خاص بآفاق البيئة والتنمية
بنان الشيخ خبير التنوع الحيوي وتصنيف النبات
نباتات الضفة الغربية جمعاء، تجدونها في كتابٍ للباحث والخبير في التنوع الحيوي بنان الشيخ، إنه الأول من نوعه الذي يضم بين دفتيه قاعدة بيانات بيئية وثقّ بموجبها الغطاء النباتي، وما كان ذلك ليحدث لولا جولاته في الجبال والوديان على مدار سنوات طوال.
عنوان الكتاب "النباتات البرية في الضفة الغربية". استعرض فيه الأسماء العلمية وما يقابلها بالعربية لتلك النباتات وعائلاتها، مع تحديد أقاليمها النباتية.
الكتاب الصادر عام 2019 اعتمد في منهجية جمع الصور على اللون، ليسهل على الباحثين والمهتمين بالبيئة والتنوع الحيوي المعرفة العلمية، ويضعهم على أول الطريق حتى يتسنى لهم الإحاطة بالنباتات والإبحار في دراستها؛ تبعاً لقوله.
بنان الشيخ يدرس النبات من حيث عائلته واقليمه ودرجة شيوعه واسمه العلمي والعربي
مرجع مهم للأدلاّء
يحمل الشيخ شهادة الأحياء من جامعة النجاح الوطنية بنابلس التي تخرج منها عام 1985، ثم سافر في بعثة إلى بريطانيا؛ لدراسة تصنيف النبات وهو تخصص نادر جدًا في بلادنا، ويعمل حالياً خبير نباتات في المعهد الوطني للبحوث الزراعية، التابع لوزارة الزراعة.
سألناه عن دور الصور التي جعلها ركيزة في كتابه، وكان الجواب: "الصورة تساعد على توحيد الأسماء وتعميم الثقافة حولها؛ وأقصد هنا النباتات التي لها دلالات متصلة بالثقافة الشعبية؛ مثل صابون الراعي، وكف مريم، وخبز الراعي، إذ من الصعب تغيير الاسم الذي يرتبط بصفة للنبتة كخبز الراعي".
وفي حضرة الجَمال البديع؛ يخبر مراسل "آفاق بيئية" بانحيازه لجمال ستة أنواع من السوسن في فلسطين، المُصنف بالنوع الملكي النادر عالميًا، فلا يقاوم سوسن فقوعة، وشفا الأغوار، ونابلس، والساحل الفلسطيني، والناصرة، والنقب، والبتراء.
بإلقاء نظرة خاطفة على الكتاب، يتكون من أربعة أقسام، أفرد منها 144 صفحة لقوائم تضم مئات الأسماء العلمية، حيث بدأها بنبتة "قريعة الغنم" أو ريبان أصفر.
وفي القسم الثاني أدرج أسماء العائلات النباتية، وفي الثالث أورد الأسماء العربية للنباتات وفقًا للحروف الأبجدية، أما الرابع فقد تضمن 420 صورة لنباتات مختلفة مرتبة حسب لون الزهرة.
حسناً؛ بالعودة إلى الكتاب المذكور؛ استعان المؤلف بأشعار لأبي نواس في وصف النرجس "تأمل في نبات الأرض وانظر إلى آثار ما صنع المليك.. عيون من لجين شاخصات بأحداق هي الذهب السبيك..على قضب الزبرجد شاهداتٍ بأن الله ليس له شريك".
وزير الزراعة رياض عطاري، قال في تقديم الكتاب: "هذا المرجع له هدف وطني كبير؛ أن نحافظ على المصادر الجينية النباتية في فلسطين ونعمل على توثيقها، من أجل حمايتها من الانقراض، و كي لا تندثر الأسماء العربية، ذلك أن العديد من النباتات تعرضت لتهويد أسمائها، وبالتالي فقد رصد وحصر الأنواع البرية في فلسطين سعيًا إلى تحديد الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض".
وعدّ العطاري أن المرجع مهم وشامل للباحثين والمهتمين، وخاصة أدّلاء المسارات البيئية والجولات الميدانية وهواة الطبيعة، لاحتوائه على صور ملونة لمئات النباتات.
وبما أن الشيء بالشيء يُذكر؛ فإن ثمة ما لا يعجب بنان الشيخ في مسارات تسعى إلى إحياء علاقة الناس بالأرض كما في الماضي؛ موضحًا بقوله "لا تنحاز تلك المسارات إلى التنوع الحيوي ولا تستند إلى منهجية علمية، فلا يرافقها غالبًا مرشدون لديهم المعرفة الكافية بالتنوع الحيوي وأهميته، فيما تشهد بعضها اعتداءاتٍ على النباتات بالقطف الجائر، وهو سلوك يحتاج إلى تقويم".
كتاب الخبير بنان الشيخ حول النباتات البرية في الضفة الغربية
لوحات في كتاب
دوّن الباحث في كتابه الإسم العربي الأكثر شيوعًا لكل نبتة؛ تفاديًا لتعدد أسماء النباتات، خاصة أن بعضها يحمل أكثر من إسم ويختلف من منطقة إلى أخرى.
ويشير إلى أن 2650 نوعًا نباتيًا يستقر في فلسطين الطبيعية وتتوزع في أربعة أقاليم رئيسية وهي "البحر المتوسط، والصحراوي العربي، والطوارني الإيراني، والتغلغل أو التداخل السوداني".
ومما يحسب له، تسجيله عام 2008 في "وداي قانا" نباتًا مائيًا إسمه "ديس" في قائمة الاتحاد العالمي لصون الطبيعة، إلا أنه رغم جولاته المتكررة في المنطقة لم يعثر عليه مرة أخرى.
لنستريح من الكلام.. فقد حان وقت البصر لأخذ جولة ملونة في عالم النبات:
الأحمر الفاتن، اشتمل على صور النباتات التي تصبغ أزهارها الحمرة القانية مثل حنّون البس وشقائق النعمان ودم الغزال والدحنون وزنبق الجبل، وعشرات من النباتات الساحرة.
ويبث اللون الأصفر أسرار شوك الغزال، والعرصف، والحنظل، والطيون، والوسبة، والأقحوان، وغيرها من أزهار تخطف الأبصار.
أما الأخضر النابض كان يتقدّمه عرف الديك، وذرة الثوم، وزنبق لبنان، والبطم الفلسطيني، والغار، والسماق، والعجرم..
ويسرد الأزرق حكايات أزهار الزعفران الفلسطيني، ولسان الثور، وزهرة الجرس والهندباء، وسوسن فقوعة، والترمس البري، وسوسن الطريق، والشجيع، وكف الجذام.
فيما يُقدم البنفسجي سوسن الشفا، وزنبق لبنان، والجرغوب، وأوركد الكرمل، والصميعة، وأوركيد العنكبوت، وكف الدب، وقائمة تطول.
واللون الزهري يوزع بهجته على الخطمية، وخف الجمل، وثوم الكرمل، والسحلب الهرمي، وعروس الغابة والمرار، واللبيد الزهري، والعقّيص، والسراد والكتان وإبرة العجوز والزعكور والزعتر الفارسي والعوينة وعشرات الأزهار الأخاذة.
فيما يمر اللون الرمادي هادئاً بجوار زنبق الغور، والسوسل، وشقائق النعمان الأبيض، وكيس الراعي، والزعرور، والزعفران، وقريص الحمام، ونجمة بيت لحم، والدريهمة، والعبهر.