نساء هزمن الفقر وقهرن الحصار
التعاونيات... اقتصاد مقاوم يعزز صمود الغزيين!!
اقتصاديون: التعاونيات داعم اساسي للاقتصاد الغزي
مركز معا: تبني الاقتصاد المقاوم وتعزيز صمود المزارعين هدفنا
|
ناشطات منتجات في تعاونية نسائية للتصنيع الغذائي |
سمر شاهين
خاص بآفاق البيئة والتنمية
عرفت المسنة سالمة أبو مصطفى، معنى النجاح والبعد عن شبح العوز وطلب مساعدة الاخرين عندما تمكنت من قيادة تعاونية للأعشاب الطبية والزعتر في مدينة رفح جنوب القطاع. هذه المسنة كانت تعمل على تنظيف الزعتر بعد ان تجففه جيدا لطحنه وتغليفه لتسويقه الى المحال التجارية، وكذلك للمشاركة في المعارض النسوية التى تعمل على تسويق انتاج النساء.
وتعد التعاونيات احد اعمدة الاقتصاد المقاوم الذى تنتهجه المؤسسات الفلسطينية سواء الحكومية منها او الاهلية في قطاع غزة، لدورها في تعزيز صمود المواطنين في ظل الحصار الذي فرضته سلطات الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة منذ حزيران / يونيو من العام 2007، واغلاق كافة المنافذ ومنع الدخول والخروج من والى القطاع.
وتعيش سالمة (أم حسام) برفقة ابنتها التى تساعدها داخل البيت بعد ان انهت الدراسة الجامعية ولم تجد حتى اللحظة وظيفة.
وقد فقدت أم حسام زوجها عام 1977، ومنذ ذلك الحين، واجهت صعوبةً في كيفية توفير مستلزمات بيتها الذي ضم طفلين. حيث رفضت ان تبقى ذليلة تضع يدها على خدها وتنتظر من يمد لها يد العون سيما بعد ان أدركت حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، فقررت خوض العمل وكانت البداية بزراعة الأرض المجاورة لمنزلها التي لا تتجاوز الـ"400" متر مربع لتكون الخطوة الأولى في البعد عن شبح التسول والعوز.
|
تدريب الناشطات الغزيات في التعاونيات على التسويق |
نسب البطالة والفقر في ازدياد لدى النساء
وتوضح أنها وقبل ثلاثة عشر عاما لجأت إلى الجمعيات العاملة في تعزيز صمود المراة الفلسطينية فتوجهت الى الجمعية التعاونية للتوفير والتسليف في رفح، لتتلقى سلسلة من الدورات التدريبية التى تمكنها من البدء بمشروع صغير خاص بها تتشارك وأفراد أسرتها في العمل لاسيما وأنها أضحت المعيل الوحيد للأسرة.
ويبين تقرير أخير لجهاز الإحصاء الفلسطيني ان معدلات البطالة لا زالت مرتفعة بين النساء، حيث وصلت إلى %28.4 عام 2011 في حين كانت 13.8 % عام 2001، و أن معدلات البطالة بين النساء كانت الأعلى بين الحاصلات على 13 سنة دراسية فأعلى؛. حيث بلغت %38.8 في عام 2011 .
وتشير أم حسام إلى أنها ومنذ عشر سنوات انخرطت في العمل ضمن تعاونية الأعشاب الطبية والزعتر.
ويؤكد مختصون في الشأن الاقتصادي لـ"آفاق البيئة والتنمية" أن التعاونيات تعد داعماً اساسياً ورئيسياً للاقتصاد المقاوم حيث حققت فرصة عمل دائمة للنساء من خلال إدارتها للمشاريع بشكل جيد والعمل ضمن مجموعات وتعاونيات إنتاجية.
ويبين مركز الإحصاء الفلسطيني ان معدلات الفقر أعلى بين الأسر التي ترأسها إناث، فحوالي 15 % من تلك الأسر تعاني من الفقر الشديد في الأراضي الفلسطينية .
وتوضح هذه السيدة التى تمكنت من مساندة ابنائها حتى تمكنوا من انهاء دراستهم الجامعية، انها تشارك في المناقصات التى تتضمن توريد أعشاب طبية او زعتر وكذلك التوابل، حيث تعمل على الاستفادة من الأعشاب المتوفرة لديها وكذلك شراء أعشاب أخرى من نساء يعملن على زراعتها ومن السوق المحلي.
وتقول :"اعمل أنا وابنتي داخل المنزل من اجل انجاز المطلوب في وقت قصير(...) ابنتي أنهت الدراسة الجامعية وكذلك ابني، هذا حلم طالما راودني وتمكنت من تحقيقه . ."
ويشير الاقتصاديون الى ان النساء اللواتي التحقن بالتعاونيات تمكنت العديد منهن، إقامة مشاريع خاصة بهن داخل المنازل ومشاركة كافة أفراد الأسرة وبعض النساء وصلن إلى السوق الخارجي من خلال تصدير منتجاتهن.
ويعد العمل في التعاونيات عمل تعاوني أسري ، وفي قطاع غزة العشرات من التعاونيات المتنوعة والمختلفة منها تعاونية الأجبان والصناعات الغذائية والمعجنات، الاعشاب الطبية، والمفتول ، العسل ، العجوة وغيرها الكثير.
ويرى هؤلاء الاقتصاديون أن هذه التعاونيات اذا ما استثمرت بصورة ناجعة، فإنها ستساهم في توفير المئات بل الآلاف من فرص العمل المختلفة من ناحية، وتعزز الاقتصاد الفلسطيني المقاوم لا سيما الاقتصاد الغزي وتبعده عن شبح الانهيار من ناحية أخرى.
|
|
صُنِع في التعاونيات النسائية للتصنيع الغذائي بغزة |
عاملة في أحد التعاونيات الإنتاجية في غزة |
نجاح آخر مع المفتول
ورغم قسوة الظروف وقمع الاحتلال الاسرائيلي، الا ان الفلسطينية رفقة عروق الشهيرة بـ"أم رامز" تمكنت من ان تسجل نجاحا كبيرا في الاسواق المحلية وكذلك الخارجية حينما تمكنت من تأسيس أول تعاونية مفتول في قطاع غزة.
وتقول ام رامز وهى تلاعب حبيبات من الدقيق بين يديها لتحولها الى حبيبات مفتول لـ"افاق البيئة والتنمية"، نعم عملت ومنذ عام 1989 على محاربة الفقر الذي هيمن على أسرتى المكونة من "9" أبناء وزوج أصابه الاحتلال برصاصة أقعدته في المنزل. وتضيف " 23 عاما وانا اعمل على صناعة المفتول".
الأوضاع الاقتصادية المتردية لأسرتها كانت الدافع الرئيس لخوضها العمل، ونجحت بأن تأسس تعاونية مفتول الشيخ رضوان من داخل منزلها وتنتقل من المحلية إلى السوق الخارجي، حيث شاركت في العشرات من المعارض المحلية منها وكذلك الدولية. وأصبح منزل ام رامز عنواناً للمفتول الغزي الذي تألق ومازال يتألق.
وتوضح بأنها تدربت على تعبئة وتغليف المفتول وذلك بعد فحصه والتأكد من جودته حيث كان يتم تسويق 15 طنا سنويا للتسويق المحلي و30-40 طنا للتسويق الخارجي، أما اليوم فإن ما يتم تصنيعه هو للسوق المحلي فقط، ويتم بيع الكيلو بـ"4.5" شيكل اى ما يعادل دولار و25 سنت، وتقول: "اليوم تواجهنا الكثير من الصعوبات منها انقطاع التيار الكهربائي، فقدان المحروقات، غلاء أسعار الدقيق وشحه بين الفينة والأخرى"، ورغم ذلك نواصل العمل.
|
|
أطفال غزيون يتناولون المنتجات الغذائية التي أنتجتها تعاونيات نسائية |
المعجنات في متناول أطفال غزيين من إنتاج التعاونيات النسائية |
معا أحد رواده!!
وعن مركز العمل التنموي /معا يقول مسؤول البرامج م. ايهاب ابو حسين، أن المركز يعد احد المؤسسات التى تعمل على تعزيز صمود الأسر التى تقودها النساء وكذلك الاسر الفقيرة، حيث تبنى في نهجه طرق واليات دعم الاقتصاد المقاوم لتعزيز صمود الغزيين لا سيما المزارعين والاسر المعوزة بالدرجة الاولى.
ويشير إلى ان المركز عمل على تأسيس خمس تعاونيات للتصنيع الغذائي تتعلق بالوجبات السريعة والمعجنات والساندويشات وكذلك في الحلويات – الكعك، المعمول -.
ويلفت ابو حسين الى ان التعاونيات تضم نحو 40 سيدة تم تنظيمهن في جسم تعاوني ضمن مسمى مشغل مرخص، مضيفاً أن :" السيدات شكلن الجمعية التعاونية على مستوى صناعة القرار عبر الانتخابات إضافة إلى تشكيل لجنة ادارة رقابية يتم اصدار تقرير شهري من خلالها.
ويشار إلى أن خلفية السيدات العلمية بسيطة وتم العمل على تحسين امكانياتهن الادارية والمهنية، بحيث اصبحن قادرات على إدارة العمل.
ويشير الى ان المشروع – في إشارة إلى التعاونيات – هو مشروع تكاملي مع اتحاد الكنائس، يستهدف تحسين مستوى الامن الغذائي لدى الاسر المستهدفة، والتي تكون فيها العائلات تحت مستوى خط الفقر وعدد أفراد الأسرة كبير، لافتا الى استهداف هؤلاء السيدات لأنهن ابدين استعدادهن للعمل، حيث تم تدريبهن الاداري والفني على مدار شهر ومن ثم افتتاح التعاونيات في شهر فبراير/شباط من العام 2010.
