آثار فيروس كورونا (كوفيد-19) على إنتاج وتصدير سيدة التمور الجزائرية
دقلة نور ولقبها سيدة التمور تعد من أجود أصناف التمور عالمياً وذلك لطعمها العسلي ولونها الذهبي الرائع. وهي المنتج الرئيسي لعدد من واحات التمور الجزائرية المتمركزة في ولايتي بسكرة وواد سوف. يؤكد رئيس غرفة التجارة والصناعة بولاية بسكرة، عبد المجيد خبزي في مقابلة صحفية أن السعر الرسمي لدقلة نور يتراوح بين 7 و8 دولارات للكيلوغرام الواحد، في حين يتراوح سعر ثاني أجود صنف من التمور الملقب بالمجهول بين 9 و12 دولار، ما يجعل سعرها تنافسيا في السوق العالمية ويفتح عدة آفاق لانتشارها واتخاذها كمصدر حقيقي للعملة الصعبة، ما قد ينافس صادرات المحروقات إذا هيئت ظروف مواتية واستراتيجيات حقيقية للنهوض بهذا القطاع الواعد. ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، إذ جاءت جائحة كورونا لتشكل أزمة اقتصادية عالمية وركود عام في حركة التجارة الدولية ما أدى إلى انهيار سوق التمور المحلية والدولية لعدة أسباب نتطرق في هذا المقال إلى أبرزها.
وفقا لمعطيات تقديرية، بدأ انتشار فيروس كورونا في شمال إفريقيا منذ الأيام الأولى من شهر آذار، ما جعل معظم الحكومات تتخذ إجراءات صارمة للحد من تفاقم الوباء بما في ذلك وقف المشاريع التنموية، فأحدث ذلك ركودا كبيرا في السوق المحلية وكذلك إيقاف عمليات التصدير للخارج، ما سبب أزمة في توفر العملة الصعبة والسيولة بشكل عام، كل هذا أدى إلى توقف بيع نصف محصول السنة السابقة 2019 وتراكمه في المخازن والمبردات المخصصة للتخزين. وكان حلول شهر رمضان استثنائياً هذه السنة وذلك لتفشي وباء الكورونا وإحجام معظم المستهلكين عن السلع الكمالية، بما في ذلك الفاكهة عالية الجودة كالتمر ودقلة نور خصوصاً، واكتفائهم فقط بالأساسيات اللازمة للعيش.
كل الأسباب السالفة ذكرها؛ يضع المنتجين والعاملين في هذا المجال أمام تحدٍ هائل بقدوم الموسم الحالي لقطف التمور، وهذا ما يحتم على المسئولين والمنتجين توخي الحذر ووضع استراتيجيات دقيقة لتفادي حدوث خسائر قاتلة في هذا المجال، وقد يترك آثارا يصعب تداركها لاحقا. ومن الحلول الممكن اتخاذها هي محاولة جدولة التصدير وفتحه بشكل منظم ومستمر تفاديا لتكديس كميات هائلة من التمور، وكذلك تشجيع المؤسسات والمصانع التي تقوم بإنتاج مشتقات التمور على استغلال الكميات الفائضة من السنة السابقة كالروينة والرب والقهوة والسكر المستخلصة بشكل عام من التمور بكل أصنافها، والتي تملك بدورها مدة صلاحية أكبر قد تصل لسنوات، ما يساهم في التخفيف من صدمة ركود السوق وإمكانية إتلاف الأطنان من التمور. وتستطيع مؤسسات الدولة لعب دور هام في تشجيع هذا السياق من خلال توفير بيئة مناسبة للأفراد والمؤسسات المتخصصة في هذا المجال، وكذلك استحداث قروض ومساعدات مالية مخصصة لتثمين محصول السنة السابقة.
وكحلول مبتكرة تظهر إمكانية استخلاص الكحول الطبيعي من خلال تخمير أطنان التمور التي لم تعد صالحة للاستهلاك الغذائي، واستخدامه كمعقم ذي نوعية جيدة وسعر رمزي يستطيع مساعدتنا في مواجهة هذا الفيروس، وكذلك تصنيع الفحم النشط من المخلفات الناتجة عن تصنيع التمور ومشتقاتها، كمنتج عالمي يفتح آفاقاً جديدة لاستخدام وتثمين هذه الهبة الإلهية لمنطقة الجنوب الجزائري. فهل تستطيع الجزائر المرور بسلام من هذه المحنة العالمية، ومواجهة تبعاتها الاقتصادية والبيئية؟ هذا ما ستجيب عليه الشهور القادمة.