غزة / آفاق البيئة والتنمية: تَتَجوَّل إسلام أبو طُعمة في الأسواق في مدينة غزة بحثاً عن قصاصات من الورق المقوى (الكرتون) لتعيد تدويرها من أجل صناعة الألعاب وبيعها لاحقاً، سعياً للحصول على مصدر رزق يعينها في إعالة أسرتها الفقيرة.
وكغيرها من كثيرين في غزة، تبحث المرأة عن أفكار جديدة غير مُكلفة علّها تجد فرصة عمل مناسبة.
وتبدو فرص العمل في قطاع غزة، الذي تحاصره إسرائيل براً وبحراً وجواً منذ عقد ونصف العقد، شحيحة جداً، حيث وصلت نسبة البطالة فيه إلى 45 في المئة وفق إحصاءات لــ "صندوق النقد الدولي" تعود لنهاية عام 2021.
ودرست أبو طُعمة (39 عاماً) الأدب الإنكليزي، لكن ذلك لم يفتح لها باباً للعثور على وظيفة. وهي متزوجة وأم لخمسة أطفال، بينما زوجها مريض وعاطل عن العمل، ويشاركها في حرفة صناعة الألعاب من الكرتون.
وفي منزلها الصغير في مخيم الشاطئ حيث لا ماء ولا كهرباء ولا أدوات مطبخ، تقول أبو طعمة "أي شيء نحلم بامتلاكه نصنعه بأنفسنا من الكرتون (ورق مقوى)، لا يوجد لدينا بيت فنصنع أنموذجاً لبيت من الكرتون، صنعت فيلا لأنني أحلم بامتلاكها".
وتضيف: "فكّر زوجي في صناعة طائرة قديمة وسيارات مكشوفة شبيهة بتلك التي يركبها المشاهير حتى يخرج من حالة الاكتئاب التي يمر بها".
ويقول زوجها محمد أبو طُعمة (34 عاماً): "في البداية صنعتُ خزانة للأطفال، الكرتون مادة جميلة تستطيع إنجاز أي شيء منها"، ثم صنعَ مجموعة من الفوانيس لتزيين منزله وأخرى لبيعها في شهر رمضان، موضحاً أن "بعض الأعمال تحتاج إلى يوم كامل مثل مبنى سكني مع إضافة الإضاءة".
وعلى رصيف عند زاوية الشارع التجاري في وسط حي الرمال، غرب مدينة غزة، تجلس إسلام لتبيع أشغالها اليدوية للمارة بمبلغ زهيد لا يتعدّى خمسة أو عشرة شواكل (1.4 دولار إلى 2.8 دولار) للقطعة الواحدة. لكن حتى لو باعت كل بضاعتها، لن تحقّق دخلاً بأكثر من 450 شيكلاً (120 دولاراً)، وهو المبلغ الذي تحتاجه لدفع إيجار منزلها الشهري.
وفي دير البلح، في وسط قطاع غزة، حوّل الزوجان آلاء وسلامة بَدوان سطح منزلهما المطلّ على شاطئ البحر إلى مشتل لزراعة زهرة صبار "الألوفيرا" التي يستخرجان منها المادة الهلامية ويخزنّانها لاستخدامها في صناعة الصابون الطبيعي وبيعه في السوق المحلي.
وتطمح آلاء بَدوان إلى توسيع مشروعها ليصل إلى أسواق الضفة الغربية ودول عربية وأن يصبح "صابون الألوفيرا" الطبيعي في غزة ماركة مسجلة مثل الصابون النابلسي الذي يُصنع في مدينة نابلس في شمال الضفة الغربية من زيت الزيتون.
وتتحدث عن مصدر رزقها: "لا أضيف أي ألوان أو عطور، وإن احتجت إلى لون أستخدم المواد الطبيعية مثل قشر البرتقال".
أما زوجها سلامة (40 عاماً) فيقول: "نحن الأوائل في القطاع"، موضحاً في الوقت نفسه أن العائد المادي الذي يجنياه غير كاف ولا يكاد يغطي تكاليف الإنتاج.
وتشير آلاء إلى "الإقبال المتزايد" للمواطنين على شراء الصابون الطبيعي الذي تبيعه عبر حسابات في كل من "فيسبوك" و"إنستغرام".
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء في قطاع غزة، بلغ عدد العاطلين عن العمل ممن هم فوق 15 سنة نحو 239 ألف شخص في قطاع غزة.
المصدر: AFP