حيوانات مهددة بالانقراض تشترى وتُباع... والوسيلة مواقع التواصل الاجتماعي
تنتشر إعلانات بيع حيوانات برية مهددة بالانقراض وأعدادها في تناقص عبر مواقع الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، في ظل تشديد سلطة جودة البيئة والجمعيات البيئية على أهمية المحافظة على هذه الحيوانات النادرة. يصطاد البعض الحيوانات البرية المهددة بالانقراض من أجل التجارة بها والحصول على عائد مادي كبير، فهم يعرضونها عبر مواقع الانترنت بأسعار عالية جدا سواء حيّة أو ميتة، غير مبالين بأهمية هذه الحيوانات المهددة بالانقراض. مصدر الطيور التي يتم الإعلان عنها؛ يتم صيدها في المناطق الفلسطينية وليس تهريبها من إسرائيل، ويتمثل الصيد بالاعتداء على أوكار هذه الطيور وأعشاشها وأخذ صغارها وتربيتها حتى تصبح بأحجام كبيرة، ويتم بعدها عرضها بمبالغ مالية تتراوح ما بين 500 شيقل والألفين شيقل، وبعض الحيوانات تُعرض على الانترنت مثل الضبع والغزال بأسعار قد تتعدى الـ 8 آلاف شيقل.
|
خاص بآفاق البيئة والتنمية
لم تعد مواقع التواصل الاجتماعي مخصصة للتعارف ونشر الأخبار السريعة ومشاركة الآخرين أطراف الحياة الشخصية، بل توسعت لتصبح سوقا لبيع الحيوانات البرية، وكأنها أشبه بالسوق السوداء.
تنتشر إعلانات بيع حيوانات برية مهددة بالانقراض وأعدادها في تناقص عبر مواقع الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، في ظل تشديد سلطة جودة البيئة والجمعيات البيئية على أهمية المحافظة على هذه الحيوانات.
محمود خليلية من قرية جبع قضاء جنين (33 عاما)، منذ صغره وهو يهوى الحياة البرية والتعامل مع الحيوانات، كان يربي العديد من الطيور داخل منزله، لكن مع مرور الوقت ومعرفته بأهمية اطلاق سراحها وعيشها في الطبيعة، أصبح صديقا للحياة البرية، وعنواناً في منطقته لحماية الطيور والحيوانات وكيفية التعامل معها وعلاجها وقت مرضها.
ويشكو كثرة تعرض منطقته إلى الصيد الجائر، وخاصة أعشاش الطيور وبيوتها، ولذلك أخذ على عاتقه منذ سنوات إبعاد الناس عن أعشاش الطيور وحمايتها، وتوعية الناس من حوله بأهمية تركها تعيش بسلام في بيئتها.
ويصطاد البعض الحيوانات البرية المهددة بالانقراض من أجل التجارة بها والحصول على عائدٍ مادي كبير، حيث يعرضونها عبر مواقع الانترنت بأسعار عالية جداً سواء حية أو ميتة، غير مبالين بأهمية هذه الحيوانات المهددة بالانقراض.
ويقول خليلية: "مراقبة الطيور وتصويرها ودراستها قد تتيح حب الطبيعة، فقتلها وتربيتها داخل المنازل يمنعها من التكاثر، وبالتالي تصبح جبالنا جرداء خالية من الحيوانات البرية".
ومؤخرا أعلنت سلطة البيئة عن تحرير طائر البوم النسري من مواطن في نابلس، وهو من الطيور المهددة بالانقراض حسب القائمة الحمراء للاتحاد العالمي لحماية الطبيعة.
يضيف خليلية: "الطيور تحتاج للعيش في أعشاشها وتتطلب عناية خاصة من قبل الأم فقط وليس البشر، الذين يجهلون في أحيانٍ كثيرة كيفية التعامل الصحيح معها، ما يؤدي في أحيان كثيرة إلى وفاتها، وبالتالي نقصان عددها وتعرضها للانقراض".
