جامعة سوهاج- مصر

إرتبط الأمن البيئي Environmental Security، بتصاعد التهديدات البيئية على كافة المستويات (وطني، إقليمي، دولي) ،حيث أصبحت هذه التهديدات تشكل خطراً على الوسط الطبيعي للإنسان والكائنات الحية، ما استدعى من الباحثين والأكاديميين وكذا صنُاع القرار إيلاء أهمية قصوى لهذا القطاع الأمني، حيث برزت العديد من الكتابات والمقالات حول القضايا والمفاهيم المتعلقة بالأمن البيئي، و صارت من ضمن الاهتمامات البحثية الجادة في السنوات الأخيرة .
هو مصطلحٌ ظهر للدلالة على وجود علاقةٍ بين أمن البشر والبيئة التي بقيت موضع نقاشٍ ومثار جدلٍ خلال العقود الأخيرة، حتى ظهر مفهوم الأمن البيئي بالتوازي مع تحديد معنى استراتيجية الدفاع والمجتمع البيئي، وإيجاد نوعٍ من التفاهم والارتباط بين الفكر التقليدي للأمن الوطني والحماية البيئية وتطوير السياسة.
إن حماية البيئة هي مسؤولية تقع على عاتق الجميع أفراداً ومؤسسات كل حسب مهنته ووظيفته وطبيعة علاقته بالبيئة ومواردها وفقاً لتخصصها العلمي والمهني، إن حماية البيئة والحفاظ عليها يعود نتائجها وفوائدها إلى المحافظة على عناصر الحياة و مكوناتها البيئية ولعل أهم جوانب الحفاظ على البيئة وحمايتها يكمن في علاقة البيئة بالتنمية ومحاولة خلق توازن بين البيئة و التنمية يتجاوز المصالح الذاتية جماعيا وفرديا على حساب غيرهم وخلق توازن بيئي قدر المستطاع ولعل الهدف الرئيسي أو النهائي لخلق ذلك التوازن هو الوصول إلى تحقيق الأمن البيئي الذي يعني تأمين حق الجميع في حياة حرة صحية لضمان استمرار واستقرار التنمية الاقتصادية والإجتماعية.

إن الأمن البيئي يشمل مجموعة من الجهود المبذولة من الدول و الأفراد من أجل تحقيق الرفاهية و التقدم الإجتماعي و حماية المواطن من المخاطر وهو ما يعني حماية الإطار الذي يعيش فيه وهو البيئة والحد من إفسادها و تدهورها، إضافة إلى الإستثمار الأمثل للموارد الطبيعية البيئية ومن أجل تحقيق الأهداف المذكورة في حماية البيئة ووصولاً إلى الأمن البيئي المنشود فان الوعي في مشكلات البيئة وتأثيرها على الموارد من خلال الإدراك لطبيعة البيئة و مكوناتها و التفاعلات فيما بينهم أمر مطلوب لتحقيق وعي بيئي يؤدي إلى تغيير السلوك و الممارسات تجاه البيئة ومواردها.
ويأتي في مقدمة المعارف التي يجب أن يعرفها البشر في مكونات البيئة ومواردها خاصة في سعيهم لإستغلالها في حياتهم وفي نشاطاتهم التنموية والإقتصادية وهو إدراك حقيقة محدوديته الموارد البيئية والطبيعية على تحمل الإجهاد والتدهور والإفساد.
إن إستنزاف الموارد البيئية ومحدوديتها من جانب والمشكلات البيئية من تلوث وتدهور من الجانب الآخر يؤثر في محصلتها على تلبية الإحتياجات الأساسية للإنسان، من هنا لابد للنشاطات البشرية والتنموية مراعاة عدد من العوامل والاعتبار الهامة في البيئة ومواردها أبرزها أدرك قدرة كوكبنا على تلبية حاجاتنا من الموارد خاصة تلك الموارد المتجددة أو غير المتجددة أو حتى المتجددة التي تتعرض للتلوث التي تحتاج للرعاية والحفاظ عليها من الأضرار.
