خاص بآفاق البيئة والتنمية

تُعرف الأسمدة الزراعية بأنها مواد طبيعية أو صناعية تُزوّد النبات بعناصر غذائية ضرورية لنموه وتطوره وزيادة إنتاجه. وتبعاً لمصدرها تُصنف الأسمدة إلى صنفين رئيسيين: العضوية (طبيعية)، والأسمدة الكيميائية (صناعية).
وكي تلبي النباتات حاجة الإنسان من الغذاء والدواء والكساء، ينبغي عليه أيضاً أن يُلبي حاجاتها من العناصر الغذائية والماء.
ومع الزيادة السكانية المتوقعة، فإن استخدام الأسمدة مُرجح للزيادة، لترتفع إنتاجية المحاصيل الزراعية وتواكب بدورها زيادة الطلب على الغذاء، مع انحسار رقعة الأراضي الزراعية والزحف العمراني عليها وزيادة التصحر والجفاف وتدهور التربة الزراعية في كثير من المناطق.

الكمبوست
الأسمدة العضوية
يقصد بها إضافة المادة العضوية إلى الأرض أو زيادة محتواها منها، وهذه المادة بعد إضافتها وبما تحتويه من عناصر مغذية في صورة متحللة صالحة للامتصاص بواسطة جذور الأشجار والنباتات، تُحسّن من خواص التربة الفيزيائية والكيماوية، وتكون المادة العضوية عادةً عبارة عن نواتج تحلل الكائنات الحية النباتية أو الحيوانية أو خليط بينهما.

سماد عضوي من مخلفات زراعية
مصدر المادة العضوية
بطبيعة الحال هي كل المواد النباتية والحيوانية التي تنشأ في التربة وتُضاف إليها، بغض النظر عن مراحل التحلل التي وصلت لها.
وتُعد أنسجة النباتات هي المصدر الأساسي للمادة العضوية، وتمثل أوراق الأشجار والشجيرات، وتشمل جذور النباتات والأجزاء النباتية التي تُترك في التربة أو تُدفن فيها في أثناء العمليات الزراعية. كما تشمل أجسام الحيوانات المختلفة والحشرات وفضلاتها والكائنات الحية الدقيقة الموجودة في التربة.
وإليكم أهم مصادر المواد العضوية في الأراضي:
1- بقايا النباتات من أوراق وسيقان وجذور.
2- بقايا الكائنات الحية الدقيقة والراقية.
3- السماد العضوي البلدي.
4- مخلفات المحاصيل وقمامة المنازل العضوية.
5- مخلفات الملاحم.

مخلفات زراعية
تحلل المواد العضوية
إن الشرط الأساسي لتحلل المواد العضوية في التربة هو توفر أعداد كافية من الكائنات الدقيقة، وتوفر الشروط المناسبة لنمو ونشاط هذه الكائنات.
ولن تستفيد النباتات المزروعة في تربة معينة من المادة العضوية الموجودة إلا بعد تحلل هذه المواد العضوية وتحولها إلى صيغ ومركبات وعناصر قابلة للامتصاص من قبل جذور النباتات، وهذا التحلل قد يحدث بعدة صور مختلفة، هوائية أو غير هوائية.

كمبوست
أهمية الأسمدة العضوية
الأسمدة العضوية تضاف إلى النباتات والأشجار من أجل:
1- تحسين خواص التربة بتفكيك حبيباتها خاصة الثقيلة منها وتحسين تهويتها، كي يتخلل الهواء والماء بها.
2- زيادة مقدرة التربة على الاحتفاظ بالماء وخاصة الأراضي الرملية.
3- زيادة خصوبة التربة.
4- إثراء محتوى التربة من العناصر الغذائية المختلفة، فعند اكتمال تحلل المواد العضوية تزداد بها العناصر (النيتروجين والفسفور والبوتاسيوم وبعض العناصر الدقيقة).
5- عند تحلل المواد العضوية ينتج عنها العديد من الأحماض العضوية وثاني أكسيد الكربون، والذي يذوب في المحلول الأرضي مكونًا حامض الكربونيك، وتعمل هذه الأحماض على إذابة العناصر الغذائية الموجودة في التربة خاصة كل من (الفسفور والحديد والزنك والمنغنيز والنحاس) وتجعلها أكثر قدرة على الامتصاص بواسطة جذور الأشجار.
أنواع الأسمدة العضوية
1- السماد البلدي:
يعد من أهم الأسمدة العضوية المستخدمة، ويعمل على تحسين خواص التربة الفيزيائية والكيماوية.
كما أنه مصدر هام لتزويد التربة ببعض العناصر الدقيقة مثل البورون والنحاس والمنغنيز، ومن المعروف أن التركيب الكيماوي للأسمدة البلدية يكون معقدًا، ويختلف باختلاف نوع الحيوان المأخوذ منه السماد إضافة إلى عمره وأسلوب تغذيته، وطريقة جمع السماد وتخزينه.
2- سماد مخلفات الطيور:
هو من أجود أنواع الأسمدة العضوية لاحتوائه على نسبة عالية من العناصر الغذائية المختلفة.
كما أن استفادة الأشجار منه عالية، وتتراوح نسبة النيتروجين الكلي به حوالي 2,1 – 4,2% والفسفور 1,1– 2,4% والبوتاسيوم 0,2 - 2,2%.
3-السماد الأخضر:
ما هو إلا نباتات خضراء، مثل البقوليات، تُحرث في التربة قبل النضج.
4- الكومبوست:
سماد عضوي مكون من مُخلفات نباتية وحيوانية فقط، ويخلو تماماً من أي مواد كيميائية ونتائجها السلبية على البيئة والتربة والإنسان. إنه سماد عضوي %100 ويتميز بغناه بأهم العناصر الفعالة لإنتاجية التربة وغذاء المزروعات NPK.

نترات البوتاسيم
الأسمدة الكيميائية
تتكون من عناصر غير عضوية أو غير طبيعية وتُصنّع بطرق صناعية، وتحتوي على مواد وعناصر يحتاجها النبات في عملية النمو والإثمار.
وكما هو معروف فانه يُزود النبات بثلاثة عناصر أساسية وهي النيتروجين والفسفور والبوتاسيوم، ويتكون السماد الكيماوي إما من عنصر بسيط واحد أو من عناصر مركبة، أي من أكثر من عنصر.
الأضرار البيئية والصحية لها
لا يمكن إغفال الأضرار المترتبة على استخدام الأسمدة الكيميائية بصورة غير صحيحة أو مدروسة، عندما تتجاوز الكميات المضافة منها نسباً معينة.
وهذا ما يحدث في كثير من الأحيان في بلدان عدة تقوم بإضافات متكررة وعشوائية، ويكون لها تأثيرات سلبية كثيرة، مباشرة أو غير مباشرة، على النظام الحيوي خاصة والبيئي عامة.
أما الانعكاسات المباشرة، تقع على المكونات الحية للنظام البيئي، بما فيها صحة الانسان والحيوان والنبات نفسه.
في حين أن التأثيرات غير المباشرة، تنعكس سلباً على مكونات النظام البيئي الحيوية (ماء، هواء، تربة)، فتُحدِث خللًا في تركيب عناصرها وتوازنها الطبيعي.
فالتسميد النيتروجيني، على سبيل المثال، يُعد أحد أهم التطبيقات الزراعية التي تساهم في تلوث الماء والغذاء والهواء.
أما التسميد الفوسفاتي على المدى الطويل، فيزيد من المخاطر البيئية والتلوث ببقايا بعض العناصر المعدنية السامة كالرصاص والزرنيخ والكادميوم.
ويساهم أيضاً في تعديل كثير من الخصائص الكيميائية والفيزيائية للتربة كدرجة الحموضة (pH)والتي بدورها تؤثر على كمية ونوعية الكائنات الحية المفيدة.
كما أن لدرجة حموضة التربة، تأثير "تضادي" أو "تآزري" بين العناصر الغذائية، فيزداد امتصاص بعض العناصر على حساب أخرى عند درجة حموضة أو قلوية معينة، فتصبح بعض العناصر غير السامة في الأصل سامة وخطيرة للنبات.
ويكمن خطر العناصر السمادية أيضاً، ومشتقاتها، في إمكانية دخولها إلى مكونات السلسلة الغذائية "نبات، حيوان، إنسان" وتركزها تراكمياً في المستويات الغذائية المتتالية.
من ناحية أخرى، يعد تسرب النترات إلى المياه الجوفية من أهم مخاطر التلوث بالسماد النيتروجيني في بعض البلدان، التي تُشكّل فيها المياه الجوفية المصدر الرئيس للشرب.
وتشير بعض التقارير إلى أن تلوثها يزيد من نسبة الإصابة بسرطان المعدة عند الكبار، ومتلازمة الطفل الأزرق عند الصغار.
وللتسميد المعدني طويل المدى أضرار سلبية أيضاً على تنوع بعض الفطريات الجذرية المفيدة للتربة الزراعية.
وفي دراسات أخرى كثيرة، تبيَّن وجود علاقة وثيقة بين مياه الشرب الملوثة بمشتقات) نيتروجينية)، ومخاطر الإصابة بسرطان البنكرياس والدماغ والمثانة والغدة الدرقية، هذه الأمراض تشكل تهديدًا خطيرًا على صحة وحياة الإنسان، لذلك يتوجب أخذ الأمر بجدية كبيرة، وأن تخضع للمراقبة مع محاولة إيجاد طرق أكثر أمانًا لاستخدام بديل للمواد الكيميائية.
التسميد المختلط وأقلمة النبات
وفي هذا الصدد، لا يفوتنا أن نسلط الضوء على حال المزارع في غزة، إذ يخبرنا المهندس والخبير في المجال الزراعي م. نزار حجازي: "مُزارعنا بحاجة ماسة إلى استخدام السماد العضوي، ومن أبرز الأسباب التي تدعوه إلى ذلك، تحسين جودة التربة الخفيفة، وزيادة قدرتها على الاحتفاظ بالماء، وأيضاً لسببٍ مهم آخر ألا وهو مياهنا المالحة في أغلب مناطق القطاع، فيما الأسمدة الكيميائية عبارة عن أملاح، وهذا يزيد من حجم المشكلة.
وغالبية المزارعين يستخدمون السماد العضوي بشكل جزئي، وربما يقل عدد الذين يستخدمون التسميد العضوي كاملًا عن 20 مزارعًا من أصل 55 ألفًا، وفقاً لحديثه.
ويتابع حجازي: "يستطيع السماد العضوي أن يحل المشاكل الناتجة عن التسميد الكيميائي، لكن شخصيًا أفضّل أن يكون التسميد مختلطًا، أي أن نُحسّن من التسميد العضوي بالكيميائي".
مضيفًا: "أرى جازمًا أنه بعد ارتفاع نسبة المادة العضوية في التربة عن 5% فإنها تستطيع أن تغنينا عن الأسمدة الكيميائية".
وينصح في بداية الأمر أن تمضي فترة على استخدام السمادين معًا قبل الانتقال الى السماد العضوي فقط، لأنه وبالتجربة من دون فترة التأقلم وبالتحول الفجائي سينخفض الإنتاج".
وتبيَّن أنه من الأفضل التحول التدريجي (Adaptation)، أي أقلمه النبات على السماد العضوي، لأنه لا بد أولًا من تكوين الكائنات النافعة الدقيقة والتي هي الأصل في نجاح الزراعة العضوية.
ويتطرق م. حجازي إلى العائق الذي يقف أمام المزارعين لاستخدام السماد العضوي الذي أثبت جدارته وأنه الأفضل صحيًا للإنسان، قائلًا: "لا يتوفر السماد العضوي بكميات كافية، فضلًا عن غياب الإرشاد الزراعي الذي يُمكّن المزارع من الانتقال إلى الزراعة العضوية، وعائق آخر يتمثل في هيمنة الثقافة الاستهلاكية التي تضع المزارعين في خانة المستهلك المعتمد 100% على إنتاج العدو.
المراجع
- الأسمدة العضوية وأهميتها للتربة - إياد هاني العلاف
- الأسمدة الزراعية: استخداماتها وأضرارها – خالد مصطفى