سلطة البيئة: نتابع مواقع بيع الحيوانات ونضبط أصحابها
من جهته، يقول مدير عام المصادر الطبيعية في سلطة جودة البيئة الدكتور عيسى موسى إن سلطة جودة البيئة تتابع موضوع إعلانات بيع الحيوانات عبر مواقع الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، بالتعاون مع جمعيات حماية البيئة والطبيعة وشرطة البيئة للحد من هذه الظاهرة.
ويضيف موسى: "نتابع الإعلانات على الفيسبوك وغيره من المواقع التي تعرض للبيع حيوانات مهددة بالانقراض، من خلال الاتصال بهم بأسماء وهمية مهتمة بشراء الحيوانات، وعند تحديد نوع الحيوانات المتواجدة لديهم، ومواقعهم يتم ضبط الحيوانات مباشرة".
ويشير إلى أنه بعد ضبط الحيوانات المعلن عنها والمهددة بالانقراض، يتم ارسالها الى مناطق تتعاون مع سلطة البيئة مثل حديقة الحيوانات في قلقيلية، أو جمعية الحياة البرية، وجمعيات البيئة التي تتعامل مع هذه الطيور، ويعملون على إعادة تأهيلها لتكون قادرة على الطيران والحركة، أما اذا كانت غير محتاجة لتأهيل فيتم إعادتها إلى الطبيعة بنفس اليوم.
ويؤكد موسى أنه أصبح لدى سلطة البيئة متطوعون يتعاونون معهم ويتابعون الإعلانات ويقومون بالتبليغ عنها، وذلك في مسعىً للحفاظ على هذه الحيوانات المهددة بالانقراض.
لكن ما يعيق ذلك أن بعض المواقع التي يتم الإعلان فيها عن بيع الحيوانات المهددة بالانقراض، تكون عبارة عن منصات ومجموعات مغلقة يصعب اختراقها لغير الأعضاء.
مصدر الطيور التي يتم الاعلان عنها يتم صيدها في المناطق الفلسطينية وليس تهريبها من إسرائيل، وتتمثل بالاعتداء على أوكار هذه الطيور وأعشاشها وأخد صغارها وتربيتها حتى تصبح بأحجام كبيرة، ثم يتم بعدها عرضها بمبالغ مالية تتراوح ما بين الـ500 شيقل إلى الألفين، وبعض الحيوانات تُعرض على الانترنت مثل الضبع والغزال بأسعار قد تصل إلى 8 آلاف شيقل.
وتحرص سلطة البيئة والجمعيات المعنية بالبيئة والطبيعة على التعامل مع الأشخاص الذين يتم ضبطهم بالبداية بطرق توعوية، بهدف الحفاظ على الطبيعة ومنع المتاجرة بالحيوانات المهددة بالانقراض، وليس الهدف العقاب كما قال موسى.
وأكثر الحيوانات التي يتم الإعلان عن بيعها عبر الانترنت: (الغزال والعقاب، والعوسق، والضبع، والحوام طويل الساق، والحيات، والنيص، والبوم) وجميعهم مهددات بالانقراض في فلسطين.
تجاوب مختلف
تتفاوت ردود أفعال الناس والصيادين وفق موسى، فمنهم من يتقبل تدخل الجهات المعنية ويتعاونون معها ويطلقون سراح الحيوانات التي يتم صيدها، وذلك بعد توعيتهم بأهميتها للطبيعة والخطر المحدق بها.
ولكن القسم الآخر، يكمل موسى، هم الأشخاص المتخفون خلف الشاشات بأسماء مستعارة ووهمية، ومنهم من يقتل الحيوان مباشرة ليستفيد من لحمه، مستشهداً بحوادث متكررة في محافظة جنين، حيث يجري الاعتداء على الحياة البرية بشكل كبير.
العقوبة غير رادعة
المادة (41) من الفصل الخامس بقانون البيئة رقم (7) لسنة 1999، الخاص بحماية الطبيعة والمناطق الأثرية والتاريخية تقول: "يحظر صيد أو قتل أو إمساك الطيور والحيوانات البرية والبحرية والأسماك المحددة باللائحة التنفيذية لهذا القانون، ويحظر حيازة هذه الطيور والحيوانات أو نقلها أو التجوال بها أو بيعها أو عرضها للبيع حية أو ميتة كما يحظر إتلاف أوكارها أو إعدام بيضها".
