خاص بآفاق البيئة والتنمية
خلافا لاعتقاد البعض، تضاهي الأسمدة والمخصبات الكيميائية في خطورتها على الصحة العامة والبيئة، المبيدات الكيميائية. إذ، وبالرغم من اعتبار الأسمدة النيتروجينية، أي مركبات النَتْرات والنِيتْريت، من أهم الأسمدة، إلا أنها تؤدي إلى تلوث الخضار والمياه الجوفية والسطحية بالنَتْرات. كما تؤدي إلى إصابة الأطفال بمرض زرقة العيون، ناهيك عن تفاعل النِيتْرات مع هيموجلوبين الدم، مكونة مركبا معقدا، يسبب للإنسان ضعفا شديدا في نقل الأكسجين للدم. يضاف إلى ذلك، أنه، لدى تحول النَترات، في الأسمدة الكيميائية النيتروجينية، إلى أيونات النِيتْريت التي تتحد مع بعض الأحماض الأمينية في الجسم، ينتج مركبات النَيْتْروزأمين التي تسبب سرطانات المريء، والمعدة، والبنكرياس، والكبد والرئتين.
وتتمثل أفضل الطرق لتعويض المغذيات التي امتصها النبات من التربة، في إضافة الأسمدة الطبيعية، أو الزبل البلدي، علما بأن نقص العناصر الغذائية يؤدي إلى تناقص الإنتاجية، أي تدني المحصول، بمعنى أن التسميد السليم والمتوازن يلعب دورا هاما في حماية المحصول وزيادته.
ويحتوي السماد البلدي على مواد عضوية مشجعة للنمو. وتعمل المواد العضوية في السماد البلدي على تحسين خواص التربة الطينية من ناحية المسامية والتهوية والصرف. كما تعمل على زيادة تماسك حبيبات الأرض الخفيفة، وزيادة قدرتها على حفظ الماء، وتمد النباتات بالنيتروجين الذي تحتاجه بكميات كبيرة. وتُسَهِّل امتصاص النباتات للعناصر الغذائية الموجودة في التربة، وذلك من خلال تحول تلك العناصر إلى مركبات قابلة للذوبان في الماء. كما تعمل المواد العضوية في السماد البلدي على إكثار الكائنات الحية الدقيقة المفيدة للتربة، وتسهيل عملها. وتزود النباتات بالعناصر الغذائية الضرورية، بالإضافة للنيتروجين، فضلا عن توفير جزء من العناصر النادرة وجعلها صالحة لامتصاص النبات لها.
طريقتان لاستعمال السماد
توجد طريقتان لاستعمال السماد الطبيعي.
الطريقة الأولى: إضافة الزبل الطازج إلى التربة مباشرة ومن ثم حرثها.
الطريقة الثانية: تدبيل أو تخمير الزبل مدة معينة قبل إضافته إلى التربة. إلا أن إضافة الزبل الطازج غير آمنة، حيث يؤدي ذلك إلى فقدان جزء كبير من قيمة السماد الغذائية، وبالتالي يقلل من فائدته، فضلا عن الروائح الكريهة وتكاثر الحشرات المؤذية. لكن، بإمكاننا إضافة الزبل التجاري المجفف والمعبأ بأكياس مباشرة إلى التربة.
وينصح بإضافة السماد الطبيعي لجميع أنواع التربة. وتختلف كمية السماد الطبيعي المتخمر، المضاف إلى التربة، حسب نوع التربة، وعمقها، وفترة التسميد، ونوع النبات المزروع وعمره.
وإجمالا، بإمكاننا تسميد الحديقة المنزلية بالسماد المتخمر في أي وقت من السنة، وبخاصة ابتداء من أواسط شهر شباط، حيث تعتبر هذه وجبة التسميد الأولى. ومن ثم قد تتواصل عملية التسميد حتى الخريف.
وفي الحدائق المروية، بإمكاننا توزيع وجبات التسميد على أشهر الربيع والصيف والخريف. وفي كل الحالات، يجب دفن السماد بداخل التربة، عبر حرثها مباشرة مع السماد.
ويضاف السماد الطبيعي غير المتخمر أو الطازج في الخريف، قبل هطول المطر، ومن ثم تحرث الأرض مع السماد مباشرة، بحيث يتم دفنه بداخل التربة على عمق نحو 15 - 20 سم. وتمكن هذه العملية الزبل من التحلل إلى مركبات آمنة للنبات في فصل الشتاء. وهنا، لا بد من التنبيه إلى أن زراعة النباتات مباشرة في التربة التي أضيف إليها زبل طازج، غير مخمر، قد تؤذي النباتات، وذلك بسبب تطاير الأمونيا من الزبل المتحلل.
ويعتبر التوزيع السطحي للسماد الأسلوب الأسهل والأسرع؛ إذ إنه لا يحتاج إلى معدات مكلفة أو جهد كبير، علما أن البحث العلمي أثبت أن التوزيع السطحي بالحفر، لتغذية المحاصيل، أكثر فعالية من التوزيع تحت السطحي. وقد يعود ذلك إلى التأثير الموضعي للتوزيع بالحفر، بالمقارنة مع التوزيع السطحي المتساوي.
ولزيادة فعالية التوزيع، يفضل أن يكون توزيع الحفر التي سيوضع فيها السماد على سطح التربة متساويا؛ بحيث تغطي التربة تحت الشجرة أو حتى أبعد من ذلك.
ولعمل الحفر في الأرض، ومن ثم إضافة السماد الطبيعي فيها، عدة فوائد، أهمها ضمان تهوية التربة وتغذية المنطقة أسفل الجذور السطحية. كما أن هذه الطريقة تمكننا من إضافة مواد عضوية لتحسين التربة.
وتتراوح المسافات بين الحفرة والأخرى من 30 – 50 سم، وبعمق نحو 30 سم. وإذا ما كان السماد في الحفرة بعمق قليل نسبيا، أي أقل من 15 – 20 سم، فمن المحتمل أن يقتل الأعشاب أو أن يتسبب في نمو أعشاب أخرى.
ويفضل الابتعاد عن جذع الشجرة حوالي 60 سم، وترتيب الحفر في دوائر متداخلة تمتد إلى ما بعد الأغصان الطرفية.
وينصح بالإكثار من عدد الحفر، لضمان توزيع السماد جيدا في منطقة الجذر. ولمنع تركيز عال للسماد، يفضل خلطه مع التراب أو الرمل، وبعد الانتهاء من تعبئة الحفر بالسماد، تغطى الأخيرة بالتراب.
وما يحدد طول الفترة بين وجبة تسميد وأخرى هو نوع النبات ومدى نموه. ويفضل في كل الحالات، أن تكون كمية الوجبة الواحدة قليلة والفترات الفاصلة بين الوجبة والأخرى قصيرة، وذلك لتقليل الفاقد من السماد مع مياه الري وضياعه في باطن التربة.
ولدى زراعة الخضار، بإمكاننا إضافة 2 – 3 كغم سماد طبيعي لكل متر مربع، وذلك حسب مدى خصوبة التربة. أما الأشجار فينصح بإضافة نحو نصف دلو للشجرة الصغيرة، ودلو ونصف إلى دلوين للشجرة الكبيرة.
ولدى نثر السماد، يجب عدم إبقاء أي أثر للسماد على الأوراق لفترة طويلة، وذلك لمنع احتراق الأوراق والبراعم. لهذا، إذا ما تأخر هطول المطر، بعد نثر السماد على النبات، فيجب غسل النبات بالماء.