خاص بآفاق البيئة والتنمية
معدل انقراض النباتات يتسارع بوتيرة غير مسبوقة. في تقرير عن حالة النباتات والفطريات في العالم لعام 2020، وجد أن 39.4% من نباتات العالم مهددة بالانقراض، وهذا رقم هائل، وهناك "نقاط ساخنة" تتميز بالتنوع البيولوجي في المناطق الاستوائية والبحر الأبيض المتوسط، يرتفع فيها معدل الانقراض أكثر من غيرها من المناطق. المقال التالي يقدم أمثلة على النباتات المهددة بالانقراض في فلسطين.
|
|
السنط الملتوي- الأكاسيا |
حياتنا على كوكب الأرض تقوم على لَبنات أساسية، ومنها النباتات والفطريات، كونها مصدرًا للغذاء والطاقة لعديد من الكائنات الحية، إضافة إلى استخدامها في علاج وإنقاذ حياة الملايين من الناس، فضلاً عن أنها تزوّد البشرية بالهواء النظيف الذي لا يمكننا العيش من دونه.
وتماماً كما الحيوانات، فإن النباتات عرضة للانقراض، بل إن معدل انقراض الأخيرة يتسارع بوتيرة غير مسبوقة.
وخلص تقرير عن حالة النباتات والفطريات في العالم لعام 2020، إلى أن 39.4% من نباتات العالم مهددة بالانقراض، وهذا رقم هائل، وهناك "نقاط ساخنة" تتميز بالتنوع البيولوجي في المناطق الاستوائية والبحر الأبيض المتوسط، يرتفع فيها معدل الانقراض أكثر من غيرها من المناطق.
الأسباب التي تساهم في انقراض النباتات
تشكّل النباتات إضافة إلى أهميتها السابقة، جزءاً كبيرًا من العلاجات المستخدمة لعلاج أمراض فتاكة مثل السرطان، وأمراض القلب، وأمراض جلدية مختلفة، ويعتمد ما يقارب 4 ملايين شخص على الأدوية العشبية ومستخلصات النباتات مصدرًا رئيسًا للرعاية الصحية.
ومن ناحية غذائية، فإن 90% من الطاقة الغذائية التي تستهلكها البشرية مستمدة من 15 نوعًا تقريبًا من النباتات، علمًا أن هناك أكثر من 7000 نوع نبات قابل للأكل، وفي الوقت ذاته، نصف سكان العالم تقريباً يعتمدون في الأساس على ثلاثة محاصيل "الأرز والذرة والقمح".
وقد أدرج "الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة" في القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض، مجموعة من التهديدات المستمرة للتنوع البيولوجي على كوكب الأرض.
وكشفت دراسة أن 19,817 نوعًا مهددًا بالانقراض، وُصف 3947 نوعًا بأنه عرضة للانقراض بشدة، بينما وُصف أكثر من 10000 نوع أنه عرضة للخطر، فيما أصبحت النباتات مهددة أكثر من الطيور، ما يجعلها في المرتبة الثانية بعد البرمائيات والشعاب المرجانية المهددة بالانقراض.
وأدى إلى هذا الوضع عدد من الأسباب، أهمها فقدان الموائل الطبيعية لهذه النباتات، وتغير المناخ، فضلًا عن عوامل بيولوجية أخرى تساهم أيضاً في انقراض الأنواع النباتية، مثل منافسة وغرو الفطريات (وحيدة الخلية) غير الأصلية أو المفصليات الغريبة التي يمكن أن تؤدي إلى انقراض الأنواع النباتية.
ومن المثير للاهتمام، أن الأحداث الطبيعية مثل التغيرات الجيولوجية والمناخية تمثل تهديداً بنسبة 19% للحياة النباتية، بينما التهديد الأكبر يتمثل في فقدان الموائل الطبيعية الناتج عن ممارسات الإنسان مثل تحويل الموائل الطبيعية إلى الزراعة أو رعي الماشية.
وثمة تغيرات بيئية تسبّبها ممارسات البشر وتسهّل انقراض النبات، لأنها تجبر النبات فسيولوجيًا على التكيف مع القيود البيئية المتغيرة، وتشمل هذه التغيرات زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون في غلاف الجو، وكذلك الفسفور والكالسيوم ودرجة الحموضة وغيرها من التغيرات المناخية.
وتشير التقديرات إلى أن النشاط البشري المؤدي لتدمير الموائل هو السبب الرئيس الذي يجعل 83% من النباتات عرضة لخطر الانقراض.
معايير لتقييم احتمال انقراض الأنواع
يُعد حوض البحر الأبيض المتوسط من النقاط الساخنة على نطاق عالمي فيما يتصل بالنباتات العرضة للانقراض، بسبب تقاطع ثلاث كتل أرضية رئيسة وهي أوروبا وآسيا وأفريقيا، ما يعني وجود حيوانات ونباتات مميزة ومتنوعة للغاية، ما دفع إلى استثمار جهد كبير في برامج تعني بالحفاظ على أنواع النباتات العرضة للانقراض، في جميع أنحاء العالم.
