، حيث أكد المزارعون على وجود "مركز تدريب" للجيش الاسرائيلي قريب وانه مصدر الصوت.

عودة للأرض!!
المزارع سليم القرا "أبو حسام" من خان يونس – جنوب القطاع- يحرص على زراعة أرضه التى ورثها عن والده والبالغة سبعة دونمات  في بيت حانون شمال القطاع، بالقرب من المناطق الحدودية، حيث تبعد نحو 2 كم .
يقول الستيني"ابو حسام" رفضت بيع الأرض وتركتها منذ سنوات جراء ممارسات الاحتلال الاسرائيلي إلاّ أنني قررت العودة إليها وزراعتها خاصة في فصل الربيع  بالشمام.
ويؤكد بأنه رغم الخوف الذي قد يصاب به المزارعون في المنطقة، إلا انه سيواصل زراعة أرضه، ويقول: "عملت على زراعتها مؤخرا بالشمام بدعم من مركز معا، حيث تكللت عملية الزراعة بالنجاح الكبير والمحصول وصل إلى درجة فاقت كل التوقعات (...)، وما يميز انتاجي هو خلوه التام من الكيماويات حيث اسير وفق الإرشادات التى يقدمها لنا المهندسون الزراعيون".
ويضيف بأن الوضع في هذه المناطق – في إشارة إلى المناطق الحدودية- خطير جدا وهناك خوف دائم على حياتنا وعلى المحصول أيضا، لاسيما وان الاحتلال الاسرائيلي كبّدنا خسائر فادحة ففي كل عملية اجتياح أو تحريك للدبابات تتلف المزروعات ليتم معاودة الزراعة من جديد، مع إضافة خسائر إلى قائمة الخسائر الطويلة التى يتكبدها المزارع على مدار سنوات.
وتشير تقارير حقوقية ان سكان المناطق الحدودية هم الأكثر تعرضا للاعتداءات الإسرائيلية كما ان أراضيهم تقع ضمن دائرة المصادرة، فيما تبين مؤسسات تعنى بالزراعة الى سعيها تعزيز صمود المزارعين بتقديم الدعم اللوجستى والمعنوى لهم، في إشارة الى تزويدهم بالمعدات الزراعية والاشتال وتوفير عمّال لمساعدتهم.
ويشير القرا إلى ان مركز معا كان سبباً رئيسياً لإعادته إلى مزاولة الزراعة خاصة في هذه الأرض بعد ان هجرها منذ سنوات حيث قدم له الكثير من المستلزمات التى سهلت له زراعة خمسة دونمات من ارضه البالغة  "7"دونمات"
وبين انه قرر عدم استخدام أي نوع من الكيماويات في عملية الزراعة وهو ما يؤكده منسق المشروع م. عماد الجيار، لافتا الى ان المحصول فاق كل التوقعات.
ويشدد على انه لن يترك ارضه مهما تمادى الاحتلال في ممارساته القمعية بحق الأرض والشجر والإنسان، منوها الى الأرض القريبة من الحدود بحسب الاتفاقيات تعد مناطق "جـ "  تصبح خالية من السكان في اوقات المساء، بينما مع الساعات الأولى للصباح يتواجد أصحاب الأراضي في محاصيلهم الزراعية وذلك في رسالة منهم ان الأرض تعادل الروح.
وتعمل سلطات الاحتلال على ترهيب الموطنين في هذه المنطقة لإجبارهم على ترك أراضيهم ومغادرة المنطقة، حيث يستهدف الاحتلال كل من يقترب من السياج الأمني المحيط بقطاع غزة حتى مسافة 300 متر.
المزارع الشاب فضل الكفارنة "32" عاماً يقول: "أمارس مهنة الزراعة منذ سنوات وتحديدا في هذا المكان حيث اعمل من السابعة صباحا وحتى السابعة مساء، ويرافقني خمسة مزارعين ونعمل على زراعة نحو 7 دونمات، كما احضر اولادي معي الى مكان العمل لإيماني بأن الأرض هي اغلى ما لدى الفلسطينيين".
ويشدد على انه مهما بلغت قوة الاحتلال فإنه سيواصل زراعة الأرض، موضحا أنه يمتلك دونمين في منطقة أخرى ويعمل على زراعتهما ولا يخالف أيا من إرشادات المزارعين .
ويقول: "لن أترك الأرض أيا كانت الظروف"، مشيراً بيده الى مكان مخصص للنوم صنع من عسف النخيل، حيث يتناوب في المبيت هو او واحد من اولاده كحراسة للمحصول.
ويؤكد بأنه لم يعد يخشى ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، ويبرهن على ذلك بفلاحته للأرض التى لا تبعد إلا 2 كم عن الحدود، مشيرا الى مكان مرتفع يجلس عليه الجنود وهم يرصدون حركة المزارعين.

