"كورونا" تستمر في إيقاع شبيه بجائحة الإنفلونزا الإسبانية

لندن/ حسين مجدوبي: بدأت كل المؤشرات الطبية الخاصة بالوباء والسياسية الخاصة بنوعية القرارات تشير إلى احتمال استمرار جائحة كورونا في إيقاع شبيه بجائحة الإنفلونزا الإسبانية، وبالتالي قد تمتد إلى 2022؛ مما يعني ضرورة التعايش مع هذا الفيروس حتى يفقد قوة الفتك بالبشر.
ويعيش العالم في الوقت الراهن الموجة الثانية من جائحة كورونا بعد الموجة الأولى التي امتدت منذ انتشار الفيروس إلى نهاية الصيف.
ووفق معطيات مختلف الدول ومنظمة الصحة العالمية، ارتفعت حصيلة الإصابات والوفيات لتصل أرقاما قياسية. ومنذ بداية العام الحالي، وحصيلة الإصابات تتجاوز نصف مليون يوميًا، وتجاوز المتوسط اليومي لعدد الوفيات 17 ألفًا، في أعلى أرقام مسجلة خاصة بالوفيات.
ومن باب المقارنة، كان المغاربة يشعرون بالرعب عندما كانت وزارة الصحة تعلن خلال شهر مارس 2020 عن تسجيل ما بين 10 الى 15 إصابة في مجموع البلاد، بينما الآن في الموجة الثانية عندما يتم تسجيل أقل من ألف يعمّ الارتياح بأن الفيروس تحت السيطرة.
ووفق معطيات جامعة جون هوبكنز، اقترب العالم من مليوني وفاة (أواسط كانون ثاني الماضي) وتجاوز حاجز المئة مليون إصابة. وبدأت كل المعطيات تشير إلى تكرار سيناريو الإنفلونزا الإسبانية بل وقدوم الموجة الثالثة بعد الربيع. وعلى رأس هذه المعطيات أو العوامل التي تجعل سيناريو الإنفلونزا الإسبانية يحضر بقوة هي:
أولًا، كانت الموجة الثانية للإنفلونزا الإسبانية قاتلة للغاية، إذ خلفت أعلى نسبة من الوفيات من الأولى، ويعتقد أن ثلثي الوفيات من أصل 50 مليون المعترف بها بينما دراسات ترفعها الى مئة مليون، كانت خلال الموجة الثانية. وجاءت الموجة الثالثة نهاية 1919- 1920، حيث كانت البشرية قد اكتسبت مناعة وغاب الفيروس بسبب هذه المناعة الجماعية وكذلك بفضل الإجراءات الوقائية وليس أي لقاح.
ثانيًا، بدأت مختلف الهيئات الدولية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية تعترف بصعوبة نهاية الجائحة هذه السنة، قد تتراجع حدتها خلال الشهور المقبلة ولكن لن تنتهي. وهناك أصوات تنبه الى استمرار هذا الفيروس لمدة طويلة ولكنه سيكون أقل فتكًا من المرحلة الثانية بل وتحت السيطرة.
ثالثًا، معظم دول العالم تعيش حالة استثنائية أو طوارئ لمواجهة الفيروس مثل تقييد حرية التنقل والتجمع وأخرى تقدم على حجر صحي مرن نسبيًا.
وعلى صعيد آخر؛ أقدمت الدول الكبرى على زيادة المساعدات وتخصيص تعويضات عن البطالة للشهور المقبلة. وهذا القرار الأخير مؤشر حقيقي على وعي حكومات هذه الدول باستمرار الجائحة وتأثيراتها على الشعب، وبالتالي تقوم بتجديد هذه البرامج الاجتماعية والاقتصادية من باب الاستباق للحفاظ على الاستقرار في الوطن.
رابعًا، بدأ عدد من التقارير والدراسات الطبية الدولية يشير إلى محدودية اللقاح في مواجهة الفيروس، إذ لا يوفر حماية شاملة بل يقلل من نسبة الإصابة ويقوي المناعة حتى لا يعاني المصاب من وضع صحي صعب قد يؤدي الى الوفاة، وبالتالي يضعف انتشار الفيروس وسط المجتمع. وعليه، اللقاح سيؤدي الى تراجع قوة الفيروس سواء على مستوى الانتشار وقوة الفتك لينتهي مثلما انتهى فيروس الإنفلونزا الإسبانية سنة 1920.