التحدي الأساسي يكمن في تحديد الأنواع والنظم الإيكولوجية ذات الأولوية العالية للحفاظ عليها، والصراع يبقى في تحديد أهمية نوع معين لاستثمار جهود الحفظ مع وجود موارد محدودة.
"الاتحاد العالمي للحفظ" وضعَ "معايير كمية" لتقييم احتمال انقراض الأنواع، وهي خمسة معايير: منقرضة، وعرضة لخطر الانقراض بشدة، ومهددة بالانقراض، والضعيفة والقريبة من التهديد.
وقُبلت هذه المعايير على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، وتشكل الأساس للقائمة الحمراء للنباتات المهددة، وتُحدّد هذه المعايير بناءً على عدة عوامل، منها الندرة، وانخفاض المعدل وهشاشة الموائل، والجاذبية، ونوع التوزيع.
أمثلة على النباتات المهددة بالانقراض في فلسطين:
السوسن الأرجواني الداكن
السوسن الأرجواني الداكن
هذا النوع من السوسن ينمو في 37 موقعًا على طول السهل الساحلي لفلسطين، ما يمنحه قيمة نادرة (النباتات التي كانت موجودة في أقل من 110 مواقع).
موطنه هو التلال الرملية في منطقة ذات اكتظاظ كبير بالسكان، وبالتالي فإنه مهدد بالتدمير بسبب زيادة نسب التحضر، وهذا يجعله عرضة للتأثر بالموائل، خصوصاً لأنه ينمو على نطاق ضيق في هذه المناطق.
وهذا النوع من السوسن جذابٌ للعين، وبالتالي قد تزيد إمكانية التقاطه على غيره من النباتات.
بناءً على الرقم الأحمر المحسوب وفق المعطيات السابقة، فإن السوسن الأرجواني الداكن يُصنّف أنه "ذو أولوية عالية للحفظ".
السوسن الأرجواني الداكن هو نبتة جيوفيتية جذرية (أي التي جذعها وبراعمها وأطرافها وجذورها تحت التربة)، طولها يتفاوت من 25 إلى 40 سم، ذات جذور محمرّة، أوراقها مسطحة (7-11 معاً) من معقوفة لمستقيمة، وعرضها يراوح بين 5 و8 ملم، زهرتها أرجوانية داكنة، ومستديرة رائعة، مفردة، وعرضها يتفاوت من 6 إلى 8 سم.
السنط الملتوي- الأكاسيا
السنط الملتوي "الأكاسيا"
هي شجرة صحراوية منخفضة تشكّل مظلةً رائعة، تنشأ عدة فروع متساوية الحجم من نقطة واحدة على سطح التربة، وتنمو للخارج نموًا متماثلًا في جميع الاتجاهات بزاوية 30 درجة عمودي، وتشكل مخروطاً معكوساً.
الفروع الصغيرة حمراء، ومغطاة بشعر يشبه اللباد (كثيف الشعر).
جذور الشجرة عميقة وتنمو في المناطق التي توجد فيها المياه في أعماق كبيرة، بحيث لا تنافسها نباتات أخرى على المياه، وتنتشر في وادي عربة ومنطقة البحر الميت.
أما ارتفاع الشجرة، فيختلف باختلاف كمية المياه في الجذور، وقد يصل بما يتفاوت من متر إلى 5 أمتار.
شجرة السنط لها حضور في المناظر الطبيعية، وتحتل مكانة رئيسة في النظام البيئي، ولها أشواك حادة وصلبة، وتحتاج أوراقها الصغيرة إلى كل حماية ممكنة، في بيئة تشهد طلبًا كبيرًا على البراعم الخضراء، مع ذلك، ينجح الجمل في غرز شفتيه بين الأشواك وقضم الأوراق، وتتغذى الغزلان على الثمار المتساقطة.
يحتوي جنس السنط على 750 نوعًا، ينمو نصفها في أستراليا وجزر المحيط الهادي، وفي فلسطين توجد أربعة أنواع تنمو بريًا، وغيرها عديد من الأنواع المستأنسة.
الميرمية المحلية Salvia Eigi
الميرمية المحلية Salvia Eigi
هذا النوع من الميرمية هو نبات عشبي معمّر، ينمو في كتلة بارتفاع 30 سم، وعرض 60 سم، ذو أوراق خضراء داكنة.
ينمو ساق الزهرة حتى ارتفاع متر، مع عدة أزهار تنمو على شكل نورات (النورة هي مجموعة الأزهار المرتبة بطريقة ثابتة ومحددة في النوع الزهري الواحد")، وتحديدًا "السالفيا ايغي" عرضة لخطر الانقراض، وفي حال انقرض في فلسطين، فهذا يعني انقراضه في العالم كله.
عندما اكتُشِف في فلسطين، كان يتواجد في بادئ الأمر في 16 موقعًا فقط، ولم يتبقّ منه الآن إلا 11 موقعًا، ومعظم المواقع التي يقع فيها الآن تتركز في الجليل السفلي، وجنوب الكرمل، ووداي جرزيل، وجنوب الجولان.