أراضي بيت حانون المتاخمة للحدود مع إسرائيل يصر المزارعون على مواصلة زراعتها محاصيل عضوية نظيفة بالرغم من قصفها المتواصل من قبل إسرائيل

"معاً" والمزارعين
ويقول منسق المشروع م. عماد الجيار ان مشروع استصلاح وزراعة 225 دونماً المنفذ من قبل "معا" والذي يستمر لمدة عام كامل يهدف الى دعم الإنتاج وتحسين سبل المعيشة، إضافة الى نشر الوعي في مجال مكافحة الآفات الزراعية لافتا الى ان المشروع ساهم وبصوره فاعلة في تحسين سبل المعيشة  للمهمشين من خلال إعادة التأهيل لعناصر الإنتاج في قطاع غزة والضفة الغربية.
وبين أن المشروع ممول من قبل مؤسسة التضامن البلجيكية بقيمة إجمالية بلغت "502" ألف يورو لقطاع غزة و"250" الف يورو للضفة الغربية المحتلة.
وأوضح انه تم اختيار المزارعين ضمن مجموعة من المعايير منها ان يمتلك من 2- 5 دونمات، وأن يتوفر لديه مصدر للمياه بينما عمل المركز على تسوية للأرض، وحراثتها، وتسييجها، بالإضافة الى شبكة ري للخضار، لافتا الى دور المشروع في تشغيل الايدى العاملة لمساعدة المزارعين حيث تضمن توفير "4159" يوم عمل، استفاد منه "172" عاملاً بواقع "25" يوم عمل.
ويلفت الى انه تم عقد "12" ورشة عمل تم تنفيذها في المناطق التى استهدفها المشروع وهى جحر الديك، حي الزيتون،       والتفاح، وبيت حانون شمال القطاع، وقد تناولت الورشة الأولى التى عقدت في المواقع مكافحة حشرة توتا ابسلوتا وسوسة النخيل، فيما تناولت الورشة الثانية ترشيد استخدام المياه للري وكذلك ترشيد استخدام الكيماويات والمخصبات، فيما تناولت الورشة الثالثة إدارة المزرعة وعلاقتها بالزراعة.
ويشير م. جيار الى انه سيتم قريباً تنفيذ دورة تدريبية على مدار "36" ساعة تدريبية ستتناول حشرة توتا ابسلوتا وطرق المكافحة، التوجهات الاقتصادية والصحية في استخدام الأسمدة والمبيدات، كما ستتناول الدورة دراسة جدوى المحاصيل المختلفة.
 ويؤكد ان زراعة هذه الدونمات "زراعة عضوية" بالدرجة الأولى، وان المركز يعمل على تقديم الإرشادات للمزارعين على مدار الساعة، مشيرا الى ان الزراعة الحضرية هي نهج يسعى المركز الى ترسيخه لدى كافة المزارعين على حد سواء.
وفي جولة سريعة في المكان، أبى العديد من المزارعين ترك أراضيهم حيث يعملون على تشييد غرف خاصة بهم في المكان، بالرغم من أنهم على يقين بأن الاحتلال سيجرفها يوما كعادته ..!

مزارعو بيت حانون يصرون على تحدي دبابات الاحتلال ومواصلة الزراعة
التعليقات

مزارعو بيت حانون المتشبثون بأرضهم وزراعتهم رغم القصف والترهيب الإسرائيليين، لهو أروع قدوة عملية على التطبيق الفعلي لاقتصاد المقاومة...فليتعلم منهم المهادنون والمتواطئون ...

محمود سيقلي

 

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 

 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية