l الاحتلال يتستر بقوانين وقرارات مزعومة "لحماية الطبيعة" هدفها اجتثاث المزارعين الفلسطينيين من وادي قانا وتثبيت المشروع الاستيطاني التهويدي
 
 
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
شباط 2012 العدد-41
 

تنكيل إسرائيلي منظم بمزارعي وادي قانا شمال الضفة الغربية
الاحتلال يتستر بقوانين وقرارات مزعومة "لحماية الطبيعة" هدفها اجتثاث المزارعين الفلسطينيين من وادي قانا وتثبيت المشروع الاستيطاني التهويدي

جدار من الإطارات لمكافحة الخنازير في وادي قانا

خاص بآفاق البيئة والتنمية

يعد وادي قانا الواقع في منطقة سلفيت شمال الضفة الغربية امتدادا طبيعيا لأراضي بلدة دير استيا، وهو أحد أهم وأكبر المناطق الطبيعية في الضفة ويتميز بجغرافيته الجذابة، ويشتهر بينابيعه دائمة الجريان وبركه الطبيعية ونباتاته وأشجاره المنوعة ومحاصيله الحقلية. إلا أن معظم الفلاحين الفلسطينيين هجروه بسبب اعتداءات قوات الاحتلال وتخريبها المتواصل لإنتاجهم ومزروعاتهم، وانعدام الأمن، واستفزازات المستعمرين، ومحاصرته من جهاته الأربعة بالمستعمرات التي أقيمت على أراضي الوادي أو الأراضي المطلة عليه.  ومن أكبر هذه المستعمرات "كارني شومرون" و"معالي شومرون".  وفي الأشهر الأخيرة، احتدمت في الوادي حالة الاشتباك بين المزارعين الفلسطينيين أصحاب الأراضي، وما يسمى "الإدارة المدنية" و"دائرة حماية الطبيعة" ذراعا الاحتلال الإسرائيلي.  وتدعي أداتا الاحتلال أن الفلسطينيين وسعوا المساحات المزروعة في الوادي ما أدى إلى "الإضرار بالمحمية الطبيعية".
وقبل بضعة أشهر، وصلت إلى المنطقة قافلة سيارات تابعة لـِ "الإدارة المدنية" و"حماية الطبيعة"، بهدف اجتثاث أشتال الزيتون وأكوام الإطارات التي أحضرها الفلسطينيون إلى المكان "دون إذن" من دوائر الاحتلال، بحسب ما يسمى "مكتب تنسيق العمليات" في الضفة الغربية.  وبالفعل، اقتلعت مئات أشتال الزيتون وصودرت الإطارات المطاطية.
ومنذ نحو ثلاثين عاما، أعلنت "الإدارة المدنية" منطقة وادي قانا محمية طبيعية؛ تلك المنطقة الغنية بالينابيع والغطاء الأخضر والأراضي الزراعية التي حرص المزارعون الفلسطينيون على فلاحتها منذ مئات السنين.  ولا يزال يقطن في الوادي بعض الفلاحين الفلسطينيين القلائل الذين يسعون جاهدين، عبر الثبات في أرضهم وفلاحتها، إلى مواجهة سياسة الاقتلاع.  
ويقول ناظم السلمان رئيس مجلس قروي دير استيا التي ينتمي إليها أصحاب الأراضي الزراعية في الوادي، بأنه "حتى لو تقرر اعتبار المنطقة محمية طبيعية؛ فيجب أخذ أصحاب الأراضي الزراعية في الوادي بالحسبان، وتمكينهم من مواصلة فلاحتها".  ويتابع السلمان:  "منعتنا الإدارة المدنية من إقامة أسيجة لمواجهة الأضرار البالغة التي تتسبب بها الخنازير البرية للمحاصيل الزراعية، لذا لم يبق أمامنا خيار سوى جلب الإطارات واستخدامها كحاجز؛ ومع ذلك سارعت الإدارة المدنية لإزالتها".  ويوضح السلمان بأن المزارعين الفلسطينيين يواظبون على فلاحة أراضيهم التي امتلكوها منذ الأزل.  و"يتلقى المزارعون مرارا وتكرارا إنذارات باللغة العبرية تطالبهم باجتثاث الأشجار.  وتمنح الإنذارات المزارعين بضعة أيام يمكنهم خلالها الاعتراض؛ إلا أنهم لا يثقون إطلاقا بالإدارة المدنية" اختتم السلمان.  

شق طريق في وادي قانا من إحدى المستعمرات

وقد مارست قيادات المستعمرين ضغوطا على أدوات الاحتلال في الضفة الغربية؛ وتحديدا "الإدارة المدنية" و"حماية الطبيعة"، للتحرك باتجاه منع التوسع الفلسطيني في مساحات الأراضي المزروعة بالزيتون في وادي قانا.  وزعم المستعمرون بأن الفلسطينيين تسببوا في "تحويل مجاري المياه الطبيعية في "المحمية" وبالتالي الإساءة إليها".
في الواقع، وعكس ما يدعيه الاحتلال والمستوطنون، فإن الأخيرين هم الذين لم يتوانوا، منذ سنوات طويلة وحتى يومنا هذا، عن تشويه المعالم الطبيعية للوادي وتدميره؛ إذ تحول في السنوات الاخيرة من أرض زراعية خصبة تزرع فيها الخضراوات والحمضيات، إلى تربة ملوثة لا تصلح للزراعة، ولم تعد مياه الأمطار وحدها تملأ الوادي بل اختلطت هذه المياه بالمياه العادمة المتدفقة من المستعمرات؛ فانتشرت الروائح الكريهة التي تفوح من مستنقعات سوداء اللون تغطي الارض.
وفي مقابل التنكيل الإسرائيلي بأصحاب الأرض الفلسطينيين الذين عكفوا منذ قرون طويلة على فلاحة أرض الوادي والسكن فيها، يواظب الاحتلال وأدواته على تسهيل البناء الاستيطاني وشق الطرق داخل "المحمية".  ويوجد داخل المنطقة المعلن عنها إسرائيليا "محمية طبيعية" شوارع شقت وضواحي استيطانية أنشئت في الآونة الأخيرة لصالح المستعمرات، وبخاصة مستعمرتي "ياكير" و"نوفيم".  بمعنى أن القوانين والقرارات الاحتلالية المزعومة "لحماية الطبيعة" ليست أكثر من ستار كولونيالي يستهدف أساسا تدمير ما تبقى من الزراعة الفلسطينية في وادي قانا واجتثاث المزارعين نهائيا منه، وتثبيت المشروع الاستيطاني التهويدي الاقتلاعي على أنقاض الوجود الفلسطيني.

التعليقات

أشكركم على كشفكم لحقيقة المنظومة القانونية الاستعمارية للاحتلال والتي تهدف بطبيعة الحال شرعنة عملية تهويد الأرض والموارد ونهبها، من ناحية، واقتلاع ونفي الوجود المادي لأصحاب البلد الأصليين...هذه هي طبيعة المنظومات القانونية للقوى الكولونيالية في كل مكان ...

روزيت كارمن

 

تقرير متماسك ومدعم بالمعطيات والأدلة المقنعة والمدللة على نفاق الاحتلال وعنجهيته الدموية المتستر بقوانين وأنظمة تهدف تثبيت وتخليد وجوده ...أين ما يسمى بحركات البيئة الإسرائيلية من هذه الممارسات الاحتلالية اللصوصية والاقتلاعية ضد مزارعينا وأهلنا في وادي قانا وسائر الوديان والسهول والتلال والجبال ولأرياف والمدن الفلسطينية المغتصبة؟

هاجم وجدي  غزالي

 

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 

  مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية