كلية الزراعة/ جامعة سوهاج

أَلقى تطور النشاط الإنساني بظلاله القاتمة على الطبيعة بعد أن أصابها بتغيرات سلبية لا يُحمد عقباها؛ أدت في مجملها إلى نتائج كارثية من شأنها أن تدمر البيئة.
ويا للأسف؛ أصبح كوكبنا مرتعاً لكل من يثيرهم فضولهم العلمي ليقودهم إلى اختراعات أجرمت بحق البيئة، حتى صار الإنسان يشكّل الخطر الأكبر على الأرض، بجَعله غير صالح للعيش؛ بسبب التلوث الناجم عن بعض أنشطته.
هذه الظاهرة غير الطبيعية باتت تترصد بكل ما يحيط بنا؛ في الهواء والماء والتربة؛ لتزيد من فرصة تعرض بني آدم للأمراض والأوبئة القاتلة، لذا في هذا المقال؛ أضع بين يديك عزيزي القارىء؛ الحلقة الأولى من أنواع التلوث البيئي:
1- تلوث الهواء
ويُعرف بأنه عملية إدخال بعض المواد الكيميائية والجسيمات والمواد البيولوجية إلى الغلاف الجوي، مما يتسبب بأضرار كبيرة بالبيئة الطبيعية، وبطبيعة الحال ستلاحق الأضرار البشر والنباتات والحيوانات، وإن أردنا أن نفصلّ في الأسباب سنجدها على النحو الآتي:
- أسباب طبيعية: ليس للإنسان يداً فيها؛ وإنما تنتج عن البراكين، والعواصف الترابيّة، وحرائق الغابات والأتربة والعوامل الجوية.


- أسباب ناتجة عن الأنشطة البشرية:
- أسباب صناعية متعلقة بصناعة النفط، والصناعات الإسمنتية وصناعة الأسمدة، وصناعات النسيج والغزل، ووسائل المواصلات والمبيدات الحشرية.
- الانبعاثات الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري كالفحم والنفط والمواد الأخرى القابلة للاحتراق.
- انبعاثات الغازات الناتجة عن الزراعة وتربية الحيوانات.
- انبعاث غاز الميثان الناتج عن النفايات والمخلفات.
- النشاط السكاني الذي يتعلق بمخلّفات المنازل من مواد غازية وصلبة وسائلة.
الآثار السلبية التي تنجم عن تلوث الهواء
- الإصابة بأمراض خطيرة تؤدي إلى الوفاة في كثيرٍ من الأحيان مثل أمراض السرطان، أو أخرى تلازمه مدي الحياة مثل الربو والقلب وغير ذلك.
- تآكل الغطاء النباتي وحدوث تغيرات غير طبيعيّة في أشكال النباتات وألوانها.
- موت العديد من الحيوانات وانقراضها.
- تآكل المباني السكانيّة وتلفها.
- إتلاف الغطاء الأخضر للأرض وتشمل الغابات وأشجار الحدائق؛ وتآكل طبقة الأوزون مما يسبب تلف المحاصيل الزراعية؛ وخاصة الحبوب وكل الخضراوات الورقية والمزروعات التي تستخدم كطعام للماشية؛ وكذلك إلحاق الضرر بالكائنات الحية التي تؤدي إلى اضطراب في التوازن البيئي.
ماذا نفعل حتى نتخلص من تلوث الهواء؟
- لا بد من تصميم سليم للمدن الصناعية من حيث اختيار المكان والصرف وغير ذلك.
- إجبار المصانع والمعامل على إقامة وحدات فلترة لمعالجة المخلفات الغازية والغبارية.
- استخدام البنزين الخالي من الرصاص، والمازوت الخالي من الكبريت.
- التأكد من سلامة محركات وسائل النقل الخاصة والعامة.
- بناء المصانع في أماكن بعيدة عن المدن والتجمعات السكانية.
- معالجة مياه الصرف الصحي.
- استخدام المبيدات والأسمدة ذات المصدر العضوي بدلًا من الكيميائي.
- التشجيع على زراعة الأشجار والنباتات الخضراء.
- مكافحة التدخين بأشكالهِ المختلفة والتوعيّة بالأضرار التي يُلحقها بالإنسان والبيئة.
2- تلوث المياه

على الرغم من أن تلوث المياه يمكن أن يحدث بفعل الطبيعة، إلا أن الأنشطة البشرية تعد من الأسباب الأكثر شيوعًا لتلوث المياه، وإليكم أبرز مصادره:
- تلوث المياه الطبيعي الذي يحدثُ نتيجة تغيُّرٍ في الخصائص الطبيعيّة للمياه، بحيثُ تصبح غير صالحة للاستهلاك البشري، كتغير درجة ملوحتها، وارتفاع نسبة بعض المركبات الضارة فيها مما يؤدي الي تغير لونها ورائحتها.
- التخلص من مخلفات الصناعة بدون معالجتها تمامًا.
- تسريبات المواد البترولية.
- تلوث المياه بالمبيدات الحشريّة والأسمدة عندما تُصرّف تلك المواد في المياه دون تدويرها بشكلٍ صحيح.
- التخلص من مخلفات االقمامة في الماء.
- اختلاط مياه الصرف الصحي بالمياه العذبة خصوصًا أثناء حدوث الفيضانات والزلازل.
- استخدام خزانات المياه الأرضية والتي لا يتم تنظيفها بصفة دورية.
- التصريف غير القانوني للنفايات في المسطحات المائية.
- تلوث المياه الجوفية عن طريق تسرب مياه الصرف الصحي إلى مياه الآبار؛ وتسرّب بعض المعادن مثل الحديد والمنجنيز إلى جانب المبيدات الحشرية المستخدمة في الأراضي الزراعية وهو ما يحدث للآبار في المناطق الزراعية.
آثار تلوث المياه على الصحة العامة:
- إصابة الانسان بالأمراض المعوية مثل الكوليرا والتيفود والدوسنتاريا بأنواعها والتهاب الكبد الوبائي والملاريـا والبلهارسيا وحالات تسمم الغذاء.
- زيادة تكاثر وانتشار الآفات الضارة مثل البعوض التي تسبب العديد من الامراض.
- تدمير الثروة السمكية.
نصائح لعلاج تلوث المياه
- بناء المنشآت الخاصة لمعالجة المياه الملوَّثة.
- سَنُّ القوانين والتشريعات الصارمة للمحافظة على المياه ومنع استغلالها بشكلٍ سلبي.
- نشر الوعي من قبل المؤسسات المختصة حول أهمية الحفاظ على المياه من التلوث.
- مراقبة الأنهار والبحيرات المغلقة وكافة المسطحات المائيّة لمنع وصول المواد الضّارة لها.
- التخلص من بقايا النفط الموجودة في المياه .
- تخصيص مناطق معينة لتفتيت مخلفات المنازل والنفايات في أماكن بعيدة جداً عن مصادر المياه.
- البحث عن وسيلة مناسبة لدفن المخلفات النووية في أعماق بعيدة عن المياه الجوفيّة للحفاظ على نظافة الماء المخزن في طبقات الأرض.
3- تلوث التربة

تتلوث التربة لأسباب عدة وعلى رأسها:
- تمليح التربة والتشبع بالمياه، ذلك أن الاستخدام المفرط لمياه الري مع سوء الصرف الصحي يضر تماماً بالتربة.
- التسرب من الخزانات والأنابيب مثل أنابيب النفط ومنتجاته.
- ظاهرة التصحر، ويساعد في هذه العملية الرياح النشيطة التي تعمل على زحف الرمال إلى الأراضي الزراعية.
- انبعاث الملوثات من أماكن تجميعها إلى البيئة المحيطة بها.
- انتقال المواد الملوثة مع مياه السيول أو المياه الجوفية.
- استخدام المبيدات والكيماويات على نحو مفرط؛ فهى ترشح المبيدات لداخل التربة، أو تنقل عن طريق الرياح، ويمكن أن تنتشر عن طريق الجريان السطحي للمياه، أو تنتقل بالصرف لتصل إلى المياه الجوفية مما يلحق الضرر بالتربة كقتل بعض البكتريا الضرورية مما يفقد التربة خصوبتها وسلامتها.
- التلوث بواسطة المعادن الثقيلة والمواد المشعة.
- التخلّص من النفايات والمخلفات بطريقة خاطئة، بدفنها في التربة مما يؤدي الي تحللها داخلها وتسريبها إلى المياه الجوفية والنباتات؛ وإلحاق الضرر بالإنسان والكائنات الحية.
- التوسع العمراني الذي أدى إلى تجريف وتبوير الأراضي الزراعية.
- كثافة الأمطار الحمضيّة والمواد المُشعة التي تنتج بسبب الانفجارات النووية، التي تتسربُ إلى التربة وتؤدي الي تلوثها.
- التغيُّرات المناخيّة التي تؤدي إلى إزالة الغابات، وزيادة ظاهرة الاحتباس الحراري الذي ينعكس بشدة على صحة التربة.
الآثار المترتبة على تلوث التربة
- صحياً : تنتشر الأمراض والأوبئة من خـلال ملامسة التربة الملوثة للجـلد أو شرب المياه التي قد تكون الملوثات من التربة تسربت إليها؛ أو إستنشاق الغازات السامة والغبار الذى يحتوي على مواد ضارة أو تناول المنتجات الزراعية من المناطق الملوثة.
- بيئياً : تلوث التربة قد يسمم النباتات والحيوانات؛ ويؤدي إلي انقراض مجموعات نباتية وحيوانيـة و يؤثر على النظام البيئي ككل.
- اقتصادياً: من أهم نتائج الأراضى الملوثة فقدان قيمتها وقد تتوقف عن الإنتاج الزراعي، مما ينذر بنقص في المواد الغذائية اللازمـة للإنسان.
للتغلب على مشكلة تلوث التربة لا بد من الأخذ في الاعتبار النقاط التالية:
- اتباع الطرق الصحيّة للتخلّص من النفايات الصلبة والمخلفات المنزليّة، كإعادة تدويرها مثلًا.
- التقليل قدر المستطاع من استخدام المُبيدات الحشريّة، والزراعيّة، ومن استخدام المُخصبات الكيماويّة والاعتماد فقط علي استخدام المبيدات والأسمدة التي تتحلل بشكل سريع في التربة.
- نشر الوعي العام حول أهمية التربة وطرق الحفاظ على نظافتها وحمايتها من التلوث.
- زراعة الأشجار والأعشاب التي تساهم في تأمين التربة السطحيّة؛ لأنّ أوراق الأشجار تقوم بامتصاص الماء الزائد كما تساعد جذور الاشجار علي تثبيت التربة ومنعها من الانجراف.
- حفر قنوات خاصة لمياه الأمطار لتوجيهها ومنعها من الجريان السطحي الذي يؤدي إلى انجراف التربة.
- الحد من الرعي الجائر، ووضع قوانين تمنع التعدي على الثروة النباتيّة.
4- التلوث الاشعاعي

- يُعد التلوث الإشعاعي من أخطر أنواع التلوث نظراً لتأثير الملوثات الإشعاعية المرعب على الإنسان والكائنات الحية الأخرى، مع العلم أن عملية التخلص منها تستغرق فترات طويلة ويتم بموجبها عزل هذه الملوثات حتى تفقد إشعاعها شيئًا فشيئًا.
- التلوث الاشعاعي له مصدرين "طبيعي" و"صناعي":
- • مصادر التلوث الطبيعية:
1. الأشعة الكونية: وتكون قادمة من النجوم والفضاء الخارجي.
2. الأشعة الأرضية: وتصدر عادةً عن مواد مشعة توجد في القشرة الأرضية.
3. غازات مشعة في التربة: وتكون على التربة السطحية.
4. الأشعة في المياه: وهي الأشعة الموجودة في الينابيع المعدنية.
5. الأشعة من باطن الأرض: وتنتج عن انفجار البراكين وثواراناتها.
• مصادر التلوث الصناعية:
وتتمثل في الأنشطة البشرية على غرار:
1. المفاعلات النووية، ومحطات توليد الطاقة النووية المستخدمة في إنتاج الطاقة.
2. اكتشافات وتجارب الأسلحة، خاصة النووية.
3. عمليات تعدين واستخراج العناصر المشعة الموجودة في القشرة الأرضية.
4. الأشعة الطبية ولاسيما تلك التي تستخدم في التشخيص، والنفايات الطبية.
المخاطر الصحيـة للمواد المشعة
تتحدد درجة الخطر الذي يسببه التلوث الإشعاعي عن طريق درجة تركيز الملوثات، وبحسب ذلك يُعرف مدى خطورة الأمراض الناتجة عنه، ومن تلك الأمراض:
- التعرض لكميات كبيرة من الإشعاع يتسبب في حروق بالجلد.
- التسببّ في الإصابة بمتلازمة الإشعاع الحاد، ومن أعراضها الغثيان والقيئ، ومن ثم الوفاة في كثير من الأحيان.
- الإشعاع يؤثر على كل الأفراد المتعرضين له بشكلٍ مباشر؛ ويلاحق الأجيال تحت مسمى "التأثير الوراثي"؛ فالجرعات العالية جداً تؤدي إلى تلف لخلايا الدم وأنسجة العظام.
- زيادة خطر الإصابة بمرض السرطان وفق ما أفادت به الكثير من الدراسات، خاصة على المدى البعيد؛ إذ يؤدي التعرض لمستويات منخفضة من الإشعاع لفترة زمنية طويلة إلى التأثير على خلايا جسم الإنسان، وتلف المادة الوراثية(DNA) فيها، وهذه الخلايا إما أن تموت أو تتحول إلى خلايا سرطانية.
طرق الوقاية:
- العمل على مراقبة التلوث الإشعاعي، والتحكم به.
- وضع لافتات للتحذير من الأماكن ذات الإشعاعات المرتفعة.
- تغطية أراضي المباني بطبقة من مواد عازلة للأشعة.
- الحرص على معالجة النفايات المشعة.
- تخزين المواد المشعة تحت رقابة عالية وبحذر بالغ.