"برنامج الغذاء العالمي" الفائز بجائزة نوبل تأسس في الستينيات لدعم القطاع الزراعي الأميركي!

روما/ خاص: تأسس "برنامج الغذاء العالمي" التابع للأمم المتحدة، الذي فاز بجائزة نوبل للسلام في أكتوبر الماضي لجهوده في مكافحة الجوع وتعزيز السلام، في عام 1961 بناء على طلب الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور.
ويوضح موظف في البرنامج طلب عدم الكشف عن هويته أن البرنامج أسس في الواقع "بناء على إرادة الحكومة الأميركية على دعم قطاعها الزراعي الوطني من خلال شراء فائض الانتاج الزراعي من الولايات المتحدة وتوزيعه في الدول النامية".
وقد بدأ البرنامج لمعرفة ما إذا كان بإمكان منظومة الأمم المتحدة تقديم مساعدات غذائية. كانت أولى عملياته للإغاثة من الكوارث هي المساعدة بعد الزلزال الذي ضرب إيران في عام 1962.
أكبر عملياته على الإطلاق كانت تدخله في اليمن
بدأ العمل بصفة دائمة في عام 1965. ويصف نفسه بأنه أكبر منظمة إنسانية في العالم، تكرس جهودها من أجل "إنقاذ الأرواح في حالات الطوارئ، وبناء الرخاء ودعم مستقبل مُستدام للأشخاص الذين يتعافون من النزاعات والكوارث وتأثيرات تغير المناخ".
ويقول البرنامج إنه يدير 5600 شاحنة و30 سفينة وما يقرب من 100 طائرة يومياً تقدم الطعام وغيره من المساعدات. وغالباً ما يتم إرسال المواد العينية التي يقدمها عبر منظمات غير حكومية وشركات نقل خاصة. ويعمد في بعض المناطق النائية إلى نقل المؤن على ظهور الدواب.
وفي عام 2019، ساعد 97 مليون شخص، وهو أكبر رقم منذ عام 2012، في 88 دولة. وأثناء جائحة فيروس كورونا، أرسلت الخدمات اللوجستية لـ"برنامج الغذاء العالمي" شحنات طبية إلى أكثر من 120 دولة. كما قدمت خدمات الركاب لنقل العاملين في المجال الإنساني والصحة في وقت كانت الرحلات الجوية التجارية فيه غير متوفرة.
في عام 1989، نفذ البرنامج ما وصفه بأنه أكبر عملية إنزال جوي لإمدادات إنسانية في التاريخ. إذ قامت 20 طائرة شحن بثلاث طلعات جوية يومياً لنقل 1.5 مليون طن من المواد الغذائية كجزء من عملية شريان الحياة للسودان، والتي تعاونت فيها وكالات الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية للتخفيف من حدة المجاعة التي سببتها الحرب الأهلية.
يعتمد تمويل البرنامج على التبرعات، خاصة من الحكومات وأيضا من الشركات والجهات المانحة الخاصة. في عام 2019 جمع ثمانية مليارات دولار. ويدير البرنامج مجلس تنفيذي يضم 36 عضوا ويعمل به 90 ألف موظف، 90 في المئة منهم تقريبا يعملون في البلدان التي يقدم فيها البرنامج المساعدة.
عادة ما يكون المدير التنفيذي للبرنامج من الولايات المتحدة. والرئيس الحالي هو ديفيد بيزلي، وهو سياسي جمهوري رشحته إدارة الرئيس دونالد ترامب ويشغل المنصب منذ أبريل/نيسان 2017.
"برنامج الغذاء العالمي" هو واحد من ثلاث منظمات مساعدات غذائية تابعة للأمم المتحدة ومقرها روما. والهيئتان الشقيقتان له هما منظمة الغذاء والزراعة "فاو" والصندوق الدولي للتنمية الزراعية "إيفاد".
يقول البرنامج أنه يتعامل حاليا مع ست حالات طوارئ غذائية إلى جانب جائحة كورونا. وتقع هذه الحالات في جمهورية الكونغو الديمقراطية وشمال شرق نيجيريا ومنطقة الساحل في أفريقيا وجنوب السودان وسوريا واليمن.
يتلقى ما لا يقل عن 1.1 مليون امرأة وطفل دون الخامسة دعما غذائيا من البرنامج شهرياً، كما الحال في سوريا. ويقول البرنامج على موقعه الإلكتروني الرسمي إن "التدخل الطارئ في اليمن هو أكبر عملية لنا في العالم" مؤكدا أن حوالي عشرة ملايين يمني "يعانون من انعدام حاد في الأمن الغذائي".
طور البرنامج منذ تأسيسه قبل أكثر من ستين عاماً سبل تحركه. ففي حين كانت عملياته الأولى بغالبيتها تقوم على نقل المؤن من مكان إلى آخر، بات البرنامج يعمل الآن حسب برامج غذائية وتربوية ويوزع الأموال التي جمعها لاستخدامها بالطريقة الفضلى مانحا قسائم شرائية ومبالغ نقدية.
ويلعب كذلك دورا أساسيا في توعية السكان على التغذية السليمة. ويقول البرنامج "في السابق كنا نعطي الأولوية للسعرات الحرارية لكننا بتنا نركز الآن على الحاجات الخاصة للحوامل والنساء المرضعات على سبيل المثال. وهذا يمر عبر التوعية المحلية. فالأطفال الذين يعانون من سوء التغذية أمر عائد إلى نقص الغذاء فضلا عن أمور تتعلق بالوقاية مثل غسل اليدين..".
يركز البرنامج على المساعدات الطارئة فضلا عن الإعمار ومساعدات التنمية. وهو ينجز ثلثي عمله في مناطق تشهد نزاعات. ويقول أحد المدراء في البرنامج "الأوضاع تزداد تعقيدا. وثمة عدم وضوح أحيانا بين دور العسكريين والعاملين في المجال الإنساني في منطقة الساحل على سبيل المثال حيث تضطر المنظمات غير الحكومية إلى العمل في ظل مواكبة عسكرية".
يعمل في البرنامج 17 ألف موظف ويمول بالكامل من خلال تبرعات تقدم غالبيتها الدول الأعضاء. وقد تلقى ثمانية مليارات دولار العام 2019. ويقول المدير سابق الذكر "من دون برنامج الغذاء العالمي لكان على المانحين المرور عبر مجموعة كبيرة من المنظمات غير الحكومية الأمر الذي يجعل التنسيق صعبا للغاية".
يعاني أكثر من 821 مليون شخص في العالم من جوع مزمن، و135 مليونا آخرين من المجاعة أو نقص حاد جداً في التغذية، وقد ينضم إليهم 130 مليونا بسبب جائحة كوفيد-19.
وقد ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام حاد في الأمن الغذائي بنسبة 70% في السنوات الأربع الأخيرة. وقد تؤدي الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الأزمة الصحية إلى "جائحة جوع" على ما يحذر البرنامج خصوصا في أميركا الجنوبية وجنوب القارة الإفريقية وسطها وغربها. وأوضح الناطق باسم البرنامج في جنيف توماس فيري "لدينا حاجة ماسة لدعم إضافي من المانحين الذين يخضعون في الوقت ذاته لضغوط بسبب تأثير الجائحة في بلدانهم".