وتشير البيانات إلى أن ما تبقّى من هذا النبات لا يتجاوز مئة نبتة في أغلب هذه المناطق؛ عدا منطقة واحدة تتواجد فيها أعدادها بكمية أكبر بقليل.
نبات الميرمية في أحد هذه المواقع عرضة لرعي الأبقار عندما تكون في ذروة نموها وازدهارها، قبل أن يكون لديها الوقت لإنتاج البذور، وتعد أحد الأطعمة المفضلة للأبقار التي تأكل الأوراق والنورات قبل تفتّحها.
ومع أن هذا النوع من الميرمية هو نبات معمّر يتجدد كل عام، إلا أن توقيت الرعي الحرج يشكّل خطورة على قدرة النبات على إنتاج البذور وبالتالي انقراضه.
بخور مريم
بخور مريم
هو نبات عشبي درني معمّر ينمو بما يراوح بين 5 و8 سم، وهو نوع من النباتات المزهرة، بأوراق مستديرة على شكل قلب وأزهار وردية تأخذ شكل صدفة ذات لون غامق في القاعدة.
هذا النبات يُستخدم غطاءً أرضيًا في البساتين، وأزهاره تتفتح في الشتاء وأوائل الربيع.
الزهور متقلّبة، مع بتلات مستديرة تقريباً، على العكس من أي مجموعة أخرى من أنواع بخور مريم، البتلات أرجوانية أو وردية أو بيضاء مع بقعة أغمق في القاعدة.
يتوطن هذا النوع من بخور مريم في منطقتين، نطاقها الرئيس حول البحر الأسود، من بلغاريا عبر شمال تركيا، إلى القوقاز وشبه جزيرة القرم، وتتواجد مجموعة أخرى منها بالقرب من البحر المتوسط في تركيا، عبر لبنان إلى شمال فلسطين، تحديداً في ثلاثة مواقع "الجليل والجولان وجبل الشيخ".
الأعداد من هذا النوع مستقرة إلى حد ما، ولم تشهد تغييرًا يُذكر لسنوات عدة، ولكن التهديد الرئيس يتمثل في اقتلاع هواة النباتات له في التجمعات السكانية الواقعة بالقرب من مسارات المشي لمسافات طويلة (مثل مسار القمة على جبل الجرمق)، وبالقرب من الطرق الرئيسة، بينما لا يمكن الوصول إلى المواقع الأخرى المتبقية بسهولة، في حين أن أعداد هذا النبات المتواجدة في "الجليل الأعلى" قليلة ومتفرقة، وبالتالي خطر انقراض هذه الأنواع محلياً قائم.
ما سبق، كان أمثلة قليلة على نباتات إما مهددة بالانقراض أو قريبة من التهديد، ولأسباب مختلفة، ومن هنا يتوجب العمل على مستويات عدة من أجل الحفاظ على هذه النباتات، ونقصد بــ "العمل" إجراء أبحاث جادة ومفصلّة حول الأنواع المهددة بالانقراض، خصوصاً على المستوى الفلسطيني الذي يواجه ضعفاً كبيراً من ناحية البحث والتوثيق، فالمصادر والدراسات التي وجدتها في هذا الصدد شحيحة جداً، ما يدعونا للحث على إجراء بحوث من هذا النوع.
ومن المهم أيضاً زيادة التوعية بأضرار انقراض أنواع معينة من النباتات على الكائنات الحية المختلفة وعلى النظام الإيكولوجي كله، وكذلك استنهاض دور العمل المجتمعي من أجل إيجاد أفضل الحلول للحفاظ على النباتات من خطر الانقراض، وبالأخص على المستوى المحلي.
المراجع:
Huon Perennials. No date. Salvia eigii. Huon Perennials.
Ibrahim et al., 2013. Significance of endangered and threatened plant natural products in the control of human disease. Proc Natl Acad Sci USA. 110(42): 16832- 16837.
Igini, M. 2022. All you need to know about endangered plant species. Earth.org.
Livne, M. No date. Acacia tortilis. Wild flowers of Israel.
Sapir, Y., Shmida, A., Fragman, O. 2003. Constructing red numbers for setting conservation priorities of endangered plant species: Israeli flora as a test case. Journal for Nature Conservation.
Shmida,A., Pollack, G., Sapir, O. 2005. Red Data Book: Endangered Plants of Israel. The Hebrew University Magnes Press.
The Jerusalem Botanical Gardens. 2023. Iris atropurpurea. The Jerusalem Botanical Gardens- Garden Explorer.
Wikipedia contributors. (2022, April 12). Cyclamen coum. In Wikipedia, The Free Encyclopedia. Retrieved 16:41, August 15, 2023, from https://en.wikipedia.org/w/index.php?title=Cyclamen_coum&oldid=1082309948
Images sources:
https://en.wikipedia.org/wiki/Iris_atropurpurea
https://en.wikipedia.org/wiki/Vachellia_tortilis
https://en.wikipedia.org/wiki/Cyclamen_coum