ويبين م. ابو حسين أن التعاونيات مستمرة ضمن نطاق جمعية امل التعاونية الاستهلاكية بالرغم من وجود جملة من التحديات.
|
|
تسويق منتجات التعاونيات النسائية في أسواق غزة |
تعاونية نسائية إنتاجية في الشجاعية بغزة |
العائد المالي أول التحديات
وفيما يتعلق بالعائد المالي قال انه اول هذه التحديات، مشيراً إلى توزيع كافة الأرباح على عضوات التعاونية حيث تحصل كل سيدة على 700 شيقل شهريا أي ما يعادل "200" دولار أمريكي، كما ان هذا العائد مرتبط بالإنتاج وكمية التسويق.
ويلفت الى ان المرحلة الاولى انتهت بمشاركة النساء في عملية اتخاذ القرار.
وبين انه من خلال التحليل لنقاط القوة والضعف فقد تم الانتقال الى مرحلة ثانية تتمثل في تعزيز وصول النساء إلى السوق إضافة إلى تطوير النظام المالي والإداري ضمن جمعية أمل.
وقال ان هذه التجربة وهي الأولى قد أفرزت بعض الدروس المستفادة، لاسيما من حيث تطوير منهجية مختلفة (إقامة أو تأسيس التعاونيات)، لافتا في الوقت نفسه إلى تعيين مشرفين لهم علاقة بطبيعة عمل التعاونيات استمروا على مدار 8 أشهر وأضافوا الكثير من خبراتهم إلى النساء اللواتي أصبحن يمتلكن إمكانيات جيدة.
ويشير الى ان عمل التعاونيات تطور خاصةً وان النساء اصبحن يسوقن الإنتاج، لافتا الى ان تفاهمات تمت مع مجلس طلبة جامعة الازهر والكلية الجامعية حول تسويق منتجات التعاونيات، وبات ذلك ضمن المرحلة الثالثة في خطة العمل والتي تمثلت في افراز خطة تسويقية.
وينوه مسؤول البرنامج الى ان العمل يسير على قدم وساق من أجل تحسين جودة الإنتاج حيث تم تحديد عدد من الاصناف الجديدة والاحتياجات المطلوبة، لافتا الى انه سيتم التعاقد مع الخبراء الفنيين لتدريب النساء اضافة الى العمل على تدريبهن على التغليف وتحديد صلاحية المنتج بالكتابة على الغلاف، وكيفية العرض في المحال التجارية لتسهيل عملية التسويق.
ويشدد على ان العمل سيتواصل من اجل تعزيز هذه التعاونيات وتعزيز صمود النساء المعيلات لأسرهن بالدرجة الاولى.
وبحسب م. أبو حسين فإنهم قد بدأوا العمل على دراسة إمكانية إنشاء تعاونيات جديدة حول التجميل وأخرى عن مواد البناء وذلك لدعم المرأة الفلسطينية وتعزيز صمودها.
|
|
تعاونية نسائية للتصنيع الغذائي في غزة |
غزيات في تعاونية نسائية يعكفن على إنتاج المعجنات |
التوفير والتسليف
كما تعد جمعية التوفير والتسليف احد رواد العمل في مجال التعاونيات، وتقول رئيسة مجلس الإدارة م. ابتسام سالم ان الجمعية أقامت العديد من التعاونيات الناجحة منها تعاونية المفتول، الألبان، النحل، الأعشاب الطبية، وكذلك تعاونية الاجبان (...) حيث تقدم الجمعية الإشراف والمتابعة للنساء وتعمل على تسويق الإنتاج سواء على الصعيد المحلي أو الخارجي، وكذلك إلى الضفة الغربية".
ونوهت الى ان ابرز المعوقات التى تواجههم في تنفيذ المشاريع هما: الحصار والإغلاق على القطاع، اللذان حالا دون توفير المواد الخام المستخدمة في إنشاء المشاريع، وتسويق منتجات الجمعية وكذلك منتجات التعاونيات التى تقدم لها الجمعية الإرشاد خارج قطاع غزة.
وتحرص المؤسسات التى ساهمت بإنشاء هذه التعاونيات على ضمان جودة المنتج بصورة متواصلة خاصة وأنها تعد مشاريع اقتصادية ناجحة للأسر الغزية، وذلك لنجاح عملية التسويق سواء داخليا أو خارجيا.
ويخضع الانتاج لفحوصات مخبرية، وكيميائية لقياس نسبة الرطوبة والرماد، وكذلك لفحوصات ميكروبية لقياس نسبة البكتيريا والفطريات والخمائر والبكتيريا الممرضة؛ للتأكد من صلاحية استخدامها للاستهلاك حسب المواصفات المتوافق عليها ويعود ذلك الفحص لطبيعة عمل التعاونية.
التعاونيات التشاركية+الاعتماد على مدخلات الانتاج المحلية+التدوير=اقتصاد مقاومة ...
عاصم السامري
التعاونيات المقاومة تعد من أقوى أشكال النشاط الاقتصادي المقاوم للاحتلال...وهذا ما أكده هذا التقرير...الله يعطيك العافية با أخت سمر
نبيلة عسقلاوي
|