قياس الأداء البيئي ، ونظام ISO 14000

مع تزايد حجم المشكلات البيئية تطور إهتمام الفكر الإنساني بالبيئة خاصة في الدول المتقدمة منذ بداية الستينات من القرن الماضي، في حين أن الدول النامية لم تعط الاهتمام والمبادرة الكافية لحماية البيئة آنذاك، حيث اهتمت بالتنمية الصناعية، ولم تتفاعل بشكل إيجابي مع قضايا البيئة التي اعتبرتها قضايا ثانوية وهامشية.
وفي ظل هذا التراخي من جانب الدول النامية تفاقمت الآثار السلبية للضغط البيئي على هذه الدول بصورة كبيرة باتت تعوق مسيرة التنمية الإقتصادية لهذه الدول، وهكذا تحولت التحديات على مستوى العالم (متقدم ونامي) في الوصول لآليات وأساليب للتحول من الآثار السلبية للضغط البيئي إلى مفهوم جديد يعرف بمفهوم الأداء البيئي .
ويعكس الأداء البيئي، تفاعل المنشآت مع البيئة المحيطة من خلال كيفية إستغلال وإدارة الموارد الطبيعية والتحكم في التلوث، وقد تم وضع مواصفات قياسية عالمية للإدارة البيئية وقياس الأداء البيئي بواسطة اللجنة الفنية التابعة للمنظمة العالمية للمواصفات القياسية، والتي تعرف ب(ISO 14000 ) على أنها (مجموعة من المواصفات القياسية التي تغطي الجوانب البيئية المتعلقة بالمنتج، وتقييم الأداء البيئي وتحليل دورة حياة المنتج بيئيًا ).
وقد اهتمت الدول المتقدمة والنامية برفع مستوى أداءها البيئي، والذي تبلور في وضع مجموعة من السياسات البيئية، التي إما أن تكون سياسات بيئية تركز على خفض التلوث والتحكم فيه، أو سياسات تهدف لحماية البيئة، ولكن تأخذ في الإعتبار تحقيق أغراض إقتصادية مثل ترشيد إستخدام الموارد.
كما أخذت هذه السياسات بعدًا دوليًا، فمن جانب الاتفاقيات البيئية الدولية فقد بلغت 200 إتفاقية دولية ( خارج نطاق منظمة التجارة العالمية )، والتي تسمى بالاتفاقيات البيئية المتعددة (MEAS)، ومن جانب آخر وضعت سياسة البنك الدولي عدداً من المباديء التي يجب أن يتم الاسترشاد بها عند تمويل المشروعات التنموية من قبل البنك الدولي، والتي تعكس في مجملها عدم تمويل المشروعات المضرة للبيئة.
وعلى النحو السابق فإن الأداء البيئي يشير إلى كفاءة الإدارة البيئية في خفض التلوث وحماية البيئة من خلال التركيز على سياسات بيئية قطاعية تركز على جانب الإنتاج مستخدمة أدوات قياس وتقييم الأداء البيئي من خلال تقييم الأداء المستدام بيئيًا، وتقييم دورة حياة المنتج، والتدقيق البيئي لتحديد درجة إذعان المنشأة للتنظيمات البيئية ، ونموذج قياس الأداء لتحديد الوضع الأمثل للإنتاج .
وختامًا فمن وجهة نظري أرى أن الجهود الحكومية من الممكن أن تلعب دورًا رئيسيًا من خلال وضع السياسات البيئية، والتي كانت متشددة في ( غالبية الدول المتقدمة )، ومتراخية في دول أخرى ( غالبية الدول النامية ) مما انعكس على تحسين الأداء البيئي نسبيًا في الأولى مقارنة بالثانية.