إن الاستنزاف والتلوث متلازمان ومرتبطان في معظم الأحوال في تدمير البيئة ومواردها بحيث إنهم يشتركان في حرمان الإنسان من الموارد وتلويث البيئة وأنظمتها في وقت واحد فمثلاً وقود الطاقة وهي من المواد المحدودة وغير المتجددة فإنها تتعرض للاستنزاف من خلال تزايد استهلاك الطاقة عالمياً واستخدامه بشكل كبير ومكثف يؤدي إلى تلويث الغلاف الجوي.
كما إن التلوث الجوي يفعل الاستغلال المكثف لهذه الموارد هو عامل من العوامل الرئيسية في ارتفاع درجة حرارة الأرض و تقلبات المناخية و تآكل طبقة الأوزون كما أنه أدى إلى سقوط الأمطار الحمضية الضارة بالإنسان و التربة الزراعية، من هنا لابد من التعامل الواعي مع هذه الموارد من حيث ترشيد استهلاك الطاقة بإتباع وسائل و تقنيات تعمل على الحد من تلويث البيئة أو التخفيف منه إن الإضرار بالموارد البيئية وتلويثها يكون له انعكاسات مباشرة على صحة الإنسان، في الماء مثلاً العنصر الأساسي لحياة الكائنات الحية وهو المورد الذي يعتبر من الموارد الطبيعية الدائمة على الرغم من محدودية وجودة في كوكب الأرض وهو الماء الصالح للشرب و الاستخدامات الحيوية، هذا المورد يتعرض للاستنزاف من ناحية وإلى التلوث أيضاً، حيث يتزايد في عالمنا اليوم تلوث مصادر المياه مما يؤدي إلى تعرض البشر إلى الأمراض الأوبئة و السرطانات حيث بينت الأبحاث العلمية أن 85% من السرطانات البشرية عائد لأسباب بيئية أكثر منها وراثية.
يمكن القول إن الأمن البيئي هو أحد مجالات الأمن الوطني والإقليمي الذي يقلل ويمنع من حصول التهديدات المتعلقة بمصادر الطاقة وطرق إمدادها والمخاطر البيئية والضغوطات المسببة لزعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي وحدوث النزاعات والصراعات بين البلدان
أهمية الأمن البيئي: يعد الأمن البيئي أحد مركبات الأمن الإنساني ويشار إليه بالأمن الحيوي الذي يشمل الأمن البيئي وله ثلاثة مستويات: الفردي والوطني والعالمي. لذا أخذت القضايا البيئية بُعداً استراتيجياً، إذ لم يعد نشوب التوترات والنزاعات العسكرية قاصراً على حدوثها بمفردها، ولكن أصبحت ممتزجة بتحديات عالمية جديدة وواسعة النطاق وبات الارتباط بين مشاكل البيئة والأمن الدولي في تزايد. ومع ارتفاع وتيرة التدهور البيئي زادت الأهمية والحاجة إلى تبني مفهوم الأمن البيئي؛ لأن الإنسان قام بإهمال مقومات الحياة (النظام البيئي والتنوع البيولوجي) التي تمدنا بالماء والأكل والدواء والهواء النقي. كما أن أهمية الأمن البيئي تبرز في الحفاظ على الموارد الطبيعية والابتعاد عن شبح الندرة، وذلك بالاستغلال الرشيد لهذه الموارد وفق مبدأ المساواة بين الأجيال الحاضرة وكذا مبدأ الإنصاف مع الأجيال المستقبلية.
كما أن الأمن البيئي قد أصبح ذا تأثير على الأمن القومي للدول، حيث يظهر أثر البعد البيئي في الأمن القومي من خلال عنصر الأمان والاطمئنان على الثروات الطبيعية الواجب حمايتها من أجل أجيال الغد خوفاً من مستقبل يحمل مخاطر وتحديات بيئية تضر أجيال المستقبل بقدر إضرارها بسيادة الدول.