وجاء في المادة (71) من نفس القانون "كل من يخالف أحكام المادة (41) من هذا القانون، يعاقب بغرامة مالية لا تقل عن عشرين دينارا أردنيا، ولا تزيد على مائتي دينار أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانونا، والحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أيام ولا تزيد على أسبوعين، أو بإحدى هاتين العقوبتين".
وعودةً لسجلات النيابة، فلم يتم معاقبة أي أحد من مروجي الإعلانات عبر الانترنت لبيع الحيوانات المهددة بالانقراض، وربما هذا السبب الرئيسي لانتشار الظاهرة لدى الصيادين وعدم اكتراثهم بالأمر، حيث العقوبة هزيلة وغير رادعة.
خطط مستقبلية لحماية الحيوانات المهددة بالانقراض
يلفت موسى إلى أن لديهم (سلطة البيئة) حاليا مشروع قانون بالتعاون مع وزارة الزراعة وشرطة البيئة، لعمل قانون شامل لحماية الطبيعة يكون أكثر ردعا من القوانين المتوفرة حالياً.
ويتم العمل حالياً على تحديث الإستراتيجية للتنوع الحيوي التي كانت في عام 1999 وعمل خطة تنفيذية لها، بالتعاون مع الشركاء في مجال حماية الطبيعة والحيوانات.
كما يوجد مشروع آخر ينطلق بداية العام المقبل وهو مسح لكل الانواع الغريبة الغازية (النباتات والحيوانات) التي لم تكن موجودة في فلسطين، ووضع خطة لمكافحة هذه الانواع الدخيلة الغازية التي تعمل على منافسة الأنواع الأصلية الموجودة في فلسطين، وتعمل على تهديدها أحيانا.
تجارة الطيور عبر الانترنت
يقول رئيس جمعية الحياة البرية الكائنة في بيت ساحور "عماد الأطرش" إن هناك نوعين من الإعلانات التي تُنشر على مواقع الانترنت، النوع الأول يبيع الطيور والحيوانات المهددة بالانقراض، والنوع الآخر لمحبي اقتناء الحيوانات بعيداً عن الأهداف الربحية.
ويشير الى أن هناك جزءاً منهم يعدُّ محترفاً بالصيد، وهم من يتصيدون الحيوانات البرية ويقومون ببيعها حية او ميتة ويتحكمون بالأسعار، ويكونون على علم كافٍ بأهمية هذه الحيوانات للطبيعة وأنها مهددة بالانقراض.
ويوجد أناس لديهم بالقرب من أماكن سكنهم أعشاش طيور وحيوانات، خاصة في المناطق القروية، وهم بشكل فردي يعلنون عنها للبيع. وهناك صيادون يعرفون قيمة ما يصطادون ويبيعونه بأسعار عالية جدا بهدف الربح.
ويقع الشنار والحسون والغزال والنيص في مقدمة الحيوانات البرية المهددة بالانقراض حسب الأطرش، بسبب صيدهم الجائر، وتصل أسعارها في بعض الأحيان إلى 6 آلاف شيقل (ما يعادل 1800 دولار).
ويشير الى ان مخالفة الصياد تبلغ 20 ديناراً، المبلغ الذي يعد تافهاً أمام صفقة بيع ثمينة، ما يعني أن العقوبة لا تشكل أي رادع.
ودعا الأطرش المواطنين لعدم تشجيع مواقع بيع وشراء الطيور البرية على وسائل التواصل الاجتماعي بالشراء منها، وإنما التبليغ عن الصيادين الجائرين، والتواصل مع الجهات المعنية في حال وجود أشخاص يربونها أو يصطادونها، وذلك لاتخاذ الإجراء القانوني المناسب بحقهم للحفاظ على التنوع الحيوي في فلسطين.